شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
لِئلا نُؤخِّر العَمَل اليَومي
قال صاحبي: قضيت هزيعاً طويلاً من ليلة البارحة وأنا أناقش أولادي أمر الاختبار الذي أظلنا أوانه ليواصلوا جهودهم في مراجعة واجباتهم المدرسية قبل أن تفاجئهم أيامه فلا يجدوا من الوقت ما يتسع للمراجعة والتحصيل.
قلت: أرى أنك أخّرت ما كان يتعيّن تقديمه، فلو تهيأ لك أن تبذل مثل هذه النصائح في وقتها لاستطعت أن تخدم أبناءك أجلّ خدمة يمكن أن تسديها لهم..
وفي رأيي أن وقت مثل هذه النصائح يبدأ ببدء السنة الدراسية ليتهيأ للطالب أن يوزع جهوده على مدار السنة توزيعاً مقدراً لا يكلفه عنتاً ولا يرهقه من أمره عسراً.
لقد قلت في مثل هذه المناسبة قبل اليوم أن مأساة الكثير من طلابنا تتلخص في تأخير أعمال اليوم إلى الغد. فهم يستقبلون عامهم الجديد في توان وتهاون اتكالاً على مآتي أيامهم، وهي في نظرهم أيام طويلة المدى يرون أن في استطاعتهم أن يتداركوا خلالها كل ما فوَّت التواني عليهم من الفرص في صدر العام، فلا يلبثون أن يشعروا بالتواني وقد شرع يأكل عليهم أيامهم فإذا الأسابيع وتنقضي أخذ بعضها برقاب بعض، وإذا العام الدراسي ينتصف أو يزحف منحدراً إلى الشهور الأخيرة من العام وعندئذٍ يستيقظ الطالب ويدرك أنه مطالب بما فوَّت التواني وفرَّط الإهمال فيتكالب على العمل ويدمن السهر فيترك التكالب ويترك الإدمان أثره في طاقته الذهنية فتعجز عن أداء وظيفتها كاملة، وتترك الطالب يشعر بضعفه عن مجاراة المستوى الذي يرشحه للفوز في الامتحان.
وقد يسعفه الحظ فتطبق ذاكرته مؤقتاً على بعض المعلومات التي تتسق وما اختير من مواد لمنهج الامتحان مصادفة فيظفر بأرقام تهيئه للنجاح ولكنه لا يلبث أن يدرك أن نجاحه كان زائفاً لأن استعداده لما يستقبل في سنته الدراسية المقبلة لم يكن كاملاً في سائر المواد التي يجب أن تبنى على أساسها واجبات العام الجديد.
كما يدرك أن نصيبه من النجاح نصيب ذاكرة خدمتها الصدفة فالتقطت كلاماً استطاعت أن تختزنه ليوم موعود كما يختزن المسجل الآلي ما يسمعه دون أن يختلط بشيء من معناه.
وكفاءة الذاكرة في مثل هذه المَواطن لا تكفي لإعداد الطالب لما يستقبل من مناهج الدروس وإلاّ لكان لآلات التسجيل قيمتها في سائر المناهج.
إن على الطالب أن يتفهم واجباته، ويعي ما يختلط بمعانيها ليتذوّق ما يترتب عليها من معلومات جديدة تتدرج بتدرج سنواته الدراسية، أمّا أن يعتمد على ما تختزن ذاكرته من حروف أو أصوات فذلك أدعى لفشله من عام إلى آخر كلما تقدمت به سنوات الدراسة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :364  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 98 من 156
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.