شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( قصيدة الأستاذ أحمد سالم باعطب ))
ثم ألقى الأستاذ أحمد سالم باعطب قصيدة شعرية، احتفاءاً بالأستاذ الدكتور بدوي أحمد طبانة فقال:
- بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
- أيها السادة الكرم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
- هذه الدارة، أو هذا المنتدى الأدبي، أو هذا الصالون الأدبي - بلغة العصر الحديث - لها مفاجآت، وهذه المفاجآت ظاهرة صحية في أي مجتمع صغر أم كبر، لأنها تبرهن على مدى قوة عزم الرجل في مواجهة صدمة هذه المفاجأة، وما وقوفي أمام هذا اللاقط في هذه الساعة إلاَّ مفاجأة بالنسبة لي، لأنني كنت على يقين لما اختزنته ذاكرتي؛ أنَّ هذه الليلة هي موعد تكريم الدكتور أحمد محمد علي، وظللت أحسب هذا في خيالي حتى فوجئت قبل أربعة أيام باتصال من سعادة الأستاذ عبد المقصود خوجه، يعلمني بأن هذه الليلة هي موعد تكريم الدكتور بدوي أحمد طبانة، فوقفت محتاراً لأن المحتفى به رجل أحترمه وأقدره ويجب علي أن أشارك في تكريمه، ولكن المدة المتبقية لا تسعفني بأن أقدم شيئاً يستحق، فضربت أسداساً بأخماس، أو أخماساً بأسداس؛ ماذا أفعل وهذا الرجل الَّذي أحترمه وأقدره يعتبر أستاذاً لي، إن لم أتعلم على يديه فقد تعلمت على كتبه، وقبل أن أحترمه وأعزه فأنا أحبه.. أحبه لصفات جمة، أحبه لأنه مخلص مع من يعرف ومن لا يعرف، ولأنه يعطي بلا حدود، يعطي من علمه وجهده.. يعطي ولا يمن؛ وإذا استنصح نصح، وإذا استشير أشار بلا منّ، والجود بالعلم يفوق الجود بالمال؛ فأخذت أفكر ماذا أعمل؟ هل أكتب قصيدة؟ ولكن الوقت لا يسعفني ولن أستطيع أن أكتب خمسة أبيات، لأنني لا أغرف من بحر كأولئك الشعراء الكبار، ولكنني ألتقط أو أغترف من نهير أو ينبوع أوشك أن يجف؛ فحاولت أن ألجأ إلى النثر فوجدت باعي قصيراً لا يستطيع أن يمدني بما أشاء، فقلت ولنلجأ إلى النثر والشعر معاً لعل أحدهما يجبر الآخر كما يقولون في الفقه: "إن النقص في الفرائض يجبرها الإكثار من النوافل" فأحببت أن أجمع بين الاثنين، لكنني عندما فكرت في كتابة النثر خشيت أن يصيبني ما أصاب الغراب عندما أراد أن يقلد مشية غيره، فلم يفلح في مشيته، ولم يفلح في مشية الطائر الَّذي أراد أن يقلده؛ ورجعت إلى الشعر وكتبت قصيدة جلست فيها أربعة أيام في مخاض حتى انتزعتها انتزاعاً، فجئت بها أحملها إليكم، وما زال حبل المشيمة منها يقطر دماً، وسميتها "ذكرى":
يدُ الأيام تحترف الخيانة
وفي دمها الدليل على الإدانة
تغرِّرُ بالجياعِ وباليتامَى
لتُطعمَها التسكُّعَ والمهانه
وتفترسُ الأمومة في جنون
لنسلُبَها السيادةَ والحَصَانة
وتنتهك الطفولةَ أين كانت
ليفقِدَ كلُّ مجتمعٍ أمانه
وتنفُثُ سحرَها في النشءِ حتَّى
تجرِّعَهم صديدَ الاستكانه
وتغري العابثين بكل درب
ليغتصبُوا العفاف وصولجانه
وشاكت بالسهام العلمَ فينا
لنسخر بالبلاغة والإبانة
فذابت حسرة وأسىً خطاها
وبات وليُّها ينعى رهانه
فصرح الضاد للتاريخ رمز
بنينا بين أضلعنا كيانه
ترف عليه باقات الأماني
تحف به جواهرُه المصانه
وفيه معاقل الفصحى تجلَّى
على قسماتها ألقُ الفَطانه
مقدسة المخارج والمثاني
بها الرحمن علَّمنا قُرانه
يجوب لواؤها الآفاقَ نوراً
ولا يُرخي لمغتصب عنانه
ولم يمسس قداستها جهولٌ
عليل الظل موبوء البطانه
ولم تك عاقراً تسعى إلى من
يعض على مصيبتها بنانه
ولكن بعض من حَدِبَتْ عليهم
تساقوا بينهم حبَّ الرطانه
ولما أبصر الحاوي عليها
سماتِ الضَّعفِ جَنَّد أُفعوانه
فمزق منتدى البلغاء فيها
وأغمد في حناياها سنانه
فصاحت تستغيث فأنجدتها
حماة الضاد فرسان الكنانه
وفيهم كوكب للنقد زاهٍ
تترجم أحرف الكلماتِ شانه
إمام في علوم القول بحر
وكل مجاهد ولـه كنانه
فنادته المصارع والقوافي
نَعِمَّا أنتَ يا بدوي طبانه
أبيُّ النفس محمود السجايا
يعطر بالشذا الزاكي لسانه
يصوغ الشعر عاصفة تدوي
وحيناً رقة تروي حنانه
ويغزو بالنثيرة في شموخ
مثار النقع يصبح ترجمانه
ومن غرر الكلام لـه حسان
وكم أهدى لنا كرماً حسانه
نبيت بهن والأنفاس حَرَّى
سعاةً بين مائدةٍ وحانه
* * *
فيا علماً تهيم به المعاني
سطورك مذ فتنت بها مزانه
قدمتَ إلى حِمَى الأخيارِ أهلاً
فمدركة هنا وبنو كِنانه
وما مصرُ العروبةِ غيرُ أمٍّ
سمت بين الذرى العليا مكانه
بها نهر من العرفان عذب
براحتها تذوقنا لبانه
* * *
أفدني سيدي ما بال ليلي
تناسى عهدَ صحبتنا وخانه؟
يمدُّ يديه يعبث بانتمائي
ويصفعني ويمنحني شنانه
وجيلي متعب الخطواتِ واهٍ
من الحرمانِ يستجدي زمانه
وما الشيشان والبشناق إلاَّ
نتيجة عالمٍ خسر امتحانه
وكيف يفوز بالقربات من لم
يطرز بالبطولة مهرجانه؟
وكيف يذوق طعم النصر من لم
يَجُز في الحرب مرحلة الحضانه؟
وكيف يقارع الأحداث غر
أضاع على الرذيلة عنفوانه؟
وأصبح حقل وحدتنا جديباً
فما ترك الجفاف لـه اقحوانه
وحنجرتي تتاجر بالمعاصي
ضحاياها فلان أو فلانه
وليس معي من الإخلاص إلاَّ
ضمير ضاع لا أدري مكانه
متى تلد السنون لنا المثنى
وسعداً والعَلا وأبا دجانه؟
فيشرق في جوانحنا ربيعٌ
زنابقُهُ تعانقُ سنديانه
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :644  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 101 من 171
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة الدكتورة عزيزة بنت عبد العزيز المانع

الأكاديمية والكاتبة والصحافية والأديبة المعروفة.