((كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه))
|
بسم الله الرحمن الرحيم، أحمدك اللهم كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، وأصلي وأسلم على خير خلقك حبيبك وصفيك سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم. |
السيدات الفضليات.. |
الأساتذة الأكارم.. |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: |
سعداء أن نلتقي هذه الليلة لنكرّم السيدة الأستاذة الجوهرة بنت محمد العنقري، التي استمعتم إلى سيرتها الذاتية بما حوت من إنجازات تذكر فتشكر.. تلتئم دائرة هذا الجمع الكريم لتحيي كفًّا استقال من الخضاب التقليدي، ليس ركوناً إلى الدعة بل لتستبدله بخضاب الحبر والعطاء المتواصل في ساحة العمل الاجتماعي والإنساني الذي أوجفت عليه خيلها وركابها لتقول كلمتها ثم تمضي في طريقها مرفوعة الرأس، قوية الشكيمة، راسخة العزيمة، رغم الأعاصير والزوابع التي تثار في معظم الأعمال التي تتصدى لها شقيقاتنا بما حباهن الله سبحانه وتعالى من علم وحنكة وصبر ونكران ذات. |
واسمحوا لي أن أتقدم باسمكم جميعاً بأحر التعازي لفضيلة الأخ الشيخ حسن بن موسى الصفار، بوفاة والده الجليل، فالمصاب عظيم غير أن رحمة الله أوسع، فنسأله سبحانه وتعالى أن يكرم نزله، ويوسع مدخله، ويتغمده برحمته، ويسكنه فسيح جنانه مع الصدِّيقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً، وأن يلهم أهله وذويه الصبر وحسن العزاء، إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (البقرة: 156). |
إن إسهامات ضيفة أمسيتنا المتعددة تمثل ساحات تحدٍّ لم يكن لها أن تنهض بأعبائها إذا لم تجد الأجنحة التي تساعدها في التحليق عالياً في سماء العطاء.. وأحسب أن من أهم تلك الأجنحة التي استقوت خوافيها بالقوادم التربية العائلية التي منحت التعليم حقه الطبيعي والطليعي لفتاة في عمر الزهور.. خاصة التعليم الجامعي خارج الوطن.. وما يواكبه من تغيرات اجتماعية لها عمق يختلف عن المألوف والمؤطَّر في الداخل.. ومن اختلال ميزان النظرة المنفتحة والمنغلقة نشأت قسمة ضيزى أرادها البعض عنقاء تخيف الناس من مواجهة العالم باعتباره مجهولاً يموج بالأهوال وبكل ما يجرح العفاف وينأى عن الدين والعرف والتقاليد والفضيلة. |
إن استعراض أسماء من شرفت "الاثنينية" بتكريمهن حتى الآن يوضح أهمية السبق والإصرار على التعليم الجامعي وما اكتنفه من صعوبات لاقت رائداتنا الفضليات اللاتي وجدن الحضن الدافئ في عائلات عرفت معنى التضحية وصولاً إلى النوافذ التي يفتحها العلم، ولا يخيب أمل مرتجيها وتوجهه نحو الغد المشرق.. وضيفتنا الكريمة حظيت بالرعاية ذاتها، والفهم العميق من عائلتها الكريمة، مما حقق لها مكانة رفيعة رسختها بالإصرار على المضي في العمل الطوعي من صميم مؤسسات المجتمع المدني ممثلة في الجمعية الفيصلية، وما حققته من مبادرات إنسانية خيرة.. وتلك قصة نجاح نتطلع إلى تحقيقها على أرض الواقع في كل شبر من هذا الكيان الحبيب. |
يعلم جمعكم الكريم إن الدرب طويل والزاد قليل، فمؤسسات المجتمع المدني التي غطت العالم شرقاً وغرباً، لم تزل غضَّة طرية في مجتمعنا، خصوصاً إذا اقترنت بنشاط نسائي يثير بكل أسف حمية جاهلية لدى البعض ممن يسعون بكل أسف إلى تقويض البناء ووضع العوائق والكوابح التي تؤخر المسيرة وتلقي بظلالها السلبية على الأداء مهما كان متميزاً ومحققاً للأهداف النبيلة التي نشرف جميعاً برؤيتها تتشكل واقعاً ملموساً يغرد في سماء الوطن ويطلق الطاقات الكامنة في نصف المجتمع خيراً ونماء وعطاء نستظل به من هجير الحياة ولأوائها. |
إن الدول بصفة عامة، مهما أوتيت من قوة مالية وإدارية لن تستطيع تحقيق كل الغايات والأمنيات، لذا فإن المجتمع بكل شرائحه يمثل الجناح الذي ينبغي أن يضرب بإرادة صلبة إلى جانب جناح الدولة لتحلق في سماء البذل، ويستفيد الجميع من مختلف التجارب والرؤى التي تأخذ بيد بعضها البعض لتدارس أوضاع قد لا تجد مسوغاً في سلَّم الأوليات رغم أهميتها مثل حالات الأطفال التوحُّديين، وضحايا السرطان من أطفال ومعوزين، والمنكوبين بالعنف الأسري، خاصة في صفوف النساء والأطفال، وجرائم الرذيلة التي تنخر في المجتمع فيتهالك كعصف مأكول.. وكما تعلمون فإن ثورة "الإنترنت" جعلت من التواصل بين مختلف قطاعات المواطنين أمراً في غاية السهولة، وتداول المعلومات أصبح ميسوراً بدرجة غير مسبوقة، وبالتالي فإن استغلال هذه المعطيات يوفر الكثير من الجهد ويسهم في حشد الطاقات والإمكانات لتحقيق أكبر المشاريع الإنسانية، وتستدعي ذاكرتي في هذا السياق ما قامت به إحدى الدول الشقيقة بإنشاء مستشفى خاص لعلاج الأطفال المصابين بالسرطان بجهود ذاتية وتبرعات سخية شيدت صرحاً طبياً يعد مفخرة في بابه.. والأمر ليس استثناء.. فبجهود ومثابرة مماثلة يمكننا تحقيق الكثير من الإنجازات الطبية والتعليمية والثقافية والفكرية.. فقط نضرب صفحاً بخدوش المثبطين والمتخاذلين والمعوِّقين الذين لم تخل منهم حقبة تاريخية منذ فجر الإسلام وحتى يرث الله الأرض ومن عليها. |
وفي هذا السياق أشير بكثير من التقدير إلى مساهمات ضيفتنا الكريمة في المجال الصحفي، فقد احترمت عقل القارئ وصدقية قلمها، وحققت بهذه المعادلة اختراقاً مهماً في مجال ظل محصوراً في نخبة معينة لفترة طويلة، وبفضل تمكنها من أدواتها ولغتها السهلة الممتنعة وتناولها قضايا الهم المشترك تجاوزت إشكاليات كثير من الكتَّاب وصولاً إلى قلب ووجدان القارئ ولامست بهدوء شواغله ومكامن التعاطف التي شملتها بعطف وإدراك عميق مكَّنها من الإسهام الفاعل في حل كثير من القضايا.. وهذه مفخرة تحسب لكل من يتعامل مع الكلمة عبر مختلف وسائل الإعلام مرئياً ومكتوباً ومسموعاً.. فكثير من الأسماء لمعت في دنيا الصحافة إلا أن سقف عطائها وتوقعاتها لم يكن بالمستوى الذي يؤهلها للوصول إلى التأثير الإيجابي في المجتمع، ومن حسن الطالع أن فارسة أمسيتنا استطاعت الإفلات من قبضة (الأنا) لتنطلق في دروب الكلمة خدمة للصالح العام ولرسالتها السامية. |
وفي سباق مع الوقت، شاركت الأستاذة الجوهرة العنقري في تأسيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، وكرست جهودها وخبراتها وعلاقاتها الواسعة للنهوض بهذه الجمعية الفتية لتتغلغل في عمق المجتمع وترسم البسمة من خلالها على شفاه ظنت أنها صارت نسياً منسياً، فعمقت عبر هذه الجهود الخيرة وشائج المجتمع بمختلف فئاته وشرائحه، وقدمت المملكة أنموذجاً طيباً للعلاقات الإنسانية المتكئة على إرث راسخ من القيم الإسلامية الأصيلة، فحقوق الإنسان ليست حكراً على الدول الغربية، إذ يعلم الجميع أنها نتاج هدي رباني انبثق مع نور (إقرأ) وعم العالم الذي كان يتمرّغ في اختلاطات مفاهيمه وتشوُّهات أفكاره في العصور الوسطى، فانتشله من درك الظلمات إلى مرافئ الخير والحق والعدل والجمال. |
وبالرغم من شواغلها العائلية مثل أي ربة أسرة، إلا أن ضيفتنا الفاضلة تمكنت بحسن تصرف من إعادة هيكلة وقتها لتوفر جانباً منه لإصدار بعض المؤلفات التي أسهمت بقسط جيد في إثراء الساحة الثقافية، كما أحسبها حفزت غيرها من المبدعات للمشاركة وتقديم ما لديهن خصوصاً في مجالات التغذية الصحية، في وقت نعاني الكثير بسبب استشراء عادات غذائية أملتها ظروف الحياة وانتشار مطاعم الوجبات السريعة وميل نسبة مقدرة من الشباب وصغار السن إلى هذا النوع مما يعرف بالـ JUNCK FOOD على نطاق العالم. |
إن إنجازات ضيفتنا الكريمة متعددة بألوان طيف قوس قزح الذي يشكل إبداعاتها ومواهبها المتعددة، فهنيئاً لنا بها.. وهنيئاً لها مجتمعاً يقدر، ويشكر، ويثمن عالياً، ما تقدمه في سبيله بكل أريحية ونكران ذات.. متمنياً لكم وقتاً طيباً ومفيداً في معيتها. |
وقبل أن أنقل لاقط الصوت لمعالي الدكتور محمد عبده يماني ليتفضل مشكوراً برعاية هذه الأمسية، أذكركم بأن ضيفنا القادم سعادة الأستاذ الدكتور محمد صالح الشنطي، الأكاديمي والناقد الأدبي المعروف، الذي أسهم في تخريج أعداد كبيرة من الأساتذة الذين أثروا الساحة التعليمية وذلك من خلال عمله أستاذاً في كلية المعلمين بحائل، بالإضافة إلى مؤلفاته العديدة في شؤون وشجون الأدب السعودي، ومؤلفاته التي بلغت سبعة عشر عنواناً آخرها (التجربة الشعرية في المملكة العربية السعودية) الذي صدر في ثلاثة مجلدات قبل أن يعود للعمل في الجامعات الأردنية.. فأهلاً وسهلاً به بين أهله وصحبه وعارفي فضله. |
والسلام عليكم ورحمة الله،،، |
الأستاذة نازك الإمام: شكراً لسعادة الشيخ على هذه الكلمة الضافية وأرجو أن أشير هنا إلى أنه بعد أن تعطى الكلمة لسعادة الضيفة الكريمة ستتم محاورة الأستاذة الجوهرة العنقري عن طريق الأسئلة التي آمل أن تتفضلوا بكتابتها، وأرجو أن يكون سؤالاً واحداً لكل سائل حتى نتيح الفرصة لأكبر عدد منكم ومنكن للتساؤل. |
والآن الكلمة لمعالي الدكتور محمد عبده يماني المفكر الإسلامي المعروف ووزير الإعلام الأسبق فليتفضل مشكوراً. |
|