شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ما أحوجنَا إلى مَيادين العَمل الحُرّ
قال صاحبي: سيتم ابن أخي دراسته في هذا العام وهم يعدون له عملاً ممتازاً في إحدى وظائف الحكومة فليت الظروف التي ساعدته على هذا النجاح تساعد ابني لأراه في بزته النظيفة غادياً إلى عمله الوظيفي آيباً منه في سمته المحترم.
قلت: ولماذا تحدد أمانيه في الحياة بهذه الصورة المحدودة وأمامه من مجالات العمل ما يتسع لشتى الجهود الناجحة في بيئته التي لا تزال بكراً في نظر المجدين من أصحاب الأذهان المرنة والأفق الواسع.
إننا ونحن نحدد اتجاهاتنا بهذا السبيل السهل من الأعمال الوظيفية نفقد الكثير من جهود شبابنا في المجالات الحرة، ونعطي الفرصة واسعة لكل طارئ يبني لنفسه في مجتمعنا ما يضمن له السعادة والثراء والمركز المرموق.
لقد بتنا نتخيل سعادة الحياة في مربوط شهري نتناوله عند كل إهلال شهر دون أن نكبِّد أنفسنا أي مجهود يذكر لبلادنا وليس هذا من غاية الحياة في شيء فالحياة اليوم أوسع آفاقاً مما نتخيل وأبعد آماداً مما نظن.
وبلادنا في خطوتها الجديدة في أشد الحاجة إلى كفاءات أبنائها وأن يبذلوا نفوسهم في كل مضمار متناسين رفاه الوظيفة وطراوتها.
ليس لنا أن نقول: أين مجالات العمل وأين ميادينه المنتجة؟ فتلك تعلات يتعلل بها محدودو الأفق ممن يطمئنون إلى الراحة ويلذ لهم أن ينعموا بأجوائها الحالمة.
إن الأعمال لا تنادينا وليس لها أضواء كاشفة تنير سبيلنا إليها إنما هو نداء الأعماق ينادي الطامحين ويستفز أصحاب الآمال الواسعة ليستعملوا عقولهم في ابتكار وسيلة يزاحمون بها في الحياة ويختطوا بها طريقاً يبنيهم ويحقق آمالهم.
أعرف شاباً ابتعث لإتمام دراسته في أوروبا فلفت نظره بيت صناعي يجهز نوعاً من الأدوات المنزلية لها حتى احتال لدراسة الفكرة.
وخالط مهندسيها حتى اختمر الموضوع في رأسه وأصبحت لديه حصيلة صالحة. واستطاع عندما عاد إلى بلاده أن يقنع أحد المتمولين بحيوية الفكرة وأن يثبت إخلاصه لإنجاحها فقبل أن يمولها كشريك مضارب وهي اليوم صناعة قائمة راجت في أسواقنا رواجاً أثرى من ورائها فتانا وحقق للممول ما لا يحلم به من أرباح وأغنى بلادنا عن استيراد أصناف مصنفة من كل ما له علاقة بدواليب المصنع.
ذلك فتى عزّ عليه أن ينيط أمله بالعمل الوظيفي الرتيب فأبعد به الخيال حتى احتك بالأعمال الحية في دنيا النجاح واحتال حتى أثبت كفاءته.
فلو أباح شبابنا لخيالهم مثل هذا الانطلاق الواسع ولم يربطوا مقدراتهم بأحلام العمل الوظيفي لتفتحت أمامهم آفاق وآفاق لا حدّ لسعتها واستطاعوا أن يحققوا في دنيا النجاح ما لا تحققه الوظيفة مهما اتسع مداها.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :339  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 49 من 156
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور سليمان بن عبد الرحمن الذييب

المتخصص في دراسة النقوش النبطية والآرامية، له 20 مؤلفاً في الآثار السعودية، 24 كتابا مترجماً، و7 مؤلفات بالانجليزية.