شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه))
أحمدك اللهم كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك وأصلي وأسلم على خير خلقك حبيبك وصفيك سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
السيدات الفضليات
الأساتذة الأكارم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
عادة ما تغمرنا السعادة في مثل هذه اللقاءات، غير أن هذا المساء تختلط فيه المشاعر، فهي تهتز فرحاً باستضافة علامتنا الجليل فضيلة الشيخ الدكتور محمد الحبيب بن الخوجه، وفي الوقت ذاته تختلج حزناً بمناسبة وداعه، بعد أن قرر الترجل عن منصبه الرفيع، حيث ارتبط اسم فضيلته باسم "مجمع الفقه الإسلامي الدولي" الذي شرف بأمانته العامة منذ ربع قرن، هي عمر هذا المجمع الفتي، المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي.
في البدء أترحّم معكم على فقيد الأمة المفكر الإسلامي الكبير الأستاذ كامل الشريف، الأمين العام للمجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة، عضو المكتب التنفيذي لمؤتمر العالم الإسلامي، وصاحب النشاطات المتعددة في المجالات الدعوية والمنظمات الدولية.. سائلاً الله سبحانه وتعالى أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يلهم آله وذويه الصبر وحسن العزاء.. إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (البقرة: 156).
إن الحديث عن فضيلة ضيفنا الكبير معالي الشيخ الدكتور محمد الحبيب ابن الخوجه ليس بالأمر الهين، لا لشح في المعلومات، ولكن العكس، نظراً لثرائها وتشعبها مما يجعل المتحدث يحار.
لقد حظيت "الاثنينية" بتكريم فضيلته بتاريخ 30/4/1405هـ الموافق 21/1/1985م، أي قبل ثلاثة وعشرين عاماً.. وكأننا على موعد مع شهر (يناير) لنشعله دفئاً باستقبال فضيلته والاحتفاء به، ثم نخاتله برداً ونحن نودعه بعد أن صان الأمانة وأدى الرسالة كخير ما يقوم به الرجال الموفون بعهدهم والمؤدون لأماناتهم.. خلال ربع قرن تقريباً، وهي الفترة التي منحت اثنينيتكم من علم وفضل وثقافة علامتنا الجليل، كان السباق كرماً للإسهام في إثراء ساحتها بأفكاره النيرة، وإضاءاته التي اتصفت بالشمولية والصدقية والوسطية.. وقد عرفت فضيلته من خلال تلك المشاركات، وغيرها من الفعاليات التي أكرمني بدعوة حضورها، متميزاً بفصاحة المنطق، وسحر البيان، وغزارة العلم، وقوّة التدقيق والتحليل، وصفاء الذوق، وسعة الاطلاع في آداب اللغة.. وبحور الفقه وصنوف العلم كما يرى فيه كثير من المتابعين لسان صدق لا تعوزه الحجة الدامغة، وهمّة تشرئب دوماً إلى المعالي، ومواصلة للعمل في غير كلل أو ملل، وأحسبه خير من ذلك ولا أزكيه على الله.. فهو ممن عاش النشأة والتكوين والهيكلة الأساسية، وصياغة كافة القرارات التي وسمت أداء هذا المجمع الفقهي الذي يضم الدول الإسلامية كافة والمنضوية تحت لواء منظمة المؤتمر الإسلامي.
كما تعلمون فإن الهدف الرئيسي للمجمع، والدور البارز المنوط به هو تحقيق الوحدة الإسلامية، وترسيخ العقيدة الإسلامية في نفوس المسلمين، وتوجيههم في جميع نواحي حياتهم إلى العمل بما تقتضيه أحكام الشريعة الإسلامية، ودراسة مشكلات الحياة المعاصرة والاجتهاد فيها، وتقديم الحلول لها، وعرضها عرضاً صحيحاً مع إبراز مزاياها.. من هذا المنطلق واكب المجمع الكثير من المتغيرات التي طرأت على الساحة الإسلامية، وناقش العديد من المستجدات التي كان لها تأثير مباشر أو غير مباشر على كثير من المسلمين.. من هنا نشأت أهمية هذا الصرح الكبير في تنظيم شؤون المسلمين وضبط الفتوى التي أصبحت للأسف حائطاً قميئاً يتقافز عليه بعض ممن يهرف بما لا يعرف عبر الفضائيات، لتصل إلى كل المسلمين في أصقاع المعمورة دون نظرة خاصة إلى الأوضاع الداخلية التي تكتنف حياتهم، والتي قد يكون لها دور كبير في إعادة النظر في الفتوى، وبالتالي تعقدت أمور بعض الجاليات الإسلامية والأقليات المقيمة في الغرب، في الوقت الذي كان ينبغي أن لا تجاز أي فتوى إلا بعد تمحيصها من قبل الجهات المختصة، وقد يعمل مجمع الفقه الإسلامي في المستقبل على ضبط مثل هذه الأمور حتى لا يكون التسيب حافزاً لمزيد من عنتريات الفتاوى الفضائية.
إن الدور الكبير الذي يقوم به مجمع الفقه الإسلامي للتقريب بين المذاهب الفقهية والاعتراف بها كما نص على ذلك مؤتمر القمة الإسلامية الاستثنائي الذي عقد في مكة المكرمة بتاريخ 6/11/1426هـ الموافق 7/12/2005م مشدداً على عدم تكفير أتباع المذاهب الإسلامية الثمانية: وهي المذاهب الأربعة لأهل السنة والجماعة (الحنفي، والمالكي، والشافعي، والحنبلي) والمذهبان الشيعيان: (الجعفري، والزيدي) والمذهب الأباضي، والمذهب الظاهري.. وإن كل من يتبع هذه المذاهب فهو مسلم ولا يجوز تكفيره، ويحرم دمه وعرضه وماله، مع مراعاة أن يكون مجمع الفقه الإسلامي مرجعية فقهية عليا للأمة الإسلامية وضمان إشراك المرأة العاملة في عضويته وفقاً لأهليتها الفقهية وكفاءتها العلمية.. فهذه الرؤية المستقبلية تسعى لترسيخ أهداف المجمع لتكون واقعاً معاشاً ينعم به المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها.. ومما لا شك فيه أن الدعوة لمشاركة المرأة المؤهلة لتقول كلمتها وتدلي بدلوها وعلمها في بحوث وتوصيات المجمع سوف تؤدي إلى نقلة نوعية في التعامل مع كثير من المشاكل التي برزت مؤخراً وتحتاج إلى جرأة في التناول بعيداً عن التطاول حتى يستقر المجتمع ويستمر في أداء رسالته السامية كعضو فاعل ومؤثر في الأسرة الدولية.
وتقودنا هذه المنظومة من التفكير المنهجي إلى ضرورة مراجعة الخطاب الإسلامي، والاستفادة من آراء العلماء وأهل الفضل والخبرة في مختلف المجالات للخروج من مأزق الخطابة الرتيبة الذي يدمغ بعض مسارات هذا الخطاب الدعوي وتكريس المعطيات والدراسات الإعلامية الحديثة لإيجاد نهضة شاملة ومتجددة تستطيع أن تخاطب الآخر وتحتويه بصورة غير مباشرة، وتعمل في الوقت ذاته على اجتذاب عناصر الشباب بصورة خاصة إلى دائرة الضوء والنأي بهذه الشريحة التي تمثل مستقبل الأمة من براثن الطاقات المهدرة والتهميش الاجتماعي والاقتصادي، وتوظيف الحوار البناء لمقارعة الفكر الظلامي وفق منظور يتوخى استمرارية الحوار عبر أجيال دون انقطاع، لأن العملية في تصوري تتطلب الكثير من الصبر والمثابرة وعدم التراخي لأي سبب من الأسباب، فأي شرخ في جدار التصدي لفكر الإرهاب والتكفير وما يتبعه من تفجير وانتحار يساق له المغرورون، سوف يعود بنا إلى المربع الأول، وقد تتداعى معظم الجهود وترتكس بظهور حادث واحد يدشن مرحلة جديدة من العنف والدمار.
إن المتتبع لما قدمه علامتنا الجليل، لا يملك إلا أن يثمن عالياً جهوده الطيبة التي بذلها في معظم مؤلفاته القيمة وعلى رأسها تحقيق كتاب (مقاصد الشريعة الإسلامية للإمام الأكبر محمد الطاهر بن عاشور) وكتابه عن شيخه وأستاذه الموسوم (شيخ الإسلام الإمام الأكبر محمد الطاهر بن عاشور)، وكتاب (مواقف الإسلام) الذي يبحث من خلاله قضايا مختلفة معاصرة من وجهة النظر الإسلامية، وهذا غيض من فيض.. كما لن يستغرب توجهه القادم في تكريس أوقاته متفرغاً لكتابة موسوعة فقهية كبرى تنتظم النوازل التي تحيط بالأمة الإسلامية بأسلوب عصري يليق بالقرن الحادي والعشرين، وتفتح آفاقاً جديدة تتجاوز السائد والمكرور إلى تخوم الألق الذي اتصف به صدر هذه الأمة وعصرها الذهبي حينما أسهمت بدور مقدر في كثير من المخترعات، ووسائل الري، والتأنق في المعمار، ورفد الحضارة الإنسانية بجملة من المباحات في المطعم، والمشرب، والفنون، والرياضة، وغيرها.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يهيئ لفضيلته كل ما يتمناه لبلوغ أهدافه السامية، وأن تشرف به هذه الديار مرات عديدة غير منقطعة، لنسعد بالاستزادة من علمه وسابغ فضله.. وأن يكلأه سبحانه وتعالى بالصحة والعافية والتوفيق المستمر.
أطيب تمنياتي لكم بأمسية ماتعة مع ضيفنا الكبير، وقبل أن أنقل لاقط الصوت لسماحة الشيخ حسن بن موسى الصفار.. أذكركم بأن أمسيتنا القادمة ستكون بمعية معالي الدكتور عبد الله الربيعة، المدير العام التنفيذي للشؤون الصحية بالحرس الوطني، مدير جامعة الملك سعود بن عبد العزيز للعلوم الصحية، ورائد جراحة فصل التوائم السياميين على نطاق العالم.. لنشرف بتكريمه والاحتفاء بمنجزه الإنساني الذي قدمه برعاية وسخاء وبعد نظر قيادتنا الرشيدة، برعاية خاصة من خادم الحرمين الشريفين. فأهلاً وسهلاً بكم وبكل محبي الكلمة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،،
 
طباعة

تعليق

 القراءات :783  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 58 من 255
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الخامس - لقاءات صحفية مع مؤسس الاثنينية: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج