شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة المحتفي سعادة الشيخ عبد المقصود خوجه ))
ثم تحدث المحتفي مرحباً بضيفه والجمهور، فقال:
- أحمدك اللهم كما ينبغي لجلال وجهك، وعظيم سلطانك، وأصلي وأسلم على خير من علّم وأعلمَ، خاتَمِ أنبيائك، صفيِّكَ وحبيبِكَ.. سيدِنا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.
- أيها الأحبة:
- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وأهلاً وسهلاً ومرحباً بكم في هذا اللقاء الَّذي يتجددُ على الوفاءِ والمودةِ والمحبة.. ومرحباً بضيفِنَا الكريم الأستاذ محمود رداوي، الَّذي حضر من الرياض مع كوكبةٍ من صحبه الأفاضل لتشريفِ حفلِنا، ولنقِفَ جميعاً لحظاتٍ على محطاتِ العمر نتطلعُ فيها بحنين إلى الماضي، ونستشرفُ في ذاتِ الوقتِ من خلالها مستقبلاً نسأل الله - سبحانه وتعالى - أن يكونَ مشرقاً لهذه الأمةِ تحقيقاً لقوله تعالى: كنتم خير أمة أخرجت للناس.
- ونحن إذ نحتفي هذه الأمسية بالأستاذ محمود رداوي، إنما نحتفي بنموذج الإنسان المسلم العربي، الَّذي أخلصَ حبَّه لدينِهِ ووطنِهِ العربي الكبير، فلم يكرس نفسَهُ لحياةٍ صغيرةٍ تدورُ في فَلَكِ الأسرةِ والعملِ شأنَ كثيٍر من الناس، ولكنه أعطى حياتَهُ معنىً أوسع، وجعل عملَهُ يمتدّ من سورِيَّا إلى الجزائر، وشملَ بحبِّهِ واهتمامِهِ روافدَ الأدبِ في كثيرٍ من الدول العربية؛ أما أسرتُهُ فقد أراد لها أن تشملَ إخوانَهُ في الدين، وكلَّ مَنْ يحملُ قضاياهُ وأفكارهُ واندفاعَهُ نحو الخير؛ فهو عضوٌ في أسرتِهِ الكبيرة، لذلك عندما هاجَرَ مجاهِداً في الجزائرِ ضِدَّ المستعمرِ الفرنسي، لم يكنْ يغرسُ جذورَهُ في أرضٍ سَبِخَة، وإنما انتقلَ انتقالاً طبيعياً من موقعٍ في الأسرة إلى موقع آخرَ في ذاتِ الأسرة، مستخدماً السلاحَ المناسبَ في الوقتِ المناسِبِ حَسْبَ مقتضياتِ الوضعِ الجهاديِّ الَّذي يمرّ بِه.
- جاهَدَ بالقلم، وعندما ألهبَتْ مشاعِرَهُ فظائِعُ المستعمر، وضع القلمَ جانباً وحملَ السلاحَ النارِيَّ ليواجهَ البَاغِي بنفسِ سلاحهِ، ذلك لأنَّ السيفَ أصدقُ إنْبَاءاً من الكتبِ، ولكل مقامٍ مقال..، فأحسن جهاد السيفِ كما أجادَ جهادَ القلم.
- اتجه بعد ذلك الأستاذ محمود ردَّاوي للاستفادةِ من هذه الثروةِ المعرفيةِ المتنوعة، لإكْسَابِ كتاباتِهِ العمقَ النابعَ من التجربةِ والمعاناة، فكلَّ كاتبٍ أو شاعرٍ لم يمارِسِ، المعاناةَ فعلياً، فَإنَّ كتاباتِهِ ستكونُ مجرّدَ تهويماتٍ ونظرياتٍ على الورق تفتقدُ حرارةَ التجربةِ ورصانَةَ الخِبْرةَ.
- لذلك عندما كتب الأستاذ محمود رداوي عن معالي الوالدِ الشيخ عبد الله بلخير، عمَدَ رأساً إلى الملامِحِ الرئيسةِ في شعره الفَخْمِ الجَزْلِ، تلكَ الروائعُ التي أسماها الأستاذ محمود رداوي الملاحِم، رغم اختلافِ البعضِ حول هذه التسمية، كما اختلفوا حول تسميتِهِ بشاعرِ الأمة..، وفي كل الأحوالِ ومعَ كل مقالٍ ومقام يبقى الشيخُ عبدُ اللهِ بلخير كبيراً ومتألقاً بشعره الَّذي رَصَدَ مِنْ خلالِهِ بعضَ الأحداثِ الجسيمةِ، التي مرتْ بها الأمةُ الإِسلاميةُ في تاريخِهَا الطويل، بنفسٍ يعلو الكثيرين عَبَقاً وأريجاً، حتى نكادُ نرى صهيل خيل ركابِ الخيرِ الَّذي قامت عليه دولُ هذه الأمة بعظمتهَا وروعتِهَا؛ فليس عليه بالكثيرِ أن يكونَ الشاعرَ الكبيرَ، وأن يكونَ أبَا الملاحم، وأن يكون شاعِرَ الأمة.
- إن الأستاذ محمود رداوي يمثل النموذجَ المتكامِل لشخصيةِ الإنسانِ المؤمن، الَّذي يعطي بكلِّ الحبِّ دون أن ينتظر مقابلاً لعطائِهِ الطيب، وغرس ما وقرَ في قلبِهِ ووجدانِهِ في قلوبِ ومشاعرِ الناشئةِ، ليجعلَ منهم جيلاً صالحاً مؤمناً بقضايَاهُ المصيرية..، ولتَبْنِي الأمةُ على عاتقهم صروحَ مجدِهَا المأمولِ بإذن الله.
- لقد وهب الشبيبةَ الكثيرَ من اهتمامِهِ، إيماناً منه بالدور الكبيرِ الَّذي ينتظرهُمْ، باعتبارهِمْ عمادَ الأمة وحامِلي مشعلِهَا، وكلُّ شيء يؤثر فيهم في الصغر إنما يضع لبنةً في مستقبلِ حياتهم، كما أشعلتْ فظائعُ الاستعمارِ الفرنسي في نفسِهِ الغضَّةِ كُرهَ الظُّلْمِ، وعلَّمتْهُ استنباطَ الوسائلِ الكفيلةِ بمحاربتِهِ وقَطْعَ دابِرِه.. ومن هذا المنطلقِ أعطى للشبابِ اهتمامَهُ ليغرِسَ فيهم حبَّ الخيرِ وكراهيةَ الشر، فينشأوا على المحجةِ البيضاءِ ليلُهَا كنهارِهَا لا يزيغُ عنها إلاَّ هالك.
- نسأل الله العليَّ القدير أن يجزيَهُ عنا خيرَ الجزاء ويُكْثِرَ من أمثالِه، ونحن إذ نقفُ معه اليومَ هذه الوقفةَ لتكريمه، إنما نكرمُ في شخصه كلَّ أولئك الَّذينَ عَمِلُوا في صمتٍ من أجل الحريةِ والكرامةِ والعزة.. تلكَ العزةُ التي ستبقى أبداً - بحولِ الله - للهِ ولِرسولِه وللمؤمنين.
- ومن هذا الموقعِ أضعُ بين يديّ والدي معالي الشيخِ عبد الله بلخير أمانةً تَصِلُ بسموِّها إلى درجةِ الالتماس، أن يضعَ بِدَوْرِهِ، بين يدي أستاذِنا الكبيرِ الرداوي، ما وعدَ به من وثائقَ ودراساتٍ وملاحمَ لم تنشرْ بَعْدُ، سِيَمَا وأن الأستاذ الرداوي سبقَ له أن قدّم دراسةً عن معاليه؛ وبهذا ننجزُ ما وعدنا به بصدورِ ثلاثةِ أجزاءٍ عن معاليه، الأولُ بشأن ذكرياتِهِ، والثاني عن شعرِهِ، والثالثُ يضم دراسةَ الأستاذ الرداوي عن الملاحم.
- وكما استمعتم - أيها الأحبة - لترجمةِ الضيف، فقد كتبَ عن معالي الشيخ عبد الله بلخير وسعادةِ الشيخ عبد الله بن خميس - أحدُهُمَا مُغرّب والآخر مُشرّق - واختيارُهُ للعَبْدَلَيْنِ - وهو المراقبُ المحايد - دليلٌ على أنه وجدَ فيهمَا ما لم يلمَسْهُ، في عشراتِ الأدباءِ الَّذين تعج بهم الساحة؛ فلعله يحدثنا الليلةَ عن العبدلين حديثُ الحاذقِ المدركِ لما رآه فيهما من مآثرَ، وخِصَالٍ، وأعمال جديرةٍ بأن تكونَ على سفرِ الخلودِ بإذن الله؛ ويخُصنا بحديثٍ أكثرَ استفاضةً عن معالي الوالد الشيخ عبد الله بلخير، الَّذي تتشرفون بوجُوده بيننا هذه الأمسية.
- مرحباً بضيفِنا الكريم وبصحبِهِ الأفاضِلِ مرةً أخرى، ومرحباً بكم جميعاً؛ وأحب أن أشيرَ إلى أن ضيفنا الأسبوعَ القادِمَ سيكون سعادةَ الأستاذِ الأديب سعد البواردي، متطلعاً إلى تشريفِكُمْ للقائِهِ والاحتفاءِ بِهِ.
- كما يسعدني أن أرحب بالكاتب الباحث العالم الشيخ محمد بن ناصر العجمي، وهو من الأساتذة المعروفين بالكويت، الَّذين نسعد بتشريفهم لهذه الأمسية لأول مرة.
- والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :843  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 70 من 171
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعيد عبد الله حارب

الذي رفد المكتبة العربية بستة عشر مؤلفاً في الفكر، والثقافة، والتربية، قادماً خصيصاً للاثنينية من دولة الإمارات العربية المتحدة.