شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه))
يلقيها نيابة عنه معالي الأستاذ الدكتور رضا عبيد
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الَّذِي عَلَّمَ بِالقَلَمِ، عَلَّمَ الإنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (العلق: 4- 5)، والصلاة والسلام على نبينا محمد خير من تعلّم وأعلم بالله عز وجل.. وعلى آل بيته الكرام الطاهرين وصحابته أجمعين.
الأستاذات الفضليات.
الأساتذة الأكارم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
نسعد الليلة بالترحاب والتكريم بنورسة تطير إلينا من الرياض عائدة إلى أحضان عشها على الشاطئ الغربي.. نحيي الأستاذة الدكتورة فوزية بنت عبد الله أبو خالد.. عضو هيئة التدريس بقسم الدراسات الاجتماعية لكلية الآداب بجامعة الملك سعود.. شاكرين حضورها ومقدّرين إسهامها في إثراء ساحة الشعر بعد أن كادت جداوله تنضب خلال موسمنا الحالي، لا لمجافاته ولكن لهاثاً خلف تيارات فرضت نفسها على واقع الحياة في مختلف المسارات.
نرحب بضيفتنا الكريمة التي قالت عن نفسها: تمتد جدة في شعوري ولا شعوري من أعماق الذاكرة والحاضر معاً، من صخب (البنقلة) وزبخة السمك و (فوط) الصيادين وجراح أيديهم التي تشبه حراشف الحوت أو الروح في شهقات الحق.. إلى باب شريف و (زنقة) المرور بحمولة النقل الجماعي، من سوق الندى، وسندان الإسكافية (مرقعي الكنادر) ونثار المكتبات الصغيرة التي صارت قرطاسيات، والأزقة التي لا تنتهي إلا إلى أزقة، إلى باب مكة، وزحمة المُحرمين الكتف بالكتف واليد على (الكمر).. من مسجد الملك سعود وطريق المدينة الطالع، من عين العزيزية التي كانت تسقي جدة بحناطير الحمير إلى عذوبة التحلية التي كسرت ملوحة البحر، من توسعة مقبرة الرويس إلى لعبة الحجلة في الحارات.. إلى باب مجيد.
لقد آثرت أن أدخل عبر هذا النص نظراً لكثافته ورمزيته التي لا تتأتى إلا لروح تعشق الشعر، وتستلهم مفرداتها العادية والبسيطة من ملح الأرض، وتقودنا في الوقت ذاته إلى مسارب النور الذي ينبثق شلالات أفراح وأتراح تغذي تجربتها الشعرية.. فقد ولد ديوانها الأول (إلى متى يختطفونك ليلة العرس) عام 1394هـ- 1975م.. ملتحفاً الهم الوطني، واختارت منذ البدء تيار قصيدة التفعيلة للتعبير عن مشاعرها وهواجسها المتجذرة في وجدان الوطن العربي الممتد من الماء إلى الماء.. لم تكن عصافيرها الصغيرة التي أطلقتها بكل عفوية إلا نفثات يراع ترجمت إحباطات الأمة وفق واقعها المرير، وحملت عبء انكسارات أكبر من سنها بكثير آنذاك.. غير أن بيئتها التربوية والدراسية أهلتها لتقول كلمتها في معترك الحياة المضمَّخ بالدم العربي المهدر في أكثر من موقع على خارطة الخيبات المتتالية.
وحرثت الشاعرة سبع سنين دأباً في بيادر قاموسها الخاص لتخرج علينا عام 1402هـ- 1982م، بديوانها الثاني (قراءة في السر للصمت العربي/أشهد الوطن) لتستمر في السير على المنوال ذاته.. متطرقة إلى فضاءات البوح الذي تتيحه لها القصيدة المنثورة، فتجلى لديها الهم العام بصورة أكبر، وكأن الحياة لم تمنحها إلا جناحي حزن ينبعث من نشرات الأخبار، ويسري في الدم ويجعله يتخثر ألماً وحياءً من فضول القول التي تخبئ سرطانات التآكل المستمر في جسد الأمة.
ويجد المتتبع لأعمال ضيفتنا الكريمة ملامح تجربة شعرية تختلف قليلاً في دواوينها التالية الموسومة (ماء السراب) 1415هـ- 1995م، و (مرثية الماء) 1425هـ- 2005م، و (شجن الجماد) 1426هـ- 2006م.. فقد مالت بدرجة أكبر نحو الأشياء الصغيرة، واستنطقت الجماد في آخر أعمالها، وكأنها تشير إلى أن العالم أكبر من أن تختصره حنجرة واحدة وكلمات مموسقة.. فهل ضجرت من زوايا السياسة والرهان على مستقبل لم تعد صناعته بأيدي من أثخنتهم جراح الهزائم والانتكاسات؟ أم أنها صاغت من نبض الساكن بعداً آخر للمتحرك؟!!
ولم تقتصر فضاءات فارسة أمسيتنا على مرافئ الشعر، بل تجاوزتها إلى القصة، والكتابة للأطفال، وتفرعت شجرة إبداعاتها لتثمر الكثير من الإنجازات في ساحات العمل الأكاديمي، والإعلامي، واستطاعت أن تتجاوز المثبطات التي تقعد بالبعض عن ارتياد آفاق جديدة حرصاً على توخي السلامة.. فنجدها تردد عبارة يوجين إيونيسكو: (الأدب والفن الذي لا يثير العداوات لا يستحق الحياة).. مُثبتة بذلك تمسكها بخطها الشعري، بغض النظر عن الجدل الذي يثيره حولها.. فهي واحدة من المبدعات القلائل اللاتي تمكنّ من الخروج من السحن المشنوقة في أساليب موحدة في الكتابة.. واستطاعت أن تتخلص من الحياء المنبوذ نحو الجرأة المسؤولة التي تنقص بعض كتاب هذا العصر الذين اختلط في كتاباتهم الحابل بالنابل، وللأسف سرقتهم شواغل الحياة وصخبها، فاستغنوا عن تعميق الحدس وقوة التأمل في واقع المجتمع.. وضيفتنا الكريمة بطبيعة الحال تنتهج ما تراه وفق الحرية التي كفلتها الأنظمة المرعية.. وتسعد "الاثنينية" بالاحتفاء بها من منطلق آلياتها في فتح الأبواب والنوافذ، ومد جسور التلاقي مع المدارس الأدبية كافة في حيادية تامة، وتراعي في الوقت ذاته مبادئها الخمسة التي سارت عليها منذ انطلاقتها قبل ستة وعشرين عاماً وهي: البعد عن التيارات السياسية، والدينية، والمذهبية، والعرقية، وتصفية الحسابات.. وبعد ذلك نتفق أو نختلف وفق رؤية أدبية محضة، تجد من يعاضدها وينافح عنها، كما يعترضها من لا يرى من زواياها وطروحاتها.. دون أن يفسد ذلك للود قضية.. فباب الحوار مفتوح على مصراعيه، متوخين دائماً آدابه وأبعاده الحضارية، والروح الوثابة التي تنهض به ليخدم وينمي المسارات الأدبية والاجتماعية والثقافية التي تسعى إليه ليعلي شأنها الإبداعي.. فالإبداع، والنقد البناء، والحوار الجاد، تشكل منظومة واحدة لا يستغني طرف منها عن الآخر.. فلا مجال للإقصاء، والتهميش، والاستعداء، والعنف، في رحاب الكلمة.
لقد شقت ضيفتنا الكريمة طريقها نحو الإعلام منذ بواكير صباها عندما كانت تكتب عموداً يومياً في جريدة "عكاظ"، ونشطت معها آنذاك الأستاذة الدكتورة فاتنة أمين شاكر، والأستاذة ثريا قابل، وغيرهن من رائدات العمل الصحفي في بلادنا.. واستطاعت أن تسهم في تثبيت دعامات القلم النسائي وتمهيد الطريق لمزيد من المبدعات، رغم الضجة التي كانت ولم تزل هاجس البعض نحو كل ما هو أنثوي إذا تقاطع مع الشأن العام.. ويسعدني أن أغتنم هذه الفرصة لأحيي تحية وفاء وعرفان رواداً أفاضل تحملوا عبء ظهور القلم النسائي في وقت كان ذلك التوجُّه يعد مخاطرة غير محسوبة العواقب.. لكنهم تحملوا المسؤولية بعزيمة صادقة، وأذكر منهم على سبيل المثال: الأستاذ عبد المجيد شبكشي "رحمه الله"، والأستاذ عبد الله عمر خياط، والأستاذ السيد عبد الله الجفري، متعهما الله بالصحة والعافية.
آملاً أن تجدوا ما يرغد مشاعركم على بساط الشعر، والثقافة، والأدب، مع ضيفتنا الكريمة، سعيداً أن ترعى هذه الأمسية الأستاذة الدكتورة فاتنة أمين شاكر، الأكاديمية والشاعرة، والكاتبة الصحفية المعروفة.. وعلى أمل أن نلتقي الأسبوع القادم مع الأستاذ الجامعي، والمفكر الإسلامي المعروف، فضيلة الشيخ الدكتور أحمد عبيد الكبيسي، الذي ذاع صيته وحظيت برامجه التلفزيونية بمتابعة واهتمام شريحة كبيرة من المسلمين في أنحاء العالم.. فإلى لقاء يتجدد وأنتم بخير.
والسلام عليكم ورحمة الله،،،
معالي الدكتور رضا عبيد: سعادة الشيخ عبد المقصود خوجه كان حريصاً جداً أن يكون في مقدمة المرحِّبين بالدكتورة فوزية ولكن لظروف صحية اضطر أن يغادر للعلاج فنسأل الله سبحانه وتعالى له الشفاء وأن يعود إلينا سالماً غانماً، والآن أعطي الكلمة لسعادة الدكتور عبد الله مناع.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1009  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 149 من 255
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتورة مها بنت عبد الله المنيف

المدير التنفيذي لبرنامج الأمان الأسري الوطني للوقاية من العنف والإيذاء والمستشارة غير متفرغة في مجلس الشورى والمستشارة الإقليمية للجمعية الدولية للوقاية من إيذاء وإهمال الطفل الخبيرة الدولية في مجال الوقاية من العنف والإصابات لمنطقة الشرق الأوسط في منظمة الصحة العالمية، كرمها الرئيس أوباما مؤخراً بجائزة أشجع امرأة في العالم لعام 2014م.