شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
رجُل الطموح لا يعجزه الوصُول
قال صاحبي وهو في سياق حديث عن قريب له: إنه ليحزنني أمر هذا الفتى، فقد تركه أبوه ومضى إلى رحمة الله في سنته الأولى من الدراسة المتوسطة فاضطر لترك الدراسة وهو يعمل اليوم بما تخوله شهادة الابتدائية من عمل براتب لا يقيم أود عائلته.
قلت: وليس في هذا ما يمنع مواصلته للدراسة أو تنمية معلوماته بأي أسلوب يواتيه، فالطموح الجاد لا يعجزه الدأب في سبيل ما يطمح مهما كانت الظروف ومهما عاكسته الحياة.
وإني لأذكر في هذا الصدد قصة جزّار سويدي كان أبوه يعمل بواباً لإحدى العمارات، فكان لا يجد ما ينفقه على تعليم ابنه لهذا كلفه أن يترك المدرسة عند نهاية المرحلة الابتدائية وأن يلتحق بأي عمل يربح منه، فاشتغل الفتى صبياً عند جزّار، فحذق الصنعة وأصبح جزاراً ممتازاً، واستطاع أن يستقل بعمل خاص به في الجزارة ثم عنَّ له أن يكمل تعليمه في المدارس الليلية فالتحق بها وظل يواظب على الدراسة فيها حتى ظفر بالشهادة الثانوية. فكان أعجوبة بين زملائه الجزّارين. وقد قيل له لو اكتفيت بما ظفرت لتهيأ لك عمل في غير ميدان الجزارة، ولكنه أبى وأصرّ على مواصلة عمله كجزار ليجد الفرصة كافية لمواصلة دراسته، وبذلك استطاع أن يلتحق بالجامعة وأن يواصل دراسته فيها وعندما شعر أن متطلبات العمل في الجزارة تشغله عن مواصلة الدرس باع دكانه وتفرغ للدراسة، ولكنه ما لبث أن وجد نفسه عاجزاً عن مواصلة الدرس لقلّة ذات اليد فبحث حتى استطاع أن يجد عملاً امتهن فيه دفن الموتى وظل على دراسته لا يتوانى.
ونال على أثر هذا شهادة الطب البيطري من كليته، فلم يقف طموحه عند هذا الحد، بل واصل عمله في دفن الموتى ليتيح له ذلك مواصلة الدرس، وبذلك استطاع بين عام وآخر أن يحصل على الدكتوراه بدرجة متفوق.
وبدا له بعد ذلك أن عمله في البيطرة لا يشبع رغبته في الحياة، فظل على عمله في دفن الموتى والتحق في الوقت نفسه بكلية الحقوق فثابر على دراسته فيها حتى نال شهادتها.
ولم يشأ بعد ذلك أن يرتبط بمكتبه الجديد كمحامٍ فقط، فعرض على زميل له من علماء باثولوجيا الحيوان تأسيس معهد لفحص المواد الغذائية فكان لهما ذلك، واستطاعا أن يبتكرا فيه بعض طرق الاختبارات العلمية الهامة لاكتشاف ما في مواد الغذاء من عناصر صالحة للحفظ أو مضادة للحيوية مما لا يسمح باستخدامها عند حفظ الأطعمة، فأدى وزميله بذلك خدمات علمية عظيمة لصالح رقابة الأطعمة، واستطاعا تحقيق أرباح خيالية كما استطاعا تأكيد شهرة واسعة أصبح المعهد بعدها حديث الأوساط العلمية والطبية في كثير من بلاد أوروبا.
قل يا صاحبي لقريبك الفتى أنَّ بعيد الآمال واسع الطموح لا يعجزه أن يعمل الكثير والكثير جداً إذا صدق العزم وأكد النية.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :420  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 106 من 156
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج