الرقص على سن الشوكة.. تفوز بالجائزة |
تكتسب جائزة الإبداع التي يقدمها نادي جدة الأدبي الثقافي قيمتها المتميزة من عوامل متعددة لعلّ من أهمها ما عرف عن هذا النادي من تميز في نشاطاته المختلفة المنبري منها والمطبوع، وكذلك ما عرف عنه من اقتدار على مواكبة عطاءات الفكر العربي والإنساني من خلال استضافته لأعلام الثقافة العربية من مختلف أقطار العالم العربي. |
غير أن عاملاً آخر بإمكانه أن يضاف إلى ما سبق ليؤكد أهمية هذه الجائزة. هذا العامل يتمثل في المراحل التي تمر بها عملية قرار الجائزة بدءاً بعرض الأعمال المقدمة على مجلس إدارة النادي ليتخذ قراره في تحديد النماذج التي تنطبق عليها شروط الجائزة من الأعمال التي تخرج عن هذه الشروط؛ ثم يقوم المجلس بعد ذلك بتحديد المحكِّمين الذين تبعث لهم الأعمال بصورة سرية مع نموذج يشتمل على المواصفات التي يتسم بها العمل من حيث لغته وأخيلته وعوامل الجدة والأصالة فيه. ولعلّ أصعب شروط النادي هي أن تكون لجنة التحكيم السري مجمعة على اختيار عمل إبداعي واحد. |
حجب الجائزة |
- وقد انتهت جائزة العام الماضي إلى حجب الجائزة نظراً لاختلاف هيئة التحكيم حول العمل المرشح للجائزة؛ وتباين وجهة نظرهم حول الأعمال التي بعثت لهم؛ ولذلك عاد النادي إلى إعلان حجب الجائزة. |
جائزة هذا العام |
- وقد خصصت جائزة هذا العام للأعمال الإبداعية الصادرة ما بين عام 1406-1407هـ وأن تكون أعمالاً إبداعية في مجال القصة والقصيدة والرواية والمسرح. وقد جاءت النتيجة معلنة فوز الكاتبة السعودية رجاء عالم عن مسرحيتها "الرقص على سن الشوكة"؛ والتي صدرت لها عن دار الآداب البيروتية في العام المنصرم. |
صائدة الجوائز |
- وإذا كانت هذه أول جائزة تفوز بها الكاتبة السعودية رجاء عالم داخل المملكة؛ فإنها تأتي في سياق فوزها بجوائز متعددة قبل ذلك ومن قبل هيئات علمية على مستوى العالم العربي. فقد فازت قبل سنوات بجائزة مسرح جوهر السالم بالكويت؛ كما فازت بجائزة ابن طفيل المقدمة من المعهد العربي الأسباني بأسبانيا عن قصتها الطويلة "أربعة صفر" والتي صدرت عن نادي جدة الأدبي الثقافي. وكانت آخر الجوائز التي حصلت عليها هي جائزة الثقافة من المعهد العربي بالإسكندرية عن مسرحيتها "ثلاثة وستون كوة لوجه امرأة". |
الفائزة تعتذر |
- وقد حاولنا إخبار الفائزة لاستطلاع رأيها حول نتيجة المسابقة؛ غير أنها رفضت التحدث في أي لقاء صحفي؛ مؤكدة.. أن ما تريد أن تقوله وما يمكن أن تقوله هو ما تقدمه أعمالها فقط؛ وأنه ليس لها بعد ذلك ما تتحدث به. |
رأي |
- وكان رأي الأستاذ عبد الفتاح أبو مدين حول "جائزة الإبداع" بين الماضي وهذه السنة.. هذا الحديث: |
حجب الجائزة |
- حجبت الجائزة في العام الماضي، لأن ما قدم لم تنطبق عليه الشروط المطروحة؛ أي أنه لم يكن إبداعاً ولا في مستواه.. فالذي قدم كان بعيداً عن الإبداع؛ لذلك لم تعط الجائزة لأحد. |
المراحل |
- مراحل الجائزة.. كانت فحص الإصدارات التي قدمت إلى النادي؛ ولما رؤي أنها تنطبق عليها شروط الإبداع.. أرسلت إلى المحكِّمين؛ ثم كانت النتيجة. |
ما هي الجائزة |
- الجائزة تمثل: |
أ- الجانب المادي المرصود لها. |
ب- تقديم درع أو ميدالية للفائزة.. وذلك في مناسبة من مناسبات النادي خلال نشاطه المتعدد الجديد؛ على أن يشار إلى ذلك في وقفة خاصة بجانب الإعلان عنها. ثم تسلم الجائزة والدرع إلى من يمثل الفائزة.. بحول الله وقوته. |
الشنطي يقول |
- أما الناقد المعروف الدكتور محمد الشنطي فقد كتب كلمة مبدياً رأيه حول العمل الفائز فقال: |
تجربة رجاء عالم المسرحية تجربة رائدة في الأدب المحلي المعاصر وتنم على اطلاع على آخر منجزات التقنيات المعاصرة وأعمالها المسرحية تبدو محصلة دأب مستمر وعكوف. وعلى الرغم من الطابع التجريدي الفكري الواضح على أعمالها المسرحية والإبداعية بشكل عام؛ فإنها تبدو مسيطرة على أدواتها ولغتها بشكل متميز؛ وقد استفادت في مسرحياتها العديدة من مختلف التيارات الحديثة في هذا الفن؛ فهناك بصمات واضحة تشير إلى استغلالها لتكتيك المسرح التعبيري كما يمثله الكاتب السويدي "أوجست سترندبرج"؛ فهي تهتم بتصوير الأشياء كما تبدو في لحظة معينة وحالة نفسية خاصة؛ وهي تتمرد على الواقعية وتلجأ إلى تصور العالم كما يبدو لعقل الفنان؛ وكذا هي الحال في المسرح التعبيري؛ فإن ثمة تفككاً في السياق والمكان والزمان وخروج على المنطق من أجل الكشف عما هو أعمق داخل الأشياء. وليس من شك في أن الكاتبة تخالف المسرح التعبيري أحياناً في لغتها المحايدة على الرغم من احتفالها بالعبارات الرمزية وخصوصاً في مسرحيتها "الموت الأخير للممثّل". وهي إلى جانب ذلك تحفل بعنصر التغريب الذي ساد مختلف المناهج الحديثة في المسرح والرواية على حد سواء؛ وخصوصاً لدى بريخت "في المسرح الملحمي، إذ تحرص على أن يظل المتلقي محتفظاً بحسه النقدي إزاء ما يرى وما يقرأ وألاّ يتعاطف مع الشخصيات المسرحية أو يندمج معها، فالمتلقي يراقب وهو منفصل عن العمل وإن كانت تختلف في توظيفها لهذا العنصر عن المنهج الملحمي في كثير من العناصر، فالشخصية التاريخية أو الأسطورية لا تتحرك على المسرح بوصفها عنصراً من العناصر الروائية في إطار سياق درامي متماسك. كذلك فليس ثمة لوحات متتابعة في إطار ملحمي ولا تخلو بعض مسرحيات رجاء عالم من عنصر المحاكاة ولكن في إطارها التعبيري الرمزي وليس في سياق تطهيري كما هي الحال في المسرح الأرسطي التقليدي وتوظيف الكاتبة لبعض تقنيات مسرح العبث واضحة في مختلف هذه المسرحيات؛ فالإحساس بعبث الحياة المعاصرة وقيامها على أوضاع غير معقولة في كثير من الأحيان؛ يتراءى ذلك للمتلقي واضحاً، فليس في بعض مسرحياتها موضوع أو محور واضح ولا تطور عضوي على النحو المألوف. كذلك فإن الاستفادة من بعض معطيات المسرح التسجيلي كما تجلت عند الكاتب الألماني الشهير "بيتر فايس" ملموسة وخصوصاً في "الرقص على الشوكة" وإن كانت متفاعلة مع غيرها من العناصر ومختفية خلف ملامح تعبيرية ورمزية أخرى. وتبدو هذه المسرحية أقرب مسرحيات رجاء عالم إلى ذهن المتلقي ولغتها أكثر شاعرية من غيرها. |
وتبرز في سياق متتابع متنام بحيث يمكن إدراك الرؤيا الكلية للكاتبة؛ في حين تظل مسرحية "الموت الأخير للممثِّل" أكثر تعقيد وتشابكاً وثراء من الناحية الفنية؛ ولكنها تحتاج إلى قارئ من نوع خاص، كما أن الرؤيا فيها شديدة الخفاء. |
والسؤال الذي يبرز الآن -بعد الإقرار بموهبة الكاتبة وقدرتها على امتلاك ناصية فنها هو لماذا كل هذا التجريد والتشابك مع أحدث منجزات الفن المسرحي التي تعتبر إفرازاً لمرحلة حضارية متقدمة وصل إليها هذا الفن في العالم بعد سلسلة من التطورات. هل هي المغامرة الفنية في إطار اللعبة الجمالية المألوفة أم أن الكاتبة تريد أن تومئ إلى عوالم أخرى خفية عصية على إدراك المتلقي العادي؟ إن من يقرأ بعض أعمالها المسرحية يلامس الجدل الدائر حول بعض القضايا ولكن البعض الآخر بعيد.. عن همومنا التي يفترض في المسرح أن يتعامل معها بشكل صميم؛ خصوصاً وأنها تمتلك موهبة متميزة. |
|