| قلبُ المتيَّمِ هائمٌ بهَوَاها |
| هي (طيبةٌ) عمَّ الوجودَ سناها |
| زُرهَا وقَبِّل تُربةً قد مسَّها |
| قدمُ الحبيب من الجنانِ بَرَاها |
| كمْ ذا يُكابدُ من يفارق مُرغما |
| ويحبُّ مِن أجْلِ الحبيبِ ثراها! |
| فتراه دَوْماً هائماً في روْضها |
| مُستَعْبرَ العَيْنين يدعو اللـه |
| متضرعاً في ذلةٍ ومَهَابَةٍ |
| والروحُ مصغية إلى نجواها |
| وسفينةُ الأشواقِ قد أرسَتْ بها |
| في حَيْرة سَبحانَ مَنْ أرساها |
| كم سالتِ العَبَراتْ في جَنَبَاتها |
| كم صَعّدتْ أعماقُنا الآها |
| إني إذا ذكرت لتهمي أدمعي |
| وأعيشُ أيامي على ذكراها |
| ماذا أقولُ؟ وقد شُغِفْتُ بحسنها |
| ملكتْ على عَيْنيَّ طيبَ كراها |
| كم ذكرياتٍ حلوةٍ برياضِها |
| وليال أنسٍ في رُبوع (قُباها) |
| تحلو بها الأيامُ وهي مريرة |
| حتى ولو جارَ الزمان وتاها |
| أيام أمرحُ ناعماً في جوّها |
| وتحَفني بحَنانها عَيْناها |
| يا عاشق (المختار) طِب نفساً بها |
| غَمَرتْكَ بالآلاءِ ريا شذاها |
| أنى اتّجهْت رأيتَ فيها أنفساً |
| حرّى وتلثم في التراب شِفاها! |
| وترى تقبل تُربها في لهفةٍ |
| وتكحِّلُ العَيْنَيْن من رؤياها |
| الشمس تخجلُ من ضياءِ جبينها |
| والبَدْرُ يقبسُ من بَهيّ ضياها |
| (جبْريلُ) يغشاها بآياتِ الهدى |
| تَتنَزَّلُ الآياتُ في أرجاها |
| تلك (العرائسُ) كم تتيْه بحسنها |
| تحيي وتنعشُ قلبَ مَنْ يهواها! |
| ما بيْنَ مِنبرِ (أحمدٍ) ومقامه |
| من جنةِ الفردّوْسِ قد سوّاها |
| الله باركها وبَاركَ أهْلَها |
| وجبالَها وهضابَها وثراها |
| أجدُ السعادةَ والسرورَ بقُرْبها |
| يا ليتني قد فُزْتُ في سكناها!! |
| إني وإن فارقتُ (طيبةَ) حقبةً |
| لأحنُّ من شوقٍ إلى لُقياها |
| وأكادُ للذكرى أذوبُ صَبَابَة |
| وأنا الًّذي في حبّها قَدْ تاها |
| فلعلَّ يجْمعَنُا الزَّمانُ (بطيْبَةٍ) |
| لأبلَّ حرَّ النفس في مغناها |
| غنّيتُ (ملحمة النبوة) وَالهاً |
| واللهُ يَعْلَمُ صِدْقَها وتُقاها |
| الودُّ والإخلاصُ لُحمةُ نَسْجهَا |
| والحبُ والإشْراق كلُّ سَداها |
| (أحُدُ) الحبيْب يحبنا ونحبُّه |
| ونزُوْرُه بعشِيَّة وضُحَاها |
| قد ضمَّ (حمزةَ) الشهيْدَ بحضنه |
| وحَنَا حُنْوَّ المُرضعَاتِ وباهى |
| واللهَ أسألُ أنْ أقيْمَ بأرضها |
| ويضُمَّني بعد المَمَاتِ ثراها |
| فاللهُ أكرمُ من يحقّق مُنْيَتي |
| فأنا المتيّمُ لا أحب سواها |
| صَلَّى المليْكُ على النبيّ وآلهِ |
| ما دَامَ ينفح في الوجُوْدِ شذاها |