شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة سعادة الدكتورة ملحة بنت عبد الله آل مزهر))
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم..
معالي السيد الوجيه عبد المقصود خوجه، أصحاب المعالي، أساتذتي الكرام إخواتي الفضليات أسعد الله مساءكم.
يسعدني الحضور معكم هذه الليلة وكأنني ولدت من جديد، وهان وجع الليالي وسهر الليالي وخطوات الأيام وتحديات الصعاب والغربة ومرارتها وما لقيته من أجل المسرح هذا الكهف المسعور، هانت كلها في هذه الليلة، لقد كرمت من مشرق الوطن العربي إلى مغربه من الشارقة إلى المغرب إلى تونس إلى مصر إلى الجزائر إلى كل البلاد العربية، وحظيت بالتكريم لكوني سعودية، وأحط خطاً تحت سعودية ولاقتحام هذا المجال وكنت في كل تكريماتي أهدي هذه التكريمات بما فيها الأزهر الشريف إلى أخواتي المبدعات السعوديات اللاتي لديهن من الإبداع وزخم الإبداع ما أشرت إليه في ورقة كانت أو بحثاً علمياً كان بعنوان "إبداع الجزر المنعزلة"، لدينا المبدعات الفضليات والفنانات التشكيليات والشاعرات والقاصات ولكنهن معروفات داخل المملكة والعالم لا يعرف عنهن شيئاً للقصور الإعلامي أو الدوائر غير المتماسة بينهن وبين الإعلام أو بينهن وبين أخواتهن المبدعات، إن لهذه الليلة طعماً خاصاً يفوق كل المنطق أو كل منصة اعتليتها بما فيها دراستي أو نيلي لجائزة، لعاملين أساسيين، العامل الأول كوني في وطني الحبيب وعلى تراب الوطن بعد مرارة الغربة وأنتم تعلمون الحنين للمغترب، لقد قمت بتأليف ملحمة شعرية من ثماني مائة بيت رائية، كلها تصف القرية في أبها والعادات والتقاليد في الجنوب، والنسيم والرياح، والشجر، والحجر، والعادات، وكل ما يمكن أن يكون، وكان ذلك بدافع الحنين لم يكن فهماً احترافياً عالم المسرح هذا الكهف المسحور المحاط بسياج من الجن، سواء كان عادات وتقاليد أو سواء كان ميزة إسلامية تخص هذا البلد الحبيب وسواء كان موقف القبيلة والأعراف القبلية.
إقامتي في القاهرة كانت كرباجاً يجلد ظهري كل يوم لماذا الإقامة في مصر؟ لماذا الغربة؟ لماذا كل هذا؟ ولكن أتاحت لي الإقامة في القاهرة ودراستي للمسرح لأشياء كثيرة أهمها التخلص من غريزة القطيع، فنحن كعرب محمومين بغريزة القطيع وهو ما يسمى باللمة والعادات والعزائم والجلسات والعائلات والكمكمة والجلسة، فكل هذه الأشياء تبعد الإبداع، وهي أول عقبة أمام المبدع، لأنه لا بد للمبدع أن يخلو بذاته كثيراً وقد سماها اليابانيين رياضة الزنة ورياضة التأمل ويمكن كانت من حسنات وجودي في القاهرة هو الابتعاد عن العادات المجتمعية التي تنم عن الاجتماعات والعزائم والمسؤوليات والأحبة ولو أنها سلاح ذو حدين.
أيضاً كانت هناك عدة عقبات في دراستي للمسرح، وهو لماذا المسرح؟ يعني لدينا شاعرات وقاصات وفنانات تشكيليات لماذا المسرح؟، فهذا الشيء عندما توجهت للملحق الثقافي لأحصل على ترشيحي لأكاديمية الفنون لدراسة المسرح، رفض وبكل شدة وهذا الكلام من عشرين سنة وكان يصنف المسرح في الملحقية الثقافية ضمن الدراسات اللاأخلاقية، فأصررت وبعنف شديد جداً لدراسة المسرح، ولأشياء كثيرة جداً أولاً كنت أحب الكتابة وكنت أكتب قصصاً، وكنت أقرأ كثيراً، منذ الطفولة كنت أتمنى أن أصبح كاتبة، ولم أكن أعلم أن هناك قسماً في أكاديمية الفنون يؤهل للتخرج لأن تكون هناك مؤلفة أو ناقدة، هذا من الناحية الثانية أما من الناحية الأولى فأنا وجدت المسرح السعودي غائباً عن ساحة الثقافة العربية، لوجود عقبات كثيرة في المسرح السعودي أهمها عدم التفرغ والتخصص، وعدم وجود الكادر الوظيفي، وعدم الإهتمام لأن المسرح أنا أطلق عليه المسرح في السعودية وليس المسرح السعودي، لأنه وافد إليه كما هو وافد إلى الوطن العربي عامة، كانت هذه العقبات تزيدني شدة على الإصرار ومنحني الله سبحانه وتعالى وهذا فضل من عند الله، مخيلة واسعة وهي أهم ما للمبدع من سلاح وكان الأثر الكبير لله سبحانه وتعالى ثم لوالدي، والدي الذي سبق عصره كان هو من أدخلني المدرسة في الستينات وكنت أنا من أول الدفعات التي دخلت المدرسة في أبها وكان يلام بشدة لماذا أدخلت البنت للمدرسة؟ بكرة تتعلم كيف تخاطب الناس بالرسائل الغرامية!! بكرة البنت تعلقها في المطبخ!! وكان يتحدى كل هذه الأشياء هو ووالدتي، ولكنني لم أخفِ بأن أكمل تعليمي وكنت أحلم بأن أكون طبيبة، وكنت دائماً الأولى ومتفوقة، وأخذت كرهاً من المدرسة وانتزعت انتزاعاً وكانت حقيبة كتبي فيها مصروفي اليومي ريال واحدٌ، وكنت ذاهبة للمدرسة يوم فرحي، لأنه كانت عندي الدراسة شيء وعالمي الخاص، ولكن الفضل يرجع لله ثم لوالدي لأنه كتب في عقد الزواج أن تتم هذه البنت تعليمها تحت أي ظروف، وكان لزوجي فضل كبير لأنني حينما طالبته بعد الزواج بست سنوات أن أكمل تعليمي، ساعدني وأوفدني إلى القاهرة لأحصل على الشهادة الابتدائية لماذا؟ لأنه كان لدي ستة أطفال في ست سنوات ولم تكن لدينا العمالة المتوفرة كما هو الحال اليوم، وكان يجب علي أن أتفرغ للدراسة وأن تساعدني عاملة في تربية أولادي، وحصلت على الشهادة الإبتدائية ثم الثانوية من القاهرة ثم توالت إلى الأكاديمية ثم إلى إنجلترا للحصول على الماجستير والدكتوراه، كنا في القاهرة إسمياً سعوديون، مع العلم أن السعوديين في القاهرة المفترض أن يكونوا هنا في الفرح والجلسات والمنتزهات والخروج، والله وهي شهادة مني يسألني الله عليها وأنا على هذه المنصة، أنني أمكث في البيت حين يكون الشجر عديم الورق أخرج للشارع وأفاجأ بأنه قد أورق وأصبح غابات، لأنني كنت أمكث على الكتب بالشهور ولا أخرج من البيت، وكنت حينما يشتد بي السهر لا أستطيع أن أغادر مكتبي إلى غرفة النوم يعلم الله أنني أنزل أتدحرج وأنام تحت المكتب، لم يكن هذا الجهد وهو قطرة من بحر، لا أعد نفسي ولا أحسب نفسي قد وصلت إلى الشيء المطلوب إلى هذه اللحظة.
كتبت واحترفت الكتابة المسرحية بعد تخرجي من أكاديمية الفنون وكتبت مسرحية "أم سعد"، و "البدخ" وهما أول مسرحيات كتبتهما، قدمت في مسرح الشمال بالقاهرة، وقدمت مسرحية "أم الفاس" لجائزة أبها الثقافية عام 1994م وحظيت المسرحيتان بنجاح باهر جداً حيث شاركت في المهرجان التجريبي وفي الملتقى العربي وحققت أعلى مبيعات للتذاكر في المهرجان التجريبي، وكانت المسرحية الأخرى "أم الفاس" حيث حظيت بالجائزة الأولى في جائزة الأمير خالد الفيصل أو مهرجان أبها الثقافي آنذاك، وكان هذا هو الحافز أو الدافع ثم توالت كتاباتي المسرحية بالتشجيع من بلدي الحبيبة وتشجيع من المسرحيين السعوديين، فأنا أقدم لهم شكراً جزيلاً من هذا المكان لأنهم رواد سبقوني وأمدوني لو لم يكن هناك مسرحاً سعودياً بكتابه وروّاده وما قدموه لم أستطع أن أدر بحثاً أو أن أنجز شيئاً، كتبت إلى الآن خمسين نصاً مسرحياً وبعض كتب الدراسات وكان همي الوحيد أن أثري المكتبة السعودية بنصوص سعودية؛ لأنني عانيت كثيراً أثناء الدراسة لأنه لا يوجد نص مسرحي مطبوع، حتى تلك النصوص المسرحية التي كانوا يمثلونها على المسرح كانت الأوراق تمزق أو تهمل وبالتالي حين تكون هناك دراسات لا يوجد هناك نص مطبوع في المكتبة السعودية وبالتالي يضيع التاريخ، المسرح السعودي قديم في العالم العربي، المسرح السعودي موجود من 1932م أو 1935م حينما أوفدت مخرجين ومدربين من مصر وأقاموا عرضاً أو كادوا يقيمون عرض "فتح مكة" على مسرح قريش للتمثيل في مكة ولكنه لا أستطيع أن أقول مني بالفشل وإنما بالإغلاق لتدخل بعض الجهات آنذاك، وبعدها توالت الكتابات المسرحية مثل الدوامة، والسعد وعد، وكثير غيرها وكانت هذه مرحلة الكتابة حينما سئل حسين سراج عن سبب كتابته للمسرح ولا يوجد مسرح، قال أريد أن أزركش المكتبة السعودية بنص مسرحي، لكنه خفت هذه الأمور إلى أن جاء عام 1972م ودشن المسرح السعودي بمسرحية طبيب بالمشعاب، لأستاذنا الرائد والفاضل "إبراهيم الحمدان"، مسرحية "طبيب رغم أنفه" لموليير، كانت هذه أول مسرحية يعترف بها ويفتتح بها المسرح السعودي ويسجلها التلفزيون السعودي ويفتتح المسرح سمو الأمير المغفور له بإذن الله فيصل بن فهد حيث ألقى خطابه وألقى كلمته المعهودة: (لدينا مسرح يستمد وجوده من العادات والتقاليد والأعراق والموروث الشعبي) وكان هذا المثلث الذي نطقه سمو الأمير كما كانت هي الأضلاع الثلاثة التي بني عليها المسرح السعودي فيما بعد، فأصبح المسرح السعودي لا بد أن يستمد موضوعاته من الموروث الشعبي ومن كلام التراث، وكان من ناحية الدين أو يستمد من تعاليم الدين الحنيف أنه لا توجد هناك امرأة على العرض المسرحي وأنه يقنن في كتابة النص عدم التعدي على كل التابوهات الدينية ثم يستمد أعرافه من العرف القبلي، وظل المسرح حبيس هذا المثلث إلى أن جاء المهرجان التجريبي، وأنا أعدها هبة كبيرة في تاريخ المسرح السعودي حيث عملت على وجود فجوة بين المسرح السعودي وبين بعضه، لأنه كان قائماً على العادات والتقاليد، وكان هناك الكتاب الذين يكتبون المسرح السعودي بالشيء المستلم من التراث والخشبة والحائط والمسرح التقليدي، ثم جاء المهرجان التجريبي يعتمد فيه أبناؤنا المخرجين على الظل واللون والتشكيل في الفراغ والحركة كمعادل موضوعي للكلمة، ولم يكن هناك اتصال للمسرح السعودي بين ذاته وذاته، فأتى ما يسمى بالمهرجان التجريبي، لأن شباك التذاكر لا يفقه شيئاً فيما يعرف بالتجريد في المسرح، ثم علينا أن نبني ذاتنا أولاً في المسرح ونأصل مسرحاً سعودياً لم يكتمل بعد لنذهب إلى التجريد، فالعالم لا يجرد حتى تكتمل أدواته العلمية ويصل إلى درجة من التعليم ثم يجرد، المسرح التجريدي معناه أنه معمل مخبري يضع معادلات كيميائية، معادلات مسرحية فيفقد المسرح بعض آلاته التي يستقيم عليها مثل النص والممثل والزمان والمكان، أربعة أشياء في النص المسرحي والتجريد لا بد أن ننتزع ضلعاً من هذه الأضلاع ونجرب هل يستقيم المسرح أم لا، هي معادلات علمية سبقنا الغرب فيها ولو أنها حسنة أن نطلع على العروض الغربية ولكنها أضرت بنا كسعوديين لأننا لم نكتمل نضجاً كمسرحيين على الساحة المسرحية، لا أريد أن أطيل عليكم أنا تراءيت وأتراءى كثيراً أمام الكلمات التي ألقيت وأشعر بمدى صغري أمام وجودكم وثقافتكم، وشهادتي أمام الأستاذ ومعالي الوجيه الفاضل عبد المقصود خوجه مجروحة، لماذا؟ لأنه قد يخالني قد أكرم على منصة في عدة مناسبات ولكن اسمحوا لي أن أشهد لله بأن هذا الرجل هو رجل عظيم يدفع من ماله ووقته وأعصابه بدافع الوطنية لا أعرفه ولا يعرفني دعاني من وراء السحب، ليكثف مكانة المسرح، أو لبنة قد تكون بنت حجراً في حائط المسرح السعودي فأشكره، ويعني أتضاءل أمامكم كلكم، وأتوجه لكم بالشكر، كنت أريد أن أتكلم عن بعض النماذج التي كتبتها ولكنني لا أريد أن أطيل عليكم وشكراً جزيلاً.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :477  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 43 من 223
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج