أملٌ مزَّقَ الغيومَ ولاحَا |
سَكَبَ النُّورَ في الشرايينِ راحا |
مَرَّ في خاطري مواكبَ يُمنٍ |
عاشَ في ناظري رياضاً فِسَاحا |
طافَ بي حولَ خيمةٍ من ضياءٍ |
لبستْ بُردةَ السكون وشاحا |
كم بنينا بها قصورَ الأماني |
وشهدنا الفصولَ لهواً مباحا |
زارني طيفُها فأيقظَ وَجْدي |
ونعاها إليَّ سِرّاً وناحَا |
وسقاني بقيةً من هواها |
سَلَبَ النبضَ من دمائي وراحا |
وتجرَّعْتُ غُصَّةََ البَيْن كُرْها |
ونديمي الجَوَى غُدُوَّا رَواحا |
أتقلىَّ على مواقدِ حُزني |
ذائباً مُهْجةً، مَهيضاً جِناحا |
باع آبائي التراثَ وباعتْ |
أُمَّتي بُرقُعَ الحياءِ وَقاحا |
وسمعتُ الدروبَ تَسْخر مني |
كلما دُسْتها مساءاً صباحا |
وإذا أسكر الضلالُ عقولاً |
حسبتْ لذةَ الفَسادِ فَلاحا |
* * * |
عجباً للزمان كيف اصطفاني |
حَمَّل الأمرَ كاهلي واستراحا |
ما توقَّعْتُ أن يجودَ بِحُلْمٍ |
فلياليهِ كنَّ سُودا شِحاحا |
ما توقعتُ أن تُضيءَ طريق |
كان خَطْوي بجانبيها جراحا |
كنتُ أحبو لـه ليسمعَ صَمْتي |
كنت أُزجي لـه القريضَ امتداحا |
كنتُ أشتاق أن يبلَّ غليلي |
من ينابيعه رضىً وانشراحا |
وهو لا يرعوي يصوِّبُ نَحْوي |
أسْهماً مِنْ غروره ورِماحا |
* * * |
أنا مِنْ أمَّةٍ ترعرعَ فيها |
خالدٌ وَرَّثَ الحسامَ صَلاحا |
ما اتخذتُ النفاق ظِلاًّ يقيني |
أو دليلاً إليَّ يهدي النجاحا |
أزرعُ الأرض بالمروءاتِ حُرّاً |
أحملُ الحَرْف مِشعلا وسلاحا |
وإذا طهَّرَ اليقين النوايا |
أينعَ الحبُّ في القلوب صلاحا |
* * * |
هذه ليلةٌ أضاءتْ شموعاً |
وزَهَتْ بهجةً وفاضتْ رباحا |
أنا في دارةٍ أرى الزُّهرَ حولي |
والأساطينَ والوجوهَ الصَّباحا |
دارةٍ تستقي المكِارم منها |
نُبْلَها لا تَوَدُّ عنها بِراحا |
يعقدُ النُّورُ فوقَها في شموخٍ |
مهرجانَيْن سُؤدَدا وسَماحا |
هي للفكر موسم يتبارى |
فيه فرسانُه عَطاءاً مُتاحا |
لا جناحٌ عليَّ إن قُمت أشدو |
أو تعلَّقتُ حبَّها لا جُناحا |
* * * |
ما توقَّعْتُ أن تزُفَّ الصَّحَارى |
لِيَ وَرْداً وَنْرجِساً وأقاحا |
أيُّها العاشقُ المِدادَ عيوناً |
آسرات تألُّقاً وصراحا |
أيُّها العاشقُ المِدادَ لَهِيباً |
يستفزُّ القُوىَ ويُغري الطِّماحا |
هذه ليلةٌ بعرسِكَ نَشْوى |
عِطْرها دَغْدعَ النفوسَ وَفَاحا |
جئتُ أهديك با سميَرَ القَوافي |
من رياحينِها الحِسانَ الملاحا |
تتسامَى تأنُّقاً وانسجاماً |
تتهادَي على السُّطُور مِراحا |
جئتُ أسعى بها إليكَ فخوراً |
أسْبقُ الضَوءَ والصَّدىَ والرياحا |
أنتَ في عالَمِ البديعِ بديعٌ |
تُحسِنُ القَوْلَ سَلْسَلاً وبَراحا |
مبحرٌ في القريضِ شَرْقاً وغَرْباً |
بوركتْ في العطاءِ راحُكَ راحا |
أيها الشاعرُ الذي عاشَ يَسْقي |
شِعْره الحبَّ ما روى منه ساحا |
عبَّ مِنْ كلِّ جَدْولٍ ما تمنَّى |
خَبرَ البَحْرَ والذُّرا والبِطاحا |
كلَّما أَطْبَقَتْ عَليه الدَّياجي |
شَقَّ من لجَّةِ الظلام صباحا |