كفى بفضلك نوراً عند ذي نكد |
أن أشمس الليل رغم الهم والكمد |
ويا نديا وريق الظل في وطن |
أراده الله يبقى كالخلود ندي |
من بعض فضلك هذا الشعر أنضده وكان منذ ربيع غير منتضد |
يا غابة الفضل تسقي من مكارمها غراسها من أب حر إلى ولد |
أنزلتني منك قلباً شع من نسك |
فباركته حقول النسك بالرغد |
مهلاً فديتك إني غير مقتدر |
حمل الجبال وغابات الندى بيدي |
حقائبي ضجرت مني وأضجرني أني أخيط قميص النفي في جلد |
أجل تعبت ومل البحر أشرعتي |
ألعنة؟ فأعيش النفي للأبد |
عطشان أبحث عن ماء يعمدني |
بالماء إن قليبي كالفرات صدي |
كل الفوارس قد عادت لساحلها |
فما لنورس قلبي بعد لم يعد |
يرود بعض بغاث البغي من عسل |
وغير قيح صديد القهر لم أرد |
أدور حول نواعيري فما وصلت |
قوافلي غير بئر مقفر حرد |
تثاقل الفجر لم يقرب لنافذتي |
وحول شرفة أهلي سيف مرتصد |
فيا جليد ليالي النفي كن لهباً |
بين العراق ويا نيران فابتردي |
يا شهقة الضوء في قنديل أزمنة |
خبت هناك ألا بالله فاتقدي |
أنا الغريق بأمواهي يمزقني |
سيفي وينهش ناب الحزن من جسدي |
لمن تفتح زهر الشوق في مقلي |
وعربد الوجد كالطوفان في كبدي؟ |
لمن وهبت مياه العشق إن شفتي |
تَعْيَى ويوهن هذا البعد من عضدي؟ |
بيني وبين حقول الرافدين دم |
على الدروب وصحراء من الكمد |
عام وبعض حطام العام لا خبرٌ |
ممن أحب ولا ليلي بمبتعد |
فإن كتمت لهيب الوجد أحرقني |
وإن فضحت رأيت النار في بردي |
أنيخ قلبي لأحلامي وما طرقت |
إلاَّ وتطرقني الأحلام في نكد |
فيا حطام شبابي كيف تشفع لي |
كهولة ورماد العمر ملء يدي |
وقيل ما قيل عني أنني دنف |
عيناه من سهرٍ: حقلان من رمد |
وقيل عني مجنون يؤرقه |
راح المدائن لا ريحانة الرؤد |
وأنني سندباد دون أشرعة |
بحاره دمعه لا موجة الزبد |
وكنت أحسبني طفلاً إذا ركضت |
بي السنون أتاني طائر السعد |
جلست أنبش أيامي أمعصية؟ |
وهل على بردتي البيضاء من سَوَد |
إني سألتك غفراناً فما عرفت |
عيناي موبقة أو جرم مفتسد |
وكنت منذ ربيع العمر مُنغرساً |
جذراً بظلمة كهف مرعب صلد |
وإذ خرجت فلا طفلي ولا أبتي |
سوى حقول جراحات بلا ضمد |
وكان شكل رغيف الخبز ـ من سغب ـ |
نجماً من الطين في سقف بلا وتد |
سألتك العفو يا أماه عن ولد |
ما خان ثديك لما غاب عن عمد |
ويا تقية صفحاً ثم معذرة |
فلون جرحك من عيني ومن كبدي |
جار اللئام وما جار الزمان وقد |
أبى وليدك كفراناً بمعتقد |
فيا دوارس مني شوق مغترب |
ضُمي لصدر أبي في رقة ولدي |
لك السلام قبور الأهل قاطبة |
تنعَّمي برياض الواحد الأحد |
أكاد حتى رفات الميت أحسده |
غداة يملك أرض القبر في بلدي |
أعدَّ لي وطني لما فتنت به |
سيفين قد شهقا جيلين في جسدي |
أجالد الروح يا روح اصبري فلنا |
وعد مع المرتجى والمنهل الغرد |
وإن من رحلوا عنا ستجمعنا |
إليهم بعد حين دارة الصمد |
جنى الوجاق فلا أخت لتسجره |
ولا العجوز وجمري غير منخمد |
وأعجب العجب المفضوح في وطني |
أن المشرد أضحى موضع الحسد |
تركت دجلة يعوي في خرائبها |
كلب وتمرع ذئبان بلا عدد |
فما جلست إلى شطآنها غرداً |
إلاَّ ويسبقني نحو العذاب غدي |
تمخض الرجس يوماً في مرابعها |
فليت ((صبحة))
(3)
لم تحبل ولم تلد |
فيا كريم عشير الحرف شرفني |
منك السؤال عن المحزون للأبد |
ويا أديب عشير الجود في مقلي |
شكر وفي خافقي شكر وفي خلدي |
أبا الفضائل عذراً إن قافيتي |
تعيى ويخذلني حرفي فلم أجد |
فيا مسرة كوني زاده أبداً |
ويا نعيم استرح في داره وزد |
ويا ضياء استحم في روض مقلته |
ويا نجوم على شباكه احتشدي |
كفى بفضلك نوراً لم يَعُدْ رمدٌ |
في مقلتيَّ ولا قلبي بمنتكد |