شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه))
بسم الله الرحمن الرحيم، أحمدك ربي وأصلي وأسلم على نبيك وحبيبك سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، السيدات الفضليات الأساتذة الأكارم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
سعداء أن نلتقي الليلة بعد طول غياب أملته ظروف العطلة الصيفية لنحتفي جميعاً بمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية ممثلةً في رئيسها معالي الدكتور محمد بن إبراهيم السويل الذي كرّس جانباً كبيراً من حياته لخدمة العلم سواء من موقعه الأكاديمي كعميد لكلية الحاسب الآلي بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن أو مشاركة في البذل العملي على أرض الواقع، فمرحباً بمعاليه وبجمعكم الكريم، ويطيب لي أن أغتنم هذه الفرصة وأهنئكم بالعام الهجري الجديد سائلاً المولى عز وجل أن يعيده عليكم متسربلين بالصحة والعافية وعلى الأمة الإسلامية بوحدة الصف والعزة والمنعة.
يهل علينا العام الجديد وقد خبا نجم لطالما زيّن ساحتنا الأدبية والثقافية بحجب وهجه وعطائه، نفتح دفتر عامنا دون أن يكون معنا حبيبنا الأستاذ السيد عبد الله عبد الرحمن الجفري الذي التحق بالرفيق الأعلى بعد معاناة طويلة مع المرض، فالقلب الكبير كان منهكاً بقضايا أمته، متفاعلاً مع أفراحها وأتراحها جعل فؤاده محبرة، وبرى أضلعه أقلاماً سطّر بها أجمل إبداعاته فكان له عمر ثانٍ في وجدان كل من أحبه وامتداد شريان عطائه للأجيال القادمة إن شاء الله، كرمته "الاثنينية" بتاريخ 12/10/1412هـ ثم شارك في أمسيتها بتاريخ 26/10/1426هـ احتفاءً باختيار مكة المكرمة عاصمة للثقافة الإسلامية، كما شرفت بطباعة ونشر مجموعته الكاملة من ستة أجزاء عام 1426هـ بالإضافة إلى كتاب الوفاء الذي ألفه بعنوان "محمد عبد الصمد فدا سابق عصره" عام 1428هـ وأردفنا ذلك بطباعة كتابه الموسوم "مشواري على البلاط" الذي لم ير النور في حياته وسوف تسبقه في الترتيب الزمني مجموعة قصصية ودراسات طبعت متفرقة ثم تليها أية أوراق نعثر عليها من مكتبته الخاصة، أو ما يردنا من أصدقائه، وستظهر تباعاً خلال هذا الموسم بحول الله (1) ، رحمه الله وأدخله فسيح جنانه وألهمنا وذويه الصبر وحسن العزاء.
إن عالم اليوم أصبح مليئاً بدهشة التقدم العلمي والتقني الذي ما فتئ يتحفنا كل يوم بل كل لحظة بفنون لا نهائية من التطور والرقي الذي أذهل الكثيرين وبات في طور دمج الخيال العلمي بالواقع، وجاست السنوات العجاف خلال الديار ترسم خطاً فاصلاً بينما كانت لأمتنا من ريادة سطرته أقلام المستشرقين أمثال "زيغريد هونكه" في كتابها الشهير "شمس العرب تسطع على الغرب" ومقالات لعلماء غربيين جمعتها الدكتورة سلمى الجيوّسي في كتابها "الحضارة العربية الإسلامية في الأندلس" الذي نشر بدعم من كتاب "الاثنينية" وغيرها من المؤلفات الكثيرة في هذا الباب مقارنة لما آل إليه الحال من تخلف مريع في نشاطاتنا العلمية والاقتصادية والصناعية والزراعية والعمرانية والطبية والثقافية وغيرها.
وإسهاماً في خروج الأمة من هذه الأزمات التي تأخذ بتلابيب بعضها البعض كان لا بد من وقفة متأنية تترسم الطريق وتضع علامات مضيئة هنا وهناك، فكانت مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية واحدة من أبرز المنارات التي تسعى إلى ربط المجتمع بمخرجات العالم وفق برنامجها المعلن والذي يشير إلى دعم وتشجيع البحث العلمي للأغراض التطبيقية وتنسيق نشاطات البحوث العلمية في هذا المجال بما يتناسب مع متطلبات التنمية في المملكة والتعاون مع الأجهزة المختصة لتحديد الأولويات والسياسات الوطنية في مجال العلوم والتقنية من أجل بناء قاعدة علمية تقنية في خدمة التنمية في المجالات الزراعية والصناعية والتعدينية، والعمل على تطوير الكفاءات العلمية، واستقطاب الكفاءات العالية القادرة لتعمل "المدينة" على تطوير وتطويع التقنية الحديثة لخدمة التنمية في المملكة، وتشتمل "المدينة" على متطلبات البحث العلمي كالمختبرات ووسائل الاتصالات ومصادر المعلومات.
وبالرغم من تلك الجهود والخطط إلاّ أن اسم مدينة الملك عبد العزيز للتقنية والعلوم ارتبط في أذهان كثير من المواطنين والمقيمين بعملية حجب بعض مواقع شبكة الإنترنت، ولو اقتصر الحجب على المواقع الإباحية لما تذمر هؤلاء المتذمِّرون المتعاملون مع هذه الشبكة العنكبوتية العالمية، إلاّ أنه تعدى ذلك ليشكل نوعاً من الوصاية على عقول الناس فضجّوا بالشكوى والتحجب على مواقع ليس لها علاقة بالأخلاق والأمن ولكن شدة الحذر وفتح باب سد الذرائع على مصراعيه أدى إلى تكوين تلك الصورة عن "المدينة"، واختفت للأسف كل جهودها خلف هذا الإجراء الوقائي، فجند مئات الشباب أنفسهم بكسر البروكسي كل يوم بل كل ساعة الأمر الذي جعل حجب المواقع عبئاً لا طائل من ورائه ولا فائدة ترتجى غير اكتساب سمعة لا تسر أحداً من القائمين على هذا الصرح العلمي الكبير فهل إلى خروج من سبيل؟
ولعلّه من حسن الطالع أن تأتي رئاسة معالي ضيفنا الكريم لهذا الصرح العلمي الكبير بعد مرحلة التأسيس وما يكتنفها من صعوبات، فمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية تشكل في تصوّري نواة لما ينبغي أن يكون عليه الحال في معظم الدول العربية والإسلامية، إذ يبقى الدور الريادي للعلوم التطبيقية بارزاً ومؤثراً في كل الأحوال، فالعالم تعصف به أزمات ليست خافية على أحد وسوف يشهد في المستقبل القريب أكثر من اختلاف في الناتج الزراعي بشقّيه النباتي والحيواني بالإضافة إلى ازدياد في الندرة المائية. ومثل هذه المعضلات لا يمكن مجابهتها إلاّ برصد علمي دقيق يحلل المقدمات ويضع الاستراتيجيات اللازمة لتخطّي الأسوأ المرتقب، فعندما تستنفر مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية طاقاتها للحديث عن بحوث التقنية الاستراتيجية فإن ذلك يجعلنا نطمئن إلى صحة توجهها نحو بؤر الصراع في مصادر المياه والنفط ومنتجاته وعلوم النانو وصحة البيئة وغيرها، وهي مجالات تتطلب الكثير من الجهد والسخاء في برامج المنح الدراسية لرفع الكفاءة الإنتاجية وترسيخ روح البحث والاختراع بين الشباب. ولكن تساؤلاً مشروعاً يلح عن الدور الفعلي الذي يفترض أن تقوم به "المدينة" بصورة بارزة ومؤثرة في حياتنا اليومية، فأين هي من مختلف قضايانا التنموية كرافد علمي يسهم في إثراء مسيرة التطور الحضاري وهل ستبقى في شرنقتها؟ وحتى تتضح الصورة نتساءل: هل هي أزمة برامج أم أزمة إعلام؟ لأننا عقدنا العزم لأن يكون في "المدينة" غطاء يليق بالإمكانات الكبيرة التي أفردت لها لتمضي قدماً في مجالات العطاء المعروفة بالمراكز العلمية العالمية ولتعرف أين تقف من عطاء هذه المراكز، وهناك عشرات الأسئلة التي يمكن أن تتناسل ونطلب أن تتفضل "المدينة" بالإجابة عنها بصورة علمية وليس بخطط وبرامج لا تنال حظاً مناسباً من التفعيل.
إن النزعة العلمية التي واكبت ضيفنا الكريم تجعلنا نتطلع لطرح برامج "المدينة" ونشرها ما يؤهل "المدينة" لتشق طريقها وتتبوأ مكانها اللائق بين مثيلاتها على مستوى العالم، سائلين الله تعالى أن يهيئ له كل أسباب النهوض بهذا المرفق العلمي الذي يمثل بوابة الانفتاح نحو المستقبل وفق رؤى تستوعب متطلبات القرن الحادي والعشرين ويتطلع إلى ما بعده من آفاق غير محدودة في أطر التقدم العلمي والتقني.
نرحب مجدداً بمعالي ضيفنا الكريم بين محبيه وعارفي فضله متمنياً لكم أمسية طيبة في رحاب العلم والازدهار التقني، وعلى أمل أن نلتقي الأسبوع القادم للاحتفاء بالسيدة الفاضلة الدكتورة لمياء باعشن أستاذة النقد والأدب الإنجليزي بجامعة الملك عبد العزيز والكاتبة الصحفية المعروفة والباحثة في التراث الشعبي والحجازي على وجه الخصوص؛ لتلقي الضوء على تجربتها النقدية والتراثية المميزة ونمنحها حقها من التكريم كفاء لما قدمت لمواطنيها ووطنها. و "الاثنينية" إذ ترحب بكل من يتعامل مع الكلمة تأمل من الجميع الإسهام بترشيح من يرون لتكريمهم من داخل المملكة وخارجها، مع التلطف بتزويدنا بسيرهم الذاتية لإثراء قاعدة البيانات بالإضافة إلى أي مقترحات أخرى ترفع مستوى أدائها سواء بالنسبة لأمسيات التكريم أو موقعها على شبكة الإنترنت، وهذه الأمسية يرعاها الزميل الأستاذ الدكتور جميل مغربي، وإلى لقاء يتجدد وأنتم بخير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :851  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 5 من 223
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة بديعة كشغري

الأديبة والكاتبة والشاعرة.