شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ليتك تفهمني وأفهمك
قال صاحبي: إني لأعجب لهذه المهاترات التي تنشأ بين كاتب وآخر بين أديب ونقاد فينة بعد أخرى، فإذا أعمدة الصحف مشحونة بالكثير الذي يسيء إلى سمعة الأدب كفن.
قلت: إن مأساتنا في هذا كثيراً ما تنشأ من ضيق أذهاننا فأنت عندما يضيق ذهنك بالنسبة لمن يخالفك الرأي اتسعت شقة الخلاف بينك وبينه، فلا عجب إذا استدرجكم هذا إلى الملاحاة ولا عجب إذا استدرجتكم الملاحاة إلى العناد وليس كالعناد شيء يطور الخلاف ويصرف عن الهدف فإذا أنت وصاحبك تتلاحيان في غير الموضوع.
ما أحلى أن تحاول فهم ما يراه مخالفاً ما أحلى أن تفنّده في استقراء وتدرسه في دقة الرجل الحر الذي لا يضلله الغرض ولا يحيد به عن الحق الصراح.
أذكر أنني كنت أقرأ من نحو ثلث قرن في بعض صحف البلاد العربية وكانت يومها من أمهات الصحف بحوثاً بدأت للبحث والدراسة العلمية ولكنها ما لبثت أن استطالت واستطالت حتى انتهت إلى ملاحاة صرفة خرجت بها عن مدار البحث فإذا هي كلام مغرض ومفاهيم لا تليق بصحافة كنت أجلّ مركزها بين الصحف.
ولم تتورع المجلات المحترمة التي كنت أكبر فيها عنايتها بالأدب الأصيل والعلم الغزير في بعض بلادنا الشقيقة. لم تتورع هذه المجلات أن تخوض مخاضاً لا يليق بسمعتها. فقد فتحت صدورها لدراسات بدأت علمية قليلة المثال ثم ما لبث الجدل أن مال بها إلى الملاحاة، ومالت الملاحاة بها إلى العناد، ومال العناد بها إلى مهاترات ما أساءت في رأيي يومها إلى المجلات فقط تلك التي كنت أحترمها وأقدر جهودها في سبيل العلم والأدب بل تعدت الإساءة إلى سمعة أصحاب الأقلام الذين كانت أسماؤهم يومها تلمع في دنيانا كما تلمع النجوم الزاهرة.
ترى هل استفاد العلم من كل ما جروا؟ هل ظفر الأدب كفن بما كان يرجوه من بحوثهم الواسعة؟ هل انتفعنا وأمثالنا مما قدموا وكنا يومها طلاب معرفة وعشاق دراسة كما كنا مهووسين بالأدب؟.
قد يُقال إن تلك البحوث بما شابها من مهاترات عنيدة حققت جوانب لها قيمتها من الفائدة، ولكن مع هذا لا يتعين علينا أن ننسى أنها كشفت إلى جانب ذلك من النواحي الأخلاقية ما أساء إلى سمعة الكتَّاب والناشرين.
يبدو أننا عشنا حيناً من الدهر كان المخالف بيننا لا يعنيه كثيراً أن يتلاقى مع مخالفيه في نقطة الابتداء فيمضي النقاش مضياً نظيفاً تحصحص فيه الحقائق. أقول يبدو أن المخالف لا يعنيه هذا بقدر ما يعنيه أن يعتز بنفسه وأن يثبت لمبدئه وربما تكفل في سبيل ما اعتنق كثيراً من المغالطة ليحقق لنفسه نصراً مهما تراءى له في هذا النصر من زيف.
تُرى ما يمنعني إذا خالفتك في بعض مذاهب الفكر ألا أنسى أن نظرتي إلى الأشياء لا تتسع لجميع الزوايا مهما حاولتها لتكون شاملة وإن أحكامي في ضوء هذا إذا قاربت الصحة لا يلزم منها أن تكون صحيحة صحة كاملة فالكمال لله وحده.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :365  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 120 من 156
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

البهاء زهير

[شاعر حجازي: 1995]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج