(( كلمة المحتفي الأستاذ عبد المقصود خوجه ))
|
ثم ألقى المحتفي سعادة الأستاذ عبد المقصود خوجه كلمة ترحيبية بضيفه والجمهور، فقال: |
- بسم الله الرحمن الرحيم. |
- الحمدُ لله المتفردِ بالكمالِ والجلالْ، والصلاةُ والسلامُ على سيدِنَا محمدٍ الرسولِ الأميِّ، وعلى آله وصحبه أجمعينْ. |
- أصحابَ الفضيلةِ والمعالي والسعادة.. إخوتي الكرام: |
- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. |
- أرحّبُ باسمكم جميعاً أجملَ ترحيبٍ بضيفِنا الكبير، وأستاذِ الجيل، وسَبطِ البيان، وخدينِ الأدبِ والشعر..، أستاذِنَا الفاضل الكبير محمد مهدي الجواهري، الَّذي تجشَّمَ مشقةَ السفر، وغيَّر برامجَهُ بعد انقضاءِ فعالياتِ مهرجانِ الجنادريةِ، ليشرفَنَا بهذا اللقاء الَّذي حقَّ لنا أن نعتبرهُ درةً في جبين (الاثنينية) باعتبارِها ندوةً قامت على عاتِقِكُمْ لتكريمِ الروادِ والمبدعين، وواصَلَتْ مسيرتَهَا بتوفيقِ اللهِ - سبحانه وتعالى - ثم مثابَرَتِكُمْ. |
- ونحن إذ نحتفِي اليومَ بأستاذنا الكبيرِ الجواهري، فإننا نحتفي بالمتنبِّي، والبحتري، وأبي تمام، وبعمالقةِ الشعرِ العربيِّ عبرَ عصورِهِ التاريخيةِ كلِّها.. ذلك لأن أستاذَنَا الجواهريِّ هو بحقٍ أحدُ أهمِّ عمالقةِ القصيدة العربية، استطاع بريادتِهِ الشعريةِ إضافَةَ دمٍ جديدٍ لجسدِ الشعرِ العربي، معيداً إليه شبابَهُ وعنفوانَهُ.. في زمن أوشكَ فيه على الاكتهالِ والترهل. |
- إن شاعرَنَا وأستاذَنَا الكبيرَ لم يأبَهْ بالصنعةِ في شعرهِ إطلاقاً رغمَ كثرتِهِ، فأوَّلُ ما يلفِتُ النظرَ إليه الصورُ الجديدةُ التي يطرِّزُ بها قصائدَه، فما أن تَقِفَ على صورةٍ جديدةٍ غيرِ مسبوقةٍ وتَغُوصَ في أبعادِهَا ذاتِ الأبعادِ المختلفةِ، وتملأَ نفسَكَ بجماليّاتِهَا الفريدةِ، ثم تواصِلَ الإبحارَ في زورقِكَ المسحورِ، فتكتشفَ أنَّ أستاذَنَا الجواهريِّ مدرسةٌ شعريةٌ قائمةٌ بذاتِهَا، أسهمَتْ في إثراءِ أدبِنَا العربيِّ وفي فَتْحِ مناطِقَ جديدةٍ في الخارطةِ الشعرية.. فهو من البقيَّةِ الباقيةِ من جيلِ العمالقةِ الكبار الَّذين أضاؤوا الطريقَ وقدَّمُوا الكلمةَ، فكانَتْ لهم ولأمتِهِمْ نبراساً ومناراً. |
- وكعادةِ كلِّ الشعراءِ تجدُ تطوُّراً قد يكونُ واضحاً أو ضمنياً في قالَبِ قصيدتِهِ، ولكنِّي أحسَبُ أنَّ أستاذَنَا الجواهريَّ قد اكتسحَ هذه القاعدةَ، فلن تجدَ إلاَّ شعراً قد انتصَبَ عملاقاً فوقَ منصةِ الإبداع، منذُ شبابِهِ الغَضِّ وعَبْرَ عمرِهِ المديدِ – بإذن الله - فاستقامَتْ له المعانِي وباتَت القوافِي صَرْعَى عندَ أطرافِ أنامِلِهِ يختارُ منها ما يشاءُ، وقتَمَا يشاءُ، وكيفما يشاء. |
- ولعلَّ من أبرز ملامِحِ شعرِ ضيفِنَا الكريم وأستاذِنَا الكبير، تأثّره بالقرآنِ الكريم، ويا له من أثرٍ محمودٍ أضفى على بلاغَةِ أستاذِنَا مسْحَةً نورانيةً وألقاً سماوياً، حلَّقَ بالجملةِ الشعريةِ فوق الأنماطِ المعروفةِ، وأكسبها بريقاً خاصاً، ثم مَهَرَهَا بصفاتٍ متفردة جعلتْ من شعره غابَةً أسطوريةً، وحَجَرَتْ دخولَهَا على غيرِ حوريّاتِ الجواهري.. فلن يجدَ القارئُ في شعرِهِ كلِّهِ ولو حفنَةَ أبياتٍ مكرورةٍ أو تناسخاً للصورِ الشعرية، وتلك هي أهمُّ سماتِ العبقريةِ الشعريةِ لأستاذِنَا الجواهري. |
- ومَلاَمِحُ شعرِ أستاذِنَا الجواهريِّ أكثرُ من أنْ تُحْصِيَهَا هذه العجالةُ، ذلك لأنه لم يتركْ مجردَ بَصَمَاتٍ في هيكلِ الشعرِ العربيِّ المعاصِرِ، بل تركَ علاماتٍ فارقةً، ومدرسةً ذاتَ جَرْسٍ، ولغة، وصورةً خاصةًبها..، حيثُ استفادَ مِنَ الثقافاتِ الكثِيرَةِ والمتعددةِ التي احتك بها وعايَشَهَا معايشةً تامةً، سواء كان في إيرانَ شرقاً أو أوروبا غرباً..، ووظَّفَ علاقاتِهِ ومعارِكَهُ وأفراحَهُ وأتراحَهُ..، وسبكَ تلك التجارُبَ والمعارفَ في قوالبَ لفظيةٍ سهلة، أضافتْ في نفس الوقتِ بُعْداً جديداً للمعنى الَّذي يحاولُ أن يُوصِلَهُ للمتلقِّي، فقفز بذلك فوقَ حاجِزِ الملَلِ الَّذي كثيراً ما يُحْبِطُ محاولاتِ المبْدِعِ للعبورِ إلى المتلقي في أقصرِ وقت. |
|
- كما يمتازُ شعرُ أستاذِنَا الجواهري بتناسُقِ اللفظِ والمعنى، وتشابُكِهِ مع الموسيقى الداخليةِ للفظِ في حدِّ ذاتِهِ تبدو أكثرَ بروزاً عندما تختلطُ بموسيقى القصيدة كلِّها.. في جرسِهَا وتكامُلِ بُنْيانِهَا، ولا يكتفي شاعرُنَا بذلك، فتطِلُّ علينا الصورُ الفريدةُ من غُلاَلَةِ هذا الجمالِ الأخاذ، فتنداحُ في النفوسْ، وتختلط بذراتِ الشاعر، ويتوحَّدُ المتلَقِّي مع المُبْدِع..، وتلك قمةٌ لا تدانيها قِمَمُ الأولُمْبِ ولا عُرُوشُ أَبولّو. |
- هنيئاً لنا - أيها الأحبة - بهذا العَلَمِ الَّذي أكرمنا اللهُ - سبحانه وتعالى - بالاحتفاءِ به، لنستزيدَ من عطائِهِ الَّذي لا يَنْصَب، وفكرِهِ المتألِّقِ، وحساسِيَّتِهِ المرهفةِ للجمالِ والإبداع..؛ وأقتصرُ حديثي - أيها الأحبةُ - رغمَ كثرةِ مناقِبِ أستاذِنا، فالحلبَةُ مليئةٌ بفرسانِ البيان، وكلُّ لحظةٍ نستمعُ فيها لهم ولأستاذِنَا وضيفِنَا الكبيرِ.. لن تقدَّرَ بثمَن. |
- وأكرّرُ شكري لشاعرِنَا الكبيرِ على تفضُّلِهِ علينا بهذا اللقاءِ، الَّذي طالما تَمَنَّينَاهْ، والحمدُ لله الَّذي هيأه لنا وحقَّقَ أُمنيَتَنا، والشكرُ موصولٌ للأخ الأستاذِ يحيى السماوي، على ما بذله من جهد ووقت ليجعل الحلمَ واقعاً مُعَاشاً. |
- ويسعدني أن أذكِّرَكُمْ بأن ضيفَنَا في الأمسيةِ القادمةِ سيكون سعادَةَ اللواءِ الشاعِرِ الكبير علي زين العابدين، فمرحباً بكم مجدداً للاحتفاءِ به والاستزادةِ من أدبِهِ وعلمِهِ وفضلِه. |
- والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. |
|
|