(( كلمة المحتفي سعادة الأستاذ عبد المقصود خوجه ))
|
ثم ألقى المحتفي الأستاذ عبد المقصود خوجه كلمة رحب فيها بضيفه وبالحضور، فقال: |
- بسم الله الرحمن الرحيم. |
- أحمدك اللهم كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، وأصلي وأسلمُ على خيرِ خلقكَ، وخاتَم أنبيائك، صفيِّك وحبيبكَ. سيدنا محمدٍ، وعلى آله وصحبه. |
- أيها الأحبة: |
- بيننا - هذه الأمسية - رجلُ صحافةٍ وإعلامٍ كبير، حاولت (الاثنينيةُ) استضافَتَهُ منذُ وقت طويل، ولكنّ الظروفَ لم تتهيأ لنسعَدَ بلقائه من خلال أمسيةٍ خاصةٍ تُعقدُ على شرفِهِ؛ إنَّ الأستاذَ الكبير حامد حسن مطاوع - الَّذي نتشرف بالاحتفاء به هذه الليلةَ - يُعتبرُ من الأساتذة الَّذين قامَتْ على عاتِقِهِم النهضةُ الصحافيةُ في بلادنا، وترجمةُ حياتِهِ التي استمعتم إليها قبلَ قليل تشيرُ إلى ذلك. |
- إنَّ الأستاذ حامد مطاوع يمتازُ بالانتقائيةِ في كتاباتِهِ، فهو لا يختارُ إلاَّ المواضيعَ ذاتَ الصلةِ بالمواطن وهمومِهِ، وإنْ تحدث في شأنٍ دوليٍّ فلا بد أن تكون له صلةٌ وثيقةٌ بمجريات الحياةِ وانعكاساتها على الشأنِ الداخليِّ، ولعل المتتبع لكتاباتِ الأستاذِ حامد مطاوع يلاحظُ الأسلوبَ الفريدَ الَّذي ينتهجُهُ في تحريرِ مقالاتِه، فهو يأخذُ المادةَ الصحفيةَ بكل أمانةٍ من مصدرِهَا، أياً كان، ثم يصيغُهَا في قالبٍ أدبيّ رفيع، ويطرِّزُها بالأبياتِ الشعريةِ المناسبة..؛ وقد يبدو غريباً للوهلةِ الأولى أن يتطرّقَ كاتبٌ، عن السياسة الأميركية، أو عن الطاقة مثلاً، ويوردُ أبياتاً من الشعر!! والأغربُ أنَّ السياقَ لا يرفُضُ هذا، بل إنك تجد متسعاً ومتنفساً لأبيات الشعرِ، وكأنها قِيلَت أساساً عن السياسة الأميركية أو غيرها من المواضيعِ الحدِيثة رغمَ الفارقِ الزمنيِّ.. وتلك حاسةٌ أدبيةٌ ارتفعت بالقيمةِ التحليلية التي امتازتْ بها كتاباتُ الأستاذِ الكبير، إلى درجةٍ أكسبته طابَعاً ممَّيزاً أصبحَ معروفاً بِهِ، وبخصائصِهِ وبصماتِهِ الذاتية. |
- والَّذي يقرأ كتابَ: "شيءٌ من الحصاد" للأستاذ حامد مطاوع - الَّذي جمع بين دفَّتيه بعضَ مقالاته التي نُشرتْ في الصحف خلال الأعوام 1399هـ إلى 1401هـ - يستطيعُ أن يقرأَهَا من ثلاثِ زوايا.. زاويةِ القارئ العادي الَّذي يتناولُ الخبرُ ويقنعُ بمضمونه؛ وزاوية القارئ الحصيفِ الَّذي يقرأ الخبر، ثم يقرأ ما بين السطورِ ليستنبِطُ بعضَ الأفكار، ويربط بين كثير من الحقائقِ والوقائع، ويستفِيدُ من زَخَمِ المعلوماتِ التي تحفلُ بها معظمُ المقالات؛ والزاويةِ أو المنظور الثالث للقراءة.. هو المنظورُ الأدبيُّ، لأنَّ مقالاتِ الأستاذ حامد مطاوع ما هي إلاَّ قطعٌ أدبيةٌ رائعة، تشدُّ القارئَ إلى نسيجها المتناسِقِ وألوانِهَا البهيّةِ، وعمقِهَا الَّذي يدلُ على اطلاعٍ وافرٍ وإلمامٍ كاملٍ بمجرياتِ الأمور. |
- تبقى كلمةٌ عن أصالةِ هذا الأستاذِ الَّذي زرع جذورَهُ في أرضِ مكةَ الطاهرة، ونَهَلَ من معينِ علمائِهَا وأدبائِهَا، ولم يغفل بحاستهِ الصحافيةِ كلماتها الحارة، وعباراتها المأثورة التي تمثلُ بُعداً اجتماعياً وموروثاً حضارياً لا يُستهانُ به.. فَعَمَدَ إليها أيضاً، ومنها استقى حكمَةَ الأجيالِ التي صِيغَتْ في كلماتٍ قلائل..، ونَسجَ من كل ذلك أسلوبَهُ الخاصَّ الَّذي تميزتْ به كتاباتُهُ الشيقة؛ وقد كان يكتبُ زاويةً في جريدة (البلادِ السعودية) ثُم في جَريدة (الندوة) تحت اسم: (ابن حسن) يتناولُ فيها الكثيرَ من المواضِيع الاجتماعيةِ بلهجةِ ابنِ البلدِ الأصيل، ويعبّرُ باللهجةِ الحجازيةِ عما يعتلجُ في نفسِهِ ونفوسِ القراء، وقد نالت تلكَ الكتاباتُ استحسانَ الجميعِ، وتركتْ بصماتِها على صحافةِ تلكَ الحِقْبَة. |
- وأحسبُ أنَّ الأستاذَ حامد مطاوع عندما يكتبُ مقالاً، عادةً ما يرجعُ إلى عدةِ مصادِرَ علميةٍ موثوقة قبل أن يدفَعَ بمقالِه إلى المطبعة، فهو حريصٌ على توخِّي الدقةِ والصدقِ والأمانةِ، بقدر ما هو حريصٌ على الصياغَةِ الأدبيةِ الرفيعةِ، التي تنتظمُ مقالاتِهِ وكتاباتِهِ في خيطٍ ذهبيٍّ واحد..؛ فهنيئاً للصحافةِ به رائداً مُجدِّداً، وهنيئاً لنا به كاتباً رصيناً، حلوَ العبارةِ، رحبَ الأفقِ، واسعَ الاطلاعِ، راجحَ الذهنِ..، وإن كان لنا من رجاءٍ.. فهو أن يَزِيدَ من عطائِهِ ويتحِفَنَا بروائعه التي لا تُمَل، والتي ستبقى للأجيالِ تاريخاً وتوثيقاً لمرحلةٍ هامةٍ في حياتِنا السياسيةِ والاقتصاديةِ والاجتماعيةِ، على المستوياتِ المحليةِ والإقليميةِ والعالمية. |
- شكراً لضيفِنا الكبير ولكم جميعاً - أيها الأحبة - على تلبيةِ هذه الدعوةِ، مع أطيب أمنياتي لكم بقضاءِ أطيبِ الأوقاتِ وأمتعِهَا. |
|
- ضيف الأمسية القادمة - بإذن الله - سعادة الأستاذ المُربي محمود ردَّاوي، الَّذي عمل في حقلِ التدريسِ والجهادِ ضد المستعمرِ الفرنسي، ثم تفرغ للكتابة، وقد كانت آخر كتبِهِ عن معالي الوالدِ الشيخ عبد الله بلخير بعنوان: (عبد الله بلخير شاعرُ الأصالةِ والملاحِمِ العربيةِ والإسلامية) وقد شرفتُ بنشره في عام 1411هـ، آملاً أن نسعدَ بكم للاحتفاءِ به وتكريمهِ من خلالِ الاثنينية القادِمَة بمشيئةِ الله. |
|
- وكما تعودت أن نقول: إنه ليسعدنا أن نلتقي والإخوة الكرام والأساتذة الأفاضل، وكلُ من لهم تعاملٌ مع الكلمة، منوهاً أنْ لا دعوة للاثنينية، بل إننا نسعدُ بجميعِ من يُشرفنا بحضوره. |
- والسلام عليكم ورحمة الله. |
|