((الحوار مع المحتفى به))
|
عريف الحفل: سؤال من الأخ شاهين الجارم: |
هل كان انتشار الأدب باللغة العامية شعراً ونثراً سبباً في تدهور اللغة العربية في الوطن العربي وما السبب في انتشار الشعر الحر البعيد عن درب القدماء؟
|
الدكتور محمد بن شريفة: هذان سؤالان مختلفان ومتباعدان، وأريد أن أحدد الموضوع. التراث العامّي الذي انشغلت به هو تراث تاريخي يعتبر جزءاً من التراث العام أو رديفاً أو مكملاً للتراث العربي، ولعل السؤال الأول يتعلق أو يشير إلى ما يشيع في عصرنا من شعر عامّي وهذا الشعر العامّي هو شيء لا مناص منه سواء في المشرق أو المغرب. في المغرب يسمى بالشعر الملحون وتسميته لها وجهان من التفسير إما لأنه كان يشيع في اللحن ولأنه غير معرب وإما لأنه يلحن، وهذه الطريقة التي يسمع بها الملحنون في المغرب فهو يلحن ويؤدي بالتلحين، هذا الشعر الموزون في تراثنا في القديم وفي الحديث، أنتم أعرف مني بأنه شائع اليوم في المملكة وفي بلاد الخليج وما يسمى بالشعر النبطي، وفي اليمن يسمى الحميني، وقد وجدت نصاً لهذه الكلمة في كتابات لابن الخطيب الغرناطي كان يتحدث عن إحياء المولد النبوي في غرناطة، وأشار إلى أنه كانت تلقى قصائد من الشعر الفصيح، وأحياناً تلقى قصائد من الشعر النبطي العامي، شخصياً لا أرى ما يضيع اللغة العربية من هذا التراث الذي يجري على ألسنة عدد من الموهوبين الذين يقولون شعراً بهذا اللون، موضوع تأثير العامية على الفصحي موضوع تداركته المجامع اللغوية وكنت هنالك وقت يخشى فيه من استبدال الفصحى بالعامية لكن هذا لم يكتب له النجاح، وهي دعوات صدرت عن بعض المستشرقين، على كل حال هذه النظرة التي نريدها اليوم لبعض مجامع اللغة العربية، تعتبر العامية رديفاً للغة الفصحى ويمكن أن يكون لها عدد من الفوائد للفصحى، ومن خلال تجربتي في الأمثال وجدت أن عدداً من المفردات والكلمات التي ربما تستعمل في الفصحى ولكن ربما كانت تستعمل في الأمثال وفي الأزجال. |
أما قضية الشعر الحديث فأرى أنها تختلف وكذلك الاجتهادات. على كل حال أنا شخصياً لم أكن في يوم من الأيام عاصرت أحداً من شعراء المحدثين أمثال البياتي والسياب، هنالك شعراء فحول في هذا اللون من الشعر، وأنتم تعرفون قسمة الشعراء المعروفة المذكورة في "العمدة" لابن رشيق، الشعراء أربعة، هذه القسمة تصدق على شعراء الفصيح وعلى شعراء العامية، المحدثون أمثال بدر شاكر السياب ونازك الملائكة والبياتي وآخرون من هذا المستوى شعرهم له مكانته وثقافته، ولكن الكم الهائل والغثاء من هذا الشعر ربما هو الغالب، لكن في الأخير نرجع ونقول أن السبب في غلبة هذا النوع هو أن صلتنا بالتراث قلت، وأن قراءتنا لدواوين الشعراء الأقدمين وحفظنا لشعرهم هزل وضعف وكاد أن ينقرض، لا يمكن أن يصدر شعر فصيح جديد إذا لم يقم على أساس قديم، وهذا الأساس ينبغي الرجوع إليه، والعلاج هو أن يرجع الناس إلى تدارس التراث القديم والشعر القديم لكي تكون لدينا مدارس شعرية جديدة نحن الآن نفتقد أمثال شوقي وحافظ وهنالك شعراء جاؤوا بعدهم ولكن المسافة تبعد ونبتعد عن الشعر الفصيح المتين الذي كان يعج بالمنابر ويملأ الأسماع. |
الأستاذة آمال عبد المقصود خوجه:- السادة السيدات ضيوف الاثنينية السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. |
مرحباً بالأستاذ الدكتور محمد بن شريفة الذي يحل ضيفاً على الاثنينية الليلة، ينسج لنا من ذكرياته الجميلة مسيرة العطاء والأعمال الجليلة التي قام بها في مجال التراث المغربي الإسلامي وتراث الأندلس وتجاربه العلمية والأكاديمية الأخرى، الأسئلة كثيرة وجميعها تدور في فلك تخصص الضيف أبرزها سؤال من الأخت الأستاذة منى مراد الإعلامية بجريدة "البلاد" ومجلة "اقرأ".
|
التراث الأندلسي الذي أذهل العالم بجماله وروعة حضارته القديمة، أين هو الآن وماذا بقي منه ليتوارثه الأحفاد من بعدنا بعد أن غلبت علينا الحضارات الغربية المستوردة.
|
الدكتور محمد بن شريفة: أنا سعيد بأن أستمع إلى السيدة الفاضلة وأود أن أتقدم لها بالشكر الجزيل على كلماتها الرقيقة التي وردت في تقديمها، وأود أن أذكر بالمناسبة بأن أتلقى الأسئلة والاستفسارات من الباحثات في المملكة وفي موضوع الأدب الأندلسي، والحمد لله يسعفني الوقت والحظ والوسع والطاقة بأن أسعفهم بما يسألون عنه، هذا السؤال يا سيدتي، فالتراث بحمد الله محفوظ، وهو تراث محظوظ ولا نتحدث عن القسم الذي ضاع منه بفعل الزمان وذلك شيء قد تحدثت عنه في مناسبات مختلفة ولكني أود أن أقول بأن ما بقي لنا والحمد لله قد تم تجميعه وفهرسته والتعريف به ووجد طريقه إلى المشتغلين به في مختلف الجامعات العربية، بحيث يمكن أن نقول أن معظمه قد نشر حتى الآن، وهنالك دراسات عديدة أنجزت في ندوات وفي رسائل جامعية، وما نزال نقرأ باستمرار عن خدمة هذا التراث ودراسته، واستثماره وتوظيفه في مجالات مختلفة، أحمد الله على أننا كنا في الجامعة المغربية وكان لي شرف الإشراف على أوائل الرسائل التي أنهيت في هذا الموضوع في المغرب فهنالك دارس معروف الآن هو الدكتور محمد مفتاح كان صاحب أول رسالة للماجستير أشرفت عليها حقق فيها شعر ابن الخطيب وطبع في جزأين، وهنالك شاعر وأديب وباحث أشرفت له على رسالة على تحقيق لكتاب لأبي البقاء الرندي، وكتاب الوافي في العروض والقوافي، ثم تتابعت الرسائل الجامعية التي أشرفت عليها وأشرف عليها غيري في الجامعة المغربية وفي مختلف الجامعات في العالم العربي نسمع بين وقت وآخر عن صدور رسالة أو أطروحة في موضوع من موضوعات الأندلس، فالأندلس في هذه العناية وتعلمون أن أول من عرّف بالأندلس تعريفاً جميلاً هو الإمام شهاب الدين أبو العباس المقري، صاحب كتاب "نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب وذكر وزيرها لسان الدين بن الخطيب" أراد أن يعرف أهل المشرق بأدب المغرب، فألف كتابين هما كتاب نفح الطيب وكتاب "أزهار الرياض"، ويعتبر هذان الكتابان من أوائل الأعمال المبكرة لمعرفة الأندلس، كان هذا منذ قرون، المقري كان في القرن الحادي عشر والثاني عشر الهجريين، إذن يمكن القول التراث الأندلسي ولله الحمد، ولو أن الأندلس كانت قد ضاعت فإن تراثها لم يضع كله وبقي منه الخير الكثير وهو محفوظ ومعروف كذلك، والدليل على ذلك أن رموز الأندلس سواء من حيث أسماء الأماكن أو اسماء الأعلام رموز حية بيننا في جميع أقطار البلاد العربية. |
الدكتور ناصر الصالح: بودي لو تختصر الإجابة حتى نتمكن من الإجابة على أكبر عدد من الأسئلة. |
عريف الحفل: سؤالان متشابهان من الأستاذ غيّاث الشريقي والأستاذ خالد الأصور يقولان: |
الكتاب المغربي بشتى مكنوناته الثقافية والتاريخية والأدبية وغيرها، له وجود بارز على الساحة العلمية، لكن للأسف لا نراه متوفراً في مكتبات المملكة العربية السعودية ربما في مكتبات الشرق العربي فما أسباب ذلك ولماذا لا تقوم وزارات الثقافة في البلدين لتلافي هذا الخلل؟
|
الدكتور محمد بن شريفة: هذا سؤال يطرح باستمرار ويرجع إلى عدد من الأطراف، وهنالك بعض العقبات تقف أمام الكتاب أحياناً، ويمكن القول بأن ما رأيناه من معارض في الآونة الأخيرة في بعض العواصم العربية لعلها تسهّل مسألة انتشار الكتاب، ووصوله إلى الدارسين سواء من المشرق أو من المغرب مسألة مستغربة في وقتنا الحاضر الذي لم يعد فيه بعد المسافة ذات شأن، يوجد في تاريخنا أن الكتاب كان يصل من المشرق إلى المغرب بعد أن يفرغ مؤلفه من تأليفه، فكتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني بعد أن فرغ منه وصل إلى الأندلس، هذا من الروايات المعروفة في هذا الشأن، كذلك نرجو أن تتأسس هيئة عامة مشتركة لتوزيع الكتاب وهنالك اتحاد الناشرين هو الذي يتولى هذه المهمة. ولعلنا نحن في المغرب أيضاً نشكو من قلة وصول بعض ما ينشر في المغرب لأن هذه الشكوى أخذت تخف وتقل في الأيام الخيرة بفضل المعارض التي تقام. |
الأستاذة آمال عبد المقصود خوجه: سؤال من الأستاذة إخلاص عبد الله. |
وصلت في جامعة الإمام محمد الأول إلى عميد لكلية الآداب ثم رئيساً للجامعة ماذا استفدت من التحاقك بقسم اللغة العربية في كلية الآداب بجامعة القاهرة غير حصولك على الدكتوراه في الآداب بمرتبة الشرف؟
|
الدكتور محمد بن شريفة: وقع في التقديم ما يستوجب التصحيح، بعد أن عينت في البداية أستاذاً محاضراً في جامعة محمد الخامس وبقيت فيها سنوات وقبل أن أبعث إلى القاهرة وطبعاً تم تعييني محافظاً لخزانة القرويين وعميداً لكلية الآداب في جامعة محمد الخامس جاء بعد ذلك بعد حصولي على الدكتوراه من القاهرة، وجودي في القاهرة وفي كلية الآداب كان مليئاً بالفوائد، كانت لي اتصالات بمعظم أساتذة الكلية وهي عريقة وهي كلية طه حسين، وقبل أن أذهب إلى مصر حرصنا في المغرب على معرفة الشيء الكثير عن مصر من خلال المجلات والصحف التي تصل إلينا، كمجلة الرسالة للزيات ومجلة الثقافة لأحمد أمين وكذلك مؤلفات طه حسين والرافعي والمازني وغيرهم، الإصدارات والثقافة المشرقية المصرية وكذلك الشامية في دمشق وغيرها كلها كانت تصل إلينا في المغرب قبل أن أرحل إلى القاهرة، لكن معرفتي بالبيئة الأدبية وبالمجتمع الثقافي والفكري في القاهرة، كانت في السنوات التي قضيتها في الدكتوراه فرصة كبيرة ومثمرة ولا شك أنها انعكست في بعض ما كتبته أو ما استفدت منه. |
عريف الحفل: سؤال من الأستاذ علي النجار يقول: |
حصلتم على جائزة الملك فيصل عام 1988م فعن أي مؤلف من مؤلفاتكم حصلتم على الجائزة، ولماذا هذا المؤلف دون باقي مؤلفاتكم؟
|
الدكتور محمد بن شريفة: الجائزة أعلن عنها وموضوعها هو عن الدراسات الأندلسية، وفي الواقع لم أكن على علم بها. أذكر أنني علمت بها وأنا جالس في درس من دروس الحسنية في الرباط أيام الملك الحسن الثاني وكان إلى جانبي العالم السوداني الدكتور عبد الله الطيب فقال لي لك أشياء في الأدب الأندلسي فلماذا لا تترشح لجائزة الملك فيصل فإن موضوعها هذه السنة عن الأدب الأندلسي، وفعلاً تقدمت بالطلب ورشحتني جامعتان هما جامعة محمد الخامس بالرباط وجامعة الحسن الثاني الدار البيضاء وبعثت بأعمالي الموجودة وقتئذ إلى مقر الجائزة، وكان أن حصلت عليها بمجموع الأعمال التي ذكرتها ومنه أطروحتي عن الزجالين وهي تقع في جزأين، كما هو منصوص عليه في تاريخ الجائزة حصلت عليها بالاشتراك مع زميل لي وهو عالم كبير وهو فارس من فرسان الدراسات الأندلسية وهو الدكتور محمود علي مكي، باختصار فإن حصولي على الجائزة كان عن جملة الأعمال التي كتبتها ومنها ديوان ابن فركون الذي هو مقدم بدراسة مطولة عن الأدب الأندلسي في العصر الغرناطي. |
|