شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه))
الحمد لله الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، خير من تعلم وأعلم بالله، وعلى آله وصحبه.
الأستاذات الفضليات
الأساتذة الأكارم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
يسعدني أن نلتقي الليلة بمعالي الأستاذ الدكتور عبد السلام داود العبادي، أمين عام مجمع الفقه الإسلامي الدولي بجدة، إحدى الهيئات المنبثقة عن منظمة المؤتمر الإسلامي.
وقبل بدء هذه الفعالية نترحَّم على فقيد الشعر والأدب الدكتور خالد محي الدين البرادعي، الذي كرمته الاثنينية بتاريخ 28/10/1416هـ الموافق 18/3/1996م، وقد انتقل إلى جوار ربه مؤخراً، سائلين الله سبحانه وتعالى أن يتغمده بواسع رحماته ويسكنه فسيح جنانه.
في هذه الأمسية سأركز على ثلاث نقاط أساسية: أولها الترحيب بمعاليه كخير خلف لخير سلف، فهو يخلف معالي شيخنا الحبيب ابن الخوجه، ليس في موقع الأمانة العامة بالمجمع فحسب، بل في تواصله مع اثنينيتكم التي تفخر بأن سلفه كان يبرها مشكوراً بوشائج محبة شع نورها وألقها على كثير من أمسياتها عبر سنوات طوال.. وإنني على ثقة بأن معالي ضيفنا الكريم لن يألو جهداً في إمتاعنا بصحبته لننهل من فيوض علمه ونفيد من تجاربه وثاقب آرائه.. فأهلاً وسهلاً ومرحباً بمعاليه في بلده، بين أهله ومحبيه وعارفي فضله، نقف معه في صف العطاء، ونعاضده ونشد أزره في خضم العمل الكبير الذي يضطلع به مع أركان إدارته بمجمع الفقه الإسلامي الدولي.
والأمر الثاني أن نحتفي به شخصياً كواحد من أوعية العلم في عالمنا المعاصر، فقد اختصر معاليه حياته متقلباً بين متعلم، ومعلم، وعالم.. وحتى المناصب الإدارية التي تسنّمها بأرفع المستويات، والحقيبة الوزارية التي تقلّدها، لم تبعد كثيراً عن مرافئ العلم.. استطاع أن يواكب متغيرات العالم في شتى المجالات ويسهم بجهود مقدَّرة في استنباط الأحكام والضوابط التي تؤكد أن الإسلام رسالة خالدة وصالحة لكل زمان ومكان.. فكان من أوائل العلماء الذين كرسوا أوقاتهم للعمل على تطبيق النظرية والواقع، فكان الاقتصاد الإسلامي من الأهداف السامية التي أولاها عنايته منذ وقت مبكر، وهو من القلائل الذين يسقطون النظرية على أرض التطبيق العملي.. فكان جسوراً في توجهاته إلى ربط الزكاة بالمجتمع وحاجاته الأساسية.. كما اهتم بمسألة التعاون الإسلامي في مجالات الاستثمار الزراعي وفق أسس ومبادئ الشريعة.
إن معالي ضيفنا الكريم بما حباه الله من خصال الصبر، واستشراف المستقبل، صقلت شخصيته وأكسبتها كل مقومات التربوي الناجح، وقد أثمر هذا النجاح أجيالاً من حملة مشاعل العلم في جامعات عريقة بالأردن الشقيق.. واستطاع توظيف تلك المواهب لخدمة أهداف متعددة منها المساهمة في مجال الدعوة وتدريب الدعاة، والنهوض بمشاريع الأوقاف، وتأهيل الأئمة والوعّاظ، بالإضافة إلى العديد من الأعمال الطوعية.. والمشاركة في لجنة إعمار المسجد الأقصى وقبة الصخرة، فضلاً عن مساهماته المشكورة في مجال مراجعة المناهج التعليمية، وإعداد مواد تدريبية لتأهيل حملة الماجستير والدكتوراه في الاقتصاد الوضعي في علوم الشريعة اللازمة لهم.
أما مؤلفات معالي ضيفنا الكريم فتمثل حلقات تواصل بين فكره المتأصل في الشريعة والفقه والاقتصاد الإسلامي، ومحاولات جادة ومنهجية للتطبيق العملي لتلك المعارف.. وقد اكتسب الاقتصاد الإسلامي -رغم اختلاف وجهات النظر- أهمية متزايدة، خاصة بعد الأزمة المالية العالمية التي هزت أسس الاقتصاد الحر وخلخلت بعض المفاهيم الراسخة في آلية معالجة المشاكل المالية دون تدخل الحكومات، حيث شهد الجميع توتر المرونة المعروفة في الاقتصاد الحر وحاجته الماسَّة إلى تدخل الدولة لرفع سقف إمكاناته في التداول الطبيعي.. ولعله من حسن الطالع أن معظم مؤلفات معاليه تدور في فلك الاقتصاد الإسلامي الذي أصبح يشكل علامة مهمة في مسيرة الاقتصاد العالمي بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
الوقفة الأخيرة تتوج ما سبقها، وربما نعتبر السابق تمهيداً لها، وأعني بها موقع معاليه أميناً عاماً لمجمع الفقه الإسلامي الدولي، فهناك مقولة تشير إلى أن بعض الرجال يحملون المناصب، وبعضهم تحمله المناصب.. وأحسب أن ضيفنا من الفريق الأول ولا أزكِّيه على الله.. فهو يرتكز على رصيد كبير من العلم والخبرة في شتى المجالات.. وهي ثروة نجد أنفسنا في أمسِّ الحاجة إلى تكريسها لخدمة أهداف وآمال وتطلعات مجمع الفقه الإسلامي.. هذا الكيان الذي عمل بجهد وإخلاص لتدارس المستجدات التي تتحدر سراعاً نحو المجتمعات الإسلامية، فتؤثر سلباً أو إيجاباً بتوازناتها، وتحدث فيها خلال فترات قصيرة ما كان يحتاج إلى سنوات نظراً للطفرة التي أحدثتها ثورة الاتصالات بكل أشكالها المسموع والمرئي والمقروء وخاصة انتشار الإنترنت بصورة غير مسبوقة ما رفع سقف التحدي أمام كثير من المنظمات ومن بينها دون شك مجمع الفقه الإسلامي.. وهذا الحراك المتدثِّر بثياب الإعلام والتفاعل المشترك، والحوار، وقبول الآخر وغيرها من المصطلحات أصبح يحمل مدلولات لا تغيب عن فطنة المتابع الحصيف، وهي للأسف حركة ينبغي أن تؤدي إلى تلاحم بين الثقافات المختلفة لكنها في كثير من الأحيان تشكل عنصر ضغط على المجتمعات الإسلامية في الوقت الذي تتحصن فيه المجتمعات الغربية بمفاهيمها الخاصة عن الديمقراطية، وحقوق الإنسان، وحقوق المرأة، والمناهج التعليمية.. وكثير منها واجهات حق أريد بها باطل، فما يشاهده العالم بأسره من ترويع للمدنيين، وعمليات الإبادة والتطهير العرقي، يطعن في مصداقية تلك الواجهات البراقة عن الحضارة والإنسانية.
نعلم الدور الرائد الذي يقوم به مجمع الفقه الإسلامي الدولي، انطلاقاً من حرصه على (تحقيق إرادة الأمة الإسلامية في الوحدة نظرياً وعملياً وفقاً لأحكام الشريعة السمحة، ولتستعيد الأمة بالتالي دورها الحضاري الذي اضطلعت به على مدى قرون عدة حملت فيها نبراس التقدم وقادت فيها حركة التاريخ الإنساني على المستويات كافة).. وفي الوقت الذي تتزاحم فيه المسؤوليات نحمد للمجمع والقائمين عليه قيامهم بمشاريع كبيرة منها:
1- موسوعة الفقه الاقتصادي.
2- معجم المصطلحات الفقهية.. تعرف فيه المصطلحات طبقاً للمدارس الفكرية المختلفة.
3- التنظيم والتشريع (القانون) الإسلامي للدول الأعضاء.
4- تحقيق وفهرسة الكتب التي يتم نشرها عن الإسلام.
5- إحياء التراث الفقهي.
6- معلمة القواعد الفقهية.
7- مكتبة المجمع.
وكل من هذه المشاريع يستغرق الكثير من الوقت والجهد، والإمكانات المادية والبشرية.. ونأمل أن تؤتي أكلها بإذن الله قريباً ويعم نفعها العالم الإسلامي الذي يتطلع إلى تمكينه على مستوى المؤسسات والأفراد للاستفادة من ثمرات هذه المشاريع.. وحبذا لو سعى المجمع إلى تحويل مكتبته الثرية إلى مكتبة إلكترونية يستطيع المتلقي التعامل معها عبر شبكة الإنترنت من مختلف أنحاء العالم، لا سيما أن هذه التقنية أصبحت متاحة الآن وفي متناول كثير من المؤسسات.
إن خروج مثل هذه الأعمال من ثوب المحلية لتواكب المجتمعات الإسلامية بمختلف المستويات تحتاج إلى تضافر الجهود، خاصة مع وسائل الإعلام المختلفة.. وأحسب أن معالي ضيفنا الكريم يدرك ضرورة توفير مساحة كافية للإعلام لإلقاء الضوء على نشاطات المجمع وتكثيف تواصله مع المهتمين في المجتمعات الإسلامية التقليدية أو بين الأقليات في أوربا وأمريكا، والعمل على ترجمة فعالياته وإصداراته لاختراق الهيمنة الإعلامية التي تحاول ربط الإسلام بالتخلف والإرهاب وهضم حقوق الإنسان وتهميش المرأة وغيرها من المثالب التي ينبغي دحضها قبل أن يستفحل أمرها.
أتمنى لكم أمسية ماتعة في رحاب معالي ضيفنا الكبير، وعلى أمل أن نلتقي الأسبوع القادم لنحتفي بجامعة أم القرى وهي ترفع المزيد من القواعد لصرحنا العلمي العريق.
ويسعدني أن يرعى أخي اللواء الركن الدكتور السيد أنور ماجد عشقي، رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية، هذه الأمسية بجميل فضله.
وإلى لقاء يتجدد وأنتم بخير.
والسلام عليكم ورحمة الله.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :725  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 20 من 223
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الأستاذة صفية بن زقر

رائدة الفن التشكيلي في المملكة، أول من أسست داراُ للرسم والثقافة والتراث في جدة، شاركت في العديد من المعارض المحلية والإقليمية والدولية .