((الحوار مع المحتفى به))
|
عريف الحفل: شكراً جزيلاً للدكتور عدنان محمد زرزور، ونرجو أن يتسع صدره لأسئلتنا، وبعض التساؤلات التي وصلتنا، ولكن قبل أن نبدأ نترك البداية إلى قسم السيدات حيث ننقل لاقط الصوت الآن إلى الزميلة الإعلامية في جريدة البلاد والمشرفة على مجلة إقرأ، ومذيعة القسم النسائي الأستاذة "منى مراد". |
الأستاذة منى مراد: شكراً الأخ محسن، بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه أجمعين، أصحاب المعالي أصحاب السعادة، الحضور الأفاضل، الحاضرات الفضليات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، حلق في كل دولة وطاف في مدنها، واستراح في محطاتها متنقلاً فيها ما بين تحضيره لدراساته العليا وبين العمل في تلك المحطات في أقسام الدراسات الإسلامية والبحث العلمي، وأخرى في اللغويات العربية والثقافات الإسلامية وعلوم الشريعة، إلى أن استقر في محطة جامعة البحرين الشقيقة، أستاذاً في اللغة العربية لكلية الآداب فيها، إنه سعادة الأستاذ الدكتور عدنان محمد زرزور، الذي هو اليوم ضيفاً محلقاً في سماء اثنينيتنا العامرة، فلنرحب بسعادته ونتمنى أن نسمع ونستمتع بالكلمات التي يشنف بها آذاننا لمسيرته العلمية والأدبية الحافلة، اليوم عندنا العديد من الأسئلة التي تنتظر الحاضرات اللاتي جئن خصيصاً لطرحها على سعادتكم والإجابة عليها، نبدأها بسؤال من الدكتورة أفنان الريس وتقول: |
ما انعكاس مجلسك الثقافي على الذين يحضرونه، وما هي أهم القضايا التي تحرصون على تناولها في مجال الثقافة والأدب؟ شكراً.
|
الدكتور زرزور: بسم الله الرحمن الرحيم، المجلس الثقافي الأسبوعي هو في الأساس كان رغبة من نخبة من المثقفين في البحرين للمدارسة في تاريخ توثيق النص القرآني وعلوم القرآن وإعجازه، كانت تدور حول الكتاب الذي يحمل هذا العنوان والذي هو قريب من 700 صفحة تقريباً، عنوانه هكذا "علوم القرآن وإعجازه وتاريخ توثيقه"، كلمة التاريخ التوثيق مهمة، لأنني لا أحب استعمال كلمة تاريخ القرآن لأنه قد تستخدم الآن استخدامات ليست صحيحة، لكن تاريخ توثيق النص القرآني كان الموضوع في الأساس يدور حول هذا، بعد أن انتهينا من الشطر الكبير من الكتاب، خرجنا إلى موضوعات أعتقد بأنها تطرح الآن، صار لنا فترة طويلة نشتغل على موضوع التأويل، لأن التأويل هي المدارس التي تذكر الآن سواء كان من اللغويين أو من المشتغلين بالتفسير، إلى جانب في الحقيقة موضوع مناهج التجديد في العلوم الإسلامية أخذت يمكن حوالي شهرين، تجديد علم التفسير، تجديد علم أصول الفقه، والنخبة التي تسأل في الحقيقة هي تثير أيضاً الكثير من الأفكار تولد في نفس الجلسة من خلال الأسئلة التي تطرح، وأعتقد أن الجو فيها طيب إن شاء الله وتعالى. |
عريف الحفل: سؤال من الدكتور أشرف سالم، يقول: |
فضيلتكم ارتبطتم تاريخياً باسم أستاذكم الجليل أحد الأئمة المجددين الشيخ الدكتور مصطفى السباعي، وهو من حماة السنة النبوية الغراء التي تتعرض الآن للعديد من السهام من جهات مختلفة تستهدف تقويضها أو التقليل من شأنها أو من مكانتها، نأمل إلقاء الضوء على هذا الخطر الداهم الذي يهدد المصدر الثاني للتشريع؟
|
الدكتور زرزور: الحقيقة، السنة المصدر الثاني للتشريع صحيح، ولكنها المصدر الأول للثقافة، وهذه نقطة مهمة حقيقة، السنة هي المصدر الأول للثقافة الإسلامية، بمعنى أن سلوك الفرد المسلم في حياته اليومية تعكس السنة، لأنها جاءت بالتفاصيل ولا تعكس النص القرآني، بمعنى أن هدم السنة يعني هدم سلوك الفرد المسلم، الآن الشغلة أخطر من موضوع الشطر الأول، وأنا الحقيقة أعتب على زملائي، حتى من يكتب في الثقافة الإسلامية ونقول له حدثنا أو اكتب لنا عن السنة بوصفها مصدراً للثقافة، لكن حديثه منصب على السنة بوصفها مصدراً للتشريع، علماً بأن الأمر الثاني قد يكون أبعد مدى وأخطر في حياة المسلم اليومية، ولذلك الحقيقة ما تتعرض له السنة الآن يراد به هدم الجانب العملي التطبيقي في حياة الفرد المسلم، كأن السهام الآن صارت أشد وأخطر، عما كانت في الماضي، الأستاذ السباعي رحمة الله عليه ورضي الله تعالى عنه، بقي كتابه رسالة الدكتوراه طبعاً هي "السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي" كما وصفها أبو الحسن الندوي، قال وكتاب صديقنا أحسن كتاب الأستاذ السباعي، أحسن ما كتب في هذا الباب، وقد وجدت أثر هذا الكتاب تقريباً في كل من يكتبون في هذه المسائل، سواء أشاروا إلى الأستاذ السباعي أو لم يشيروا، ليست مهمة على كل حال، لكن الموضوع مضمون هذا الكتاب توزع في الكتب، في كتب الثقافة، وفي كتب السنة، أنا الحقيقة هذا الخيط التقطته متأخراً على أساس أن السنة تعرضت الآن لشيء لم يكن الأستاذ السباعي حكى فيه، ولكنني كتبت كتاباً جديداً من حوالي سنتين، ويمكن أحمل معي الآن الطبعة الثانية منه، بعنوان "السنة النبوية وعلومها بين أهل السنة والشيعة الإمامية" لا، كثيراً من القنوات الفضائية الآن تتعرض لكثير من هذه المسائل، وتأتي بخرافات وكلام كثير ليس له أول ولا آخر، لا بد من امتحان هذه القضية امتحاناً علمياً، نحن الآن ليس في مهاترة طائفية أبداً لكن نريد لهذه المسائل أن يجري تحريرها على نحو علمي دقيق بأصول التحقيق العلمي الذي يقبل به كل العقلاء، لننفي عن السنة وعن تاريخ الصحابة رضي الله عنهم، وعن البيت النبوي الكريم، كل ما ألصقه به أناس لا ينتمون لا للسنة ولا للسنة الحقيقيين في الحقيقة، وأنا أعتقد أن عندي الآن نقاط إضافية قد تحل معضلة كبيرة في هذا الباب، لكن الطبعة الأولى ليست موجودة فيها ولكن قدمت الطبعة الثانية، وعرضت لهذا بالتفصيل، في نحو 60 أو 70، أرجو أن يكون هذا في صحيفة الأستاذ السباعي إن شاء الله. |
الأستاذة منى مراد: سؤال من المحامية لميس خالد أبو دلبوح، تقول: |
اللغة العربية في خطر من العولمة وغيرها من التيارات التي تهب على وطننا العربي، ومما يؤسف له بأن الأهل لا يكترثون لما يحدث من مخاطره بل يتباهون باللغة الأجنبية ويشجعون أبناءهم عليها، والمشكلة القائمة الآن هو الضعف العام في مدارسنا وجامعاتنا للغة العربية لغة القرآن الكريم، ما دوركم وزملائكم في إنقاذ اللغة العربية لغة الأم؟
|
عريف قسم الرجال: اسمح لي الدكتور عدنان قبل أن تجيب على هذا السؤال، هناك سؤال مشابه له من منصور السيد أكرم يقول: |
صدر كتاب في مصر بعنوان "فليسقط سيبويه" تأليف الشوباشي، ما رأيك، وآمل الإفادة؟
|
الدكتور زرزور: كلام الأخت الفاضلة صحيح، العولمة فرضت أيضاً لغة عالمية مع الأسف، العولمة الاقتصادية والعولمة الثقافية، ونحن نواجه الآن عولمة الثقافة والقيم في المقام الأول، تتضمن هذه عولمة اللغة لأن اللغة هي أساس اللغة أساس وهي الحامل للمضامين، لأن كل ما يصنعه الإنسان له مفردات، وبمعنى آخر اللغة هي مرآة الثقافة كلها، ودراسة أي لغة من اللغات تعطيك معنى الحضارة التي كتبت بها تلك اللغة، وكانت لغة لهذه الحضارة، لا شك أن العولمة الآن تشكل مخاطر، واللغة الأجنبية يجري الآن التنويه بها وحمايتها، وفي بعض الأحيان وحتى في أحيان كثيرة، حتى على مستوى الدول والجامعات والمعاهد، في الحقيقة، أولاً إتقان لغة أجنبية لا بد منه، ونحن لسنا ضده بكل تأكيد بالعكس، هذه لافتة في غاية الخطورة والأهمية، لكن بشرط ألا يكون على حساب اللغة القومية أو اللغة العربية التي هي لغة القرآن الكريم وهي لغة شريفة لأن الله تعالى شرفها بنزول القرآن الكريم بها، أريد أن أقول عدة ملاحظات سريعة، اللغة العربية لا تعجز عن استيعاب كل المعارف والعلوم، علماً بأن المجامع مجامع اللغة العربية تقدم الآن تعريب لكل المصطلحات، آخر كتاب رأيته عن مجمع اللغة العربية في القاهرة، مجمع مصطلحات النفط، كل صناعة النفط لها معجم ضخم، لا تعجز عن أي شيء هذه اللغة بكل تأكيد، ولكن أخشى أن يكون الموضوع الآن توسع قواميس، توسع قواميس شيء، وتوسع اللغة في الحياة اليومية شيء آخر والفكرية والثقافية، نحن الآن اللغة لا تقصر اللغة تتسع، ولكن المشكلة أننا نحن في الحياة اليومية، ما لم نرتقي بعلومنا ومعارفنا إلى الدرجة التي يصبح معها العلم جزء من الثقافة لا نستطيع أن ندافع عن اللغة العربية، هذا أولاً، أنا الآن أريد أن أقول أنا مثلاً أعتقد بأن طريقة تدريس اللغة العربية إلى الآن لا أعتقد بأنها تصيب نجاحاً كافياً، والله هذا رأيي، أعتقد بأن تدريس النحو إلى الآن لا ينتج أو لا يخرج طالباً قادراً على أن ينشئ عبارات أخطاؤها النحوية نادرة أو معدومة، لأن حفظ القواعد لا يفيد في هذا، ربما كانت قراءة النصوص الأدبية التي كتبها الجاحظ وكتبها غيره أحسن في موضوع إقامة اللسان من تحفيظ القواعد، لكن القواعد نفسها، ثبت لي أخيراً بالتجربة، أن قواعد اللغة العربية سوف يتفاعل معها الطالب أيما تفاعل إذا عللت، أي قاعدة، أو الاسم لماذا يحتاج إلى محل من الإعراب يجب أن يكون له تعليل، يجب أن نستغل بالتعليل العقلي، يجب في هذه الحالة سوف يكون الطالب كتجاوب مع هذه اللغة، لكن في نهاية المطاف هذه لا بد من أن تكون وراءها يعني سياسة الدول أو سياسة جامعة الدول العربية بمعنى مجمع اللغة العربية بالقاهرة لم يقصر في يوم من الأيام، أظن في كل ندوة يخرج بتوصيات، وصايا وتوصيات يجب على الجامعة أو الأمة أن تتخذ هذه، لكن هذه التوصيات لا تنفذ، يعني جزء منها يعود على النظام السياسي وجزء يقع على عاتق أساتذة النحو، وجزء على ما أعتقد أساتذة الأدب، لكن لا والله أنا من جهتي أحاول تعليل أي قاعدة نحوية تأتي في المحاضرة، حتى في سياق الحديث أو دراسة أو تدريس التفسير التحليلي للقرآن، والله أعلم. |
عريف الحفل: سؤال من الشيخ محمد علي الصابوني، يقول: |
ماذا ترون باعتبار سعادتكم من أهل الأدب السامي الرفيع في القصائد التي تسمى بالشعر الحر، والذي لا يرتبط بالأوزان والبحور الشعرية، هل هو من أنواع النثر أو الشعر؟ أم هو من روائع الإبداع العصري الذي اكتشف في هذا العصر؟ أحب من سعادتكم وصفاً نطلقه على هذا النموذج للحديث؟.
|
الدكتور زرزور: هم يسمونه قصيدة النثر، وأعتقد هذا العنوان غير صحيح، ما يدرسونه الآن في الجامعات تحت عنوان قصيدة النثر هذا تناقض، في نقطة الحقيقة لها علاقة بالسؤال الثاني أيضاً ولها علاقة بالعقاد، العقاد كتب كتاب لطيف في الحقيقة بعنوان "اللغة الشاعرة"، اللغة الشاعرة يقصد بها العقاد أن هذه اللغة من حيث أبنيتها مبنية على نسق الشعر، أوزان، اسم فاعل له وزن، اسم المفعول له وزن، الصفة المشبهة لها وزن، إلى آخره، معنى ذلك أن هذه اللغة بحكم تركيبتها فيها شعر في الداخل، أعتقد أن العرب عندما صنعوا الشعر الموزون انتقلوا من كون هذه اللغة بمفرداتها شاعرة فميز والنثر عن الشعر بالأوزان، ولذلك قصيدة النثر لها مدلول في الآداب الغربية، ولكنها عندنا لا مدلول لها، لأن أساس اللغة في تراكيبها أو في صيغها شاعرة، فكيف أميز هذه اللغة الشاعرة بنثرها عن شعرها، فالخروج عن الأوزان لا أعتقد بأنه شعر، لكن علماً بأنهم ما يزالون إلى الآن ولفترة طويلة، ويحاولون أن يؤكدوا على هذا، وأن يتنصروا له في الإعلام وفي التعليم، لا أعتقد أن الناس استساغوا ذلك حتى الآن، يعني إذا بدا بهم الآن أن يقوموا باستفتاء الآن حول هذا لم يجدوا من يقول بأن هذا شعر، بالعكس هو لم يميز، هذا النظام من تركيب الكلمات لم يميزه عن طبيعة اللغة بوصفها شاعرة، من حيث هي لغة أبنية أو لغة أوزان، كما قال العقاد، ولذلك من الطرائف أن أكثر الصحف التي تنشر هذا الشعر تضع القصيدة وتكتب فوقها شعر، حتى يقول لك أن هذا شعر، ولا تحسبه نثراً يعني، هو يكتب فوقها شعر لأنه هو شاعر، لأن الناس إذا قرؤوه لن يصدقوا بأن هذا، وفي الحقيقة ارتبط هذا في بعض المراحل، ارتبط بالمضامين، وارتبط بالمضامين الغربية، ولكن هذا الموضوع لا علاقة له به في نهاية المطاف، يمكن أن يجري التعبير به عن المضامين، مثل القصة لما العقاد حاربها أيضاً، من خلال مضامين ليس لها علاقة بهذه القضية، لكن أعتقد بأن هذا يعني وأما الزبد فيذهب جفاء، لن تنجح فيما أعتقد في نهاية المطاف، لكن في شعر التفعيلة إذا فيه وزن لا بأس، لن نقول لحن، يعني الأندلسيين كانوا اخترعوا بعض هو صحيح لكن بقي في نهاية المطاف وزن إضافي يميز هذا الكلام عن الكلام العادي في أبنيته وأوزانه. |
الأستاذة منى مراد: سؤال من المدرسة صفاء يكن، إحدى طالبات الدكتور عدنان زرزور، تقول: |
من طالبة نهلت من معين تفسيرك في جامعة دمشق، تحية خاصة أوجهها لك بعد سنوات تقارب الأربعين عاماً، حبذا لو تدلنا على كتاب شامل لتفسير القرآن على منوال الدكتور محمد فاضل السامرائي، وجزاك الله خيراً، شكراً.
|
الدكتور زرزور: موضوع تفسير القرآن في الحقيقة صعب الإجابة عنه بدقيقة أو دقيقتين، لأن حياة المسلمين وتطورها كان يواكبها تطورهم في التعامل مع النص القرآني، ويعني طريقة فهمهم للقرآن أو تعاملهم معه، بمعنى آخر من يريد التاريخ لحياة المسلمين أو تاريخ المسلمين الفكري والثقافي فعليه أن يلحظ ذلك من خلال تطور تفسير القرآن الكريم، لأن هذا يعكس مدى تحققهم بالشروط القرآنية، طريقة فهمهم وتعاملهم، إلى آخره، الآن صار فيه مراحل في التفسير المعاصر، يمكن بدأها طنطاوي جوهري في كتاب لا علاقة له بالتفسير مثلاً، شيء عجيب لا أريد وصفه الآن، عرضت له بكلمات قليلة، ثم جاءت تفاسير متعددة، في مرحلة الخمسينيات والستينيات التي أشرت إليها أفرزت كتاب سيد قطب مثلاً، لكن الآن بعد سقوط الاشتراكية في القرن الماضي وعودة الناس للأديان، الآن نحن نعيش تراجع عصر الأيديولوجيات وصعود الأديان، ليس الصعود فقط بالمسلمين ولكن الأديان بصفة عامة، هذا الآن يجب أن نقدم نحن للأديان في حوار الأديان أو في حوار الحضارات يجب تقديم تفسير، أنا لا يحضرني الآن تفسير يجمع هذه المواصفات التي تسأل عنها الأخت الفاضلة التي ذكرتنا بأيام التدريس القديم، وأعتقد بأنه كان تدريساً متواضعاً، لكن أعتقد بأن الأمر قد يكون موضع كتابي من بعض الكتاب أو المفسرين المعاصرين، بالإضافة إلى أن كثيراً من زملائنا المعاصرين يكتبون فيما يسمى بالتفسير الموضوعي، التفسير الموضوعي له وظائف ضخمة جداً، أكثر مما يكتب في المراجع قد يحل جزءاً كبيراً من مشكلات علم الكلام أيضاً قد يحل بالمناسبة، والتركيز عليه يجري لا بأس به، ولا يحضرني الآن أسماء كتب معينة متأخرة في هذا الموضوع. |
عريف الحفل: سؤال من عبد الله السالم يقول: |
صدر لكم دراسة مهمة حول الحديث النبوي بين أهل السنة والشيعة الإمامية، وانتهيتم فيه إلى نتائج مهمة جداً، هل يمكنكم التفضل بكلمة عن هذا الكتاب، والسبيل إلى دستور وحدة بين المسلمين اليوم؟.
|
الدكتور زرزور: الكتاب الحقيقة فيه جانبان، جانب نظري وجانب تطبيقي، الجانب النظري فيه حوالي مائة صفحة تقريباً خلاصة عن علوم الحديث عند أهل السنة، وكتبت بأسلوب تقريباً أدبي إن صح التعبير، أو على أنه قصة تاريخية، كيف بدأ الموضوع وكيف تطور، لأن المصطلحات تأتي في بعض الأحيان فيها نوع من القسوة، لكن الأمر ليس كذلك، وربطته بتطور الحضارة الإسلامية، كان فيه نقاط إضافية في هذا الموضوع، وأعتقد بأن فيه سلاسة وهذا أكثره معروف، ولكن القسم المتعلق بعلوم الحديث عند الشيعة الإمامية، أخذ حوالي مائتين صفحة، وكنت أعد له صفحات أقل، والسبب في ذلك، أن أهل السنة حضروا مرة أخرى، حضروا مرة أخرى في هذا الجانب، لأن الشيعة الإمامية يردون عليهم كثيراً من الأقوال والآراء، ويتهمونهم بأشياء كثيرة، فكان لا بد من الدفاع أو بيان وجه الحق، يعني مثلاً أذكر لك نقطة عابرة، مرة في التلفزيون في القنوات الفضائية، أظن أحد إخواننا الأزهرية، سأله المذيع وقال له: لماذا لم يرو أهل السنة عن جعفر الصادق؟، والله احتار في الإجابة، هذا الكلام لا يرد، فأنا كتبت إجابة عن هذا الموضوع في صفحتين أو ثلاثة صفحات، الإمام جعفر الصادق من أئمة الفقه والاجتهاد، بكل تأكيد ولا يقل أهمية عن الإمام أبي حنيفة، وكانا متعاصرين، الإمام أبي حنيفة ولد في 80هـ وتوفي في عام 150هـ، الإمام جعفر الصادق ولد عام 83هـ وتوفي عام 148هـ يعني عاش أقل من أبي حنيفة بخمس سنوات، وكانا متعاصرين، ولا أحد من أهل السنة الآن يأخذ على المحدثين أنهم لم يرووا عن أبي حنيفة، وأبي حنيفة لم يكن من المحدثين، والإمام جعفر الشيعة هم الذين صنعوا، أخذوا فقه الإمام جعفر وجعلوه حديثاً، لكن هذا بالنسبة لنا اجتهاداً وليس حديثاً بكل تأكيد، وحتى الأحاديث القليلة التي تنقل عن الإمام أبو عبد الله يعني تنقل حتى في كتب الشيعة الإمامية على نحو تحتاج إلى مراجعة، هو توفي عام 148هـ ويروي عن النبي عليه الصلاة والسلام بشكل مباشر، هذا كلام بالنسبة إلينا يعني وجود الإسناد واتصاله لا بد منه، فإذا خلى الأمر من كلا الأمرين، فالأمر بالنسبة لنا موضع نظر بكل تأكيد، وحتى عندما يرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، يقول لك عن آبائه كلمة غامضة، ومع هذا فإن كتب أهل السنة نقلت الكثير من رواياته ولكن بأسانيدها التي امتدت إلى الصحابة، الحديث عن الإمام جعفر في صحيح مسلم، حديث الحج، يمكن أهم حديث في صحيح مسلم كله، مروي عنه وعن آبائه، هذا بالنسبة لنا عادي وليس مشكلة، أعتقد أن هذا الموضوع يحتاج إلى تدقيق ولا يحتاج إلى موضوعية كذلك، ولا يحتاج إلى تعصب، يعني أنت الآن تحمل علي شيئاً لم أقله، هذا الجانب الأول، أنا الآن اتضحت لي رؤية جديدة ضمنتها لجزء الطبعة الجديدة إن شاء الله، في موضوع التشيع الذي دونه الكليمي، كله يحتاج إلى إعادة نظر في الحقيقة، لا، الفروق بينه وبين التشيع الذي كان سائداً قبله والأدلة على ذلك كثيرة من تاريخ الاعتدال بصورة خاصة، ومن تاريخ التشيع، ومن تاريخ المجتمع الإسلامي، وأعتقد أن هذا سوف يكون من أهم عوامل التقريب عندما تضع الناس أما الأخطاء الموجودة، ويجب التراجع عنها وإلا إذا أصر الناس فلهم ما يريدون، نحن لا نحمل الناس على أن يغيروا آراءهم، من غير قوة الدليل، وقوة البرهان، والأدلة التاريخية، والأدلة الجغرافية كذلك، يعني الكتاب عولت فيه على قواعد نقد المتن في المقام الأول ولم أعول على الأسانيد إلا نادراً، لأن هذا الموضوع صحيح عندنا، لكن المضمون غير مقبول، لأنه يخالف حقائق التاريخ، ويخالف حقائق الجغرافيا في بعض الأحيان، هذا الجانب الأول، الجانب الثاني، في التقريب حوالي ستون حديثاً، خمسين منها من رواياتهم، والتعليق عليها علمي، من كتبهم وكتبنا أيضاً، والعشرة أحاديث الأخرى مقارنة بروايات يأسف المرء عندما يجد في الكليمي (باب ردة الصحابة وكفرهم)، ثلاثة وثلاثون حديثاً، هذا الكلام لا يمكن قبوله، ولا أعتقد أن الأسانيد حتى في كتبهم ترقى إلى درجة التصحيح، لكن الأمر يحتاج إلى نوع من المصارحة ونوع من الصدق في التعامل مع النفس والتعامل مع الآخرين، ولكن شتائم الآخرين لا تفيد في الحقيقة، لا أريد من ثقافة أحد سواء كان شيعياً أو غيره، لا أريد من الثقافة أن تكون تعبيراً عن الآخر، الثقافة يجب أن تكون تعبيراً عن الذات، لكن أن يكون كل الأمر أنه والله الذي عندنا غير صحيح، هذا كلام غير صحيح وغير مقبول، ولا بد من إعادة النظر فيه وأرجو أن يكون هذا الكتاب من أهم عوامل التقريب والتدقيق في السنة النبوية التي لا بد منها كما قلنا قبل قليل، لأنها هي التي تعكس سلوك وحياة الفرد المسلم في حياته اليومية. |
عريف الحفل: الأستاذ الدكتور عبد المحسن القحطاني رئيس النادي الأدبي الثقافي بجدة، وأستاذ الأدب والنقد بجامعة الملك عبد العزيز والأكاديمي المعروف، بعث إلينا لعله نوع من الاعتراض على سؤال محدد، يقول: |
الكلام الذي قاله الشيخ الصابوني ليس صحيحاً، تعليل الدكتور عدنان خروج من نوع إلى نوع، حبذا لو حرر هذا المصطلح "شعر التفعيلة" من الظلم الذي لحق به.
|
الدكتور زرزور: شعر التفعيلة لسنا ضده، لكن النثر الذي ليس فيه وزن إطلاقاً ولا تفعيلة الكلام الفاضي بلا مؤاخذة، لكن التفعيلة كما قلت قبل قليل يجري عليه نوع كما جرى في الموشحات الأندلسية، هذا كان موجود، موجود، ولا يمكن نحن أن نقصر الأمر على ما قاله القدماء ممكن أن تكون أوزان جديدة لكن يجب أن يكون فيه إيقاع، هذا الموضوع يحتاج إلى موسيقى الشعر، هذا ليس من اختصاصي بكل تأكيد ولا أستطيع الخوض فيه، ولكن من اختصاص الدكتور، ورأيه فيه مقدم على رأيي على كل حال. |
الأستاذة منى مراد: سؤال من سميرة سمرقندي، تقول: |
ذكرت في معرض حديثكم عن القرآن ودوره في بداية الدعوة واشتماله لكل هذه الشرائع الدنيوية، والدينية، ونجاحه في نشر الإسلام، السؤال هو القرآن هو القرآن، واللغة هي اللغة، فلماذا تقلص دوره الآن؟ ومن المسؤول؟.
|
الدكتور زرزور: في الحقيقة لقد سأل عن عظيم طبعاً، كنت أقول قبل قليل بأن من يريد التأريخ لحياة المسلمين الفكرية والتاريخية يمكن أن يلاحظها من خلال تفسير القرآن الكريم، بمعنى أن التفاعل مع النص القرآني هو العمل بما جاء فيه وتطبيقه، ما معنى تفسير القرآن الكريم؟، تفسير القرآن الكريم فيه جانب تطبيقي أيضاً، عندما يأمر القرآن الكريم بالنظر، يجب أن ننظر، هذا تفسير، وليس أن نقول نظر بمعنى... ليست القضية قضية مفردات، القضية الآن قضية الالتزام بمنهج وبأوامر جاء به النص القرآني، وهذا كتب فيه الأوائل، يعني عندما مثلاً لقد تعلمنا العلم والعمل جميعاً، العمل ليس فقط العمل في موضوع العبادات، العمل في إنشاء حضارة كذلك، أظن أبو الحسن الأنباري كان يشتغل بالهندسة دخل عليه واحد، وكان رآه يمد الخيوط في البيت، وطالع ونازل، قال له: ماذا تصنع؟، قال أفسر قوله تعالى أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ (الأعراف: 185) أنا أنظر في السموات والأرض، هذا المفهوم افتقده المسلمون فيما بعد شيئاً فشيئاً مع الأسف الشديد، ولذلك أيضاً من الأمور الهامة والمهمة في هذا الجانب، وتعقيب على ما جاء في المحاضرة، أن المسلمين حين ارتقوا في القرن الثاني والثالث، وبلغت حضارتهم أوجها في القرن الرابع، بلغت أوجها في كلا البابين، في باب الثقافة الدينية وفي باب العلم التجريبي، ولم تعرف هذه الحضارة تخلفاً لأحد الجانبين على حساب الآخر كما حصل في الحضارات الأخرى، بمعنى إذا ارتقوا، الخط البياني، يتقدم المسلمون في باب الثقافة الدينية والعلوم الدينية، وفي باب العلم التجريبي أو الطب والفلك والكيمياء والفيزياء، في خط بياني واحد مشترك، وإذا أصابهم الركود أو التخلف يصيبهما في كلا البابين، ومعنى ذلك أنهم تحققوا بالشروط القرآنية أو تعاملوا مع النص القرآني في بعدين، بعد الأمر بالنظر والمنهج العلمي الذي جاء به القرآن وبعد الثقافة الإنسانية المتعلقة بسلوك المرء في حياته اليومية لأن القرآن أعطى الإنسان مفاتيح اكتشاف الطبيعة من حوله، في منهج أنا استخلصته من النص القرآني في كتاب "علوم القرآن" ولكنه كشف له عن نفسه في الباب الثقافي وأعطاه مفاتيح اكتشاف الطبيعة من حوله، لأن اكتشاف الطبيعة والقوانين من عمل الإنسان وليست من وظيفة الوحي أساساً، ولهذا ما يسمى بالإعجاز العلمي أنا لدي بعض التحفظات لا يتسع لها المقام على كل حال، ولكن أقول للأخت الفاضلة لا بد من إعادة التعامل الشامل مع النص القرآني بجميع أبعاده في كلا الجانبين، وتغيير حياة المسلمين، والتغير أساساً القرآن الكريم هو الذي أعطى مفاتحه، إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ (الرعد: 11)، والله أعلم. |
عريف الحفل: سنكتفي أيها الإخوة والأخوات بسؤال واحد نظراً فقط نظراً لانتهاء الوقت المخصص للأمسية، وبقي لدينا الكثير من الأسئلة وسندفع بها إلى سعادة الدكتور عدنان وتضمن ضمن منشورات الاثنينية، ضمن فعاليات هذه الأمسية إن شاء الله، قبل أن أقدم السؤال هناك سؤال مشابه له من أنور فرحات لعلك أجبت عليه من خلال إجابتك السابقة الدكتور عدنان. |
وأنتقل إلى سؤال الدكتور محمود حسن زيني أستاذ الأدب الإسلامي، رئيس رابطة الأدب الإسلامي العالمية بمكة المكرمة يقول: |
أسأل سعادتكم عن رأيكم في الأدب الشعبي، هل ترون أن شاعر المليون أكبر من غيره من الشعراء من أهل المليار؟ وماذا ترون في التركيز على العاميات والشعبيات، هل تؤثر على لغة القرآن الكريم؟. |
الدكتور زرزور: لا تؤثر ولن تؤثر، ولن للمستقبل، وليست لتأبيد النفي كما يقول الزمخشري، ولكن لمطلق النفي، لأن هذه العاميات موجودة في التاريخ في الحقيقة، والتعبير بها لا يشكل خطورة في نهاية المطاف، ما دام القرآن الفصيح والأفصح موجود، والقرآن الكريم يعلن خلود العربية الفصيحة خلوده، إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (الحجر: 9)، يتضمن تلقائياً حفظ اللغة العربية يقيناً، هذا التكفل التلقائي أو الداخلي بحفظ اللغة يجعلنا لا نخشى لا من العاميات ولا غيرها، ليست مشكلة فيما نعتقد، الشعر النبطي تسمع فيه صوراً جميلة في بعض الأحيان، أو الشعر العامي لكن يروى، طبعاً رجعنا لشوقي، يروى عن شوقي أنه كان يخاف من بيرم التونسي نعم، كان يقول فيما زعم الرواة: أموت ولا أخشى على الفصحى إلاَّ من بيرم، لأن بيرم كان يحسن التعبير عن المعاني بعبارة عامية، وعلماً بأن هذا من خصائص الفصحى، لكن ارتقى هذا في سند العامية إلى هذه المرتبة، هو ليس إلا يخشى عن الفصحى بكل تأكيد، ولكن يريد أن يمدح شاعر، بمعنى إن كان يخشى على الفصحى فمن فلان، لكن لا يخشى عليها بكل تأكيد، لكن الأخ الفاضل الذي سأل لعله يعلم مثل ما أقول، لكنه أراد أن يظاهر رأيه برأيي فيما يبدو، والله تعالى أعلم. |
الشيخ عبد المقصود خوجه: في نهاية الأمسية أستاذنا الحبيب الدكتور عبد الله مناع المفكر المعروف، له كلمة فليتفضل. |
|