شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة سعادة الأستاذ الدكتور يوسف محمد صديق))
وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ، (المؤمنون: 97-98)، فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (النمل: 19) اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الكُفْرَ وَالفُسُوقَ وَالعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (من الآية 7: الحجرات).
الإخوة القائمين على أمسية الاثنينية تحية لكم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، العلماء الأجلاء الحضور، أحييكم بتحية الإسلام، أحييكم بالمودة والمحبة، وأحييك ونحن في هذه الأمسية المباركة الطيبة، ذات الأنفاس النبوية.
هذه الأمسية التي جمعتنا والتقينا على هدي وعلى كتاب وعلى سنة وعلى محبة وعلى ترشيد من النبي صلى الله عليه وسلم على أن نكون إخوة، إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ حقيقة يجد الإنسان نفسه عاجزاً والعبارات كذلك عاجزة عن الثناء والشكر والتقدير لمثل هذا العمل التأسيسي التأصيلي، الذي هو على هدي وعلى طريق ومنهج سلفنا الصالح من الصحابة رضوان الله عليهم والتابعين إلى يومنا هذا، ويحلو الكلام ويطيب بالثناء وبالشكر الجزيل وبالدعاء الخالص للقائمين على مثل هذا العمل في العالم الإسلامي حيث يؤصل ويقعد ويرشد وتبذل فيه الأموال، وتبذل فيه الأوقات والمهج، وعلى الثمرة المرجاة وهي الذب والدفاع عن هذا الدين الذي أصبحت عليه من الداخل ومن الخارج، وعلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لما عجزوا عن القرآن بالذات، ويطيب لي أن أتحدث عن آداب طالب الحديث، وهو أول ما يدونه علماء المصطلح، وكذلك يطيب أن أذكر أن هذا الموقف الذي أنا بصدده هو مخل لآداب طالب الحديث، في آداب طالب الحديث أولاً ألا يحدث بحضرة من هو أولى منه، وفي هذا المجلس الذي نحن فيه من العلماء الكبار، شيخنا الصابوني وشيخنا عبد الوهاب أبو سليمان، والكثير من العلماء الذين لا ينبغي أن يتحدث الإنسان بحضرتهم، ولكن ليس المكان مكان إعطاء فوائد أو شرح أو معاني، وإنما الجلسة هي جلسة محبة، ومؤاخاة وجلسة تكريم لشخصي الضعيف، فأستأذن من مشايخنا الذين سأتحدث بين أيديهم وإن كان لي في ذلك عذر، فإنني أعتمد على سندي المتصل برسول الله صلى الله عليه وسلم، عن شيخي محمد المختار الشنقيطي الدكني، عن الشيخ المشاط إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، في ثلاث وعشرين طبقة من طبقات الإسناد، وكذلك في سندي إلى الشيخ سعيد اللقيا عن طريق الشيخ عبد الله في القراءات، فأنا أعتذر لمشايخي الكبار أن أتحدث في حضرتهم وهم يسمعون، النية هي أول آداب طالب الحديث، بمعنى أن النية مبلورة أنه يتحمل ويتلقى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم بالكيفية التي تلقاها السلف الصالح، فما نراه الآن من تلقي بعض طلبة العلم للفتاوى أو للعلم على الأدراج أو على مذكرات أو على عالم يربط له الطريق فتؤخذ منه الفائدة، هذا ليس من آداب طالب العلم، طالب يجب على طرق التحمل المعروفة لقواعد الحديث منها السماع، ومنها الإخبار التي هي القراءة على الشيخ ومنها الإجادة والإجازة، حتى يكون إسناده صحيحاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه أخذ العلم بالطريقة التي كان السلف يأخذون عليها، بالرحلة بالمجالسة، ثم يحدث بعد، ما كل طالب حديث كان يجيزه مالك ولا محمد بن شهاب الزهري، ولا الأعمش، بل كثير من المحدثين، يدخل بعض الطلاب فينتهر من باب أنه لا يريد الحديث، دخلوا عليه فينتهر ليسوا أهلاً ليتحملوا الحديث، فالبلاء الذي يستطار الآن عندنا بعدما كان الفتاوى، وبعد ما كان كلام، وبعد ما كان نوع من التكفير نوع من التفسيق للآخرين، بدأ بالتفسيق وانتهى بالتفجير وقتل النفس، وقع عندنا في السودان وقع في المغرب، وقع في غيره، في المسجد يقتل الناس في المسجد من أناس يدعون أنهم يحملون سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، ناس يصلون ساجدين عندنا في مسجد أم درمان، دخلوا عليهم فقتلوهم عن بكرة أبيهم بل خرجوا إلى الباقي، فوجدوا بعض النساء يصلين فأكملوا البقية، أي سنة هذه أي طريق للتحمل، أين آداب الحديث؟ أين النية في أخذه؟... بدأنا تربية وقيماً وسلوكاً امتداداً للإمام أحمد وامتداداً للإمام البخاري، امتداداً لتلك الكوكبة التي سطرت لنا تاريخاً من القرن الأول حتى القرن الخامس عشر إلى يومنا هذا، كل كتابات المحدثين ليس فيها إلا الأدب، ليس فيها إلا الفهم الدقيق، ليس فيها إلا هدي النبي صلى الله عليه وسلم، الرحمة المعطاة والنعمة المهداة صلى الله عليه وسلم.
إخوتي الأفاضل، كان الشيخ المختار رحمة الله عليه، هو والد الشيخ محمد الواعظ المشهور هنا في المملكة العربية السعودية، وأيام ما كنا ندرس عليه، درسنا عليه الكتب الستة، ولما قدمنا على المدينة المنورة من السودان، أول ما تحسسنا تحسسنا الأسانيد العالية، الواصلة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكتب الستة، فكان أن قدم الشيخ المشاط إلى الحرم وكان يأتي من مكة، ويبقى ثمانية أيام ويصلي في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، بناء على الحديث الذي صححه الشيخ حماد الأنصاري: من صلى في مسجدي هذا أربعين وقتاً لا تفوته تكبيرة الإحرام كتبت له براءة من النار وبراءة من النفاق وبراءة من الفقر وكان يحرص هو وغيره من العلماء العارفين بآداب زيارة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها دقائق مناط هذه الزيارة، التي هي أدب قبل أن تكون علماً، وبركة قبل أن تكون معرفة، فإذا أناخ المشاط بالمسجد، توقفت حلقات طلبات العلم، فلما نأتي إلى مكان الشيخ الشنقيطي رحمة الله عليه، نجد لا وجود له ذلك اليوم، فنعلم أن الشيخ المشاط قد أحل بالروضة، فنجده هناك معه والله لا ترى خصاماً ولا ترى جدالاً ولا سؤالاً، وإنما شخص ينظر إلى الآخر، ما في كلام محبة، كل ينظر إلى وجهه، حتى يغادر المشاط الحرم فيدرس الشيخ، هكذا كان البخاري مع مسلم، هكذا كان مالك مع نافع، هكذا كان ابن عباس مع أنس، هكذا كان عكرمة مع ابن عباس، هكذا كان قنبر مع علي، طالب الحديث الآن من يدعي أنه طالب الحديث ليس عنده من هذه الآداب إلا أنها لحية كثة، وثوب قصير ومسواك طويل، حتى إخواننا العارفين من الصوفية في السودان في آدابهم يقول المسواك إذا كان فوق الشبر طويل يعني، ركب عليه الشيطان، وإذا كان أقصر قصير أقل من القبضة، إذا كان أقل من القبضة، أحدث الغنة، فما الغنة؟ قال: آكلة في الدبر، وبالتالي كانت هذه الآداب أدت إلى ما نرى من الأفكار المختلة التي شوهت الإسلام حقيقة، فيهم وليس في الإسلام، لأن الإسلام لا يشوه، وإنما عكسته عكساً غريباً لأهل الإسلام، احتار الإنسان، طالب يبعث إلى المسجد، يبعث إلى التحفيظ، بعد أن كان سوياً، يرجع إلى أهله فيقتل أباه ويقتل المجتمع، وبحجة التكفير وبحجة السنة، الفهم غير البين كفهم بعض من كتب في آداب طالب العلم أن شرطها الثاني الفهم، فهم مراد النبي صلى الله عليه وسلم، لأن النبي كان يغضب إذا رأى صحابياً فقهه خفيف وضعيف، يدعو إلى التمعن والتدبر، فلما جاءه الصحابي الجليل وقال: أنا طيلة الليل في الآية، حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، قال: وضعت خيطين يا رسول الله كنت أنظر فأجد لا فارق، النبي صلى الله عليه وسلم، ما عذره صلى الله عليه وسلم مع رحمته، قال: إنك رجل عريض القفا، منغولي يعني، المعنى ليس هو هذا، ولما عطس صحابي فقال: السلام عليكم، قال ناسياً أن يقول الحمد لله، لأن المنهج كان تغييري في أفعال الجاهلية، في السلام في العطس في الدخول في المسجد، منهج جديد غير المنهج الذي كان سائداً في منهج الجاهلية، فالإسلام جاء بمنهج تغييري تدبيري لكل مكان، فعطس فقال: السلام عليكم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: عليكم السلام وعلى أمك، العرب كلمة أمك هذه إذا ذكرت عندهم ما في إلا السيف، ما في إساءة أكبر منها، هلا قلت الحمد لله، حتى لا يخطئ بعد أحد، والصحابي الذي شكا إمامه، كما قال البخاري رحمه الله، باب من شكى إمامه في التطويل، شكى معاذ بن جبل أنه كان يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ينطلق إلى بني سلمة، كان يلحق بقومه، وكان شاباً جلداً جداً، يصلي بهم العشاء، فكان يطيل، أصبح الذي صلى فأحس أنه مل من الصلاة، افتتح بالبقرة، تراجع، لا أتكلم في الفقه مع وجود الدكتور أبو سليمان، أن الإنسان إذا وجد الإمام في قراءته ودخل النعاس، له أن ينسحب، ويصلي ويقيم لصلاته ويخرج، فصلى وخرج، ما كان عالماً وما كان فقيهاً، يأتينا بعد، ثم شكى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجراً، لأن معاذ بعد أن خرج قال له بعض الناس أطلت حتى بعض الناس خرجوا، فقال ذاك رجل منافق، وقال له ناضحاً عليك بالماء، الأطفال منتظرون، والطعام يطبخ ليتعشوا، وبدأ معاذ يطيل البقرة، فخرج على عياله، هذه عبادة أيضاً لا شك، قيامه على أبنائه يتعشون وينامون مبكرين، فشكى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن حذر معاذ أن لا يعود مرة ثانية فيشق على المصلين، ويكره المصلين الصلاة، وشد عليه وعلمه كيف يصلي، وأشار إلى سور بعينها، فقال لهذا الصحابي الجليل كيف تقرأ أنت....؟ انتهت قضية معاذ، كيف أنت تصلي؟ فقال، والله يا رسول الله، فدندنتك ودندنة معاذ فلا أفقه منها شيئاً، هيه هذه لا أفقه فيها شيئاً، طيب كيف تصلي؟ قال اللهم أدخلني الجنة وأبعدني عن النار، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم حولها ندندن، ما دندنتي ودندنت معاذ إلا أدخلنا الجنة وأبعدنا عن النار، فأحس الأعرابي وللأسف هذه المعاني الآن ذهبت وضاعت من عندنا نحن العرب، أحس الأعرابي من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن سؤاله، أنه كأنه قلل من شأنه، فقال: يا رسول الله قد سمعت أنك تعد إلى "أُحد"، فإن أحضرني وأدركت هذه المعركة، فسترى مني ما يعجبك، المسألة ليست مسألة تجويد وإخراج الحرف من مكانه، مخارج الحروف التسع عشرة، والإدغام والإقلاب والإظهار، المسألة غير هذا، المسألة إيمان في الداخل، سترى يا رسول الله مني ما يعجبك، وتأتي "أُحد" ويُهزم المسلمون بعد أن وقع منهم ما وقع من مخالفتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا هو الثابت والصحيح الذي عليه العلماء، إلا أن الناس انطلقوا يجمعون في المغانم فحصلت الهزيمة، الهزيمة سببها أن رسول الله قال للرماة لا تنزلوا من هذا الجبل هُزمنا أم انتصرنا، والرماة أن هذا الأمر أمر من باب انتهت المعركة والنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، يجمعون في المغانم ننزل نساعده، وإذا بخالد بخطة حربية يأتي من خلف الجبل ويصعد في مكانه وينقلب النصر هزيمة، سبب هذه المعركة، هي مدرسة، هي إشارة هي توجيه، هي تأبيد ألا تعصي رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يُعصى رسول الله صلى عليه وسلم بل يُطاع، فهذا الرجل لما اشتد القتل في الصحابة، وقتل حمزة وقتل مصعب وسبعون شهيداً، والنبي صلى الله عليه وسلم محاصر، بحث حتى جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فتخندق حول رسول الله صلى الله عليه وسلم، وغطى على رسول الله صلى الله عليه وسلم بجسده، فقال الراوي: حتى صار كالقنفذ من السهام على ظهره، هذا هو مراد الإسلام، هذا هو مراد النبي صلى الله عليه وسلم، هذا هو القصد من فقه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، من فقه الإسلام الذب والدفاع عن الإسلام دفاعاً حتى بالنفس بالمال، هذا هو الإسلام، ليس هو الإسلام ليس هي السنة، ليس التمسك بالسنة ليس التمسك على أن الإنسان على هدي النبي صلى الله عليه وسلم، يقتل الناس أو يبدِّع الناس أو يفسِّق الناس، أو أنه يكفِّر الناس وينتهي الأمر به إلى الخروج عليهم والخروج على السلطان بالسيف والإخلال بالأمن والإخلال بالإقتصاد والإخلال براحة الناس وشغل الناس، يكفينا ما علينا نحن من اليهود والنصارى، ويصبح هو خائن من الداخل كفعل بني قريظة في الأحزاب، ألا يستحي الإنسان يحمل سنة النبي صلى الله عليه وسلم في لسانه أن يكون حاله على هذه الحال، كان أحد طلبة العلم يسرق ديناراً فيتصدق به فلما كشف، وقبض سأله بعض الطلبة لماذا تفعل هذا قال أتصدق بهذا الدينار الذي أسرق، فلما أسرق تكتب علي سيئة واحدة، ولما أتصدق تكتب لي عشر حسنات، هذا الشيخ الذي وصلنا إليه، هذا الأدب الذي وصلتنا إليه، وآخر زنا بجارية فحملت، فكشف أمره، فسئل طالب العلم، لماذا تفعل هذا وأنت طالب علم؟ مش حرام عليك؟ مش عيب؟ مطاوع وكذاب وزان، فقال له أحد طلاب العلم، طيب لما غلبتك نفسك، كان عليك أن تعزل، حتى ما تصير كذلك بلية قتل الجنين، قال: بلغني أن العزل مكروه، إلى هذا الدرك وصلنا في فهم كثير من، إذا كان الإنسان بلغ به الحد أن يقتل المصلين، وما عنده غير أن عنده لحية كثة، يعني شعر كثير ما شاء الله، مزرعة ضخمة، وثوب قصير، وإلا يعني ما يقدم على هذا الشيء، يمكن هذا الذي فعل الزنا حاله أحسن، هذا الذي كان يسرق حاله أحسن، من آداب طالب الحديث أنه يكون ميسراً، هذا المعنى يسروا ولا تعسروا في كثير من الخطاب الذي وجهه الرسول صلى الله عليه وسلم إلينا من السنة البالغ عددها حتى يومنا ما وصل إلينا منها 700 ألف حديث، وليت البخاري رحمه الله في تواضعه، بارك الله فيه ونور الله قبره نوراً، ونور عليه حيث جرد لنا الحديث وصفاه من أقوال الصحابة والتابعين، وجعله سفراً قائماً بذاته مع التصحيح لإسناده حتى تلقت الأمة هذا الكتاب العظيم بالقبول وبالتالي أصبح تلقي الأمة المحمدية المعصومة من الخطأ بالقبول أكسبه هذا المعنى، المعنى العظيم، وأن الأمة تلقته بالقبول وبالتالي أحاديثه تفيد اليقين حالها كحال المتواتر ليس الظن، السنة البالغة 700 ألف حديث ويقال السفر الذي كتبه الطبراني في رحلته البالغة ثماني سنوات، هذا المجموع ليس البخاري رحمه الله، كتب لنا وكذلك الإمام أحمد ليته كتب لنا ما ذكر في ذاكرته، قال أحفظ ألف ألف حديث، انتقى منها البخاري أربعة آلاف حديث بغير المكرر، سبعة آلاف حديث بالمكرر، وما مسلم إلا تلميذ للبخاري، ولا البخارى لا راح مسلم ولا جاء كما يقول العلماء، وإن كان وقع ما وقع بينهما في مسألة اللقيا، ومسألة المعاصرة، وأضرب مسلم في اثني عشر ألف إسناد أضرب عن الرواية عن البخاري، في صحيح مسلم حديث واحد من طريق البخاري، مع أنه تتلمذ عليه فترة طويلة، لكن كانت خصومة بينهم وتلاسن، كما الحال بيننا، هل كان بينهما ما أدى بهما إلى هذه الخصومة العلمية، والله والله ما أدى بهم الحال إلى هذه الخصومة العلمية إلاّ الذب والدفاع عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، طاووس اليماني يروي عن معاذ بن جبل في اليمن لا يخرج البخاري لهذا الإسناد لا نجد في صحيح البخاري طاووس عن معاذ بن جبل، صحيح مسلم ممتلئ بطاووس عن معاذ بن جبل، وهذا مثال لكن هو كثير، هذا سبب الخصام بين الإمام مسلم والإمام البخاري، الإمام البخاري يقول الراوي إذا لم تثبت لقياه إلى شيخه وأخذ عنه، لا أروي عنه، لا أكتفي بالمعاصرة، الآن الكثير من الحضور عاصروا الشيخ بن باز رحمة الله عليه، عاصروا الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمة الله عليه، وهو أستاذي وشيخي، كلاهما درساني، الشيخ بن باز درسني في السنة الأولى التوحيد، ولمّا جئنا من السودان كانت معنا عقائدنا طاقية خضراء ومسبحة وقلوبنا متعلقة بالقباب وبدعاء الأولياء، كل هذا كان فينا ولا ننكره، فكان هو يدرسنا التوحيد، وكان يحرص أن يدرس الطلاب، طلاب الفرقة الأولى بالذات، فكان يأتي جزاه الله خيراً، وكان يجد منا عنتاً شديدة، ما أعرف إن هذا عالماً كبيراً، وللأسف ما استفدنا منهم للعقائد التي كانت عندنا، ويحاول أن يزحزحها قليلاً، فكان نقاشاً شديداً كيف القبة لا ما تنفع، طيب أنت تنادي بتكسير القباب التي عندنا السودان، لماذا لا تكسر قبة النبي صلى الله عليه وسلم؟ ومن هذه المشاكسات، وكان هو رجلاً رقيقاً ورحيماً، وكان يدعونا بعض الأحيان في بيته، وصاحبنا مصاحبةً حتى وجهنا توجيهاً صحيحاً، فقبلنا منه ولكن بعد أن ترك تدريسنا في السنوات الأخيرة، أحببناه محبة ما بعدها محبة، هذا طالب العلم، والله كنا من نيجيريا من داهومي، واحد يقول كلام فيه شدة دفاعاً عن عقائدنا والطواقي الخضراء وما إلى ذلك، لكن ما عرفنا إلا بعد أن جئنا في الرابع، الشيخ عبد الفتاح أبو غدة كذلك كان نفس مسالك طالب العلم، كان فيه كذلك سعة، وناقشني في رسالة الماجستير أذكر، وكان الطابع كاتب "المشائخ"، فأول سؤال سألني إياه، قال: يا شيخ يوسف أنت تهمز المشايخ؟، في المناقشة أول سؤال افتح الصفحة ثمانين، قلت: لا يا شيخ أنا لا أهمز المشايخ، أنا أحترم المشايخ، قال هذا ما في أحترم، أنت تهمز المشايخ، ثم قال لي: المشايخ تكتب بالياء وليس بالهمز، المشايخ من شيخ كيف يهمز؟ البخاري ومسلم من آداب طالب العلم احترام الآخر، لكن الخصومة التي يشيعها البعض بين البخاري ومسلم سببها الحفاظ على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كلاهما عند تحقيق مناط مراده يتبين أن الإمام مسلم ما أراد الاستخاء ولكن خشية أن تضيع السنة، إذا شرطنا شروطاً شددنا فيها، كثير من السنن تضيع، وكثير من الحاضرين الآن عاصروا الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، عاش في عصره ولكن قد لا يكون رآه، فهو حصل على بعض فتاواه، حصل على بعض مقالاته عن طريق آخر، فلو روى عن عبد الفتاح روايته تكون رواية معاصرة، ومعاذ بن جبل لما هاجر ما قدم دليلاً على أن طاووس لقيه، وبالتالي أضرب الإمام مسلم عن هذه الرواية حتى يقوم دليل وقبل مسلم هذه الرواية، لأنه احتمال اللقيا كبير جداً، هذا محدث يماني، طاووس يماني وحريص على الحديث ويستحيل أن يصل معاذ بن جبل إلى اليمن ولا يسعى إليه، لا يسعى إليه فيأخذ عنه، ويطول الكلام في آداب طالب الحديث ولكن العلماء رحمهم الله أشاروا إشارات بينه وألفوا في ذلك في كتاب الخطيب في "آداب الراوي"، كيف يروي، كيف يتحمل، فإن لم يقرأ الطالب، طالب الحديث آداب طالب العلم، خرج شيطاناً، خرج شيطاناً لا شك، وفعله لا يكون فعل المحدثين، ولا أدب المحدثين إن لم يكن له الأدب، أدب الطالب طالب الحديث، الترضي والترحم هذا يعطيه المحدثين رقماً، الترضي والترحم والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وقول سبحان الله، والله جل جلاله، فلسان طالب الحديث أصلاً انضم إليه معناه في كل لحظة هو لسان رطب بذكر الله عز وجل، هل نجد هذا الآن في طالب الحديث الذي كلما كتب عالم قام إليه وشمر ساعديه في الرد، كم من بعض من توفي وقد شمر على ساعديه لعالم من العلماء كلما رأى عالماً أوصل معلوماته إلى الناس كتابة أو برنامجاً أو وعظاً، أو درساً، قام إليه وقام إلى كتاباته، والرد على فلان في كتابه فلان.
كان عندنا في السودان زنديق يسمى محمود محمد طه حكمت عليه المحكمة بالإعدام وبالكفر، وخنقته وقتلته، ورمته في البحر، هذا الرجل كانت مهمته كلما كتب عالم كتاباً، مباشرة علق عليه، كتاب فلان في الميزان، كتاب فلان في المكيال، كتاب فلان في المتر والسنتمتر، ليس له تأليف إنما كتابات الناس علق عليها بسطرين أو ثلاثة، هل هذا يرضاه العلماء؟ هل الذي ينبري إلى كتابات العلماء يقدم للمجتمع فائدة؟ يكتب الإنسان مشكلة البحث، يرى ظاهرة سيئة رديئة في الطرقات، بعض الناس يسأل تكسراً، تؤرقه هذه القضية، فيطرح لماذا يسأل هؤلاء؟ أين المحسنون؟ أين الزكاة؟ أين المؤدب؟ إن كانوا ثم بعد ذلك يأتي بنقاط ترفع، وكم من كتاب كتبه الإنسان وكم من مقال كتبه، ناداه مسؤول وقال هذا اجعله برنامجاً، تعالى عندي وأنا أجعل لك برنامج وزارة الشئون الاجتماعية، برنامج وزارة الاقتصاد، برنامج يقدم الكاتب يقدم العالم يقدم طالب الحديث فائدة للمجتمع، طالب الحديث ليس هو قاض على المجتمع، نحن دعاة القضاة بالموعظة الحسنة بالرقة باللطف، فطالب يترضى ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، في كل حديث كتبه، البخاري هذا لما كتب كتابه مولود عام 96هـ توفي عام 256هـ، جاء إلى مكة وبقي فيه، وهذا الكتاب الذي هو أربعة آلاف كتبه في ست عشرة سنة، ولما أراد أن يكتبه جاء مكة، فكان إذا أراد أن يكتب حديثاً توضأ بماء زمزم وصلى ركعتين، ثم كتبه، ثم بعد ذلك عرضه على علماء الأرض كلهم، كل من علم أنه محدث عرض عليه هذا الكتاب، وامتحنه أهل بغداد في مائتين وخمسين إسناداً قلبوها له، ثم يمتحنوه فيها، أولاً بدء بالأسانيد التي قلبوها وحفظها في ساعتها، ثم رد الأسانيد على مثلها، فأهل العراق وكانوا أهل شدة في الحديث الآن الكتابات التي يحتاجها المجتمع موسعة، نحن إلى عهد قريب نعتمد في تدريس الدراسات العليا في التخريج ولعل الدكتور أبو سليمان بكتبه التي سدت مسداً كبيراً وأنا سبحان الله كتابات هذا الرجل العالم الفاضل، وأنا أجاوره في السكن، تتلمذت على كتابه "المصادر والمراجع للدراسات الإسلامية"، الكتاب كان أولاً ضخماً ثم قسمه وجزأه للفائدة، ودرست هذا الكتاب خلافاً للمشهور الوارد في تدريس بعض الكتب الخاصة عندما كنت في كليات البنات، وما زلت حتى التقيت به في المسجد، وعرفته في المسجد، لكن تتلمذت على كتبه ودرستها في الجامعة خلافاً للمشهور الذي يأمر بتدريس بعض الكتب في الجامعة لما فيها من الفائدة، الآن الاستشراق كتب لنا كتابات نحن في حاجة ماسة لها، بدل أن نكتب أو يكتب طالب العلم رداً على آخرين ويشغل نفسه بهذا البرنامج الفاشل، المؤذي المحبط، كلما كان هناك عالم براق أقدمنا عليه فهدمناه، كتاب المستشرق "وينسينغ" أستاذ اللغة العربية في جامعة ليزينغ، الذي هو معجم المفهرس لألفاظ الحديث، وإلى عهد قريب قبل هذه الموسوعات كان هو الطريق لتدريس التخريج والأسانيد، هذا الكتاب كتبه خمسين مستشرقاً، لفيف من المستشرقون بقيادة ليزينغ، فهؤلاء المستشرقون كتبوه من باب الشبه، والكتاب طبع منه فقط سبعون، وزعت على المحافل اليهودية والكنسية، ولولا سرقة إخواننا جزاهم الله خيراً في لبنان لهذا الكتاب والعلماء، قديماً يقولون سرقة الكتاب جائزة، وطبعوه وأدخلوه للجامعة الإسلامية عندما اشتريته أول مرة كان بـ 120 ريالاً سعودياً، كتاب في تسعة مجلدات جمع الكتب السنة، زائد المسند للإمام أحمد وتستطيع أن تخرج بعد التدريب تخرج مهما كان هذا الحديث تخرجه في دقيقتين، في ثانيتين، لأنه مرتب على ترتيب المعاجم، ولا أطيل كثيراً في هذا وإنما وصيتي أننا نلحظ أن السُّنة في تحملها لأداء هي عرضة في يومنا هذا إلى كثير من الشبه من بعض الناشئة، ونسأل الله سبحانه وتعالى لنا ولهم الهداية، أنا أكتفي بهذا والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده نبينا محمد، ونعتذر للإطالة.
شكراً شكراً شكراً، نكررها كثيراً لسعادة الدكتور والشيخ الذي أضاء أمسيتنا هذه الليلة بهذا الحديث الشيق المقتبس من حديث خير خلق الله محمد صلى الله عليه وسلم.
عريف الحفل: شكراً لسعادة الأستاذ الدكتور يوسف محمد صديق الذي نشرف هذه الليلة بحضوره بيننا أيها الإخوة والأخوات سنبقى وإياكم عن الإجابة على تساؤلات الإخوة والأخوات على الحضور الموجهة لسعادة فارس اثنينيتنا هذه الليلة الدكتور يوسف، ولكن دعوني أنتقل الآن إلى قسم السيدات ولتكن بداية الأسئلة من هناك، وإذاً من كلمة ترشيدية من قسم السيدات.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :462  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 128 من 223
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور زاهي حواس

وزير الآثار المصري الأسبق الذي ألف 741 مقالة علمية باللغات المختلفة عن الآثار المصرية بالإضافة إلى تأليف ثلاثين كتاباً عن آثار مصر واكتشافاته الأثرية بالعديد من اللغات.