((الحوار مع المحتفى به))
|
الأستاذة نازك الإمام: بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه أجمعين. أصحاب المعالي أصحاب السعادة، ضيفاتنا الكريمات، ضيوفنا الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. من شرق مملكتنا الحبيبة، من شاطئ نصف القمر إلى غربها، في عروس البحر الأحمر جدة، نحتفي في هذه الأمسية الشعرية الجميلة، في اثنينية الإبداع والتكريم، لفارسها الذي كانت بداياته في الساحة الأحسائية، وصولاً إلى المركز الثالث في مسابقة أمير الشعراء، إنه سعادة الأستاذ المهندس الشاعر جاسم بن محمد أحمد الصحيح.. |
لدينا أسئلة كثيرة، ونبدأ بسؤال من الأستاذة بثينة شاكر، تقول: |
منذ متى بدأت القريحة الشعرية في الظهور عند شاعرنا، ومن كان له دور في التشجيع في حياتك؟ شكراً لكم.
|
الأستاذ جاسم الصحيح: شكراً على هذا السؤال، وطبعاً الحديث عن البدايات كما قلت "حديث ذو شجون" وقد تحدثت ربما في كلمتي عن بداياتي، منذ بدايات الثمانينات تقريباً، ولا أتذكر بالضبط اليوم المحدد الذي انطلقت فيه، ولكن الأهم من بداية الكتابة الشعرية، الإطلاع المبكر على الشعر سواء كان اطلاعاً عبر السماع أو عبر القراءة، لأن القراءة الواعية خصوصاً هي في حد ذاتها كتابة كما أعتقد. أنت عندما تطلع شعرياً اطلاعاً واعياً على الشعر من حديثه وتليده، ربما هذا يساعد على انبثاق البذرة الشعرية، بذرة الموهبة المدفونة داخل الذات، وخروجها إلى سطح التراب، ولكن بالتأكيد البداية كانت قديمة، وتحديد اليوم أو السنة ربما يكون أمراً صعباً. |
عريف الحفل: سؤال من الأستاذ محمد علي النجار يقول: |
ديوانكم "ظلي خليفتي عليكم"؛ لماذا هذا العنوان وما مغزاه؟ وهل تعطينا أنموذجاً منه في هذه الليلة؟ وشكراً.
|
الأستاذ جاسم الصحيح: الشعر أو الكتابة الشعرية عموماً تفسد بتفسيرها.. عندما آتي لأفسر معنى شعرياً كأنني أفسده، لأن الكلمة الشعرية عندما تكتب شعراً، كتبت شعراً، لأنها لم يكن بالإمكان كتابتها نثراً، عندما يطلب مني أحد أن أفسّر معنى شعرياً من معانيّ، فكأنما يقول اكتبه نثراً، وأنا أرى صعوبة في هذه المحاولة أن أكتب الشعر نثراً، ولكن بالنسبة لـ "ظلي خليفتي عليكم" لا أعتقد أنه يحمل تلك الأبعاد البعيدة التي شطح إليها بعض المطّلعين على هذا الديوان وأعطوها آفاقاً أخرى بعيدة كل البعد عما كنت أقصده أنا.. أنا كإنسان ظلال الإنسان، أنا كشاعر ظلال هذا الشاعر، هو خليفته، هو الذي يتحدث عن هذه الأجيال الأخرى، هو الذي يتحدث لأي ناس من البشر بعيدين عنه، لا أرى ذلك البعد الذي منحه بعض المطلعين، ومع الأسف ذهب بعضهم حتى إلى تفسير مذهبي لهذا العنوان، وأنا براء من ذلك. |
عريف الحفل: سؤال من المهندس عبد العزيز الكريدا رئيس مجموعة الأرقم، يقول: |
الشاعر الأستاذ المهندس جاسم محمد الصحيح؛ لقد أصاب الشعر ما أصاب الجمل، فلم يعد هذا الجَمل يحمل الصورة نفسها التي كان يحملها في الماضي القريب، والسبب ببساطة هو ظهور وسائل أخرى تقوم بمهام الجمال بشكل أوسع وأدق وأرخص.. وكذا الحال مع الشعر، فقد ظهرت وسائل أخرى لنقل التراث ولحفظ التراث ونقل الأخبار ونشر الفكر، بمعنى آخر وسائل تقوم بمهام الشعر، بشكل أوسع وأدق وأسرع، هل هذا هو السر وراء ضمور أداء النوادي الأدبية في يومنا هذا؟
|
الأستاذ جاسم الصحيح: أعتقد بأن صاحب السؤال ذهب مذهباً آخر من وظائف الشعر، أولاً ليس من وظائف الشعر أن يحفظ التراث، وكل الوظائف التي ذكرها الأخ لا أعتقد أنها وظائف شعرية، وأعتقد أن الشعر تاريخياً حمل وظائف ليست من وظائفه، فالمديح ليس من وظائفه، بل من الوظائف التي كانت تُحمّل على ظهره، وهو الآن استطاع أن يلقيها عن عاتقه، وأعتقد أن الشعر الآن يتجه إلى ذاته، بعد أن استطاع تلمُّس طريقه.. سابقاً لوى كثير من الشعراء عنق الشعر وأخذوه إلى جادة ربما غير جادته، ولكنه في هذا العصر بدأ يعود إلى جادته. أنا ضد فكرة موت الشعر، فالشعر كائن حي كالإنسان وهو توأم الإنسان، إذا انقرض الإنسان ربما ينقرض الشعر، أما مسألة أن نقول إن الشعر تخلى عن وظائفه أو أن وسائل أخرى تحل محله وتأخذ كل هذه الوظائف، فأعتقد أن هذه الوظائف استطاعت أن تأخذ الوظائف الملقاة على عاتقه والتي ليست من وظائفه. |
الأستاذة نازك الإمام: سؤال من الأستاذة ماجدة الحارثي من التربية والتعليم، تقول: |
هل أمير الشعراء أوجد نقطة تحول في حياة الشاعر وإلى أي مدى؟
|
الأستاذ جاسم الصحيح: شكراً لك أستاذة ماجدة. برنامج أمير الشعراء بالتأكيد أضاف وهجاً إعلامياً إلى تجربتي الشعرية، وهي فرصة لي هذه الليلة كي أعبر عن وجهة نظري في هذا البرنامج لأنني في صحافتنا المحلية حقيقة ظلمت كثيراً في تفسير وجهة نظري اتجاه هذا البرنامج؛ اتهامات كثيرة: اتُّهمت بأنني أتهم البرنامج، بينما أنا بالعكس أنظر إلى البرنامج على أنه فرصة للبروز على الصعيد الإعلامي. أعتقد أن هذا البرنامج استطاع أن يقدم شعراء لم نكن نعرفهم من أنحاء الوطن العربي. أعتقد أن هذا البرنامج له الفضل في إضافة الوهج الإعلامي إلى كثير من الشعراء المعروفين. |
عريف الحفل: سؤال من غياث عبد الباقي يقول: |
الأديب والشاعر والمفكر والمثقف، هؤلاء هم ضمير الأمة وصوت الوجدان وصدق المشاعر وخاصة في الأزمات والنوازل.. أقول ذلك ودم الأهل في غزة لم يجف، بل لا يزال ساخناً. فهل قام الأدباء بواجبهم نحو فلسطين وغزة، وهل شاركتم بذلك؟ نرجو أن نسمع بعض أبيات شعركم في هذا الخصوص.
|
الأستاذ جاسم الصحيح: في البداية اسمح لي أن أجيب على هذا السؤال. الكتابة عن المقاومة من أصعب الكتابات، لأن الشعر إن لم يكن شعراً مقاوماً في جوهره، فهو لا يستحق أن يكتب عن المقاومة، وما نقصد بـ "شعراً مقاوماً"، نقصد بأنه يستطيع أن يقاوم الموت، وأن يبقى شعراً خالداً. عندما نكتب شعراً عن قضية كبرى، فالخطورة أن نشوّه هذه القضية إذا كانت كتابتنا أقل من مستوى هذه القضية، لذلك أنا دائماً حذر في كتاباتي تجاه القضايا الكبرى، وعندما أتحدث عن الدم فهو أكبر القضايا بالتأكيد، وعندما أتحدث عن الشهادة، هي أكبر قضية إنسانية، هل قام الأدباء أو الشعراء بأداء واجبهم؟ أعتقد هناك اجتهاد كبير وأنا لا أستطيع أن أحكم إن هم قاموا أو لم يقوموا بأداء واجبهم، إنما هناك اجتهاد كبير.. لقد كتبت في عدة مناسبات، وفي مجموعة من المقاومين والمقاومات، ولكن في هذه القضية حقيقة كان الحدث أكبر من الكتابة الشعرية، لم أكتب إلى الآن. |
الأستاذة نازك الإمام: سؤال من الأخت آمال عبد المقصود خوجه، بكالوريوس إدارة أعمال، تقول: |
ديوان رقصة عرفانية، نريد أن نعرف ما سبب تسمية هذا الديوان بهذا الاسم؟ مع سرد عدة أبيات يرمي إليها هذا الديوان، وشكراً لكم.
|
الأستاذ جاسم الصحيح: أشكر الأستاذة آمال عن هذا السؤال، وهو سؤال شبيه بسؤال عن معنى "ظلي خليفتي عليكم"، ورقصة عرفانية هي عنوان لديوان، وعنوان لقصيدة أيضاً، قصيدة تحمل بعداً عرفانياً في علاقة الإنسان بالغيب، وبالماوراء، وبالحياة عموماً، وهو الديوان في معظم قصائده ربما يأخذ بعداً صوفياً بعض الشيء، وبعداً عرفانياً، ولذلك أسميته رقصة عرفانية. وأود أن ألقي قصيدة مهداة للمتنبي، والدنا الأول: |
|