((الحوار مع المحتفى به))
|
عريف الحفل: إذاً نبدأ بطرح الأسئلة.. الأسئلة يا سعادة الضيف كثيرة بالإضافة إلى الأسئلة من قبل السيدات الفضليات وأن الوقت لم يتبق منه الكثير. |
سؤال من الأستاذ عبد الحميد الدرهلي يقول: |
مسؤولية من هذه الحالة السائدة في العالم الإسلامي وضياع القدس الشريف ومتى يستقيم الحال وما المطلوب عمله؟
|
معالي الدكتور حامد الرفاعي: هذا الموضوع سياسي وأنا لست سياسياً أبداً وأنا رجل فكر، لكن أنا أقول في كتابي "شركاء لا أوصياء" إن قضية الأمة العربية وقضية الأمة الإسلامية هي جزء من القضية العالمية. نحن إخواني إذا تأملنا المسيرة البشرية نجد أننا في حالة استثنائية بالتاريخ البشري، حالة لم نرها أبداً. أنا تعرضت في كتابي "شركاء لا أوصياء" إلى المشهد الأمني قبل الإسلام كما حدثنا التاريخ وكما حدثنا القرآن عن كل الأقوام التي سبقت الإسلام وتحدثت عن المشهد الأمني بعد الإسلام وتحدثت عن المشهد الأمني اليوم ووجدت المشهد الأمني اليوم مشهداً شاذاً فريداً فيه اضطراب في المفاهيم وفيه اضطراب في القيم، فيه اضطراب في العلاقات، فيه اضطراب في الرؤى وهناك شيء غير عادي وهذا السبب أعزوه إلى شيء واحد أن هناك فئة عالمية هي الصهيونية العالمية التي هي وراء كل هذا الخلل العالمي وإنما أعتذر أن أمريكا وأوروبا واليهود أنفسهم ونحن ضحايا المخطط الصهيوني العالمي السياسي الاقتصادي. |
عريف الحفل: نرحب مرة أخرى بالسيدات الفضليات اللائي يشاركننا هذا الاحتفاء ويسرني أن أحيل لاقط الصوت إلى الزميلة الأستاذة نازك الإمام.. تفضلي أستاذة نازك. |
الأستاذة نازك: بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين. |
أصحاب المعالي، أصحاب السعادة، السيدات والسادة، الحضور الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. |
اليوم في الاثنينية، والحضارة ومسيرة الحوار الإسلامي وعولمة الحضارات وأكثر ما يشغل بال أمتنا الإسلامية بعد أن أضحى عالمنا الإسلامي يئن من وطأة الحرب عليه في زمن كثرت فيه الخطايا والاعتداءات عليه وقل فيه من يحفظ دماء المسلمين الذين يقاتلون في حروبٍ دامية يقودها أعداء المسلمين وهذا ما نراه اليوم في وسائل الإعلام المختلفة من تدمير للأمة الإسلامية في العالم. |
اليوم في ضيافتنا سعادة الأستاذ الدكتور حامد بن أحمد الرفاعي رئيس المنتدى الإسلامي العالمي للحوار والذي يشغل الكثير من المهام الإسلامية والعلمية في المملكة وخارجها ويحمل في مسيرته حيزاً كبيراً من المؤلفات التي فاقت الأربعين كتاباً والتي تتحدث عن حقوق الإسلام والمسلمين وحوار الحضارات في زمن العولمة وحقوق المرأة وتكريم الإسلام لها في كل الأزمان فمرحباً به اليوم نسعد بلقائه وفي جعبتنا الكثير لنسأله حول ما يتعلق بحقوقنا. والحقيقة أن أستاذنا الكريم أجاب على الكثير من هذه التساؤلات من خلال حديثه ولكن ما زال لدينا العديد من الأسئلة، اسمحوا لي بداية أن أبدأ بالسؤال الأول ولعلنا نبدأ بسؤال الدكتورة أفنان الريس: |
من ضمن مؤلفاتكم "تعالوا إلى كلمة سواء"، فمن خلال منصبكم للحوار، فإلى أي مدى وصلتم من توصياتكم لتوصيل رسالة الإسلام والدفاع عنه والدفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم؟
|
معالي الدكتور حامد الرفاعي: هذا الكتاب في الحقيقة له مناسبة، ففي عام 2003م زار المملكة وفدٌ كبير من وزارة الخارجية الأمريكية برئاسة وورين كرينر مساعد الوزير كولن باول آنذاك وطلب لقاءاً عدد من الشخصيات في المملكة وكنت واحداً من هؤلاء والتقيت بهم وكان الوفد يتكون من عشرة أشخاص.. نائب كولن باول ومعه أربعة أشخاص من أمريكا وجاء معهم من المملكة السفير الأمريكي والقنصل الأمريكي السابق السيدة جينا أبروكرومبي ومستشارون آخرون من السفارة الأمريكية وبعد أن التقيت بهم ورحبت بهم وقلت لهم إنني جاهز فماذا تريدون؟ قالوا أبداً نحن عندنا قضية وحاولنا أن نفهمها بأنفسنا فما استطعنا وأرسلنا لعدد من المفكرين المسلمين فجاءتنا إجابات أحياناً متناقضة وأحيانا غير متسقة فقررنا أن نحضر بأنفسنا لنلتقي مع عدد من المفكرين وأنت ممن نقترح أن نلتقي معك فرحبتم.. قلت لهم ما هذه القضية؟ طبعاً نحن نعلم أنهم يسألوننا عن المرأة وحقوق الإنسان وعن العالمية والعولمة. نحن جهزنا ملفات صغيرة لأننا جاهزون دائماً لمثل هذا فقالوا نحن نريد إجابة لسؤالنا الكبير وهو: ما هي علاقة الإسلام بالديموقراطية؟ فابتسمت وقلت له نحن كنا نتوقع هذا السؤال فقدمت له ورقة بالإنجليزية فأخذها ووزعنا المذكرة على بقية الوفد، فالرجل ذكي ومتدرب فقلبها لثوانٍ فقال لي ورقة جيدة لكن هناك أسئلة كثيرة عليها وأبدأ بالسؤال الأول. أنا كتبت في بداية الورقة من الخطأ الشائع عندنا وعندكم المقارنة المباشرة بين الإسلام والديموقراطية فقال لي ما هو مبعث هذا الخطأ؟ فقلت له الخطأ أن الإسلام نظام كامل وشامل والديموقراطية جزء من نظام أيضاً كامل وشامل وهو الليبرالية فإذا أردت أن تقارن فقارن بين الإسلام ككل وبين الليبرالية ككل أو بين الأجزاء المتقابلة من النظامين، فقال ما هو الذي يقابل الديموقراطية عندكم في الإسلام؟ فقلت له الآن أصبح السؤال صحيحاً. فأذن لي أن أطرح فهمي لليبرالية فإن صح فتكون إجابتي صحيحة. قال لي تفضل. فقلت له من خلال دراستي لليبرالية فهي تقوم على أربعة مرتكزات لها نظرتها الخاصة نحو الكون والحياة ولها مرجعية تشريعية جعلتها إلى الشعب على الإطلاق ولها عقد اجتماعي بينها وبين الحاكم والمحكوم أسمته الديموقراطية ولها مؤسسة لتفعيل العقد الاجتماعي أسمته البرلمانية فهل فهمي صحيح؟ قال لي كلاماً كثيراً لا أود ذكره لأن فيه ثناء على الذات ولكن أستطيع أن أقو لك إن كثيراً من الليبراليين لا يستطيعون أن يلخصونه كما لخصته قلت له أشكرك على ذلك لكن في الإسلام عندنا الرباعية نفسها، فنحن لنا نظرتنا الخاصة نحو الكون والحياة ولنا مرجعية جعلناها إلى الله على الإطلاق ثم إلى المشرِّعين من البشر في إطار ثوابت الله ثم عندنا عقد اجتماعي بين الحاكم والمحكوم سميناه البيعة وعندنا مؤسسة لتصريف عقد البيعة سميناها الشورى.. فقال الآن أجبتني إذاً البيعة عندكم تقابل الديموقراطية قلت نعم وهنا دخل حوار كان اللقاء المقرر على أساس نصف ساعة فدام ساعتين متواصلتين وهذا الكتاب يلخص هذا الحوار بكامله وشيء آخر أزفه لكم في هذا الكتاب وهو أنني أثبت بفضل الله تعالى أن جان جاك روسو أبو العقد الاجتماعي في الغرب قد أخذ هذا العقد الاجتماعي عن شيخ اسمه فرحان أبو زيد الأندلسي وكانت هذه فكرة من الدكتور الدواليبي وكان يحثني ويقول يا فلان أرجوك أن تحقق هذه القضية وحققتها بعد أن رحل رحمة الله عليه كنت أتمنى لو كان لا يزال حياً ليفرح بهذه الوثائق التي وجدناها تثبت علاقة جان جاك روسو بالشيخ الأندلسي أبو زيد وكيف أن العقد الاجتماعي عند جان جاك روسو هو العبارات نفسها الموجودة في طروحات الشيخ الأندلسي أبو زيد جاء كلام كثير في هذا الأمر فهذا هو في الحقيقة مبعث هذا الكتاب "تعالوا إلى كلمةٍ سواء". |
عريف الحفل: سؤال من الدكتور محمد أحمد ناصر من جامعة الملك عبد العزيز يقول: |
الآن نعيش في عصر الكيماويات وتدخلها في الزراعة وتعتمد عليها فهل آن الأوان لتوجيه العمل في زراعتنا عن طريق الكيمياء الخضراء والبعد عن الكيماويات الضارة بالصحة في زراعتنا حتى ننهض صحياً واجتماعياً؟
|
معالي الدكتور حامد الرفاعي: أنا أشكر السائل على هذا السؤال. نحن بالفعل من إحدى مقاصدنا في المنتدى هي البيئة ونحن طرحنا مشروعاً ومن ثم طرحه آخرون. مشروع منظمة نسميها الهلال الأخضر مقابل الهلال الأحمر للاهتمام في البيئة، والقرآن اهتم بالبيئة. فالبيئة هي سكننا المشترك وهي غرفة نومنا المشتركة وهي خزانة رزقنا وهي فسحة حياتنا، لكن للأسف فإن هذه البيئة قد أُفسدت إفساداً كبيراً، أُفسدت في جغرافيتها وأُفسدت في مجتمعاتها فنحن اليوم بين فسادين فساد اجتماعي وفساد بيئي جغرافي وأنا أقول الحقيقة إن الله تعالى يقول في القرآن: وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً (طه: 124) الضنك وهو ضيق العيش ومن معانيه أن الإنسان يجد كل شيء حوله لكن لا يستطيع أن يأكل شيئاً مما حوله وهو متوفر. والآن أيها الأحباب سمعتم أنتم بشيء اسمه جنون البقر ثم سمعتم بشيء اسمه جنون الدجاج والطيور لكن لعلكم ما سمعتم عن جنون الأسماك ولا جنون الفواكه ولا جنون الخضروات ولا جنون الهواء ولا جنون الأعشاب البحرية، نحن الآن نعيش حضارة جنون نحن بين جنونين بين جنون بشر وجنون بقر القضية الآن كبيرة ولذلك في الحقيقة آن الأوان. أنا أعرف تقارير رسمية بحكم تخصصي الكيميائي أن أصحاب حيتان المال في الغرب رؤساء الأعمال الكبيرة لا يأكلون أسماك بلادهم ولا يأكلون من خبزهم ولا يأكلون من فاكهتهم. توجد بحيرة في مصر اسمها بحيرة البردويل في سيناء وهم يحجزون سمكها قبل خمسة أعوام وسعر كيلو السمك يصل إلى 25 وقد بلغ الآن 54 دولار لأنه سمك غير ملوث ثم يأتون إلى سمك الشواطىء المغربية فنحن في الحقيقة بحاجة إلى نهضة بيئية. كيف نعيد للبيئة سلامتها ونوقف هذا العبث التكنولوجي، نحن مع التكنولوجيا ومع التقدم العلمي ولكنا لسنا مع العبث العلمي ولسنا مع العبث التكنولوجي. تصوروا أن جورباتشوف يقول في كتابه الببرسترويكا إننا نحن وأمريكا نملك من المخزون النووي ما يكفي لتفجير الأرض عشر مرات، يعني أننا لو اتفقنا على هذه الحماقة أن نفجر الأرض وهل نحتاج لأن نفجرها أكثر من مرة ولماذا نصنع من المخزون النووي تسعة أمثال ما نحتاج إليه لتفجير الأرض. كان هذا على حساب الرغيف وحبة الدواء وقطعة الكساء التي انهار الاتحاد السوفيتي أمامها، هذه الخزانة التكنولوجية الكبرى التي وطأت قدمها القمر قبل كل الناس هذه لم تستطع أن تصمد أمام الخواء الوجداني للإنسان كما يقول جورباتشوف وليس أنا وليس أمام الرغيف وحبة الدواء وقطعة الكساء نحن نريد أن نعيد المسيرة البشرية إلى توازنها الصحيح إلى العلاقة الصحيحة بين العالمية والعولمة وأنا عندما قلت في مقدمتي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رائد العولمة الراشدة نحو العولمة لكن عولمة ماذا، عولمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عولمة العدل عولمة السلام الحركة العلمية الراشدة عولمة الإنتاج الراشد وهنا أيضاً فإن روزفلت يقول كلاماً عجيباً في هذا الكلام لأن الإنسان العاقل من أي ملة أو من أي حضارة إذا أنصف ينصف بجد، يقول روزفلت: ليس ما نملك هو المهم من أجل أن نكون أمةً عظيمة ولكن المهم هي الطريقة التي نستخدم بها ما نملك. إذاً نحن نريد طريقة لاستخدام هذه التكنولوجيا. فأنا أشكر الأخت السائلة حول البيئة وأرجو أن نُعان ونوفق في تشكيل منظمة عالمية تحت شعار "الهلال الأخضر". |
عريف الحفل: همسة عتاب من الأخ شاهين الجارم موجهة إلى معالي راعي الاثنينية يقول: |
هل السؤال الذي يُطرح يقاس بقيمة السؤال أم بقيمة السائل؟ فنحن نرى أن معظم الأسئلة التي تُطرح من الأعضاء العاملين بالمجال الجامعي ويُضرب بعرض الحائط بكثير من أسئلة الحضور وقد أرسلت أكثر من سؤال أكثر من مرة ولم يُجب عنه.
|
إجابة معالي راعي الحفل يقولها عنه عريف الحفل: لا يُضرب بالأسئلة عرض الحائط وليس من رقابة عليها وأنا أشهد على هذا الكلام ولكن أحياناً الوقت لا يتسع.. فعلاً هذا صحيح.. فنحن نقول أعقل الناس أعذرهم للناس. |
الأستاذة نازك: سؤال من الأستاذة نجاة عبد الله بوقس: |
لم تنل المقاطعات الاقتصادية النتيجة المطلوبة وندع صحافة الغرب المسيئة لسيرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم رغم أنها حققت أهدافاً في خسارتهم مادياً. هل يمكننا قلب مخططاتهم واستغلالها في الدعوة لصالح الإسلام والمسلمين حتى يمكننا كسب تأثيرهم العالمي لصالحنا؟
|
معالي الدكتور حامد الرفاعي: أنا من أول يوم كنت ضد قضية المقاطعة لأنني أعلم أن القضية تحتاج إلى مواجهة أكثر جدية وأكثر عملية. المقاطعة يا إخواني كما تعلمون فيها شركات فيها طرفان طرف عربي مسلم وطرف دنماركي فأنا عندما أقاطع أي سلعة مندوبها سعودي هنا فهو سيخسر أيضاً وهؤلاء ليس لهم علاقة بالقضية. القضية هي قضية سياسية حتى ليست دينية، يعني أنا من خلال اتصالاتي وتتبعي للموضوع هو موضوع سياسي أكثر مما هو ديني لأن الذين أثاروا قضية الرسوم هم ليس لهم علاقة بالأديان لا بالمسيحية ولا باليهودية ولا بالإسلام هم موظفون عند جهات سياسية تريد أن تعمق الخلاف وتثير الخصومة بين الشرق والغرب. يعني أوروبا التي هي شريكتنا على البحر المتوسط من الشمال ونحن من الجنوب هناك جهات عالمية هي التي أثارت غضب العالم وأوجدت لها خصومات مع العالم تريد أن تزج أيضاً بأوروبا لتكون في خصومة أيضاً مع الغرب ومع العرب ومع المسلمين ونحن أحياناً نتحرك بعواطفنا، وعواطفنا جيدة ويجب أن تكون ونحن نبينا غالي علينا ونبينا دونه أرواحنا وهو حياتنا وأبناؤنا ونساؤنا هذا أمر لا خلاف عليه لكن القضية هي كيف نتعامل مع هذا الغضب؟ كيف نتصرف مع هذا الغضب؟ فأنا قلت من البداية واختلفت مع أخي وأستاذي الكبير وشيخنا الكبير الأستاذ القرضاوي، قلت له يا أستاذ دعنا نخرج إلى الغرب دعنا بدل أن نقاطع هؤلاء التجار نطلب منهم أن يعينوننا في إعداد ندوات في الغرب، هؤلاء رجال الأعمال وأصحاب الشركات التي نقاطعها نقول لهم: تفضلوا واعقدوا لنا ندوات لنواجه هؤلاء الناس لنشرح لهم هذه القضية ولننبههم أنهم هم يقودون أنفسهم إلى مساقٍ خطير، المساق بأيدي أناسٍ آخرين في جهاتٍ أخرى وأنا لا أريد أن أسمي لأني أريد أن أبتعد في هذه الاثنينية عن كل التعقيدات السياسية وأنا أعرف أن هذه الاثنينية لها منهجها الحيادي ولها منهجها الثقافي الفكري لا أريد أن أخرج عنه، لكن باختصار وبإلماح.. هناك جهاتٌ عالمية أشرت إلى اسمها تريد لهذا العالم أن يكون في فوضى.. للأسف يسمونها الفوضى الخلاقة. أنا كتبت لجيمس زغبي قبل أسبوعين أرسل لي مقالاً نشره في الواشنطن بوست فعاتبته وقلت له أنا أرجو أن تكتب رأيك متى كانت الفوضى خلاقة في التاريخ البشري. الفوضى هي الهدم الفوضى هي الضياع الفوضى هي الذبح الفوضى هي التأخر الفوضى هي الجهل، فيسمون الآن الفوضى "الخلاقة" يقبحون الحسن ويحسنون القبيح، إذا قاوم الإنسان بالدفاع عن بلده يسمونه إرهاباً وإذا تحدث عن حقوقه يسمونه متطرفاً فنحن الآن أمام حقيقة ظاهرة يجب أن نتنبه يا إخواني إليها.. أنا لست مع المقاطعة لكنني مع أن تقام هناك دعوات في الدول التي يحصل فيها مثل هذا ونذهب نحن ونلتقي مع الجهات الكبرى وأنا وجهت رسالة في الحالة الأولى والحالة الثانية إلى كل زملائي في المؤسسات العالمية التي ذكرتها لكم وهي الفاتيكان ومجلس كنائس الشرق الأوسط وقلت لهم: إما أن نثبت أن الحوار له وجود وله أثر في الساحة العالمية وفي العلاقات الدولية أو آن الأوان أن نعلن فشلنا لأن هذا الحوار لا أثر له، وردَّ عليَّ الفاتيكان بوثيقة موجودة لديّ هنا فأصدر بياناً قال نعم نحن مع حرية التعبير لكن لا نقبل أن تكون حرية التعبير طريقاً لإهانة الرموز الدينية والاعتداء على القيم الدينية أياً كان مصدرها وشكراً. |
عريف الحفل: الدكتور محمد عطوي من كلية المعلمين- جامعة الملك عبد العزيز يقول: |
إذا كنا أصحاب قيم حق لا يقبل الباطل ولكننا تفرقنا وضعفنا والآخر صاحب مبدأ باطل يقبل الصواب أو صواب يقبل الخطأ ولكنهم تجمعوا بقوة يشوبها العنف والغشم أحياناً فكيف يكون الحوار معهم؟
|
معالي الدكتور حامد الرفاعي: الغرب متفق نعم وبينه وحدة وانسجام ونحن متفرقون هذه ظاهرة من ظواهر التخلف لا خلاف عليها لكن ما أسباب هذا التخلف؟ ما أسباب هذا التفرق؟ هذا كلام كبير أنا ذكرته في كتابي "ولكنكم غثاء" يعني أقدم من الحديث النبوي يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها" فقال قائل: أومن قلةٍ نحن يومئذٍ يا رسول الله؟ قال: "لا بل أنتم يومئذٍ كثير "ولكنكم غثاء" كغثاء السيل ينزع الله من قلب عدوكم المهابة منكم ويلقي في قلوبكم الوهن"، قالوا: ما الوهن يا رسول الله؟ قال: "الوهن: حب الدنيا وكراهية الموت". هذا الحديث العظيم في الحقيقة أنا كتبت فيه كتاباً "ولكنكم غثاء. |
القضية أيها الأخوان خلل تفرقنا هو اضطراب مفاهيمنا وسبب اضطراب مفاهيمنا هو اختلال علاقتنا مع النص، سواء النص القرآني أو النبوي. لقد تعامل أسلافنا طبعاً مع هذا النص بجدارة وغاصوا في أغواره واستقرؤوه بما يحاكي تحديات زمانهم، نحن فرشنا فراشنا ونمنا إلى جانب هذا النص ولا زلنا نردد للأسف أفعال وأمجاد أسلافنا مع النص وهي أمجاد عظيمة ولكن زماننا غير زمانهم ومكاننا غير مكانهم وتحدياتنا غير تحدياتهم فهي تحتاج منا لأن نشد العزم وأن نحمل على النص ونخوض في غماره ونغوص في أعماقه ونخرج درره التي تناسب هذه التحديات. هذه مشكلتنا لا زلنا نجتر وللأسف الكتب الموجودة الآن (وأشار أخي سعادة الشيخ عبد المقصود خوجه) لا تزال تكرر.. كلها جيدة وجميلة وعلى الرأس ولكن تكرر بعضها البعض، أنا للأسف أفتح كتباً أجد الموضوع نفسه بعنوان آخر، أي أن كتابين أو ثلاثة تتحدث عن موضوع واحد لكن كل كتاب موضوع بعنوان مختلف مع تغيير في الصفحات.. لا يوجد عندنا الآن طرحاً جديداً لأجيالنا لتحدياتنا فأقول أنا إن هذا التخلف سببه الفصام بين محاريب المسجد ومحاريب الكون، علماً أنه عندما تتحد محاريب مسجدنا مع محاريب كوننا عندها سننطلق، سيقول لي قائل: هناك الكنيسة لم تتحد. هذا كلامٌ صحيح ولكن التقدم ليس تقدماً مادياً فقط، التقدم نوعان: تقدم مادي وتقدم ثقافي والأمم الناجحة التي تستمر في حضاراتها عندما تقرأ تاريخ الحضارات وكيف بادت وكيف أن القرآن حدثنا عن أقوام أثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها. يقول لنا القرآن: ما هو سبب انهيار تلك الحضارات؟ إن سببه هو التخلف الديني والتخلف الثقافي والأخلاقي ولذلك لم يستطع الاتحاد السوفيتي أن يستمر، وأنا أخشى وأتخوّف أيضاً على الحضارة الغربية أن تنهار وأنا أقول أتخوف لأن الحضارة ملك بشري وخسارة بشرية نريد أن نرشدها لا نفرح لانهيارها. أنا قلت في كتابي "الإسلام والنظام العالمي" يؤسفني ويحزنني أن الاتحاد السوفيتي قد انهار رغم خلافنا الشديد معه عقائدياً لأني لا أريد لهذه الحضارة أن تنهار أريد أن تترشد وأن تتوجه التوجيه الصحيح لتبقى إرثاً بشرياً إيجابياً للإنسان ولعمارة الكون، فنحن مع هذا التوجه ولذلك لا بد أن نعيد هذا الاتحاد بيننا وبين شقي الحضارة عندنا. |
الأستاذة نازك: سؤال من الأخت سميرة سمرقندي: |
ذكرتم في حديثكم بأن أمور الإسلام عبادة وأمور الحياة الأخرى أيضاً عبادة كيف السبيل إلى ذلك في وقتنا الحاضر ونحن كنساء ما ذنبنا في ذلك؟ جزاكم الله خيراً.
|
معالي الدكتور حامد الرفاعي: أنا في الحقيقة كتبت كتاباً سميته: "الإسلام وتكريم المرأة". المرأة العربية الآن تطالب بحقوق، أنا أقول إن المرأة العربية أُعطيت فوق حقوقها ولكن هذا الإرث الكبير للإسلام للمرأة مسجون في تقاليدنا الإجتماعية والشعبية وبإرثنا التاريخي والقبلي والعادات والتقاليد، نحتاج لأن نزيل هذا الركام من التقاليد والعادات لنظهر عظمة الإسلام في إعطاء دور للمرأة. عندما جائتني جينا أبروكرومبي-القنصل الأمريكية السابقة- عام 1998م على رأس وفد من الكونغرس الأمريكي وهي كانت مستشارة لكلينتون وكانت تأخذ دور كوندليزا رايس، فجائتني على رأس وفد نسائي إلى جدة وبالطريقة نفسها سألتني عن المرأة وقلت لها: عندنا جملة واحدة نجيبك بها، وقالت لي تفضل ما هي هذه الجملة؟ قلت لها الفرق بيننا وبينكم أنكم أنتم في الغرب قد شطبتم الأسرة من مؤسسات المجتمع المدني ونحن لا زلنا نعتبر الأسرة وحدة أساسية بل هي الأولى في بناء المجتمع المدني. فالأسرة عندنا مؤسّسة أساسية من مؤسّسات الدولة فلابد أن تتحول الأسرة إلى مؤسّسة رسمية ترعاها الدولة مثل ما ترعى أي وزارة وأن يكون للمرأة دور فيها وفي المجتمع مثل أي دور في أي وزارة وفي أي مكان والله سبحانه وتعالى يحسم هذا الأمر بآية محكمة كبيرة لا تحتاج جدلاً وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ (التوبة: 71) هذه تتحمل كل المسؤوليات ما عدا المسؤوليات الاستثنائية التي قررها القرآن الكريم وشكراً. |
عريف الحفل: سؤال من الأستاذ أشرف السيد سالم يقول: |
الأمة الإسلامية مبتلاة بظاهرة القضايا المعلقة التي تمر بها العقود بلا حل وقد كنتم على تماس مع معظمها مثل قضية البهاريين والمور وكشمير وغيرها العشرات، فلماذا مشاكلنا مستعصية على الحل؟
|
معالي الدكتور حامد الرفاعي: طبعاً نعود للقضية السياسية وهي افتراق الكلمة، أنا يا أخواني أقول العبارة وأرجو أن يُفهم منها كل ما وراء كلماتها. |
من فخر هذه الأمة أنها اخترعت الصفر ومن مآسيها أنها تنحبس في الصفر أيضاً، فالقضية أن كثيراً منّا لا يزال ينحبس في خانة الصفر يريد أن يبدأ هو ويريد أن يكون هو ويريد أن يتصدر هو وبالتالي الأمة تعيش حالة الانحباس في خانة الصفر زعامة وفكراً وثقافةً وتديناً ونضيع في هذه المتاهة أرجو الله سبحانه وتعالى أن يخرجنا من خانة الصفر. |
الأستاذة نازك: سؤال من الأخت سعاد الصابوني: |
كان معالي الشيخ معروف الدواليبي رحمه الله من رواد هذه الاثنينية وكان من المهتمين والمكلفين بالحوار والتقريب، هل اطلعتم على جهوده في هذا المجال؟ وهل تتم الاستفادة من التجارب الماضية والبناء عليها؟ أم أنكم تبدأون من جديد؟ شكراً لكم. |
معالي الدكتور حامد الرفاعي: أنا هنا أسجل اعترافاً من قلبي بأنني تلميذ صغير من تلامذة الدكتور الدواليبي أنا تربيت على يديه وشجعني كثيراً ونهلت من خبرته وموسوعيته العلمية وكنت له كالظل في مرحلة من المراحل أخذت منه الكثير وأنا أتشرّف بأنني سجلت جميع مذكراته وقد نُشر جزءاً منها أحد الأخوة، ولكن هنا أجزاء كثيرة غير قابلة الآن للنشر. فأنا سجلت قرابة 22 ساعة عن أخص خصائص حياة الدكتور الدواليبي وعلاقاته السياسية والدولية وتاريخ علاقته العميقة والدقيقة مع الملك فيصل رحمة الله عليه، فنحن نعتبر أنفسنا حلقة من السلسلة التي بدأها الدكتور الدواليبي وأنا أدين له بالفكر وأنا قلت قبل قليل إنه هو الذي كان يطالبني بأن أحقق مسألة علاقة جان جاك روسو بالشيخ فرحان أبو زيد وقد حققت له الأمنية بفضل الله تعالى وتوفيقه وأرجو أن تطّلع عليها وهي موجودة على موقعنا. بالمناسبة لا تحتاج إلى كتب، موقعنا سهل: www.dialogueonline.org يوجد لدينا موقعان عربي وإنجليزي وكما قلت لكم يأتينا أسبوعياً 2.000.000 زائر فكونوا أحد هذين الـ 2.000.000 واطلعوا على سلسلة علاقتنا مع الدواليبي وغيره، وشكراً. |
الأستاذة نازك: سؤال من الأخت آمال عبد المقصود خوجه: |
ما سبب عدم ممارستكم للكيمياء بالرغم من أنكم حصلتم على شهادة الدكتوراة فيها واتجهتم إلى العمل الإسلامي؟ شكراً لكم.
|
معالي الدكتور حامد الرفاعي: هذا السؤال أشار إليه الأستاذ عبد المقصود خوجه وهو بالفعل لغز والشيء العجيب أنني وجدت كل الذين نالوا شيئاً من النجاح في العمل الإسلامي كلهم من خريجي المخابر العلمية. مالك بن نبي صاحب أكبر دراسات هو مهندس ميكانيكا وعندنا عدد كبير من المعاصرين لنا والدكتور محمد عبده يماني هو دكتوراه في الكيمياء والجيولوجيا والدكتور عبد الله نصيف هو زميلي تخرجنا سويةً في الكيمياء والجيولوجيا وهو تخصص في الجيولوجيا في الدكتوراه وأنا تخصصت في الكيمياء في الدكتوراه ففي الحقيقة هناك عدد كبير من الذين خدموا الإسلام خرجوا من المنبت العلمي وسبب ذلك وأنا أريد أنهي هذه الخصومة أو هذا الحس بأن العلم شيء والدين شيء آخر. ففرحان أبو زيد اكتشفت أنه موسوعة علمية وهو طبيب وفيزيائي وفلكي وكيميائي، والعجيب أنني وجدت أنه حكم بين جاليليو وعالم فرنسي آخر في قضية فلكية وهو الوقت نفسه يكتب العقد الاجتماعي في الإسلام وهو في الوقت نفسه يكتب النظرية الإسلامية في الحكم الإسلامي. في الحقيقة أن علمائنا وأسلافنا كانوا هكذا علماء في الطب والكيمياء والفيزياء والفلك والشريعة، وراجعوا ابن سينا والفارابي وكل هؤلاء تجد أنهم علماء. مرة تحدثت في أحد المؤتمرات فأحد الأخوان قال إن فلان هو دكتور في الكيمياء فيقول لي: معالي الدكتور أحمد عمر هاشم أنت دكتور في الكيمياء والله كل حياتي أنا أعاشرك وأظن أنك دكتور في علوم أصول الدين من الأزهر.. فهناك استغراب كيف أن دكتوراً كيميائياً يتكلم عن الدين. فمعالي الدكتور هو ضابط في الجيش ولكنه زميل وشريك لنا في هذه الدراسات الاستراتيجية والدراسات الفكرية. الدكتور محمد عبده يماني كما تعلمون كتب الكثير وتحدث الكثير فنحن نريد أن نعيد هذا التزاوج وهذا التكامل بين الساحات العلمية وبين الساحات الفكرية والروحية. |
عريف الحفل: الأخ محمد صالح الشيخ يقول: |
الشيخ محمد إلياس مؤلف حياة الصحابة ومؤسس مركز نظام الدين في الهند وأيضاً جماعة الدعوة والتبليغ ولهم المرجعية في الشورى في العالم. ما هو رأيكم في هذه الجماعة؟
|
معالي الدكتور حامد الرفاعي: أنا هنا أمتنع عن إعطاء الرأي عن أي جهة لأنني لست قاضياً.. لكني أنا أشيد بأي عملٍ إسلامي يخدم الإسلام، أنا ضد التصنيفات وأنا لي كتاب جديد سيصدر هو "العلمانية بين الوسطية والتطرف". وأنا أكره هذه التصنيفات التي أسمعها الآن في صحفنا هذا علماني وهذا ليبرالي وهذا صوفي وهذا سلفي وهذا آراءاتي.. يا أخوان هذه يجب أن ننهيها من حياتنا. قلت مرة لأحد مشايخنا وهو صديق لي يهاجم أستاذاً كبيراً وهو الآن وزير ويتهمه بالعلمانية فقلت له يا أخي هذا الرجل لو أخذته لبلاد العلمانية الصحيحة لاتخذوه إماماً في مساجدهم.. الله يرضى عليك دعنا نفهم العلمانية ونعرف كيف نتعامل معها وشكراً. |
الأستاذة نازك: سؤال من الطالبة صفاء عبد المجيد الزهراء: |
هذه الحملة الشرسة الظالمة التي يتعرض لها الإسلام كانت ردود فعل المسلمين علمها كما رأينا جميعاً مظاهرات، مقاطعات وشعارات مثل: روحي فداك يا رسول الله. ألا يرى ضيفنا الكريم إن أبلغ ردٍ وأعظمه هو أن نعود إلى إسلامنا الحق فنطبقه التطبيق الصحيح. شكراً لكم.
|
معالي الدكتور حامد الرفاعي: نعم أنا أؤيد هذا نحن بحاجة إلى أن نترجم هذا الإسلام.. ابن تيمية له عبارة عجيبة يقول: (الإسلام محجوب بأهله) وبالفعل هذا الإسلام محجوب بصورتنا الغير مرضية.. نحن بحاجة أن نعيش هذا الإسلام في حياتنا وأكرر هذه العبارة التي لا أملُّ منها "يجب أن نترجم العلاقة الصحيحة بين المسجد والسوق" عبارة عريضة بين المسجد والسوق نريد أن نكون عباداً في السوق كما نحن عبّاداً في المسجد، إذا استطعنا أن نحقق هذه المعادلة أو أن نحقق عبادتنا في السوق كما نحقق عبادتنا في المسجد أبشركم بأننا سننطلق. هذا هو السر الذي أراه وأرجو الله أن يعيننا عليه. |
عريف الحفل: الأخ شمس الدين موصلي من البنك الإسلامي يقول: |
في كل يوم تطالعنا بعض القنوات العربية بفتاوى غريبة عجيبة ما أنزل الله بها من سلطان وللأسف صادرة عن بعض رموز إسلامية أو مجموعات عقائدية، ألا ترون أن ذلك يكون سبباً في ضعف حواراتكم أمام جماعاتٍ ليسوا مسلمين؟
|
معالي الدكتور حامد الرفاعي: هذا صحيح فنحن في كل مرة نذهب للفاتيكان أو لغيره نرى أنهم قد أعدوا لنا ملفاً حول الفتاوى ولا سيما الدعاء في صلاة الجمعة، فكل مشايخنا وكل أئمتنا بعد أن ختم الخطبة.. اللهم عليك باليهود والنصارى، اللهم رملّ نساءهم ويتّم أطفالهم.... على الساخن والبارد هذا الدعاء ساري المفعول. |
أنا مرة سألت الشيخ ابن باز رحمة الله عليه هل الرسول صلى الله عليه وسلم كان يدعو في منبره على أحد من المشركين؟ قال لي لا. الدعاء الذي دعاه مرةً واحدة هو يوم بدر ووقف يدعو ويشكو حال المسلمين.. اللهم إنهم حفاة فاحملهم اللهم إنهم عراة فاكسهم اللهم إنهم جياع فأشبعهم.. ما دعا على قريش إلا دعاءً عاماً أي أنه لم يسمّ أحداً. حتى أني سألت الشيخ محمد الغزالي رحمة الله عليه. قال لي لم يؤثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه في خطبة الجمعة كان يدعو على أحد من الناس بل بالعكس كان يدعو بالرحمة. وحادثة العودة من الطائف.. اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون وعندما جاءه ملك الموت يقرؤه السلام ويقول له إن شئت بأمر ربي أن أطبق عليهم الأخشبين قال: لا لعل الله يخرج من أرحامهم من يوحده وكان عكرمة ابن أبو جهل الذي كان من أحد صناديد وأبطال معركة اليرموك التي ذكرتها وأذكر من قراءاتي أنه في إحدى الجولات تعاهد مع عشرة من إخوانه من المسلمين أن يخلعوا السرج عن الخيل ويمتطوا الخيل عارية ويخلعوا الدروع وينطلقوا بأجسامهم بدون درع وبدون سرج فقال له خالد ويحك يا عكرمة ماذا تفعل قال مه يا خالد إن لي ولأبي أسبقية ضد الإسلام فدعني أكفر عمّا فعلت دعني أبدل سيئاتي بحسنات. هذه الروح التي كان فيها عكرمة التي جاء استجابة لدعاء جبل الأخشبين لعل الله يخرج من أصلابهم، فكان عكرمة من صلب أبي جهل عدو الله وعدو هذا الدين. فنحن دين الرحمة ودين المحبة. فأنا أقول لأخواني، إن القرآن يسمونه بالإنجليزية (Conclusion) أي يعطينا نتيجة، نقرأ القرآن فتأتي آية وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ (الأنبياء: 107) وإذ تأتي آية أخرى يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ للَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ (الأنفال: 24) الإسلام هو الحياة وأنا قبل عشرين سنة طرحت مقالةً كبيرة قلت فيها "تعالوا لنعيش في سبيل الله تعالوا لنرفع الحياة في سبيل الله لأن الموت في سبيل الله إذا لم تسبقه الحياة في سبيل الله لن يكون موتاً في سبيل الله" وثار عليَّ بعض العلماء وبعض طلبة العلم أن تدعوا إلى الاستكانة. قلنا لهم يا أخوان: الحياة في سبيل الله هي المقدمة الصحيحة للموت في سبيل الله، الذي لا يحيا في سبيل الله لا يمكن أن يموت في سبيل الله. ومن اعترضوا عليَّ بالأمس هم اليوم يؤلفون فيها كتباً. وسمعت منذ أسبوعين أخاً من طلبة العلم أو من العلماء وأنا أُجِلّهم جميعاً يتحدث يقول: لقد تحدثنا عن الموت كثيراً فآن لنا أن نتحدث عن الحياة في سبيل الله. |
سعادة الدكتور أنور ماجد عشقي: بسم الله الرحمن الرحيم.. عشنا هذه الفترة مع ضيفنا حول تجاربه وفكره وعلمه وتحاورنا معه كثيراً ونأسف أن الوقت لا يتسع حتى لو بقينا إلى الفجر ولكن ضوابط الوقت مطلوبة حتى في الشرع وفي الشريعة نجدها في الصيام والصلاة وغير ذلك. |
فنقدم الأسف لأخواننا الذين لم نتمكن من عرض أسئلتهم الوجيهة ولكنهم بإمكانهم أن يعرضوها مباشرة فيما بعد. |
نحن خلصنا من هذه المحاضرة وهذا العرض الشيق إلى عدة أمور: |
أولاً: أن الحوار يجب أن يندرج في خطةٍ استراتيجية وأن يُسجل هذا الحوار وباللغات الحية وأن يُوزّع على المكتبات العالمية. في الولايات المتحدة الأمريكية مثلاً 17.000 مكتبة كبرى وفي أوروبا عشرات الآلاف من المكتبات لتكون مرجعاً لمن يبحث وأن توضع في الإنترنت كما تفضلوا به. |
ثانياً: حينما نتكلم عن الفوضى الخلاقة، فالفوضى الخلاقة لها بعد في التاريخ الإسلامي أيضاً. فحينما جاء أبو سفيان بعد أن عُيِّن معاوية تبعاً ليزيد أخاه في الشام فجاء إلى هند زوجته وقال لها أرأيت أين ابنك من ابني قالت له: إذا اضطربت خيول العرب فستجد أين ابني من ابنك. فمعناها هي هذه الفوضى الخلاقة. |
ثالثاً: بالنسبة للمرأة، فقد كنت في الجزائر وبعد أن ألقيتُ محاضرتي سُئِلت من قِبل الإذاعة: هل المرأة السعودية مضطهدة؟ قلت لا الرجل هو المضطهد، قالوا كيف؟ قلت أنا جئت إليكم ولم أستأذن من رئيسي ولا من وزيري وإنما استأذنت من زوجتي، فلو قالت لي لا تذهب والله ما قدمت إليكم. |
رابعاً: طالما قال عن خانة الصفر، فخانة الصفر عندما تعرضت فرنسا للدمار في الحرب العالمية الثانية كتب جان بول سارتر الآن نالت فرنسا حريتها. قالوا له كيف وهي الآن في حالة الصفر؟ قال لأن الإنسان في حالة الصفر له حرية الاختيار أما بدون حالة الصفر فليس له حرية الاختيار. فإذا كنا فعلاً في حالة الصفر علينا أن نختار الطريق الصحيح والسليم. |
بالنسبة لمن يترك أحياناً أو يضيف أحياناً إلى تخصصه نشاطاً آخر ثقافياً أو فكرياً، فهذه سمة المثقف. فالمثقف من أرَّقته المعرفة فاستيقظ وجدانه لقضايا أمته. العالِم الذي لا يهتم بقضايا أمته ماذا يفيدنا حتى لو كان في الذرة لأنه لا بد أن يكون الإنسان في هذا العصر مثقفاً وأن يكون مهتماً بقضايا أمته. |
وأخيراً أشكر صاحب هذه الندوة وأشكر المحاضر الكبير وأشكر الذي قدم لها بأسلوبه الرائع وشكراً لكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. |
|