شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ليسَ لنا أن نتحَدّى الحياة أو نتعمّق
قال صاحبي: ألا ترى أن من السعادة أن أعيش الحياة تلقائياً كما اتفق دون أن أعني نفسي باستقصاء مشاكل الحياة آلامها وشرورها فشلها أو نجاحها وأن أحيا بعيداً عن كل ما يقلق من هموم العيش؟!
قلت: إنها فكرة الشاعر العربي قبل مئات السنين لا أحسبه أراد أن يقرها بقدر ما أراد أن يسخر بأصحاب الجهالة من قومه عندما قال:
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله
وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم
قد لا أنكر أن التعقّل المفرط في كل ما يصادفك من أحداث الحياة وأن الإمعان في مراقبة كل ما يمر بك من مفارقات العيش كثيراً ما يرهق النفس وربما أشقاها وعكر الكثير من صفائها وتركها لا تنعم بعيش ولا تسرها فيه بادرة. فهو قلق متوتر يأبى إلاّ أن يتكلّف لدراسة كل حالة فتتناقض أمام تكلفه أكثر المفاهيم، فيضطرب ويحتار ليؤرقه الاضطراب وتشقيه الحيرة.
لست أعني بهذا أن يعيش الإنسان حياته "سبهللا" دون أن يصحح فيها طريقه ويتبين دربه ويعرف علاقته بكل ما يصادفه من مفاهيم الحياة ليميز ما فيها من صواب أو خطأ.
أقول لست أعني بهذا أن يستغني الإنسان عن ملكة العقل التي وُهِبها فممارسة العقل تنشيط لملكاته. وليس كنشاط العقل لذة ينعم بها رجل الفكر وعاشق البحث.
لقد ضلّ الوجوديون عندما حسبوا العقل مجلبة نكد وتعاسة. فقالوا إن من يراقب الحياة ويتمعّن أمورها ويتابع مفارقاتها بعناية المدقق الذي يفلسف مجرياتها فقد صرف نفسه عن الحياة التي يجب أن يعيشها تلقائياً لينعم بأجمل ما فيها.. وتمادت بعض مذاهبهم في هذه التلقائية ليسمّوها بساطة فيحلوا عقالهم تحت شعار هذه البساطة ليعيشوا كما شاء لهم الهوى، ويتركوا غرائزهم تملي عليهم ألا تغمطوا حظكم في دنياكم ولا تتقيدوا بأوضاع بثتها الأجيال في طريقكم لتحد من سعادتكم وتنسيكم ذاتيتكم.. عليكم أن تنطلقوا وأن تنعموا بالحياة كما خلقت.
إنها حيوانية الحيوان "الداثر" لا حرج على ما يفعل! فهو مفقود الوعي مسلوب الفهم وليس لهم أن يسموه سعيداً بما يفعل في انطلاقته. فالسعادة أن تشعر بأنك سعيد أما أن تسعد وأنت لا تدري وتسعد وأنت لا تحس فليس في هذا أي معنى لسعادتك.
لك أن تقول إننا لم نخلق في الحياة لنتحدى جميع مفارقاتها نستغرق ونتعمق ونرهق ملكاتنا بالأفكار المضنية في أسلوب مربك نحيا به قلقين مضطربين ولكن ليس معنى هذا أن نلغي عقولنا لننسى حقائق ما نعيش وننطلق كالسائمة لا تردعها إلاّ القوة ومَن يقف في وجهها بالعصا.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :373  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 112 من 156
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء التاسع - رسائل تحية وإشادة بالإصدارات: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج