((كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه))
|
بسم الله الرحمن الرحيم، أحمدك اللهم كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، وأصلي وأسلم على خير خلقك، حبيبك وصفيك، سيدنا محمد وعلى آل بيته الطاهرين، وصحابته أجمعين. |
الأستاذات الفضليات |
الأساتذة الأكارم |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: |
لو استدار الزمان كهيئته يوم بدأت مسيرة "الاثنينية".. لرأيت ثلة من الأدباء يلتفون حول رائد أحبوه، احتفاء وتكريماً واستزادة من علمه وأدبه، وتدارساً لمسيرته الثقافية والعملية.. فبتاريخ 14/6/1403هـ الموافق 28/3/1983م، تحلق حول الأستاذ السيد أحمد عبيد محمد عبيد "رحمه الله"، بعض كبار الأدباء والمفكرين منهم "مع حفظ الألقاب" من انتقل إلى رحمة الله، الأساتذة حسين باشا سراج، ومحمد حسين زيدان، وحسين عرب، وهاشم زواوي، وعبد المجيد شبكشي، وحسن قزاز، وأحمد الشامي، وأمد في عمر الأساتذة أحمد المبارك، والشاعر اللبناني الكبير كنعان الخطيب، ومحمد سعيد طيب، والدكاترة عبد الله مناع، وعبد العزيز حجازي "رئيس وزراء مصر الأسبق"، وعباس طاشكندي، وغيرهم. |
نحتفي الليلة بتواصل أجيال نعتز به.. لتكريم الدكتورة ثريا أحمد عبيد، وكيل أمين عام الأمم المتحدة، والمديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان، أول مواطن سعودي يتبوأ هذا المنصب الأممي الرفيع.. لبت دعوة "الاثنينية" فقدمت خصيصاً من "نيويورك"، وصلاً لأهل ود أبيها "رحمه الله".. وليس ذلك بغريب عنها، فقد استمدت جذور ثقافتها من بيت علم وأدب وفضل، ثم صقلت مواهبها بأدب النفس، وأدب الدرس، ودأب لا يعرف اليأس.. كللت هامة عطائها الخير بخدمة الإنسانية من خلال ركيزة الأسرة والسكان.. إنهم ليسوا سكان مدينة أو بلد معين، بل هي لجميع الأقطار دون استثناء.. فيؤرقها جراء ذلك مسؤوليات تنوء بحملها. |
من مقولات أستاذنا العقاد "رحمه الله": "إن أجمل ما في الحياة الدنيا هو أسوأ ما فيها، وأسوأ ما فيها هو تحدياتها".. فمن هذه الزاوية نغبط ضيفتنا الفاضلة على التحديات التي تواجهها.. فهذه إحصائيات لغة الأرقام، إشارتها دلالة.. خلال العقدين الماضيين توفيت عشرة ملايين امرأة جراء مضاعفات الحمل والولادة، وعانت 300 مليون امرأة من حالات عجز طويلة الأمد مثل النواسير التوليدية، ومن المتوقع وفاة 186 امرأة يومياً بسبب الإجهاض غير المأمون، بينما تنجم أكثر من 75% من حالات "الإيدز" بسبب العلاقات الجنسية المحرمة، والولادة، والرضاعة.. والمؤسف أن تجاهل بعض الإجراءات البسيطة يكلف البشرية الكثير، إذ يمكن إنقاذ حوالي 150 ألف امرأة سنوياً بموجب اتباع سياسات تنظيم الأسرة، وإنقاذ أكثر من مليون طفل دون سن الخامسة إذا روعي تباعد الولادات بأكثر من سنتين.. مع محاربة بعض العادات الضارة مثل ختان الإناث، والعنف ضد المرأة والطفل، وما يطلق عليه جرائم الشرف، وغيرها من التقاليد البائدة التي تنخر في الأمة بسبب الجهل والتخلف. |
ضيفة أمسيتنا الفاضلة تسعى دون هوادة لوضع الخطط والبرامج اللازمة لزيادة ميزانيات صحة الأسرة لتصل فقط إلى 15% من الموازنات العامة للدول النامية، ورغم إنه رقم متواضع إلا أن التطلع إليه يشوبه كثير من الحذر نظراً لأن صحة الأسرة لا تجد الأولوية المناسبة في سلم ميزانيات كثير من دول العالم الثالث.. ومن ناحية أخرى تركز ضيفتنا الفاضلة دائماً على إيجاد قواسم مشتركة بين ما هو عالمي، وما يتسم بالذاتية والأعراف والتقاليد.. بمعنى أن تتسع زاوية الإدراك وفق مؤشرات الحراك الثقافي والحوار لتقبل الآخر، وفي نفس الوقت العمل على إعادة النظر في كثير من المفاهيم المغلوطة التي لا تستند على مقومات يعتد بها.. وعليه يمكن الالتقاء على كلمة سواء، ومنهج وسطي لا يرفض الآخر بالكلية، ولا يذوب فيه دون روية.. فلا ضرر ولا ضرار. |
أما فيما يتعلق بالمملكة خلال مسيرتها نحو العام 2020م، فترى ضيفتنا الكريمة أن من بين تحدياتها كيفية إدارة التحول "الديموجرافي" والزيادة المطردة في السكان, التي قد تصل إلى 24 مليون مواطن مما يتطلب المواءمة بين فرص العمل والزيادة السكانية والتي من المنتظر أن تحتاج إلى مليوني فرصة عمل مع التركيز على فئة الشباب التي تمثل 50% من إجمالي التعداد السكاني في العالم بحلول 2020م. |
إن علاقة ضيفتنا الكريمة بما تقوم به تجاه الإنسانية لا يقتصر على الدور الإداري والتنسيق الذي تمليه مهام منصبها الرفيع، بل تسهم بقلمها وفكرها في إثراء الجانب الثقافي والعلمي المتعلق بواجباتها الجسيمة، فتراها في جهات المعمورة محاضرة، ومشاركة في المؤتمرات والندوات، وكاتبة في كبريات الصحف بشفافية، وجرأة، بصدق التوجه، وخالص النية، لما فيه خير البشرية. |
شأنها شأن الكبار، وحال من يتصدى للعمل العام، نتفق ونختلف معها، لكنها تبقى صفحة ناصعة في تاريخ المرأة السعودية التي بدأت جهودها التعليمية والعلمية من نقطة الصفر، وتوجتها بتسنم واحدة من أهم وكالات الأمم المتحدة.. صحيح أن تلقيها العلم خارج الوطن أتاح لها ما لم يكن متاحاً لكثيرات من بنات الوطن، إلا أن تمسكها بثوابت هذا الكيان الحبيب، لم يفصم عراها عن ينابيع الأصالة والمعاصرة، التي تتصف بها رائدات جليلات قدمن الكثير لمسيرة العلم والعمل في بلادنا. |
إن الثقة بالنفس، والصبر والمثابرة، وإعمال الفكر ومنهجية الأداء، تضافرت لتشكل الأسلحة والدروع الواقية التي تجاذبت ضيفتنا الكريمة لتصل إلى قمتها السامقة، فقد حذفت من قاموسها ملامح الاستسلام للضعف، والركون للهزيمة بشتى أشكالها وصورها.. الأمر الذي مكنها من أداء كثير من رسالتها في مناخ لا يعرف غير المهنية العالية معياراً للبقاء والاستمرار. |
الهالة الإعلامية التي تحيطها، والمكانة الاجتماعية التي تحتلها، لم تشل يدها أو تثني عزمها بواجباتها الأسرية عن عملها للأسرة الدولية. |
سعداء أن نلتقي الأسبوع القادم لتكريم وتناول مسيرة الدكتور عبد الرحمن طه بخش، أحد رواد الطب الحديث في المملكة، بدأ عصامياً وبجد واجتهاد استطاع إقامة ثلاث مستشفيات في جدة هي "دار الشفاء" و "مستشفى بخش" و "مستشفى الجزيرة".. إنها قصة كفاح وعناق مع السفر والغربة ليحقق حلمه الطموح بأن يصبح طبيباً.. في وقت كانت الأحلام لا تتجاوز حدود المدن كثيراً. |
أتمنى لكم وقتاً ممتعاً مع ضيفتنا الفاضلة، وإلى لقاء يتجدد وأنتم بخير. |
الأستاذة دلال عزيز ضياء: شكراً لسعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه، والحقيقة أننا سعدنا جميعاً بهذا التكريم الذي نالته الاثنينية هذا المركز الذي يشع ثقافة وتسامحاً وتواصلاً بين جميع المثقفين، وبين أجيال مختلفة من هؤلاء المثقفين السعوديين، وضيوفنا أيضاً من إخوتنا العرب وغيرهم، والآن الكلمة لأستاذنا وحبيبنا ومعلمنا معالي الأستاذ الدكتور محمد عبده يماني، وزير الإعلام الأسبق، والمفكر الإسلامي المعروف، أستاذ الجامعة والمحب والذي يمتلئ قلبه حباً وعطفاً ورعاية، ولا أستطيع أن أقول إلا أنه يمثل معنى الحب الحقيقي في حياتي، وأنا أعترف له أنه بعد رحيل والدي، هو معلمي، أمد الله في عمرك يا دكتور وتفضلوا ولكم الكلمة. |
|