يدُ الأيام تحترف الخيانة |
وفي دمها الدليل على الإدانة |
تغرِّرُ بالجياعِ وباليتامَى |
لتُطعمَها التسكُّعَ والمهانه |
وتفترسُ الأمومة في جنون |
لنسلُبَها السيادةَ والحَصَانة |
وتنتهك الطفولةَ أين كانت |
ليفقِدَ كلُّ مجتمعٍ أمانه |
وتنفُثُ سحرَها في النشءِ حتَّى |
تجرِّعَهم صديدَ الاستكانه |
وتغري العابثين بكل درب |
ليغتصبُوا العفاف وصولجانه |
وشاكت بالسهام العلمَ فينا |
لنسخر بالبلاغة والإبانة |
فذابت حسرة وأسىً خطاها |
وبات وليُّها ينعى رهانه |
فصرح الضاد للتاريخ رمز |
بنينا بين أضلعنا كيانه |
ترف عليه باقات الأماني |
تحف به جواهرُه المصانه |
وفيه معاقل الفصحى تجلَّى |
على قسماتها ألقُ الفَطانه |
مقدسة المخارج والمثاني |
بها الرحمن علَّمنا قُرانه |
يجوب لواؤها الآفاقَ نوراً |
ولا يُرخي لمغتصب عنانه |
ولم يمسس قداستها جهولٌ |
عليل الظل موبوء البطانه |
ولم تك عاقراً تسعى إلى من |
يعض على مصيبتها بنانه |
ولكن بعض من حَدِبَتْ عليهم |
تساقوا بينهم حبَّ الرطانه |
ولما أبصر الحاوي عليها |
سماتِ الضَّعفِ جَنَّد أُفعوانه |
فمزق منتدى البلغاء فيها |
وأغمد في حناياها سنانه |
فصاحت تستغيث فأنجدتها |
حماة الضاد فرسان الكنانه |
وفيهم كوكب للنقد زاهٍ |
تترجم أحرف الكلماتِ شانه |
إمام في علوم القول بحر |
وكل مجاهد ولـه كنانه |
فنادته المصارع والقوافي |
نَعِمَّا أنتَ يا بدوي طبانه |
أبيُّ النفس محمود السجايا |
يعطر بالشذا الزاكي لسانه |
يصوغ الشعر عاصفة تدوي |
وحيناً رقة تروي حنانه |
ويغزو بالنثيرة في شموخ |
مثار النقع يصبح ترجمانه |
ومن غرر الكلام لـه حسان |
وكم أهدى لنا كرماً حسانه |
نبيت بهن والأنفاس حَرَّى |
سعاةً بين مائدةٍ وحانه |
* * * |
فيا علماً تهيم به المعاني |
سطورك مذ فتنت بها مزانه |
قدمتَ إلى حِمَى الأخيارِ أهلاً |
فمدركة هنا وبنو كِنانه |
وما مصرُ العروبةِ غيرُ أمٍّ |
سمت بين الذرى العليا مكانه |
بها نهر من العرفان عذب |
براحتها تذوقنا لبانه |
* * * |
أفدني سيدي ما بال ليلي |
تناسى عهدَ صحبتنا وخانه؟ |
يمدُّ يديه يعبث بانتمائي |
ويصفعني ويمنحني شنانه |
وجيلي متعب الخطواتِ واهٍ |
من الحرمانِ يستجدي زمانه |
وما الشيشان والبشناق إلاَّ |
نتيجة عالمٍ خسر امتحانه |
وكيف يفوز بالقربات من لم |
يطرز بالبطولة مهرجانه؟ |
وكيف يذوق طعم النصر من لم |
يَجُز في الحرب مرحلة الحضانه؟ |
وكيف يقارع الأحداث غر |
أضاع على الرذيلة عنفوانه؟ |
وأصبح حقل وحدتنا جديباً |
فما ترك الجفاف لـه اقحوانه |
وحنجرتي تتاجر بالمعاصي |
ضحاياها فلان أو فلانه |
وليس معي من الإخلاص إلاَّ |
ضمير ضاع لا أدري مكانه |
متى تلد السنون لنا المثنى |
وسعداً والعَلا وأبا دجانه؟ |
فيشرق في جوانحنا ربيعٌ |
زنابقُهُ تعانقُ سنديانه |