شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الليث بن سَعد
(2)
لقد كان المقرر في حديث سابق أن نأتي على بعض ما يُروى عن كرم فقيهنا المحدّث الليث بن سعد ولكن شهرته في الفقه ساقتنا إلى رواية بعض ما اشتهر من كفاءته العلمية ونستطيع اليوم أن نلمّ ببعض ما رُوى عن سخاء يده وبرّه بالمحتاجين وطلاب العلم من الفقراء.
لقد ترجم له أكثر من مؤلف، ويكاد يجمع أكثرهم أنه كان واسع الغنى، وأنه ورث عن أبيه ثراءً طائلاً، وأنه إلى هذا كان يشارك في أكثر من تجارة يفوّض فيها وكلاءه أو شركاءه ليتفرغ لطلب العلم، وأنه كان كثير الأسفار في سبيل العلم وأنه ركب إلى الحجاز أكثر من مرة ليأخذ من كبار التابعين في مكة والمدينة، وأنه كان يصطحب نفراً من تلاميذه في كثير من رحلاته ليفيدهم ممّا يتعلم ويستفيد من كتابتهم في مساعدته على تسجيل ما يهمه تسجيله من فرائد العلم.
وأنه عندما ألقى عصاه في بلده مصر ازدحم عليه طلاب المعرفة فكان يعطيهم أكثر وقته ويفرد للفقراء منهم مجالس خاصة في داره.
ولمّا ضاقت داره بالفقراء من طلاب المعرفة أمر وكيله أن يبني لهم بيتاً واسعاً كبيراً كثير الغرف من نوع ما نسميه اليوم -رباطاً- وأن تجري عليهم نفقات تكفيهم مؤونة البحث عن طلب العيش ليتفرغوا لطلب العلم، وأن بعض القاصين عن بلده كان يبلغهم ما يبذله في سبيل العلم فيكتبون إليه أنهم لا يجدون ما ينقلهم إليه، فيأمر بنقلهم وأن يزودوا بكافة مطالبهم إلى أن يبلغوا مأمنهم عنده وربما بدا له أنهم يعولون بعض أهليهم فيأمر بمساعدتهم شهرياً فإذا بلغوا مأمنهم عنده، أمر بتأمين مساكن تكفيهم، فإذا ضاق ما بنى من مساكن أمر باستئجار ما يكفي لسكناهم وكلّف المختصين بدفع الأجور وأن يرتب ما يكفي لنفقتهم.
وكان يلاحظ أن مستوى بعض الطلبة لا يؤهلهم للدراسة في مجالسه، فيأمر بإحالتهم إلى مَن يتكفّل بتدريسهم فيتطوع بعض كبار تلامذته بتدريسهم. ولكنَّ شيخنا الليث يأبى إلاّ أن يدفع أجور التعليم، وبذلك كانت تزدوج فوائد كبار الطلبة في بيته فيعيشون على نفقته وينهلون بالمجان من مناهل علمه ويتقاضون أجوراً إضافية لقاء عنايتهم بتعليم صغار الطلبة في بيته.
فلا عجب إذا عاش الرجل رغم غناه العريض ومكاسبه الهائلة لا يجد في خزائنه إذا حال الحول ما تجب فيه زكاة.
هذا عدا ما اشتهر به من مساعدة العلماء. فقد كان يفرض للمحتاجين منهم رواتب دائمة، وكان بعض المعسرين منهم يكتب إليه إذا أثقلته الديون فيأمر بسدادها.
أولئك آبائي فجئني بمثلهم
إذا جمعتنا يا جرير المجامع
 
طباعة

تعليق

 القراءات :364  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 115 من 156
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج