| ما للينابيعِ جفَّتْ والعيونُ ظما |
| والدمعُ أينَعَ جَمْراً والجفونُ دَمَا |
| كأنّ أمتنا تجترُّ ماضيَها |
| وتستقي من بقايا جهلها سَقَما |
| تناثرتْ شِيعاً في كلِّ مُنعطَفٍ |
| واستسلموا للأسى فاستؤجروا خَدَما |
| تمزَّقتْ عروةٌ كنا نهيمُ بها |
| واستوطن اليأسُ أرضاً حرَّةً وسَمَا |
| المفسدون أضاعوا مجدَهم سَفَهاً |
| واستنصروا بالعِدا درعاً لهم وحِمى |
| أجدادُنا اتخذوا العلياءَ موطنَهم |
| والنصرُ ذِكرى وميدان الوغى حَكَما |
| هم زيَّنوا الأفق تذكاراً بأوسمةٍ |
| من المكارمِ لا وهماً ولا حُلُما |
| لا يدرك المجد من لم يحمِ موطنه |
| ولم يَصنه ولا من شرِّه سَلِمَا |
| ومن ينالَ لذيذاتِ المُنى رجلٌ |
| يبيعُ خوذته والسيفَ والقلمَا |
| يطوفَ بساحات العُلى شرفاً نادته |
| من خان عفَّتَه والطُهر والقيما |
| نادته أرملةٌ ثكلى تؤنبه |
| ألقِ السلاح ولا تهلكْ أخي نَدَما |
| ألقِ السلاحَ فما جدوى نتيجتها |
| إن كنتَ منتصراً أو كنت مُنهزما |
| يا صاحبَ الدارةِ المثلى لقد سَعِدتْ |
| بكَ القلوبُ لِما أوليتها نِعَما |
| رحلتَ تَبحثُ عن أقطابِ أُمتِنا |
| لكيْ تجدِّد بنياناً لنا هُدِما |
| وضيفُكَ المبدعُ الميمونُ مُقدَمُه |
| عبدُ العزيز تسامَى بينَنا علما |
| كلاكما غاصَ في الأعماق فاقتنصتْ |
| يداهُ جوهرةٌ تستنهضُ الهِمَما |
| كلاكما في سماءِ العُربِ مفخرةٌ |
| ما شاخَ فضلُكُما بذلاً وما هَرِمَا |
| البابطينُ سجلٌ صاغ أحرفَهُ |
| عشقٌ ترعرعَ في روضِ العُلا ونَمَا |
| قرأته صفَحاتٍ أشرقت أدباً |
| تموجُ أطيابُها من حولِهِ كَرَما |
| وخوجه الخير صرحٌ بين أظهرنا |
| كأنَّه الفَجرُ يَلقَى الضَّيفَ مُبتَسِمَا |
| يا سادةَ الحرفِ ما للشعر مُنقبضٌ |
| كأنَّ في فَمِه من حُزنه لُجُما |
| الشعرُ ما كان ألغازاً وثرثرةً |
| ولا تفاعيل مَرْضَى تُفسد الكلما |
| والشعر إنْ لم يكن نَبْعاً يفيضُ سنىً |
| ينسابُ بين حنايا القلبِ مُنسجما |
| ولم يكن روضةً بالطيبِ عاطرةً |
| فليرحلِ الشعرُ لا رُحمى ولا رحما |
| قال العِدا إننا بعنا حضارتنا |
| وإننا في دروب النائباتِ دُمِى |
| لم نستطعْ أنْ نناجي بوحَ أنفسنا |
| ولم يُعفِّر لنا تُربُ المنى قَدَما |
| فالسلمُ أصبح في الأعرافِ مهزلةً |
| والعدلُ أصبحَ بالبهتان متهما |
| فقلتُ لا ضيرَ إنْ عِشنا ذوي عَوزٍ |
| ما دام إيماننا يسمو بنا شَمما |
| أخبارنا تذرع الدنيا علانية |
| فقد ورثنا العَمى والعيَّ والصَّمما |