شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
مآزق النشر وأبعادها!؟
قصيدة "أحمد حجازي" وتوابعها!؟
المأزق الثاني مع الكتاب والشعراء: نشأ من تعامل "الشرق الأوسط" ومجلة "المجلة" مع الشاعر الكبير/أحمد عبدالمعطي حجازي.. فقد نشرنا له قصيدة جديدة في العدد (262) من مجلة (المجلة) بتاريخ 19/2/1985م الذي تلى العدد الذي ضم قصيدة (البياتي) الضجة!!
كان عنوان القصيدة: (مطاردة الوجه الهارب) التي أهداها للفنان التشكيلي المصري/جورج البهجوري.. وهذا نصها:
سلمك العالي، إلى أين يؤدي؟
درج يصعد،
والروح تحن للقرار
وسان لويس يرتدي دخانه الشاتي
وقبعاته
وأنت في لغو الرذاذ والحجار
في برتقال الضوء تنقل الخطى
في عبق من البهار
فراشة
تجمع ما ضيعت الرحلة من ألوانها
طفل قديم مبحر في زهرة البشنين
ناصب شباكه لأقمار النهار
* * *
وبين أيديك كراكي تناوش الفراغ بالجناحين
وتقطع المدار بالمدار
وثم في أيقونة وجه ملاك
أوجيو كاندا بعينين تفيضان اشتهاء صامتاً
لا ينطفئ له أوار
وليس في الحاضر إلا كتل من أوجه خرساء
من حوائط عالية صماء
رعب حجري وذهول وانتظار
ثور خرافي يجيء كل ليلة
ويمشي تحت مصباح جليدي
ويمضي
دون أن يترك من صورته إلا البوار
* * *
سلمك العالي، إلى أين يؤدي؟
درج يصعد
والروح تحن للقرار
وسان لويس يرتدي دخانه
ويمنح الأغراب وجهه الجميل المستعار
وأنت في لغو السلالات وحيد ضائع
تخصف من إيقاع وقتين على الصمت
وتجبر انكساراً بانكسار
كيف ترى ما لا يرى
وتقنص الرؤية والذكرى معاً
وكيف تبني من دمار!
الاستعارات غوايات
ولا يترجم اللذة والموت سوى اللذة والموت
وها أنت سدى تعدو
وراء وجهها الهارب خارج الإطار
بيداء من لون
شظايا جسد في مطلق من عرى ردفيه
ومن نزوته نبض يشيع في الغبار
لا شيء في اللون سوى اللون
شراب غاض
وارتدت ثيابها
وخلفت فوضى السرير، ورطوبة الجدار!
* * *
وكان بيني وبين الشاعر/أحمد عبدالمعطي حجازي تواصل بالرسائل، وبالهاتف، وقد زرته مرة في باريس، ومحضني صداقة خالصة حسبتها ستدوم طوال العمر... لولا طبائع البشر!!
عندما توقفت عن العمل في "الشرق الأوسط" توقفت اتصالات الكثير من الكتاب بي، ومنهم صاحبنا الشاعر الكبير/أحمد حجازي، فلما عدت إلى "الشرق الأوسط" ثانية: فوجئت برسالة منه من باريس بتاريخ 4/5/1984م، كتب لي فيها:
أخي الأستاذ/عبدالله:
يجب أن أعبر لك أولاً عن سعادتي بعودتك للإشراف على الصفحة الثقافية، فهي في حاجة ماسة إلى مواهبك، كاتباً وصديقاً للكتاب والفنانين.. كما يجب أن أعبر لك أيضاً عن امتناني لاهتمامك بما أكتب، وأرجو أن أكون عند حسن ظنك وحسن ظن القراء.
تكرمت فطلبت مني بعض ملحوظاتي على الصفحة، وذلك قبل توقفك عن العمل في "الشرق الأوسط" وها أنا أجملها فيما يلي بعد عودتك:
أولاً: الصفحة في حاجة إلى أسماء مع احترامي لمن يكتبون فيها الآن.
ثانياً: لا بد من المحافظة على مستوى معتدل، ففي بعض الأيام لا تظهر فيها إلا أحاديث مع فنانين وكتاب لا يمثلون شيئاً كبيراً، وأنا من الذين يعتقدون أن الأحاديث لا ينبغي أن تكون مادة أساسية في الصفحة.
ثالثاً: القراءة عادة ولذلك لا بد لها من تنظيم، أقصد أن من حق القارئ أن يعرف ماذا سيقرأ اليوم وغداً وبعد غد، وهذا يتحقق من ناحية عن طريق بعض الأسماء كل منها في يوم، ويتحقق كذلك عن طريق الاهتمام بمختلف الفنون وتوزيعها على صفحات الأسبوع... أعني: أنه لا بد من تعليق وأخبار حول المسرح، والموسيقى، والفنون التشكيلية، والكتب الجديدة... الخ.
رابعاً: يستحسن أيضاً متابعة الحركة الثقافية في بعض العواصم الأجنبية باريس، لندن، نيويورك.
خامساً: هناك بعض المواد الأدبية التي تستغرق مساحة كبيرة ولا تصلح -على أهميتها- إلا للكتب، كما أن إخراجها غير مشجع على القراءة.
سادساً: باب في عيون الشعر يحتاج إلى اهتمام أكثر في الاختيار، وأنا شخصياً أفضل أن يتسع لكل مواد التراث، فنختار له النصوص الجميلة المفيدة في النقد والفلسفة والعلوم العربية، فضلاً عن الشعر والنثر الفني.
سابعاً وأخيراً: أرجو إعادة النظر في مكان الصفحة الحالي وإرجاعها إلى مكانها الأول، وليس من سبب لذلك إلا أن القراء اعتادوا المكان القديم، وقد بدا تأخيرها كما لو كان موقفاً من الثقافة وبالتالي موقفاً من المادة التي تنشر فيها والقراء في منتهى الذكاء.
أرجو أن ينشر ردي على مقالة الأستاذ/رجاء النقاش أولاً، وهو بعنوان: "اختلاف الأخوة"، ثم تنشر المقالة الأدبية عن كتاب "البشير بن سلامة" وعنوانها: "البشير بن سلامة وتطعيم الفصحى بالعامية"، وتليها المقالة الأخيرة "تطعيم الفصحى بالعامية مستحيل".
* * *
وتوالت اتصالات الشاعر الكبير (مجدداً) بعد عودتي، حتى ودعت كل مطبوعات "الشركة السعودية للأبحاث والتسويق": الشرق الأوسط، المجلة، سيدتي.. فانقطعت رسائله، وهواتفه من باريس، حتى يومنا هذا!!
أما تلك القصيدة التي احتفينا بنشرها في (المجلة) مع لوحة للفنان "البهجوري"، وجاء نشرها مباشرة بعد قصيدة "البياتي"... فقد تناولتها بعض الصفحات الثقافية بالنقد، ومما كتب عنها:
- (إن مستوى القصيدة عادي جداً قياساً لما قدمه الشاعر الحجازي.. إضافة إلى الجوازات الموسيقية (والروح تحن للفرار، ناصب شباكه لأقمار النهار).. والجوازات الأسلوبية (في عين من النهار).
إن هذا مثال يجعلنا نخشى من عملية تزوير أخرى كالتي حدثت مع الشاعر البياتي، وإن لم تكن كذلك فإن القصيدة مؤشر خطر ينذر بنهاية عادية لشاعر كبير)!!
ويبدو أن الشاعر الكبير "أحمد عبدالمعطي حجازي"، قد اعتزل الشعر فيما بعد، فاختفت قصائده، واكتفى بأن يكون كاتب مقال أسبوعي في "الأهرام"!!
فهل اتخذ (الشاعر) قراره الصعب بأن يطلق الشعر للأبد؟!
وهل ينضب الشاعر ويجف إبداعه في مرحلة العمر المتقدمة؟!
لقد كان الشعر بالنسبة للشاعر/أحمد حجازي: قضية صال من خلالها وجال.
إنه يذكرني اليوم بطرفة قديمة جداً، ربما تنطبق على الشعر، أو لا تنطبق، ولكنها في مجال التفكه على درب الكتابة الطويل والشاق.
تقول الطرفة:
- تلقى رئيس تحرير مجلة (لايف) هذا الخطاب من أحد القراء:
عزيزي رئيس التحرير: كانت زوجتي تعتزم هجري، ثم حدث أن قرأت قصتك التي كتبتها في مجلة (لايف) عن قضية طلاق، وقد عادت الآن تقول أنها تنوي البقاء معي، فأرجو إلغاء اشتراكي من مجلتكم!!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :719  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 24 من 39
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ محمد عبد الرزاق القشعمي

الكاتب والمحقق والباحث والصحافي المعروف.