شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
مراحل متلاحقة لإثراء التجربة!؟
تلك مراحل غير عادية في صياغة (الصحافي) داخلي، وربط مستقبلي بالعمل صحافياً وكاتباً حتى الرمق الأخير فيما يلوح.. بعد أن لمست في قدراتي: أنني لن أصلح (موظفاً) أركض وراء الصادر والوارد، وأحرر معاملة... فالعمل في قناعاتي هو: حركة، وانطلاق، وتجدد.
ومنذ انطوت مرحلة طفولتي واستقبلت سنين عمري الغض.. كان بدء دخولي إلى معترك الحياة بانتقالي وأسرتي الصغيرة آنذاك: زوجتي/أم وجدي، وابنتي البكر/زين وابني الأول/وجدي إلى مدينة جدة، ربما فراراً من تدجين الوظيفة التقليدية لي منطلقاً نحو عمل أحقق من خلاله حركة الأغصان داخلي.
ووجدت نافذة أطل منها بقلمي وكلماتي، مثل كتاب الشباب في سني، وتمثلت في صدور صحيفة بحجم (التابلويد) عنوانها: "الأضواء" قام على إصدارها أسبوعياً شابان أديبان طموحان هما: محمد سعيد باعشن، وعبدالفتاح أبو مدين.. ومن أهم أهدافها: استقطاب الأقلام الشابة والصاعدة لمنح أصحابها فرصة النشر والتجريب... فساهمت بالكتابة بين فترة وأخرى.. وربط الاحترام بيني وبين الأستاذ/عبدالفتاح أبو مدين بحكم شخصيته الجادة، وعشقه لأدب/د. طه حسين، فعرف بصفة (الطحسني).. أما/محمد سعيد باعشن -رحمه الله- فقد نشأت بيني وبينه صداقة ومودة، وإن كان يكبرني في السن قليلاً، ونتوافق في الآراء والرؤية، وكان شديد الاعتزاز بـ (خاله) الشاعر الكبير/محمد حسن عواد، الذي لن أنسى مبادرته معي أو لي، وهو يخصني بأول رسالة أتلقاها من أديب كبير بعثها بالبريد من جدة إلى مكة المكرمة حيث كنت أسكن في مسقط رأسي/مكة المكرمة.. ولما أطلعت والدي عليها، قال لي:
- لا بد أن ترد عليه وتشكره.
وتعبت يومها في كتابة ردي على رسالة هذا الشاعر الكبير، وأذكر أنني مزقت الكثير من الأوراق حتى خلصت إلى صيغة أطلعت والدي عليها، وأعجبته وتولى هو إرسالها بالبريد.
واستعدت مع صديقي/محمد سعيد باعشن هذا الموقف.. وبمرحه المعتاد قال لي:
- لقد وحد بيننا حبنا لهذا الرجل!
وما لبث الصديقان/باعشن وأبو مدين أن أقفلا الجريدة بسبب قلة الإعلانات والدعم المالي... لكن الأستاذ/عبدالفتاح أبو مدين لم يستسلم بوازع من صلابته وإصراره، ورتب أموره حتى فاجأني بعد فترة لم تكن قصيرة بإصدار صحيفة أخرى بنفس الحجم، تكفل بدعمها مالياً ورأس تحريرها وسماها: (الرائد) لتواصل مشوار هدف استقطاب إبداعات الشباب... حتى صدر نظام (المؤسسات الصحافية) الذي خدمه ونفذه أول وزير للإعلام: الأستاذ/جميل الحجيلان!!
* * *
المؤسسات الصحافية:
لم يرض هذا النظام (ملاَّك) وناشري الصحف، وعلى رأسهم الصحافي الكبير الأستاذ/حسن قزاز، الذي واصل الإعلان عن رفضه لهذا النظام، وكانت شكواه المريرة: أن وزارة الإعلام لم تقم بتعويضه مادياً منذ حولت صحيفة (البلاد) إلى مؤسسة صحافية تضم عشرات المساهمين.. وبقي حتى رحل إلى رحمة الله وهو يقول: وزارة الإعلام غمطت حقوقي ولم تعوضني.
ونشأت مجموعة مؤسسات: مؤسسة مكة للطباعة والإعلام، مؤسسة البلاد، مؤسسة المدينة المنورة، مؤسسة اليمامة، مؤسسة الجزيرة، مؤسسة اليوم.
وكأن توجه الصحافة قد تبلور بملامح أخرى، من أخاديده الملحوظة: عدم التوفيق في اختيار أو تعيين بعض أعضاء هذه المؤسسات ممن قام اختيارهم على قيمتهم المالية بهدف دعم المؤسسة اقتصادياً، وممن لا ينتمون إلى الصحافة ومعرفة احتياجات مطبوعاتها!
* * *
محطة صحيفة المدينة المنورة:
العمل مع الأخوين/هشام ومحمد علي حافظ لمن يتوق لإضافة خبرة صحافية إلى تجربته.. لا بد أن يشكل مكسباً من زمالة هذين الصحافيين الكبيرين، بل والمتحمسين غير العاديين لإنجاح العمل الصحافي الذي يتصديان لإدارته.
وعندما كانت صحيفة "المدينة المنورة" تطبع في مطابع كيلو خمسه/طريق مكة المكرمة: تسلم رئاسة تحرير المدينة/السيد هشام علي حافظ، يساعده/محمد علي حافظ.. وقد نهضا بإخراج الصحيفة، ودعَّما مادتها بأفكار صحافية حديثة ومتطورة، وحشدا لها نخبة من الكتاب والمحللين، والمراسلين... وتلقيت دعوة كريمة من "السيدين" للمشاركة، وأوكلوا إليَّ الإشراف على صفحة الأدب، وإلى الأستاذ/بدر كريم الإشراف على صفحة فنون.. وكان التعاون مريحاً في مناخ الألفة والتفاهم، ولكنه لا يخلو من مواقف حرجة، ومواقف تحقق السبق الصحافي الذي كان ينشده/هشام ومحمد علي حافظ.
وأذكر أنني نشرت قصيدة في صفحة الأدب للشاعر الكبير/عبدالوهاب البياتي، كان يميل فيها إلى الرمز، وإذا بالدنيا تموج من حولنا، والأسئلة تتدافع:
- هل بعث الشاعر بهذه القصيدة إليكم يخصكم بالنشر، ومن سمح بنشرها، وكيف تنشرونها؟!
حملت المجلة التي نشرت القصيدة وكانت تصدر من بيروت (الآداب) وعرضتها على إدارة الرقابة.. وفوجئت بسؤال مباشر:
- ما الذي حملك لاختيار هذه القصيدة ونشرها؟!
- قلت: عدة أسباب.. من أهمها: أنني أردت تقديم أحدث قصيدة لهذا الشاعر، فليس كل عشاق الشعر تصل إليهم مجلة (الآداب) التي كانت ممنوعة إلا عن طريق السفر... ولأن القصيدة جميلة وحافلة بالصور الإبداعية.
- سألني: المراقب: بس؟!
- قلت: بس... بفتح الباء أو كسرها!!!
أما الموقف الآخر: فقد عانى منه زميلي محرر صفحة (فنون) الذي كان يوقع باسم: (مايك):
اعتاد الناس أن يتجمعوا ليلة أول جمعة من كل شهر لسماع حفلة "أم كلثوم" عبر الراديو... وسبق الزميل الحدث، وكتب موضوعاً مستفيضاً وصف فيه أجواء الحفل، وإبداع (ثومه)، وأغنياتها!!
وكانت المفاجأة في صباح اليوم التالي الذي نشر فيه الموضوع: أن الحفلة ألغيت ولم تغن "أم كلثوم"... وجلس هشام ومحمد علي يبحثان عن تبرير يصلح تعجل الزميل المحرر!!
ولم يطل بقائي في صحيفة "المدينة المنورة"، ولم أكن أعلم أنني سأعود إليها في فترة أخرى، كان قد تسلم رئاسة تحريرها بعد سنوات الصحافي الكبير الأستاذ/أحمد محمود!
* * *
ملحق الأربعاء:
ولي مع "أحمد محمود" حكاية... كان الشاهد الرئيسي عليها وفيها: الصديق الحبيب الأمير الشهم/تركي بن عبدالعزيز:
فقد اتصل بي (صديقي) وزميلي في مهنة الصحافة، وكان على رأس تحرير صحيفة "المدينة المنورة" للتحاور في موضوع، وفي اللقاء فاجأني بطرح فكرة إصدار ملحق أسبوعي من خلال الصحيفة اليومية؟!
- قلت: الفكرة جميلة لو وفرت المؤسسة الإمكانات المادية التي تدعم استكتابنا لأقلام معروفة، واستعانتنا بمحررين أكفاء.
- قال: حصل... فالمحررون متوفرون في الصحيفة، اختر منهم من تشاء للتعاون معك، والكتاب عليك ومدى علاقتك التي نعرفها.
واتفقنا أن نسمي الملحق: (الأربعاء)، والتف حولي (نجوم) المحررين في الصحيفة، ليصدر العدد الأول بتاريخ 19/4/1403 هـ/الموافق 2/2/1983م، وكتبت افتتاحية بعنوان: (بسم الله) قلت فيها:
نحن لا نرغب أن نطرح سؤالاً على القارئ العزيز من خلال مطبوعة أسبوعية، فنقول له: هل تريد أن تقرأ؟!
فالقراءة الصحيحة، والمعرفية، والمثمرة، هي للكتب وفيها، وهذه ميزة أصبحنا نفتقدها في عصر جنون السرعة، وركض المطالب، وكثافة العمل، وانتحار الوقت.. حتى أصبحت قراءة الكتب مهمة شاقة لا تتوفر إلا لمتفرغ أو متكئ على الوقت!
ولكننا -أسرة مؤسسة المدينة- فكرنا أن نغير "طبق الأسبوع" الذي اعتادت صحيفة "المدينة" أن تقدمه لقرائها عبر العدد الأسبوعي الأربعائي، ولا بد أن نختار طبقاً جديداً، ونظيفاً وجميلاً ولا يحدث (التلبك) الفكري أو الذهني، ولا أدعي أننا جلسنا نخطط لطهي هذا الطبق وقتاً طويلاً، ولكن طول الوقت استغرقناه في اختيار "الفاكهة" التي تقدم مع الطبق، وأن تكون شهية وناضجة.. فكانت "الفاكهة" ممثلة في تركيزنا على الإخراج!
ولكننا نلتزم -للقارئ- أن نحرص على تقديم طبق أسبوعي شهي ومغذٍ ومعرفي.
واحتار ابتكارنا في إيجاد تسمية لهذا العدد الأسبوعي الذي نسعى إلى أن ننشئه تنشئة صالحة، ونكبره ليكون له كيانه وشخصيته المستقلة في المستقبل، واقترح زميلنا الرئيس (أحمد محمود) أن نسميه: (الأربعاء).. وراقتني الفكرة، فهذا العدد الأسبوعي ينتمي في محتواه إلى الأدب والثقافة والفنون، فلا بد أن تكون بطاقة هويته: أدبية، واستعدت ما قاله الدكتور (طه حسين) وهو يصدر كتابه المعروف بعنوان (حديث الأربعاء) فقد كان ينشر مقالات ذلك الكتاب في مجلة "السياسة" كل يوم أربعاء، ونحن نصدر هذا العدد صباح يوم الأربعاء، وطه حسين استعار هذه التسمية من الناقد الفرنسي الكبير (تن) الذي كان يكتب في الصحف: (حديث الاثنين) ولكن طه حسين اختار الأربعاء.. لأن كثيراً من الناس لا يحبون هذا اليوم، ويطلب منهم أن يحبوا (الأربعاء) من أجله!
ونحن نتمنى من قرائنا أن يحبوا (الأربعاء) لأننا نقدم لهم فيه، ما نحرص على أن يكون غذاء لعقولهم ولأرواحهم، وأن يتقبلوا هذه التجربة (الأولى) بما نكنه من محبة وعهد على التجديد، وتقديم الجديد والمفيد دائماً!!
وتوجنا صفحات هذا العدد الأول بكلمة خصنا بها: الأمير "تركي بن عبدالعزيز" تحت عنوان: (الكلمة.. موقف)... وساهم بالكتابة في افتتاحية هذا الملحق: معالي الشيخ/حسن بن عبدالله آل الشيخ، معالي الأستاذ/محمد عمر توفيق، د/مختار الوكيل.. وأثرى صفحاته الأساتذة: محمد حسين زيدان، ذيبان الشمري، سباعي عثمان، د/عصام خوقير، الشاعر/مقبل العيسى، الشاعر/عبدالعزيز خوجه، د/فاروق الخطيب، د/حسن باجوده، الشيخ/أبو تراب الظاهري، غالب أبو الفرج، علوي الصافي، د/طاهر التونسي، علي العمير، عبدالله عمر خياط، علي حسن فدعق، فهد العريفي، عابد خزندار، علي حسون، ثريا قابل، ناصر بن جريد، عبدالمجيد شبكشي، د/محمد عبده يماني، حسن قزاز، شاكر النابلسي، محمد صادق دياب، عبدالله باجبير، يحيى باجنيد (بالكلمة والريشة)... وغيرهم من الأدباء والصحافيين الكبار والمبدعين، والفنانين.
وقد لاقى هذا الملحق إقبالاً فوق المتوقع له، وكانت صحيفة "المدينة المنورة"/الأم لهذا الملحق: تنشر كل صباح رسائل من كبار المسئولين ومن المثقفين، تشيد بمضمون وإخراج (الأربعاء).
وركزت كل جهودي ووقتي لاستمرارية (الأربعاء) على درب التطور... حتى فوجئت يوماً بخطاب من الأخ/أحمد محمد محمود، رئيس تحرير الصحيفة و (مديري) يطلب مني فيها: ضرورة حضور اجتماع أسبوعي أو نصف أسبوعي لهيئة التحرير، وصارحت (صديقي) أحمد قائلاً:
- تعرف عني أنني أنفر من هذا الأسلوب "الإداري": الاجتماعات التي أعتبرها تسرق الوقت من الإنجاز الأهم للمطبوعة إلى ضياع أكثر من ساعة في نقاشات لا أحسبها إيجابية تنعكس على تطوير المطبوعة.
- قال لي: وكيف قبلنا جميعاً بهذا النهج المعتاد في الصحف؟!
اعتذرت عن حضور هذه الاجتماعات، وربما اعتبرها (الصديق) أحمد محمود: تمرداً مني، أو كسراً لأوامره... فعمد إلى ما فاجأني به ذات صباح، إذ وجدت على مكتبي (مذكرة) بتوقيعه يطلب مني فيها: تسليم مسئولية الإشراف على (الأربعاء) إلى زميل آخر، واعتباري (مفصولاً)!!
وجاء في نص الرسالة:
- سعادة الأستاذ/عبدالله الجفري
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
وبعد -فقد كان حرصي منذ تلطفكم بالموافقة على الانتظام في أسرة (مؤسسة المدينة للصحافة) أن أشرح القواعد الأساسية التي يسير عليها العمل في جريدة (المدينة المنورة) وهي تدور على التشاور المستمر والنقد الذاتي عبر الاجتماعات الدورية... وقد ذكر سعادتكم عدم الرغبة في الاشتراك في هذه الاجتماعات، رغم حرصي الشخصي على أن تتفضل على أسرة الأربعاء بذلك.. وحرصي على التمسك بالاجتماعات الدورية غير قابل للتراجع مطلقاً تحت أي ظرف ولأي سبب!!
وقد لاحظت أن هذا يسبب لك حرجاً، ولذلك فإني أجعلك (في حل) من الإشراف على (الأربعاء) ابتداءً من الآن... وإذا رأيت إحالة ما لديك من مواد أسرة تحرير (الأربعاء) إلى الأستاذ/يحيى باجنيد، مدير التحرير التنفيذي، أكون لك من الشاكرين.
وأرجو أن تتقبل صادق تقديري.. حفظك الله،،،
رئيس التحرير
أحمد محمد محمود
وكان ردي الفوري والمباشر: جمعت أو (لملمت) أوراقي التي تخصني، وقبل أن أحمل رفشي وأخرج للأبد من مؤسسة المدينة المنورة للصحافة، بادرت بالاتصال الهاتفي الخاص بالأمير الصديق الحبيب/تركي بن عبدالعزيز لأعلمه بالخبر حتى لا يلومني هو المتابع الحريص على إنجاح (الأربعاء) ونجاحي.. وتلقيت صوته الذي فوجئ بالخبر، وقال لي:
- إبق في مكانك يا عبدالله، لا تخرج من مكتبك، وسأعاود الاتصال بك.
- قلت: ليأذن لي سموكم بالحضور إليكم في المنزل، رغم أن النهار قد انتصف... رجاء.
- قال: لا بأس... أنا في انتظارك.
وفي دفء استقباله الحميمي لي: شرحت له وجهة نظري، قائلاً:
- لن ترضى عليَّ يا سيدي أن أطرد بكل تاريخي الصحافي، بعد أن ولد على يدي (ملحق الأربعاء) ليأتي من يحصد غرستي ويجير نجاحها.. وصعب علي أن أعيش في مناخ عمل يقوم على العسف والأوامر!!
واقتنع الأمير الحبيب بأسبابي، وطويت هذه الصفحة!!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :633  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 15 من 39
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج