((كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه))
|
بسم الله الرحمن الرحيم، أحمدك اللَّهم كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، وأصلي وأسلم على خير خلقك، حبيبك وصفِّيك سيدنا محمد وعلى آل بيته الكرام الطاهرين وصحابته أجمعين. |
الأستاذات الفضليات |
الأساتذة الكرام |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: |
سعداء أن نلتقي الليلة احتفاء وتكريماً وتوثيقاً لمسيرة علم بارز في دنيا المسرح والشعر والثقافة والفكر، ضيفنا الكريم الدكتور علي عقلة عرسان.. قادماً من دمشق خصيصاً تلبية لدعوة اثنينيتكم. |
ارتبط اسم ضيف أمسيتنا بتكوين ومسمّى "اتحاد الكتّاب والأدباء العرب" الذي أنشئ في العام 1969م بجهود كوكبة من الكتّاب الذين تضافرت جهودهم لإقامة هذا الكيان الذي أصبح يجمع شتاتهم، ويرعى مصالحهم، ويؤطِّر نشاطاتهم وفق أسس ومبادئ لا يحيدون عنها.. ونهض اتحادهم كواحد من أنشط مؤسسات المجتمع المدني لتحقيق الغايات المنشودة.. ومثل كل عمل عام، لا يخلو من ملاحظات وانتقادات، لقد جوبه "اتحاد الكتاب العرب" بسيل من الاتهامات.. وما أشرت إليه لا يبعد عن تقرير أن العمل العام يظل عرضة للنقد البنّاء وغيره، وتمضي المسيرة في كل الأحوال، وسوف يقول التاريخ كلمته الفصل منصفاً العطاء الخيِّر، وأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض. |
إن مسيرة ضيفنا الكريم ممسكاً بزمام اتحاد الكتاب العرب على مدى أكثر من ربع قرن، بما يتطلبه ذلك من أعمال إدارية، ومتابعات مع جهات رسمية وغيرها، وتنقَّل في مختلف أنحاء العالم، لم تأخذه تلك السنوات بعيداً عن رفيف الحرف ومرافئ الدهشة، فأنجز الكثير في مجال المسرح الذي يعتبر حلبة عطائه الأكثر استئثاراً بوقته وجهده ودراساته الأكاديمية، فنراه مبدعاً بمنهجية لا تتكرر كثيراً، فهو مخرج مميز خاصة فيما يتعلق بالأعمال الجادة التي تتبنى اللغة العربية الفصحى، والترجمة عن قمم المسرح العالمي، في محاولات مشكورة للارتقاء بذائقة المتلقي وخدمة الرسالة السامية التي يؤمن بها كرائد مسرحي يعلم الدور الذي ينبغي أن يلعبه المسرح في حياة الشعوب كأداة تثقيف أثبتت وجودها عبر التاريخ الإنساني.. والجانب الآخر من إبداعه ينعكس في قيامه بتأليف بعض المسرحيات التي تزهو على الإخراج باعتبار أن النص المسرحي هو عصب كل حركة على خشبة المسرح، ويتبعه بقية العناصر.. وهكذا زاوج بين الإبداعين بالإضافة إلى تحمل تبعات إدارة المسرح، وهي مسؤولية لا تخلو من توتر ينشأ عن أن التعامل في هذا الإطار لا يتم مع آلات أو خطوط إنتاج، بل مع مجموعة فنانين لهم من رهافة الإحساس ما يفوق عامة الناس، وبالتالي فإن التعامل معهم يحتاج إلى مدرسة خاصة في الإدارة وحل المشاكل بطرق غير تقليدية، ويبدو أن ضيفنا الكريم قد قاسى الكثير من هذه المواقف، وعندما حل إساره منها حلّق مع الشعر. |
وجد ضيفنا الكريم ضالته في واحة الشعر، وأحسبه شعر بنوع من الحرية التي اندفعت فجأة في شرايينه وهزته بعنف ليصحو على ألوان قوس قزح التي كانت مختفية خلف الأضابير، وضجيج المسرح، وهموم الإخراج والسيناريو، والعروض المتأرجحة بين القبول والرفض.. والشعر لدى ضيفنا الكريم قارب يشق عباب الماء لينجو من "الغربة" التي تضرب مجاذيفها في نفسه، غربة لا ندري إن كان سببها إيقاع السفر المتكرر أم غربة روح لم تجد ذاتها في دفق الحياة؟ إلا إنها مفردة تكررت في نصوصه الشعرية بشغف يفرض وجوده ويبسط كفه نحو مزيد من خيوط الشعر يغزلها ليغطي لهف الحنين إلى مراسي الأنس والسكينة ودفء العاطفة. |
من خلال تتبعي دواوين شعر ضيفنا الكبير، أكاد أجزم أنه شاعر مطبوع اختطفه المسرح، واعتقله المقال، وسطت عليه القصة والرواية، ويعزز هذا الشعور العمق والبهاء والنداوة التي أجدها في بواكير شعره خاصة في ديوان "شاطئ الغربة" بينما يقل هذا التوهُّج مع ديوانه الأخير "البوسفور" ما يشير إلى تأثير الإبداعات الأخرى على النسق الشعري الذي بدأ يتنازل عن عرشه في التعبير عن مكنونات نفس الشاعر لصالح أساليب أخرى، وذوات الصور الشعرية المؤثرة تاركة المجال إلى صور أقرب ما تكون إلى التعبير النثري الذي غلبت عليه سطوة المقال. |
لقد تناول ضيفنا الكريم الكثير من قضايا الشارع العربي وحللها بما يراه مناسباً وواقع الحال، فكان من الطبيعي أن يخص الشأن الاجتماعي والسياسي بنصيب الأسد في كتاباته التي رصد من خلالها الكثير من المسائل الخلافية والشائكة، متميزاً بشفافية الطرح وشجاعة الرأي وتوخّي المصداقية، ولم أر في كتاباته إسفافاً أو ردوداً قاسية غير منضبطة بالمنهج العلمي وأدب الحوار، رغم السهام الكثيرة التي تلقاها بحكم موقعه إبان توليه منصب الأمين العام لاتحاد الأدباء والكتاب العرب.. وحساسية الدور الذي قام به بحجب بعض الكتب عن النشر وما يسببه هذا من هجوم قد يتجاوز المألوف في الساحة الثقافية.. إلا أن ضيفنا الكريم بما عرف عنه من سعة صدر استطاع أن يطوي هذه الصفحات، مكرساً جل وقته للعمل الإبداعي والانفتاح عبر موقعه على شبكة الإنترنت متواصلاً مع محبي أدبه نثراً وشعراً. |
أتمنى لكم أمسية طيبة مع ضيفنا الكريم، والشكر موصول للأخ الدكتور عبد الله مناع الذي سيرعى هذه الأمسية بجميل فضله.. وعلى أمل أن نلتقي الأسبوع القادم بالأستاذة الدكتورة سامية العمودي، استشارية نساء وتوليد وعقم وأطفال أنابيب، وعضو هيئة التدريس بكلية الطب والعلوم الطبية بجامعة الملك عبد العزيز، وصاحبة مركز الدكتورة سامية العمودي الطبي بجدة.. والتي تحدت سرطان الثدي وانطلقت من تجربتها الذاتية لترفع صوتها عالياً ضد مرض سرطان الثدي، وحصلت على جائزة "المرأة الشجاعة" من وزارة الخارجية الأمريكية عام 2007م، ثم انتدبت نفسها لتوعية المجتمع وأفردت عدة مقالات ومحاضرات في هذا الجانب الإنساني المهم.. فأهلاً وسهلاً ومرحباً بها وبكل من يتعامل مع الكلمة. |
وإلى لقاء يتجدد وأنتم بخير. |
والسلام عليكم ورحمة الله،، |
عريف الحفل: شكراً لسعادة الشيخ عبد المقصود خوجه على كلمته الضافية، والكلمة الآن أصحاب المعالي وأصحاب السعادة، السيدات والسادة، أيها الحفل الكريم، لراعي هذه الأمسية الدكتور عبد الله مناع الكاتب والأديب المعروف. |
|