جفَّ نبعُ الشِّعرِ واعتلَّ اللسانُ |
وأبتْ أن تَرِدَ الغرُّ الحسانُ |
كيفَ أسطيعُ وما في قبضتي |
لاصطيادِ الحرفِ معنى أو بيانُ |
زعموا الفصحى عجوزاً جاوزتْ |
حدَّ سنِّ اليأس واليأسُ الهوانُ |
حفروا قبراً ليرعى هيكلاً |
هدّه الوهنُ وعرّاهُ الزمانُ |
يا لها أمٌ توارتْ خجلاً |
عفّها الأبناء والأهلون خانوا |
قيل ماتت قلت بل صامدة |
ولها في مهجة الدين كيانُ |
أيها الشعرُ أجرْنِي قبلَ أنْ |
يأسنَ القولُ وينهارَ الأمانُ |
لا تدعني هدفاً يركضُ في |
أثرِي سيفٌ ورمحٌ وسِنانُ |
هذه ليلةُ عرسٍ في دمي |
نبضُ عنوانٍ له بل عنفوانُ |
وعروسُ الحفلِ شيخٌ حاذقٌ |
دأبُه الإصرارُ والحبُ المصانُ |
يعشقُ الحرفَ ويختالُ بهِ |
ونديماهُ خيالٌ وجَنَانُ |
أيها الداري بنجوى فرقةٍ |
جمحتْ عنّا تبنّاها الحِرانُ |
غرّهم بارقُ أحلامِ الصبا |
رغدُ العيشِ فناموا واستكانُوا |
بعثروا أيديهم ترضيةً |
لسرابٍ بيِّنِ الزيف فبانوا |
رفعوا أعلامهم بيضاً كمن |
عشقوا مركبة الهُونِ فهانوا |
يا أخي أنتَ على شاكلتي |
تُحسنُ الظنَ وبالصمتِ تُدانُ |
عشتَ تقتاتُ من الصبرِ الشجي |
واثقاً يلثمُ كفيكَ الرِّهانُ |
كمْ إلينا مدتِ الدنيا يداً |
تشرقُ الرحمةُ منها والحنانُ |
ومضيْنَا والمنى من حولِنا |
يحضنُ النرجسَ منها الأقحوانُ |
ثم غامَ الأفقُ وانفضَ اللقا |
فإذا عربُ الطموحاتِ هِجانُ |
أيها العاشقُ أيامُ الهوى |
رحلتْ عنّا فعزَّانا المكانُ |
جمعتْنَا صفقةٌ خاسرةٌ |
عقدُها نارٌ وجذواها دُخانُ |
أنتَ مثلي مسرفٌ في طيبهِ |
حظُّنا السيىءُ عنا تُرْجمانُ |
قد تقاسمنا المآسي جَلَداً |
حينَ جارَ الهمُّ والحمُّ العوانُ |
عُطِّلتْ كلُّ قواميسي ولم |
يبقَ مِنْ أخيلتي إلا الجبانُ |
هذه الدارةُ يا ضيفَ الندى |
طلْعُها يُمْنٌ ويُسْرٌ وافتتانُ |
زانها الخوجةُ بِشراً وسنا |
فلياليها الكريمات حسانُ |