شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
عُلوم الإسلام في آسيَا الوسطى
(1)
قال صاحبي: كنت في حديث مع حاج من طاشقند فإذا هو ضليع في اللغة العربية يتحدث بها في يسر وسهولة كما يتحدث بها ابن جلدتها من أساطين العرب المتعلمين. وبتداعي الحديث والبحث بنا فإذا هو ضليع في الفقه الإسلامي، ضليع في الحديث يبحث في أصولهما وفروعهما بحث المتمكِّن.. فعجبت لهذه الكفاءة من شاب ناشئ في بلد قصيٍّ بعيد عن مَواطن العلوم الإسلامية في بلاد العرب.
قلت: لا أرى في هذا ما يدعو إلى الغرابة. فمن يقرأ تاريخ طاشقند ويدرس علاقتها بالإسلام وعناية أهلها في عصور الإسلام الذهبية وما بذلوه في سبيل فتح المعاهد وبناء المدارس وتخريج الفطاحل لا يجد أي غرابة في أن تظل آثار ذلك المجد الأثيل ماثلة في شباب اليوم أو شيوخه من أهالي طاشقند. فقد اعتنقت طاشقند. يوم اعتنقت الإسلام عن قناعة وإيمان، وفتحت صدرها واسعاً لثقافة الإسلام حتى نبغ من رجالها من عاش الإسلام يزهو بكفاءاتهم وإخلاصهم ويفخر بما بذلوا في سبيل الإسلام.
ولم يقتصر الأمر في هذا على طاشقند وحدها في هذا الجزء من آسيا الوسطى، فتاريخ الإسلام يحدثنا بالكثير من جهود الصحابي الجليل أبي أيوب الأنصاري الذي استطاع أن يميل من تركيا إلى ما وراءها من بلاد آسيا الوسطى وأن يرسل دعاته إلى داغستان وبخارى وتركستان وأزبكستان وأذربيجان وما حول ذلك من عواصم ومدن ودساكر وقرى فأقبل الناس أفواجاً على اعتناق الإسلام.
وانتهت الأخبار إلى عبد الملك بن مروان في دمشق فنشط للعمل على هدايتهم وندب من أساطين العلماء والمحدثين من يكفل له توطيد شرائع الإسلام فبنيت المساجد فيها بشكل واسع عم سائر المدن والقرى وبدأت حلقات العلم في كل مسجد تؤدي دورها بصورة فعّالة.
وجاء سليمان بن عبد الملك فأمر بتدعيم الفكرة فأقبل عشاق المعرفة من كل صوب حتى ملأوا حلقات العلم في جميع المساجد، حتى النائية منها، فعمت اللغة العربية أكثر البلاد المتاخمة حتى فضلها أكثر السكان على لغاتهم الأصلية، فكان المتخاطبون بها يباهون بما حذقوا من مفرداتها.
وجاء العهد العباسي فأحكم الصلة بين بغداد وسائر شعوب تلك المنطقة فشرع المتعلمون يغادرون مناطقهم إلى مكة والمدينة وبغداد ليتزودوا من معارف هذه البلاد ما وسعهم التزود.
كان بعضهم يبقى في موطن هجرته ليفيد كما استفاد، كما أن بعضهم كان لا يلبث أن يعود بما تزود إلى موطنه الأصلي ليساعد على بناء الثقافة الإسلامية ودعم مركزها بين شعوب المنطقة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :450  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 103 من 156
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور عبد الله بن أحمد الفيفي

الشاعر والأديب والناقد, عضو مجلس الشورى، الأستاذ بجامعة الملك سعود، له أكثر من 14 مؤلفاً في الشعر والنقد والأدب.