الاثنينية ::المكتبة

مكتبة الاثنينية

مُنَظّمات الشّباب الدَّولية

قال صاحبي: يبدو أن شبابنا قصر نشاطه في أكثر الأحوال على ميدان كرة القدم فهل نسي أن في الحياة من ميادين النشاط عشرات وعشرات يستطيع أن يوزع اتجاهاته بينها؟!

قلت: إن من أطرف ما قرأت عن نشاطات الشباب في السنوات الأخيرة برامج الشباب الدولية. هناك منظمات في أوروبا وأمريكا وبعض بلاد الشرق تتبادل الزيارات بشكل منظم، فقد نشر أن نحو عشرين ألف طالب أمريكي غادر بلاده في السنوات الأخيرة ضمن إطار هذه البرامج، وأكثر من 15 ألف أوروبي ارتحل في سبيل هذه الغاية..

إنهم يسافرون في كل صيف جماعات تتكوّن كل جماعة من عشرة إلى عشرين شخصاً تتراوح أعمارهم بين 16 إلى عشرين سنة إلى مختلف البلدان التي تشملها البرامج في الأمريكتين وآسيا وأفريقيا وأوروبا، حيث يجري توزيعهم تحت إشراف منظماتهم على العائلات في البلاد المضيفة، يعيش أحدهم ابناً لعائلة لمدة شهر يختلط بهم ويعاونهم ويشارك مشاركة فعّالة في أعمالهم حتى إذا عاد طلب إلى العائلة المضيفة انتداب أحد أبنائها الشباب لزيارته في بلدته حيث يختلط بدوره بعادات جديدة ويشارك في سائر أنواع العمل الذي يزاولونه.

إن الزائر الشاب طبقاً لبرامج هذه المنظمات يقاسم العائلة التي تضيِّفه طعامها وشرابها ويخالطها فيتعلم لغتها ويدرس أفكارها ويتعرف مفاهيمها في الحياة ووسائل عيشها. وربما اقتصرت بعض المنظمات برامجها على بلادها فندبت من شباب المدن أفراداً ينزلون ضيوفاً على الأرياف يتوزعون بين العائلات يعايشون أهلها ويختلطون بأعمالهم في الزراعة والتسويق وسائر أنواع العمل في الريف، كما يندبون في الوقت نفسه من شباب الريف من ينزلون ضيوفاً على عائلات المدينة.. ينزل الضيف على بيت العائلة كفرد منها تتبناه العائلة إلى مدته المقررة وتبيح له أن يشارك في أعمالها في المدينة وتطلعه على جميع النشاطات حولها لتستقيم له فكرة عامة عن حياة المدينة وألوان نشاطها في كثير من المرافق العامة..

كتب أحد هؤلاء الشباب بعد أن انتهت ضيافته في إحدى المدن الفقيرة يقول: لقد تفتحت عيناي على أشياء عديدة كنت لا أفهمها. تعلمت ما هو الفقر الحقيقي وتحسست حرارة الشخصية الإنسانية من خلال عيشي ضيفاً في عائلة مزارعة وبدأت أفهم لوناً من الثقافة مختلفة التوجيه عن كل ما أعرف..

وتوسعت بعض هذه المنظمات في برامجها فشكلت لجنة للخدمات الاجتماعية والمساعدات العملية تهيئ رحلاتها في مخيمات تتوزع في أطراف البلاد التي تعين خدمتها فيشارك أعضاؤها في الأعمال العامة في بناء البيوت أو الجسور أو إصلاح الشوارع.

فما يمنع شبابنا أن تكون له منظمات على مثل هذا المنوال تستطيع أن تبدأ نشاطها في شهور الإجازة بين المدن والأرياف يتبادلون الزيارات بشكل منظم فينزل الريفي ضيفاً على بيت في المدينة كما ينزل المدني ضيفاً على بيت في الريف..

يشاركون في أعمال لا يعرفونها ويخالطون حياة يجهلونها..

إنه أسلوب عملي ينشط الدورة الدموية ويوسع مفاهيم الشاب..

طباعة

تعليق

القراءات :487

التعليقات :0

صفحة 41 من 156

من ألبوم الصور

المزيد >>

من أمسيات هذا الموسم

بتاريخ: 18/05/1436ھ الموافق: 03/09/2015م

الدكتور سعد عبد العزيز مصلوح

أحد علماء الأسلوب الإحصائي اللغوي ، وأحد أعلام الدراسات اللسانية، وأحد أعمدة الترجمة في المنطقة العربية، وأحد الأكاديميين، الذين زاوجوا بين الشعر، والبحث، واللغة، له أكثر من 30 مؤلفا في اللسانيات والترجمة، والنقد الأدبي، واللغة، قادم خصيصا من الكويت الشقيق.

المزيد >>