شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
كلمة الناشر
أستاذنا الجليل الشيخ أحمد السباعي "رحمه الله" قامة في ريادة الثقافة والأدب في بلادنا، اتسعت شارات عطائه وفكره فتفتق عقله ما بين المهد واللحد متنازعاً بين كثير من فنون الأدب.. كان من أوائل من كتب القصة، والرواية، والمقال الصحفي، والعمل الإبداعي المشوب بنظرات فلسفية تجاه الحياة والناس.
ما بين 1323هـ و 1404هـ (1905م-1983م) أسس أحمد السباعي "رحمه الله" مدرسته الخاصة في الكتابة، وأسلوبه المتفرد الذي تغمره جزالة لمحات قرآنية تأسر الألباب، ورغم أنه أخذ بحظ يسير من التعليم النظامي إلا أن همته العالية لم تقصر في طلب العلم من مظانه، فأسرج ليله وأضنى نهاره بين أمهات الكتب التي استطاع أن ينهل منها ويشكل ثقافته العامة، ثم اتجه إلى الكتابة الإبداعية بثقة كبيرة، تاركاً لأمته تراثاً أدبياً فيه من العمق ما لا تخطئه بصيرة، ومن الشفافية ما لا يخفيه مرور السنين، ومن الألق ما يشق سجف الظلام وإن تباعد زمان كتابته.. فهو أديب مطبوع شق طريقه بإصرار وعفوية متلفِّعاً بالصبر والدأب شأن أبناء جيله ممّن استهانوا بالصعاب فوجدوا في اللأواء ملاذاً وظلاً أطيب بكثير من مراتع الجهل وخواء الفهم.
سعيداً أن أهدي القارئ الكريم عصارة جهود أستاذنا الكبير المبرورة، راجياً أن يصلهم فكره وأدبه في صورة تليق به بعد أن تناثر لسنوات طوال في إصدارات متعددة، إن توفر نزر منها فإن جلها أصبح في عداد النادر.. وفي هذا الصدد أشير إلى تعاون الأخوين الكريمين الأستاذ أسامة والدكتور زهير أحمد السباعي، اللذين لم يدَّخرا جهداً لتوفير مادة هذه المجموعة الكاملة، وجمعها من مختلف المصادر حتى ظهرت ولله الحمد بالصورة التي بين أيديكم.
إن الحديث عن مسيرة أديبنا الكبير مقرونة بتصدِّيه لإنشاء (مسرح قريش الإسلامي) بمبادرة شخصية منه في العام 1381هـ/1960م حيث كان من المقرر عرض مسرحية (فتح مكة) للأستاذ محمد مليباري "رحمه الله"، ولم يكتب لها أن ترى النور بسبب إلغاء العرض قبل أسبوع من موعده المحدد.. فاختفى المسرح -بمعناه المتعارف عليه- إلى يومنا هذا، إلاّ من محاولات مدرسية، أو على خشبات مسرح فروع جمعية الثقافة والفنون.
بيد أن وأد تجربة المسرح لم تفت في عضد أديبنا المبدع "رحمه الله" فوجه طاقاته لمجالات الكتابة المختلفة، وحظيت التربية والاجتماعيات بنصيب وافر من إبداعاته.. فقد تميز دائماً بنظرته التفاؤلية، واستشرافه المستقبل، باعتبار أن هذا الوطن ليس جزءاً من الحضارة الإنسانية فحسب، بل كان له السبق في نشر الوعي والنور في ربوع أوروبا عندما كانت تغط في سبات العصور الوسطى.. ومهما التقط القارئ شاردة من هنا وواردة من هناك فإنه لن يروي غليله إلا الغوص في بحر مبدعنا اللجِّي، فكوامن درره لا يلقي بها اليم إلى الساحل خبط عشواء، وإنما يظفر بها الغواص الذي يفوز بالدانة، يرغد وجدانه ويهدهد مشاعره.
وقد رأيت من باب الأمانة العلمية أن أشير إلى كتاب صدر لأستاذنا السباعي بعنوان (أبو زامل -قصة الجيل الماضي) في طبعته الثانية عام (1379هـ-1959م) وطبع بمطابع دار قريش بمكة، ولم أقف على طبعته الأولى.. ومادة هذا الكتاب نفسها طبعت بعنوان (أيامي) الطبعة الأولى عام (1402هـ-1982م) ضمن سلسلة الكتاب العربي السعودي "78"، وقد أعمل فيها المؤلف قلمه منقحاً، وموضحاً هذا الموقف بقوله: (قدمتها في الطبعة الأولى والثانية تحت اسم: "أبو زامل".. كنت أردتها رمزية يمثل بعض فصولها جانباً من حياتي وتعطي بجوانبها الأخرى صوراً من حياة الجيل الذي عشته، ولكني رأيت اليوم وفي الطبعة الجديدة أن أتوسّع فيما يلم بحياتي إلى جانب ما عرف من سمات الجيل فتعين عليَّ أن أنسى أبا زامل وأتقدم إلى القارئ بقصة "أيامي").. فأصبح منطقياً الاكتفاء بنشر الكتاب المنقح والمزيد، لذا لزم التنويه.
أخيراً.. لن أنسى أمسية زارني الأخوان الأستاذ أسامة والدكتور زهير السباعي يحملان لفافة كشفت عن إطار يحمل صورة والدي "رحمه الله".. احتفظ بها أستاذنا، والدهما "رحمه الله"، في غرفة نومه حتى وافاه الأجل المحتوم، وكانت قبلها معلقة في غرفة مكتبه.. امتداداً لصداقة وطيدة ربطت بينهما منذ الصغر، وشبت معهما فتآلفت روحاهما بها وهما ينبضان بالحياة ويتساميان بعشق الحرف، شأن الصداقات التي ربطت بين معظم رجالات ذلك الزمن الجميل.. ثم انتقل والدي إلى رحاب بارئه في (الطائف) عام 1360هـ/1940م، وبعد حوالي نصف قرن لحق به صنو روحه وصديقه الوفي ملبياً نداء ربه في (الطائف) أيضاً، وكأنهما على موعد الختام نحو الفردوس الأعلى من الجنة إن شاء الله.. رحمهما الله وأحسن إليهما بقدر ما قدَّما لأمتهما من أعمال نسأل الله أن ينفع بها، وأن تكون في ميزان حسناتهما.
سعيداً أن أقدم هذه الذخائر في إطار (كتاب الاثنينية) حفظاً لتاريخ أدبي من صميم ثقافتنا ليستفيد منه المثقفون وشداة الأدب.
والله الموفق.. وهو الهادي إلى سواء السبيل.
عبد المقصود محمد سعيد خوجه

* * *

* * *

* * *

 
طباعة

تعليق

 القراءات :1012  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 2 من 156
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعيد عبد الله حارب

الذي رفد المكتبة العربية بستة عشر مؤلفاً في الفكر، والثقافة، والتربية، قادماً خصيصاً للاثنينية من دولة الإمارات العربية المتحدة.