شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
مَاذا عِنْدَهُم؟؟
قال صاحبي: يسألني عن أروع ما لفت نظري في رحلاتي إلى أوروبا وأمريكا.
قلت: أهم ما لفت نظري أنهم أقوام تعوَّدوا النظر إلى البعيد. هم يحتفون بمصالحهم حفاوة بالغة الأثر وفي سبيل هذه الحفاوة يعرفون كيف يحسنون التعامل فيما بينهم وبين مواطنيهم وبينهم وبين سائر من يعاملهم من الأجانب والغرباء في أساليب ربما حسبتها أثراً كنتيجة للنظر البعيد لا أكثر!!
فمصالحهم وأرباحهم وكل مقومات نجاحهم تعتمد في أهم ما تعتمد على كياستهم وحسن تعاملهم.
وأحسب أنهم بمرور الأيام وتحت ضغط مصالحهم انطبعوا بطابع الكياسة في التعامل فباتت جزءاً من حياتهم، فأنت لا تتفق مع أحدهم على موعد إلاّ وجدته حريصاً يحسب له الدقيقة والثانية، وأنت لا تعقد معه صفقة إلاّ تسلمتها نظيفة قلّ أن يشوبها شائب، ولا تبتاع سلعة إلاّ وجدت ثمناً مقدراً محدوداً لا يغتالك فيه سعر!!
قل أن تجد البائع الذي تساومه وتحاوره فإذا ثمن السلعة يهبط إلى النصف أو الثلث إذا طالت المماحكة ذلك لأن لسمعته حقاً لا يصح أن يغفله فيسيء بذلك إلى مصالحه.
وأنا عندما أقول إنهم انطبعوا على حسن التعامل في أكثر أعمالهم اليومية فإني أعني ذلك بمعناه فأنت لا تجدهم مجتمعين في مقر تجاري أو أمام أحد مكاتب المسؤولين في إدارة رسمية أو مؤسسة أهلية إلاّ رأيتهم ينتظمون في صف طويل يأخذ فيه الشخص منهم دوره في نظام مقدَّر لا يسبق غيره ولا يزاحمه، أو يتقدم عليه وربما طال الحديث بين المسؤول وأحد مراجعيه وأنت إلى جوار المراجع في سبيل أمر هام فليس لك أن تنبس بحرف يقطع حديثهما مهما طال الحديث ومهما استغرقك الوقت!!
عليك أن تحترم دور غيرك وأن تعطيه فرصته في غير تشويش.
لا أنكر أن لكل شعب حسناته وسيئاته، وأن لبلاد الشرق من الحسنات ما يصح أن يزدهي بها، ولكنَّ كثيراً من أوساطنا لا تحسن الأتيكت الناجح في سبيل مصالحها.
إنها أولى من يبيع في نظافة، ويشتري في غير مماحكة، ويعقد صفقاته بكلمة محترمة، وموعد صادق، وأساليب شريفة تبني سمعتها بين أمم العالم وتضمن لها مركزاً له قيمته الرفيعة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :365  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 45 من 156
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعيد عبد الله حارب

الذي رفد المكتبة العربية بستة عشر مؤلفاً في الفكر، والثقافة، والتربية، قادماً خصيصاً للاثنينية من دولة الإمارات العربية المتحدة.