شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة سماحة الشيخ حسن بن موسى الصفار))
أيها السيدات والسادة..
السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله الطاهرين وصحبه الطيبين ومن تبعهم بإحسان إلى قيام يوم الدين.
في هذا الحفل البهيج الذي يضم نخبة من رجالات المجتمع ومن ذوي الرأي والعلم والفضل، والذي ينعقد لتكريم عالم من علماء الأمة الذين أبلوا بلاءاً حسناً في الدفاع عن قيم الإسلام وتبيين معالمه وأحكامه ورعاية مصالح الأمة في هذا الحفل البهيج لا يسعني إلا التقدم بداية بوافر الشكر والامتنان لمؤسس هذه الاثنينية ومعالي الشيخ عبد المقصود خوجه هذا الرجل الذي طوّق الأعناق بفضله وكرمه واهتمامه بتكريم العلماء والفضلاء وأصحاب الرأي والمؤثرين في ساحة هذه الأمة فجزاه الله خير الجزاء وأمد في عمره، ومتعه بالصحة والعافية، في الحديث عن فارس هذه الاثنينية معالي الدكتور الحبيب محمد ابن الخوجه حفظه الله أود التأكيد على نقطتين:
تكوين فكر ونهج ابن الخوجه والنقطة الثانية تتعلق بهذا الصرح الشامخ الذي كان له دور أساس في إشادته وإقامته وعمله الدءوب وأعني مجمع الفقه الإسلامي، بالنسبة للنقطة الأولى شيخنا الجليل الذي نستمع إليه الليلة في رحاب تكريمه والإشادة بجهاده ودوره من أجل أن نتعرف أكثر على شخصيته ينبغي أن نعود إلى المدرسة التي نشأ في أحضانها ونهل منها، إنها المدرسة المقاصدية التي فيها نشأ. فهو قد تتلمذ على رجل من أبرز رجالات هذه المدرسة ورواد هذا العصر وهو الإمام الشيخ محمد الطاهر بن عاشور رحمه الله، هذا الفقيه الأصولي المفسر الذي اهتم أيما اهتمام بمنهج مقاصد الشريعة، ومقاصد الشريعة تعني أن ننظر إلى أحكام الدين ومسائل الشرع الشريف من خلال تلك الأهداف التي أراد الدين تحقيقها في هذا المجتمع الإسلامي، في مقابل مدرسة أخرى دأبت على الاهتمام بفروع المسائل الفقهية وتناولها في بعض الأحيان وكأنها مقطوعة عن استهدافاتها الإسلامية الكبرى، المدرسة المقاصدية تذكر الأمة وتذكر الفقهاء وطلاب العلوم الدينية بأن للإسلام أهداف وأن له رسالة وأحكامه وتشريعاته تخدم تلك الرسالة والأهداف وكما روينا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام الذي قال: وإن للإسلام غاية فانتهوا به إلى غايته، والقرآن الكريم حينما يتحدث عن كثير من الأحكام فإنه يردف ذكرها بذكر أهدافها وبذكر غاياتها وهكذا ما ورد في النصوص الأخرى، ولكن النظرة التجزيئية السطحية التي ابتعدت عن دراسة مقاصد الشريعة غفلت عن هذا الموضوع. ومن المثير للتأمل أن المدرسة المقاصدية انبثقت وتبلورت في المغرب، وكانت هي الإرث الهام الذي أبقته وأودعته لنا الأندلس الضائعة وكأنه كما قال أحد الباحثين مصداقاً للحديث الشريف الوارد عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم حيث قال: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية وولد صالح يدعو له وعلم ينتفع به، وقد تركت الأندلس لنا هذه الأشياء الثلاثة، ومن أبرزها علم المقاصد الذي كان من أبرز رواده الإمام الشاطبي، رحمة الله عليه، توفي سنة790 هجرية، وجاء كتاب الطاهر بن عاشور في كتابه مقاصد الشريعة وفي الوقت نفسه علال الفاسي رحمهما الله تعالى لكي يجدد طرح هذا العلم، في المشرق العربي وفي المشرق الإسلامي. هذه المدرسة لم تأخذ مداها بالمستوى المطلوب ونحن نشعر الآن بالحاجة إلى التأكيد على أهمية هذه المدرسة، نحن بحاجة إلى تطوير مقاصد الشريعة، فالضرورات الخمس تحتاج إلى تفعيل وتفصيل وتطوير وربما إضافة مقاصد أخرى من وحي الحاجات والتحديات القائمة التي تعيشها الأمة والإنسانية. نحن بحاجة إلى تطوير علم مقاصد الشريعة ونحن بحاجة إلى تدريسه لأبنائنا، بدل أن يستغرق أبناؤنا في مناهج تدريس الدين وفي دراسة تفاصيل الأحكام الفقهية، نحن بحاجة إلى تذكير أبنائنا بمقاصد الشريعة الكبرى ولعل ذلك يكون خير صيانة وحماية لهم من أن يفتنوا أو يضللوا بالانحراف والانزلاق في المهاوي التي وقع فيها بعض أبنائنا تحت عنوان الاستجابة لهذا النص أو لهذا الحكم أو ذاك ونحن بحاجة إلى دراسة فكر علماء هذا العلم، مقاصد الشريعة، ولا يتسع المجال للإطالة أكثر في هذا الموضوع.
انتقل إلى النقطة الثانية التي ترتبط بهذا الصرح الشامخ، مجمع الفقه الإسلامي، هذا الصرح يمثل آلية عملية للوحدة التي تنشدها الأمة لكل المسلمين والحمد لله يتطلعون ويتحدثون عن وحدة هذه الأمة. ولكن طرح شعار الوحدة والتطلع إليها لا يحققها ما لم تكن هنالك آليات تساعد على تحقيقها عملياً في حياة الأمة، مجمع الفقه الإسلامي ولسانه هي الآليات العملية التي بإمكانها أن تساعد الأمة على تحقيق هذا التطلع العظيم، ومن ناحية أخرى فإن مجمع الفقه الإسلامي حيث يجتمع علماء وفقهاء من مختلف المذاهب والاتجاهات والبلدان ليتيح أمامهم الفرصة لكي يتعرفوا على بعضهم بعضاً، وكما قال أحد العلماء: المسلمون إذا تعرفوا تآلفوا، التباعد بينهم هو الذي يعطي الفرصة للتشويش ولسوء الظن وللإعلام المغرض فيما بينهم لكنهم إذا ما التقوا وتعرفوا على بعضهم عن قرب وتداولوا الرأي فإن ذلك يساعدهم كثيراً على التقارب وعلى إنجاز الوحدة بينهم. وإذا اتحد العلماء وتقاربوا فهي الخطوة الأساس في وحدة الأمة وتقاربها، وشيء أخير وهو أن مجمع الفقه الإسلامي يهتم بدراسة النوازل والتحديات الجديدة والمسائل التي تحيط بالأمة في هذا العصر وبالتالي تنشغل الأمة وينشغل علماؤها بقضايا عصرهم وبلاء الأمة في التفرق والاختلاف إنما جاء من الانشغال بالماضين وعندما انشغلوا بأحداث التاريخ الماضي ولجاجة تراث الماضي هذا الانشغال هو الذي سبب الكثير من النزاعات والخلافات، حينما ينشغلون بعصرهم وبهمومهم الحاضرة يكونون قد ساهموا في الاتجاه الصحيح ويكونون قد تجاوزوا أسباب الفرقة والاختلاف، لا مشكلة أن تتنوع وتتعدد الآراء أو تختلف الآراء في تقويم أحداث تاريخية سابقة، أو رجالات من رجالات الأمة السابقين من سلفها مع حفظ الاحترام وعدم الإساءة فيما بينهم، الاختلاف في تقويم حوادث التاريخ أو رجالات التاريخ هذا أمر لا إشكال فيه، لكن ما ينبغي لنا أن ننشغل بذلك عن واقعنا المعاصر، وأن نترك التحديات والمشاكل والهموم في ساحتنا ونهرب عنها إلى الماضي، مجمع الفقه الإسلامي يعالج هذه المشكلة العلاج الصحيح، لأنه في الأساس متجه لمعالجة المشكلات الحاضرة، لقد قرأت عدداً من أبحاث شيخنا الجليل الذي نحتفي هذه الليلة بتكريمه ورأيت أثر مدرسته المقاصدية على بحثه وعلى تناوله للموضوعات كما تابعت سيرته وعلاقته بعلماء المسلمين على مختلف المذاهب وتشرفت بحضور بعض مؤتمرات التقريب بين المذاهب الإسلامية في طهران تحت رئاسته، الجمعية العمومية تحت رئاسة فضيلته ورأيت في سعة صدره وأخلاقه وفضله ما يجسد مقصداً من مقاصد الشريعة، وهو الحفاظ على وحدة الأمة، لا شك أنه مقصد من أهم المقاصد، شيخنا الجليل في علاقاته وفي ترفعه عن الانشغال بالخلافات الجانبية وفي دعوته لمن حوله من العلماء ولجماهير الأمة أن يترفعوا عنها وأن يعالجوها بروح علمية موضوعية دون استغراق ودون إساءة ودون أن ينشغلا بها عن واقع عصرهم، إنه نموذج لعالم الدين الواعي لمقاصد دينه، والواعي للتحديات التي تحيط بأمته والجاد المثابر في حمل هذه المسئولية والأمانة، جزاه الله خير الجزاء ونفعنا بعلومه وجعله الله ذخراً لهذه الأمة ولهذا الدين فيما يعتزم القيام به من مشاريع علمية واسعة وأشكر لمعالي الشيخ عبد المقصود خوجه تشريفي بهذه المشاركة وأشكر لكم إصغاءكم والحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عريف الحفل: الكلمة الآن لسعادة السفير كامل عزت مفتي الأمين العام المساعد لمنظمة المؤتمر الإسلامي.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :706  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 59 من 255
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

ديوان الشامي

[الأعمال الكاملة: 1992]

وحي الصحراء

[صفحة من الأدب العصري في الحجاز: 1983]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج