شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((الحوار مع المحتفى به))
الأستاذة نازك الإمام: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين، أصحاب المعالي، أصحاب السعادة، الضيوف الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، من خلال قراءتنا للسيرة في هذه الأمسية نرى فيها الكثير من المحطات التي تولى قيادتها في وطنه بالأردن حيث إنه حُمل بدينه وعلمه وفكره ليتسلم فيها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية والمقدسات مرتين. كما عيّن أيضاً مرتين رئيساً لجامعة آل البيت حاملاً بذلك ثقة الإرادة الملكية بتعيينه مستشاراً للشؤون الإسلامية والدينية ولينطلق بعد ذلك ليحط بأرض الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية حاملاً ثقة منظمة المؤتمر الإسلامي حيث تولى منصب أمين عام مجمع الفقه الإسلامي التابع للمنظمة، إنه معالي الأستاذ الدكتور عبد السلام داود العبادي، أمين عام مجمع الفقه الإسلامي الدولي بجدة والذي هو اليوم مكرماً في اثنينيتنا العامرة تكريماً سبقه إليه روّاد العلم والفكر والأدب والثقافة والدين، والذي جاء في تكريمه الليلة طرح الكثير من التساؤلات نطرحها بين يدي معاليه صاحب المؤلفات العشرة التي أصدرها في مجال المقدسات والتربية الإسلامية عن مصير مقدساتنا الإسلامية التي ما زالت تنتهك على أرض فلسطين مهبط الوحي والأنبياء على أيدي أعداء الله وغيرها من التساؤلات التي نتمنى من معاليكم الإجابة عليها ولا يسعنا إلا أن ندعو الله سبحانه وتعالى أن يعيد هذه المقدسات إلى الأمة الإسلامية بإذن الله تعالى.
نازك الإمام: من سعادة الدكتورة أفنان الريس والسؤال من شقين:
معالي الدكتور الهجوم المتزايد والمتكرر على ديننا الحبيب في الآونة الأخيرة رغم تعدد الأديان الأخرى الأساسية التي لا نرى هجوماً عليها؟ والشق الآخر هل ترون أن الزكاة لو قدمت في الدول الإسلامية بالصورة الصحيحة هل سيكون هناك فقراء وأيتام ولماذا لا نجمع هذه الأموال في الدول الإسلامية وتوزع على جميع فقراء المسلمين؟ شكراً لكم.
الدكتور عبد السلام العبادي: شكراً للدكتورة أفنان على هذا السؤال، وحقيقة هذا الموضوع، موضوع الهجوم المتزايد والمتكرر على هذا الدين، كثير من الناس يظن أنه حادث وأنه تم بشكل بيِّن وواضح بعد حوادث سبتمبر التي جرت في نيويورك كما تعلمون كرد فعل على ما جرى من أحداث واضحة لا نقرها ولا نجيزها، من وجهة نظر إسلامية دقيقة وواضحة وتقوم على الاستدلال الشرعي الرصين لكنني أقول أن الهجمة على هذا الدين، الحرب الفكرية التي شنت على هذا الدين بدأت مع بداية الإسلام، حتى في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم ما اعتبر محل استنكار وتنديد فيما فعلته الرسوم الكاريكاتيرية في الدانمارك هنالك فريق سماهم القرآن المستهزئين، وأشار إليهم وبين كيف يواجهون حتى زمن الرسالة وزمن الرسول، هذا ابن أبي كبشة يزعم أنه يتحدث إليه من السماء ووصف بالجنون وبالساحر وبغير ذلك واستعرت هذه الحرب أكثر وأكثر عندما قادها رجال الكنيسة للوقوف في وجه المد الإسلامي الذي كان ينتشر بشكل مذهل في العالم، وجاؤوا إلى هذا الدين وحاولوا أن يشوهوا كل شيء فيه، بدراسات أذكر أن باحثاً ألمانياً اسمه "شترايت ودندينغر" نشر ستة مجلدات في أسماء كتب ونشرات كتبت ضد الإسلام في حوالي مائة سنة في أوروبا، والغريب أن هذه الجهات استطاعت في فترة ضعفنا وفترة استعمارنا أن تقيم ما سمي بالإرساليات التبشيرية وتقيم المدارس في كثير من دولنا ودرّسوا في هذه المدارس فضلاً عن دولهم كل تشويه لهذا الدين، هكذا يقولون عن محمد صلى الله عليه وسلم كذاب ظهر في الجزيرة العربية قال كذا وكذا، ويقول أحدهم يجب أن نري هؤلاء أن الجيد في دينهم ليس جديداً أخذه محمد صلى الله عليه وسلم، فبعضهم يقول أنه كان يجلس عند حذَّاء يهودي في مكة وبالتالي أخذ كثيراً من أفكار هذا الكتاب الذي يزعم أنه كتاب الله من هذا الحذّاء وبعضهم يقول أنه استفاد من بحيرة الراهب وبعضهم يقول من ورقة بن نوفل لبيان أن الجيد في هذا الدين ليس جديداً تم أخذه من الأديان السابقة وبالذات من النصرانية واليهودية وأن الجديد في دينهم ليس جيداً وكل فكرة جاءت في هذا الدين يحاولون تشويهها، إنها إذاً حرب فكرية ضروس كتبت فيها عشرات المجلدات، تحت عناوين التبشير وتحت عناوين الاستشراق، حتى إن نجيب العقيل وهو أحد الباحثين في تاريخ الاستشراق يقول إن من أسباب الحروب الصليبية الدراسات الاستشراقية التي شوهت هذا الدين وحشدت جموع أوروبا لاستنقاذ ما سمي بالأراضي المقدسة لاستنقاذها من أيدي هؤلاء الوحوش البرابرة، حتى أن كليمنصو رئيس وزراء فرنسا قال عبارته المشهورة: "إن هؤلاء برابرة متوحشون على اجتياحهم تتوقف راحة العالم" ولذلك هنالك حملة شرسة على هذا الدين بدايتها مبكرة للإساءة إليه. وبفضل الله هذا مجمعنا المتميز في مرحلة سابقة وأنا أدعو الأخوة ليتمكنوا من الوصول إلى مجلة المجمع واستخدام هذا الموضوع لدراسات موسعة لما سمي للغزو الفكري للعالم الإسلامي. واستعرضت البحوث عشرات المراجع والمصادر والدراسات وكان لي شرف أن أقدم لأحد البحوث في هذا المجال الذي بين أن هذه الحرب التي تشن على هذا الدين هي حرب ضروس مستعرة من قرون.
وأذكر أننا في حوار ديني عالمي عقد في حاضرة الفاتيكان قلنا لهم بالعبارة الواضحة، يجب أن تصححوا إساءاتكم إذا كنتم تريدون حواراً جاداً، أنتم شوهتم في مجتمعاتكم صورة هذا الدين عن سابق إصرار، ولذلك إذا كنتم تقولون بالموضوعية وبالحرص على بيان الحقائق يجب أن تبادروا أنتم بالتصحيح، وأيضاً في موضوع ما يسمى "بالإسلاموفوبيا" التخوف من الإسلام فالحمد لله إنه في المنظمة مركزاً لربط ما ينشر عن الإسلام في هذه الأيام والمجمع ينسق مع المنظمة من أجل إعداد دراسات لمواجهة ذلك. هذا ما أجيب به عن هذا الموضوع، أما موضوع الزكاة فأقول بكل وضوح الزكاة لو قدمت التقديم الصحيح ومورست الممارسة الصحيحة فإنها تستأصل شأفة الفقر من المجتمع وهذا الدور أدته سابقاً، بعث يحيى بن سعيد، يقول بعثني عمر بن عبد العزيز على صدقات أفريقيا فاقتضيتها فبحثت عن فقراء أعطيهم منها فلم أجد فقد أغنى عمر بن عبد العزيز الناس، وهذا أيضاً ما فعله معاذ بن جبل عندما أرسله عمر بن الخطاب على اليمن أول سنة بعث بثلث صدقات الناس، الثانية بنصف صدقات الناس، الثالثة بكل صدقات الناس فقال له لا يوجد فقراء لأعطيهم منها، لأن الزكاة وهذه نقطة أحب أن أنبه إليها، بعض الناس يظن أن الزكاة صدقة مجموعة من المبالغ تعطى للفقير وانتهى، فالصدقة كما عبر عنها علماؤنا، وهنا أحب أن أقول كلمة للإمام الرملي كما يسمى الشافعي الصغير يقول وهو يعكس ما ذكره النووي والرافعي من علماء المذهب الشافعي، يقول:
"يجب أن يعطى الفقير ما ينقله من الفقر إلى أغنى مراتب الغنى بحيث لا يعود محتاجاً للزكاة مرة أخرى، فيعطى صاحب الحرفة ما يمكن من الاحتراف، ويعطى الحاذق في الصناعة ما يمكنه من العمل بها، ويعطى الحاذق في التجارة ما يمكنه من العمل بها ويعطى الحاذق في الزراعة الأرض تشترى له أو تستأجر ليزرعها"، فإذا هي تنمية بكل ما في الكلمة من معنى ومجمعنا الجليل أخذ قراراً في دورة عمان سنة 1986م بجواز استخدام الزكاة في إنشاء مشاريع استثمارية تعود على الفقراء بالخير وبالتالي تحقق تنمية حقيقية، ومن هنا الزكاة لها دور كبير والوقت لا يتسع للتفصيل.
عريف الحفل: سؤال من الدكتور أنور عشقي يقول:
ما الفرق بين حق الملكية في الشريعة الإسلامية والقوانين الوضعية؟
الدكتور عبد السلام العبادي: يا سيدي الموضوع موضوع طويل، الملكية في الشريعة الإسلامية إذا رغبت أن تعود إلى المجلد الأول في الكتاب الذي أشرت إليه فيه بيان بماذا تختلف الملكية من وجهة النظر الإسلامية من حيث الطبيعة والوظيفة والقيود عن الحال في القوانين الوضعية. إن الملكية في الشريعة الإسلامية هي أولاً اعتراف بالملكية والإباحة لها كما عبر عنها علماؤنا، ولكن الملكية ليست حقاً طبيعياً للأفراد. فالملكية كما عبر عنها الكتاب مستقياً ذلك بنصوص من الكتاب والسنة كائنة بتوظيف واستخلاف من الله جل وعلا وهي حق فردي مقيد وليست حقاً مطلقاً وكلمة مقيد تفصيلها تم في مجلد لأن هذه القيود تشمل أسباب الملك، قيود استعمال الملك، قيود انتقال الملك، وكل نوع من هذا الملك فيه تفصيلات كثيرة، فليس كل سبب ملكية قائمة الآن في المجتمع الإنساني يعتبر سبباً للملكية، وأنا أقول بكل وضوح كل سبب يؤدي إلى ملكية ظالمة مستغلة حرّمها الإسلام، فحرّم الربا وحرّم الاحتكار وحرّم الرشوة فحرّم استغلال المنصب وحرّم الاتجار بالمخدرات وبالأعراض، كل ذلك إذا دخلت في تفصيلاته تجد أن ما من سبب يؤدي إلى ملكية ظالمة مستغلة إلا ومنعته الشريعة، ثم المالك فمطلق فيما يملك عليه قيود تفصيلية تضمن سلامة سلوكه فيما يملك وعلق قاعدة الحجر على السفهاء التي تمنع أن يتصرف الناس في أموالهم تصرفاً بترف ومخيلة ولو كان هذا حقهم في التصرف بالمال ولكن يحجر عليهم إذا كان هذا الأمر فيه تضييع للمال حتى في ما هو حلال لكن إذا خرج عن المألوف. وهنالك تفصيلات مبينة في مكانها لكن الملكية في النظر الإسلامي نظام إلهي متكامل يقدم معالجات لكل مشكلات الواقع الإنساني في مجال الملكية.
عريف الحفل: سؤال من الأستاذة "ريم الخلف" قسم المكتبات بوزارة التربية والتعليم تقول:
بصفتك يا دكتور عضو مجلس الإفتاء، ما الدور الذي قمتم به في رأيك في التقليل من ظهور زيجات مختلفة بمسميات لم نعرفها مسبقاً وهي طبعاً تفتقد لأسس الزواج الشرعي للحقوق والواجبات وتمارس في جميع الدول؟ شكراً لكم.
الدكتور عبد السلام العبادي: هذا سؤال حقيقة يحتاج إلى بيان ولكن أنا مطلوب مني أن أوجز لكثرة الأسئلة، لكن أقول إن الشريعة بيَّنت القواعد الضابطة للزواج، وأي تسمية لا توفر الشروط التي قررتها الشريعة مرفوضة، ونحن أصبحنا في هذا العصر مولعين بما يسمى بالإثارة فلذلك تجدين الفضائيات، وحتى صحفنا في كثير من الأحوال تخرج علينا بهذه الاصطلاحات الجديدة دون تأصيل شرعي دقيق وهذا يحمل جهات الفتوى في العالم الإسلامي مسؤولية كبيرة لتقديم البديل والتوضيح العلمي السليم الذي يكشف خطأ مثل هذه المقولات، ولا أريد هنا أن أدخل بالتفصيل في هذا الموضوع لأن كبار علماء الدراسات الموسعة كتبوا فيه بالتفصيل، ويمكن العودة إليها للتمييز بين ما هو جائز من هذه الصيغ وبين ما هو مرفوض وغير صحيح وإن حاول بعض الأشخاص أن يزينه بشكل أو بآخر.
عريف الحفل: سؤال من الأخ عبد الرزاق الغامدي يقول:
يعمل المجمع في مجالات واسعة مرسومة في أهدافه الواردة في النظام الأساسي الذي تم اعتماده ومن تلك الأهداف التقريب بين المذاهب الإسلامية، أرجو من سعادتكم تسليط الضوء على هذا الهدف؟
الدكتور عبد السلام العبادي: هذا الموضوع يحتاج إلى اهتمام ومعالجة بحكمة، أولاً التقريب بين أهل المذاهب بعبارة دقيقة، لأن لكل مذهب خصوصيته ونحن لا نستطيع أن نكون مذهباً جديداً ونقول عنه مذهباً يوحّد بين هذه المذاهب، هذه حقيقة لا يمكن تجاوزها وإنما نحن نريد أن نقول لاتباع المذاهب هؤلاء إذا توافرت فيها الشروط الشرعية في الاعتبار في إطار صحة الإسلام فإذاً يجب أن يكون الأمر في هذا الإطار، وهذا بحمد الله عالجته قرارات مجمع الفقه وعالجه أيضاً البرنامج العشري الذي أشرت إليه.
وقد عقد في عمان في ظلال ما سمي برسالة عمان مؤتمر وقد كان لي الشرف أن أكون مقرراً لهذا المؤتمر، وضعنا ثلاثة قرارات، قلنا بصحة إسلام جميع المذاهب وذكرنا المذاهب الثمانية، وبينا المعيار في الحكم على صحة إسلامها في أن تؤمن بأركان الإيمان وتوقن بأركان الإسلام ولا تنكر معلوماً من الدين بالضرورة، فإذا توافرت هذه الشروط حكمنا بصحة إسلام الإنسان ولو أدى ذلك إلى اختلاف في كثير من التفصيلات، بل قد نقول إن هذا الشخص مسلم ومرتكب للكبيرة، وارتكابه للكبيرة لا يخرجه من الإسلام وفق الراجح من أقوال العلماء وبذلك نوحد الأمة.
وعلى ضوء هذه القرارات فإن مجمع الفقه الإسلامي وضع خطة بتكليف من اجتماع لكبار العلماء دعا إليه معالي أمين عام منظمة المؤتمر الإسلامي الدكتور أكمل الدين قبل سنة تقريباً، وكلف مجمع الفقه على أن يضع خطة عملية لهذا، وقد وضعنا هذه الخطة والآن نخطط لعرضها في مؤتمر حاشد لأئمة المذاهب وإن شاء الله نتمكن من ذلك في وقت قريب. هذه الخطة فيها تفصيلات كثيرة ومن أوضحها مثلاً تذكرون أنه قبل فترة حدثت قضية على مستوى الساحة الإسلامية، وهي التبشير بالمذاهب في مناطق متعددة، تصريحات لأستاذنا الشيخ القرضاوي والردود التي تمت عليه وغير ذلك، خطة المجمع تنص بشكل واضح بأنه لا يجوز أن يقوم مذهب بالتبشير في مناطق مذهب آخر ووضعت خطط تفصيلية في مجال كتب دراسية وفي مجال تنقيتها من أي شطط في هذا المجال ولا يصح في الواقع أن نقول نريد أن نقرب بين أتباع المذاهب ثم ندرّس أجيالنا ما يدفع إلى العداء والصراع بين أتباع المذاهب، خصوصاً وأن هذه الورقة تستخدم من قبل أعدائنا لتفريق الأمة وبالتالي إثارة صراعات تعيقها عن تحقيق أهدافها وموضوعها الحضاري، موضوع كبير وضع فيه المجمع خطة، والخطة فيها تفصيلات كثيرة ويمكن الإطلاع على بعض التفصيلات وبعض الآراء للمجمع من قرارات يتخذها في هذا الموضوع نشرتها في ورقة على موقع المجمع وبينا كل ما يتعلق بهذا من خطوط عريضة، أما الخطة وتفصيلاتها فستعرض على ذلك المؤتمر ثم توزع بشكل واسع في كل بلاد العرب والمسلمين لأهمية ما طرحته من معالجات عملية إن شاء الله.
نازك الإمام: سؤال من الأستاذة فوزية السحيمي مشرفة تربوية وسؤال آخر بالمعنى نفسه من الطالبة ميسون عبد الغني حاووط وتقول الأستاذة فوزية:
في رأيكم ما الدور الذي يجب أن يؤخذ اتجاه بعض الشيوخ الذين يتخذون الفتاوى الفقهية باب شهرة لهم وهي معارضة للكتاب والسنة والتقاليد المدونة في الدول العربية والإسلامية، وأما الطالبة ميسون فتسأل ما رأيكم في توحيد الفتاوى حول العالم وخصوصاً وأننا نرى في الآونة الأخيرة الاختلاف في الفتاوى في الكثير من الدول سواء أكانت عربية أم غربية مما يضع الإنسان في حيرة من أمره؟ وشكراً لكم.
الدكتور عبد السلام العبادي: شكراً على هذا السؤال وحقيقة هو يذِّكر بدور كبير أنيط بالمجمع ينص نظامه على التنسيق بين جهات الفتوى في جهات العالم الإسلامي ومكافحة ومواجهة فوضى الفتاوى هنالك تفلّت واسع في هذا المجال خصوصاً وتصدي كثير من الأشخاص لعملية الإفتاء بطريقة تقول من هذا المتصدي أن مقولة نصف العلم "لا أدري" غير واردة، فأنت تدري في كل شيء فلذلك لا يتردد في الإجابة عن أي شيء مهما كان، ومرات بطريقة تدل على الجهل الفاضح، لذلك هذا أمر يؤرِّق الجميع ويشغل كل جهات الفتوى في العالم الإسلامي لكن لا بد من معالجته بحكمة وفي رأيي أن أهم معالجة هي في طرح البديل العلمي الموثوق الرصين الذي تتقبله الأمة ليس بمعنى نرضي أقواها وإنما نرضي قناعاتها بأن هذا عمل علمي سليم قائم على الاستدلال الشرعي الدقيق فهذا سيلفظ الخبيث والفاسد وغير المقبول من الفتاوى. وهذا الذي لجأ إليه علماؤنا عبر تاريخهم. فقد وجدت آراء شاذة وتصدى لها العلماء وردوا عليها وأفحموا قائليها، ولذلك فإن تصدي مجامع ذات مستوى ومفتين علماء أجلاء لمشاغل الناس وهمومهم وقضاياهم بالمعالجات المتميزة هو الذي سيسحب البساط من تحت أرجل هؤلاء المدّعين والجهلة وسيكشفهم ويعريهم أمام الناس ثم لا بد في الواقع من التنسيق على مستوى أجهزة الإعلام وأنا في الحقيقة كنت في اللقاء الذي تحتضنه المملكة العربية السعودية جزاها الله خيراً ووزارة الإعلام والثقافة بالذات لاتحاد إذاعات الدول العربية، والمقصود هنا ليس الإذاعات المسموعة وإنما الإذاعات المرئية والمسموعة والتي تدخل فيها التلفزة، وقلت لهم أنتم تتحملون مسؤولية كبيرة في ضبط هذا القطاع، قطاع الفتوى فقد نشرت الصحف اليوم كلاماً جرى التركيز عليه كثيراً أنني أنا أدنتهم وجوزت لهم أن ينشروا بيانات المجمع، صحيح حقيقة وأخينا الدكتور حداد مدير الإعلام والعلاقات في المجمع كنا نتصل بالوكالة أو الصحيفة أو بالفضائية نرجوها أن تنشر هذا البيان بمضامينه فتكتفي بالقول أنه أصدر مجمع الفقه بياناً في موضوع كذا، إذاً ماذا استفدنا من هذا الكلام فنحن نريد المضامين، فتجد الفضائية تخصص ساعات طويلة لبث ضار لا نقول حتى لا ضار ولا نافع ولكن لا تعطي الفرصة لتوضيح جيد في قضية تشغل الأمة. فهذا أمر تحمل وسائل الإعلام أيضاً مسؤوليتها وأظن من خلال منظماتهم الاتحادية يمكن التأثير عليهم ليتم اختيار المفتين القادرين لأننا نحن لا نستطيع أن نحرم وسائل الإعلام من هذه الأداة التي يتولى فيها المفتي توضيح أمور الدين للناس ولكن نحن نطلب منهم أن يختاروا العلماء الأكفاء القادرين ويعتمدوا الفتاوى المعتمدة في مقولاتهم.
وشيء آخر مهم: نحن لا نريد أن نرفع الاختلاف وهذه قضية يجب أن تكون واضحة، وعلماؤنا اختلفوا، واختلاف أمتي رحمة ما دام هذا الاختلاف في إطار قواعد الشريعة لأنه يثري ويوسع الاختيار أمام المتبعين، وأصل تعدد المذاهب كان هذا سببه، فنحن لا نريد أن نرفع الاختلاف لكن نريد أن نمنع الآراء الشاذة والمثيرة للشطط والخروج عن قواعد الشريعة، وأنتم سمعتم عن كثير من الفتاوى في هذا المجال يعني قد تثير حتى السخرية والاستهزاء بحجة أنها فتاوى شرعية مثل رضاع الكبير ومثل الفتاوى التي قالت في إمامة المرأة للرجال وكل هذا كلام مردود وغير مقبول شرعاً لا من قريب ولا من بعيد فلا بد من جهد كبير يبذل في المعالجة والله الموفق.
سؤال من الدكتور عرفة يقول:
لماذا لا تنشأ قناة فضائية من قبل المجمع أو نشر قراراتكم أولاً بأول، أو إعداد دورات تأهيلية لدارسي الشريعة؟
الدكتور عبد السلام العبادي: سيدي الكريم وأخي الدكتور، الواقع ما تتفضل به في غاية الأهمية، لكن لا نريد أن ننشئ فضائية للمجمع نريد أن نكون في كل فضائية وفرق بين الأمرين، نكون في فضائية بعلمنا السليم ولا أقصد شخص المجمع كمؤسس وإنما أقصد العلم الرصين القائم على الاستدلال الدقيق والذي يقدم للأمة المعالجات الثرية لواقعها ومشكلاتها وعند ذلك هذا أفضل من أن يكون هناك وضعية قد لا يلتفت إليها الكثيرون، فوجود مرجعية في كل فضائية هو مطلب والحمد لله ترعاه كل الدول ويحرص عليه الخيرون في عالمنا. والتوسّع في البرامج الدينية الموجهة السليمة الدقيقة في مؤسسات إعلامنا المتعددة في غاية الأهمية وتحد كبير حتى لمن يسمون بالإعلاميين الإسلاميين أن يقدموا بدائل رصينة للطرح الإعلامي لأننا نريد أن نخرج من الطريقة التقليدية لعرض هذا الدين، إذا أرادوا أن يعرضوا هذا الدين حتى في الدراما فهو يستعين بأناس يلبسون لباس القرون الوسطى. إن هذا الدين هو دين الحياة دين العصر فتوجيهه يجب أن يكون توجيهاً قائماً بلغة العصر وبطريقته وبالبيان، أما إذا أردنا أن نحكي عن الدين فيجب أن نرجع ونعطي فكرة بأن هذا هو الماضي وكأننا نريد أن نشد المجتمع الإنساني إلى الخلف، هذا الدين يجب أن تكون برامجه الإعلامية برامج حية ومعاصرة فيها كل الرؤى التي تقدم كل إنجاز وتستفيد من كل إنجاز علمي قدم ومن كل صيغة في الطرح مهيأة وحاضرة وهذا يتطلب مختصين في الإعلام ولذلك فإن الإعلام الإسلامي في حاجة إلى كفاءات مؤهلة وقادرة، وهذا يحمِّل جامعاتنا ومؤسساتنا العلمية مسؤولية كبيرة في أن تعنى بهذا التخصص: "الإعلام الإسلامي" وأن تنفتح على العصر مع التمسك بالثوابت لإعداد جيل من الإعلاميين بل من القادة الإعلاميين الذين يعون الرسالة ويدركون كيف يواجهون التحديات بأسلوب العصر وبأدواته، وإذا لم نعِ هذه المسؤولية حتى في كليات الشريعة فإننا سنظل خارج الخضم، لا بد أن نكون وسط الخضم وذلك من خلال رؤية دقيقة وواضحة وهذا يمكننا من التأثير وهذا واجبنا الذي ألزمنا به المولى جل وعلا، أما موضوع دور المجمع في هذا المجال فنحن اقترحنا أن يكون هنالك تأهيل وتدريب في هذا المجال وأنا في لقاء أمس مع الأخوة الإعلاميين قلت لهم إنه يجب الاهتمام بهذا القطاع لأنه في أغلب الأحيان نجد أن المقدم هو الذي يسبب لنا الدوران بطروحاته وأسئلته التي غالباً ما تزحلق العالم وتدفعه إلى الإجابة بما ليس مفيداً وليس نافعاً، وبالتالي فالإعلاميون يجب أن يعدوا إعداداً من خلال دورات تدريبية وهذا ليس فقط في إطار الإعلاميين بل حتى في إطار الدعاة وفي إطار المواجهين لقطاعات عريضة من الأمة لا بد أن يكون إعدادهم إعداداً تأهيلياً متميزاً قائماً على معرفة بأحكام الشريعة أولاً، ومعرفة وسائل المخاطبة، ومعرفة الواقع الذي يخاطبون والمجتمع الذي يعيشون فيه وهذا فيه تحدٍ كبير لكل مؤسساتنا الدعوية ولا بد للمجمع أن يؤدي دوراً في هذا المجال بالتوجيه والتوضيح إن شاء الله.
نازك الإمام: سؤال من الأستاذة سهام مصطفى، بكالوريوس شريعة إسلامية تقول:
إلى فارس هذه الاثنينية إلى المفكر الدكتور عبد السلام العبادي: نهنئكم بذلك التكريم، أستاذي الفاضل ما نراه في هذه الأيام من مأساة فلسطين وغزة والعراق، ما المطلوب منا في هذا الوقت العصيب نحو إخواننا المسلمين وجزاك الله خيراً عنا وعن المسلمين.
الدكتور عبد السلام العبادي: أختي الكريمة نص قرار بيان مجمع الفقه الأول في هذا الموضوع على أن واجبنا نصرة إخواننا في غزة بكل ما نستطيع ولا يكلف الله نفساً إلاّ وسعها، الذي يستطيع بالكلمة الطيبة يقدم والذي يستطيع بالقرار كمسؤول أن يتخذه فيجب أن يتخذه، الذي يستطيع بالمال يجب أن يقدم المال، فالنصرة واجبة وهذه أحكام الشريعة فلذلك ونحن في مطلع بياننا وضحنا أن هذا هو حكم الله وأنه لا بد من بيانه، نحن نكتم العلم ونقصر في أداء الواجب، واجبنا أن ننصرهم وأن نقف معهم بكل ما هو ممكن وهذا أمر يقدمه كل في موقعه سواء كان مسؤولاً أو مواطناً عادياً أو موجهاً تربوياً، حتى أننا في بياننا الثاني طلبنا من كل علمائنا في جميع أنحاء العالم الإسلامي أن يوضحوا هذه الحقائق للأمة من خلال دروسهم وخطبهم في المساجد وغيرها لأنه بذلك تؤتى الأمور ولكن لا بد من أن تكون حقيقة هذا الأمر في إطار ما يحقق الخير ولا ينشر الفوضى ولا يؤدي إلى ما يسبب لا سمح الله إشكاليات أكبر من الأمور التي نريد أن نعالجها.
عريف الحفل: سؤال من الأستاذ غياث عبد الباقي يقول:
منذ فترة تم تشكيل لجنة الأمة ومواجهة تحديات القرن الواحد والعشرين الميلادي تحت مظلة المؤتمر الإسلامي فأين نتائج هذه اللجنة الهامة وإلى أين وصلت مسيرتها ونحن في أمة الإسلام نواجه تحديات كثيرة، نرجو من معاليكم إلقاء الضوء على هذه اللجنة؟
الدكتور عبد السلام العبادي: يا سيدي هذه اللجنة التي كنت شرفت بعضويتها قدمت عدة دراسات وتقارير عرضت على مؤتمرات وزراء الخارجية للدول الإسلامية، وتم اعتماد الكثير من تقاريرها من مؤتمرات القمة في مجال التحديات التي تواجه الأمة سواء كانت تحديات سياسية أو اقتصادية أو تربوية أو اجتماعية أو غيرها وانعكست كل هذه التوصيات في البرنامج العشري الذي أعدته المنظمة والذي أقره مؤتمر القمة الإسلامي الثالث، ليس المهم الدراسات وإنما التنفيذ ولذلك باستمرار في اجتماعات في منظمة المؤتمر الإسلامي لمتابعة أين وصل تنفيذ ما ورد في البرنامج العشري من توصيات ومجموعات محددة، في المجال الاقتصادي وطرح كثير من المعالجات لموضوع قصور التنمية في العالم الإسلامي، ضعف التكامل بين دول العالم الإسلامي في المجال الاقتصادي وقدمت معالجات، هنالك مؤسسات ترعى ذلك لكن هذا يحتاج في الحقيقة إلى متابعة وهنا لا بد من رجاء ملح لوسائل الإعلام وفي كثير من دولنا. وفي الفكر السياسي المعاصر يقال أن وسائل الإعلام هي السلطة الرابعة، والسلطة الرابعة في الواقع يجب أن تمارس دورها بالتذكير على الأقل، قلتم في قراراتكم بتاريخ كذا وكذا، واقترحتم مشروع كذا وكذا، أين وصل هذا الأمر، يسأل جميع المسؤولين على ذلك وليس في ذلك حرج وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ المُؤْمِنِينَ (الذاريات: 55).
نازك الإمام: سؤال من الأخت منال محمد الحسن من إعلام الجالية السودانية تسأل معالي الدكتور:
ما هي الفتوى التي أثارت جدلاً وقمتم بإجازتها خلال توليكم هذا المنصب؟ شكراً لكم.
الدكتور عبد السلام العبادي: مع احترامي للإعلاميين هذا أسلوب يريد أن يمشي في نسق الإثارة الذي تكلمنا عنه. في مجمع الفقه الإسلامي قضايا يخطط لها الآن في دورته القادمة، التي ستعقد في الشارقة باستضافة من سمو حاكمها تتصدى لعشرة موضوعات وكل موضوعات فيها آراء أخرى من هذه الموضوعات موضوع الحرية الدينية وأنتم تعرفون أن هناك كثيرون يتكلمون الآن عن حد الردة، لأن حد الردة يقصم ظهر الحرية الدينية، بمعنى أن الشخص ليس حراً، فإذا خرج من الدين تقيمون عليه حد قطع الرأس، فكيف تتكلمون عن حرية دينية وأنه لا إكراه في الدين وأنتم تمارسون هذا الأمر، هذا سيتصدى له المجمع. والحمد لله بدأت البحوث تصل وتعالج المسألة معالجة متميزة في إطار أن هذا الحد هو عقوبة المساس بالنظام العام وليس إلزاماً بالبقاء في الدين أو الخروج منه أو غير ذلك، هي قضية تتعلق بهذا الإنسان يهدد نظام أمن عام لدولة تعلن تمسكها بهذا الدين وأنها تحمل رسالة الله للناس كافة، مثال آخر موضوع حرية التعبير وضوابطه، كما تعرفون الآن فإن الغرب كلما تكلمنا عن تقييد سب الأديان يقولون لنا: حرية التعبير، وستوضح البحوث أن حرية التعبير هي حرية مضبوطة في إطار عدم الإساءة لآخرين. هذه هي حتى على مستوى القوانين المحلية إذا أراد الشخص أن يعبر فلا يسب الآخرين، أو يسفه أوضاعهم بحجة أنه حر، تستطيع أن تقيم دعوة ضده، وتقص رقبته وتكلفه تعويضاً حتى على مستوى وسائل الإعلام فلا تملك كل وسائل الإعلام حريتها في التنديد بالآخرين واغتيال شخصياتهم، هناك ضوابط للعملية، لا توجد حرية تعبير مطلقة ولكن هناك ضوابط لحرية التعبير ضمن قواعد تضمن أن لا تنقلب هذه الأداة إلى أداة لإيذاء الآخرين، أيضاً هناك موضوع آخر وهو موضوع التورُّق أو التوريق، فهذه قضية خصوصاً أن التورُّق متاح للبنوك الإسلامية وللمجامع فيه رأي وضوابط محددة في هذا الأمر وهنالك فتاوى عديدة قيلت بإجازته، والواقع أنها محل نقد لأنها لم تضع ضوابط وهذا دفع ببعض الجهات إلى أن تندد بمسلك بعض البنوك الإِسلامية حتى شيخ البنوك الإسلامية معالي الشيخ صالح كامل حضرنا له محاضرة قبل أيام بعنوان "البنوك الإسلامية بين التحايل والالتزام" هذا الموضوع يحتاج إلى مواجهة بالفتاوى، والحمد لله الدورة ستتوجه لتحديد الأمرين حتى لا تقع بالخطأ، موضوع العنف الأسري أيضاً تعرفين أن بعض الناس بحجة فاضربوهن يقول بتكسير رؤوسهن، ولذلك تمارس أبشع أنواع العنف الأسري وعلى أساس أن هذا تطلبه الشريعة وتدعو إلى ضرورة التصدي إليه وبيانه بشكل يوضح قواعد الإسلام بهذا الخصوص، فالحمد لله أن المجمع يواجه باستمرار قضايا الأمة بمعالجات سليمة ودقيقة قائمة على فهم دقيق لأحكام الشريعة.
عريف الحفل: سؤال من الأخ محمد إبراهيم يقول:
أعرف أن البنوك والتعاملات البنكية هي ربوية بشكل عام، سؤالي ماذا عن ما يسمى بالبنوك الإسلامية بعد أخذ بالاعتبار أنها تعطي زيادة أيضاً وربحاً على الأموال مثل البنوك العادية فما العمل، نتعامل أم لا نتعامل معها؟
الدكتور عبد السلام العبادي: يا سيدي الإسلام لم يحارب الربح بل دعا وبارك في التجارة ودعا التجار واعتبر التاجر الصدوق ممن سيحشر مع الصدّيقين والنبيّين والشهداء، فالإسلام ليس ضد الربح وأن تقوم عملية التعامل على تحقيق الربح للناس ليس خطأ، الذي نرفضه نحن هو الفائدة والفائدة هي مبلغ يعطى زيادة على القرض لا لشيء فعله المقرض إلا أنه مالك للمال ولذلك فإن النظرية الاقتصادية واضحة وبسيطة فالإسلام لا يجيز أن يكون مجرد امتلاك المال سبباً لامتلاك مزيد من المال، لا بد أن يشارك مالك المال حتى يزيد ماله باحتمالات الربح والخسارة وتعرضه للمخاطرة وهذا أمر حقيقة هو الذي يحرص مفكرو البنوك الإسلامية على ترسيخه في عمل البنوك الإسلامية، أن تقوم المؤسسة المالية الإسلامية بالتعرض لاحتمالات الربح والخسارة، لكن أن نحقق ربحاً لا ضير في ذلك ويجب أن يكون الربح معتدلاً، فانطلاقة البنوك الإِسلامية بالغت في أرباحها وتعاطت فكرة سيئة على أن هذه البنوك ليست فقط تحقق رباً وزيادة وإنما تحقق زيادة فاحشة، وهذا حقيقة يجب أن ينتبه إليه ويكون الربح معقولاً، فأنت عندما تسأله عن قدر نسبة المرابحة التي تشتغلون بها فيقول لك 9%، لكن 9% عندما تحسبها حسب قاعدة البيع والشراء فإنها تصبح حوالي 17% لأنك تظل تدفعها طوال المدة بينما البنك الربوي يعطيني قرضاً بـ 12%، فلذلك لا بد أن يواجهه العلماء وما يسمى بجهات الرقابة الشرعية. عمل البنوك الإسلامية باستمرار بالرقابة، اسمها جهات الرقابة وليست جهات استشارة، بمعنى أن تصون التعامل من أن ينقلب في أي لحظة من اللحظات إلى تعامل ربوي، ولذلك كثير من هذه البنوك في كثير من دولنا وضعت هذه العناوين ثم بدأت تشتغل كما تريد، هنا لا بد في الواقع أن ينتبه إلى أن التعامل شرعي مؤصل ومجاميعنا ولله الحمد وخصوصاً المجمع الفقهي الدولي قدم ضوابطاً دقيقة لكل هذه الصيغ ولذلك الآن ولله الحمد جمعية اتحاد البنوك الإسلامية أو الجمعية العامة للبنوك الإسلامية والتي يرأسها الآن الشيخ صالح أخذت قراراً بإنشاء هيئة رقابة اسمها هيئة الرقابة والتصنيف، دورها على مستوى الأمة أن تدقق في تعامل هذه البنوك في تحديد صحة هذه المعاملات التي تقوم بها على أسس من قواعد الشريعة الدقيقة، فنحن لا نريد أن نضع عناوين ثم بعد ذلك نقول للناس تعالوا وهكذا نمارس عملية ذبح وذبح شرعي حلال وهذا لا يجوز بأي صورة من الصور.
نازك الإمام: سؤال من الأخت منى مراد من جريدة البلاد ومجلة إقرأ، تقول:
هل في اعتقادكم أن مؤتمر حوار الأديان الذي انطلق نوره بتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز يحفظه الله من مكة المكرمة إلى العالم قد خدم الأديان السماوية بشكل عام؟ وشكراً لكم.
الدكتور عبد السلام العبادي: هذه من القضايا التي يوليها مجمع الفقه الإسلامي كل اهتماماته. وحقيقة المبادرة الكريمة التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله مبادرة تسجل بكل إشادة وتقدير لأنه بما للمملكة العربية السعودية من ثقل وبما لخادم الحرمين الشريفين من ثقل على المستوى الإسلامي والدولي أعطى هذا التوجه قدراً من المصداقية والمسؤولية أمام العالم ومن هنا عندما عقد مؤتمر مكة كان هدفه وأيضاً كان بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين تأصيل هذه الدعوة تأصيلاً شرعياً وحضره أكثر من خمسمائة عالم من علماء الشريعة الإسلامية ووضعوا ضوابط وأسساً وقواعد ضابطة لهذا الحوار وحقيقة هذا الحوار إذا لم تراع قواعده وضوابطه يخشى من أن لا يحقق أهدافه، ولذلك كان هذا الحرص من خادم الحرمين من أن تكون المبادرة الأولى هي لدعوة العلماء لتأصيل هذا الأمر ووضع قواعده الشرعية الضابطة، كان عملاً متميزاً ويشكل نوعاً من التأصيل لهذه الدعوة على أسس شرعية سليمة، ونحن في مجمع الفقه الإسلامي الدولي عالجنا هذا الموضوع وقدمنا رؤيتنا وشرحنا بالتفصيل هذه القواعد والضوابط وورقة للمجمع قدمت لذلك المؤتمر وهي موجودة على الموقع في المجمع وتبين بالتفصيل المنهج الدقيق لهذه المعالجة، وأنا في ظني إذا لم نفعل ذلك فنحن مقصرون في أداء واجب الدعوة لديننا وربنا جل وعلا لا يطلب منا أن نجادل أهل الكتاب وهذا الحوار والمجادلة كما تعلمون صورة متقدمة من صور الحوار قائمة على مواجهة الدليل بدليل أقوى، ربنا ماذا يقول؟ وَلاَ تُجَادِلُواْ أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ (من آية رقم 46: العنكبوت) يعني امتنعوا عن مجادلتهم إذا لم توطنوا أنفسكم على أن تكون مجادلتهم بالتي هي أحسن قمة حقيقة في الأداء والتوجيه وهذا ليس فقط إلى حوارهم، وإنما دعوة أن يكون حوارهم بالتي هي أحسن وبالتالي نعرض عليهم ما عندنا ويعرضون علينا ما عندهم، والبشرية الآن تواجه تحديات كثيرة إذا لم يتعاون أهل الأديان في مواجهتها، هذا الذي تكلمنا عنه وعن الظلم، فأصل مجيء كل الشرائع الإلهية هو تحقيق العدل في المجتمع الإنساني فكيف يقبل أهل الأديان هذه الممارسات التي تتم الآن في كثير من رحاب دنيانا، والاعتداءات التي تتم على الأسرة والاعتداءات التي تتم على الإنسان من حيث هو إنسان، الإغراق المادي، الخواء الروحي، التفصيلات الأخرى في مجال الجريمة والقلق النفسي كل هذا إذا لم يتعاون أهل الأديان لمواجهته فإن البشرية مقبلة على مستقبل حالك ومظلم ولذلك نحن نريد أن نهدي للمجتمع الإنساني، ما الضير في ذلك وما الحرج هذه خدمة حقيقية لهذا الدين العظيم وتعريف بمواقفه في كل قضايا المجتمع الإنساني.
عريف الحفل: سؤال من الأستاذ علي المنقري يقول:
نلاحظ أن هناك جهود مشكورة لبعض العلماء والمنظمات في الظرف الحالي الحرج كالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، ما هي النتائج المرجوة لهذه الجهود وبخاصة فيما يمر به إخواننا الفلسطينيون في غزة من حرب شرسة؟
الدكتور عبد السلام العبادي: يا سيدي كل هذه الجهود هدفها تبصير المجتمع العربي والإسلامي بأحكام الشريعة وبواجبهم في هذه الأمور، طلب التبصير بقدر ما يتوسع ويزيد الدعم لهم وبقدر ما يحقق إن شاء الله النتائج الطيبة والمؤثرة في رحاب مجتمعنا وخاصة عندما تقدم المعالجات التفصيلية، كما هو الحال في موضوع جمع التبرعات للشعب الفلسطيني كما ترون الآن وما يتعرض له من ضنك وشدة في مجال مواجهته لهذه القوة المتغطرسة المحتلة، أن تقوم هذه الجهات بتبصير المسلمين بواجبهم في ذلك وأن تقدم قطاعاتهم العريضة كل دعم ممكن لإخواننا هناك وخير مواجهة عملية فعلية لما يجري من ظلم ومن واقع ظالم ومتغطرس هناك، لذلك فإن اتحاد علماء المسلمين ومنظمة المؤتمر الإسلامي فهي كما نعلم جميعاً هي منظمة دولية وجميع الدول الإسلامية فيها، وفيها قيادة عليا وهي قادة الدول الإسلامية فلذلك هي منظمة سياسية شاملة لها دورها ولها مشاريعها ولها فعالياتها، فلا بد في الواقع من دعم هذه المنظمة على مستوى القادة وعلى مستوى المسؤولين وعلى مستوى القطاعات الشعبية ومؤسسات المجتمع المدني لأنها الأمل حقيقة في إيجاد هذا التعاون المتميز بين كل الدول الإسلامية وفي مواجهة التحديات، أيضاً جهات الفتوى واجتماعات العلماء في كل بلد هذه في غاية الأهمية، لأن دورهم دور رئيسي في تعريف الأمة بمسؤولياتها وبأحكام دينها وبالتالي اندفاعها لخدمة هذا الدين بكل فعالية وبكل نشاط، وربنا يوفقهم جميعاً لتحقيق المسؤوليات الكبيرة التي ألقاها ربنا جل وعلا عليهم، والله المعين والموفق الذي يختم الأمور إن شاء الله بكل خير وفضل منه جل وعلا.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :570  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 25 من 223
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة بديعة كشغري

الأديبة والكاتبة والشاعرة.