شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
لا نطلق الحريّة ولا نقيدها
قال صاحبي: ألا تستنكر معي أعمال من ينكر على أولاده الفتيان حريتهم ويأبى إلاّ أن يمارسوا حياتهم الخاصة تحت إشرافه.
قلت: إذا كنت أنكر الكبت وقيد الحريات لما يترتب على ذلك من ردود الفعل التي تعطل حيوية الفتى وتفقده شخصيته ككائن له قيمته في الحياة، فإني أنكر في الوقت نفسه إطلاق الحرية إطلاقاً تاماً وأن يترك للفتى حبله على غاربه لا تحده مقاييس ولا يقف دون هواه حاجز.
ما أروع التوسط في مثل هذه الحالات. فلا نكبت فتانا كبتاً يضيق على أنفاسه، ويطعن كرامته، ويضرب على طاقاته كإنسان حيوي ولا نطلقه لهواه في كل ما يشتهي ففي شهوات الشباب مزالق إلى أسوأ الدركات وليس لسنه من تجارب الحياة ما يحول دون ترديه في المهاوي وهو إلى هذا ربما استمرأ ما ألِف وتعوّد فنشأ عبداً لما استمرأ رهيناً بكل ما تعود من مزالق الشباب.
والحرية الواسعة التي لا يحدها إشراف تستطيع تشبيهها بحبات السبحة عندما تسلمك الحبة إلى ما يليها وما يليها تلقائياً ودون كبير عناء، فإذا أنت قد تجاوزت دون أن تشعر آخر حبة في نهايتها.
ونحن اليوم أمام أكثر بلاد أوروبا التي باتت تشكو الحرية الواسعة.. تشكو حبة السبحة التي أسلمت الشباب إلى ما يليها، وما يليها حتى تجاوزوا إلى آخر حبة في نهايتها أو كادوا.
كانوا كلما خرج الشباب بتقليعة جديدة قالوا هي الحرية الفردية التي لا يجب أن نتدخل فيما لا يعنينا منها؛ حتى إذا داهموهم فيما يعنيهم وجد العقلاء أنه قد أسقط في أيديهم ووجد رجال الأمن أنهم أصيبوا حتى في أمن البلاد، وأنهم عاجزون عن إقراره أمام سيول الشباب الحر.
إنهم اليوم أمام شباب مراهق مجنون تستبيح حريته كل شيء.. إنه لا يكتفي اليوم بإرسال شعوره على الكتفين، ولا بتهاديه في ثياب أنثوية، ولا بتخطيه كل حدود اللياقة والأدب في الشوارع والمجامع والمقاهي.
بل تعدى ذلك إلى العبث بكل محتشمة أو محتشم يصادف طريقه، كما تعدى إلى الإخلال بأمن الناس في بيوتهم أو متاجرهم أو مصارفهم.. بدأ أمرهم كتقاليع مازحة، كان التقدميون يضحكون لها ويعتمدونها بدوات للعبث اللاهي، لا يجب أن تكبت حريتهم فيها ولكن هذه الحرية ما لبثت أن تمادت وتمادت حتى عبثت بكل مقومات الأخلاق، واستهانت بكثير من ألوان الإجرام، وبات المهيمنون على أمن الدولة عاجزين عن رد عادياتهم.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :384  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 100 من 156
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتورة مها بنت عبد الله المنيف

المدير التنفيذي لبرنامج الأمان الأسري الوطني للوقاية من العنف والإيذاء والمستشارة غير متفرغة في مجلس الشورى والمستشارة الإقليمية للجمعية الدولية للوقاية من إيذاء وإهمال الطفل الخبيرة الدولية في مجال الوقاية من العنف والإصابات لمنطقة الشرق الأوسط في منظمة الصحة العالمية، كرمها الرئيس أوباما مؤخراً بجائزة أشجع امرأة في العالم لعام 2014م.