شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ـ 19 ـ (1)
((تحية شاعر كريم))
الأستاذ الدكتور عبد القدوس أبو صالح، عرفته أول ما عرفته في مدرسة الرفاعي العالمية، عرفته أستاذاً له صولات وجولات، في الأدب نثراً وشعراً وله إبداعات شعرية كثيرة، كان أحد الأساتذة الذين يديرون ندوة عبد العزيز الرفاعي.. وهناك تعلمت منه ومن غيره الكثير، ومما تعلمته عنهم الخلق الجم، والذي جعلني أقف هذه الليلة لأحيي الأستاذ عبد القدوس هو أنني عندما عزمت على الرجوع من الرياض إلى جدة، أقام عبد العزيز الرفاعي حفلة وداع لي وألقى الدكتور عبد القدوس قصيدةً أثنى بها علي بما لا أستحق، جزاه الله خيراً، كان من واجبي أن أقول هذا الكلام نفسه في حقه هو لأنه جدير به، قال في مطلع القصيدة:
أيها الشاعر المحلق فينا
قد ملكت القلوب معنى ومبنى
بلبلٌ أنت والعقيدةُ روضٌ
ضاحكُ الزهر أنت فيه تَغنَّى
أي هذا الحبيب إلفا وخَدنا
زانك اللَّهُ بالتواضع زَيْنَا
لم ير الناسُ فيك كِبراً كِذاباً
أو رأى الصَّحبُ في وفائك مَيْنَا
لك عهدٌ على الليالي وثيقٌ
أن تظل القلوب ما شئت رَهنا
هذه القصيدة، وهذا مقطع من قصيدة طويلة، بقيت أتحين الفرص أن تتاح لي لأَسُدَّ بعض الدين؛ بعض هذا الفضل، وشاء الله، وجاء عبد المقصود خوجه، هذا الرجل الكريم الفاضل، وهيأ لي الليلة، هذه المناسبة السعيدة أن أردَّ لأستاذي الدكتور عبد القدوس أبي صالح بعض ما أسداه لي، كان عنوان قصيدته ((وداع شاعر حبيب))، وأنا رددت عليه وقلت (تحية شاعر كريم):
نالَ قلبي من المُنى ما تمنَّى
أطفأَ الشوقَ باللقاء وغَنَّى
جئت أُهديكَ يا نديمَ القوافي
أغنياتٍ زكتْ حروفاً ومَعْنى
جئتُ أُهديكَها حِسَاناً مِلاَحاً
تَتَهادَى الخُطا فُرادى ومَثْنى
من شغافي إلى الشرايين سارت
ترسمُ الصدقَ في المشاعر فنَّا
رَقَصَتْ بهجةً على ثَغْرِ عُمري
وَرَوَتْ أضلعاً ظمئن وعينا
أيُّها الشاعرُ الذي ضاعَ طيباً
يَعْبَقُ المنتدى بما قلتَ حُسْنَى
النديُّ الذي محضناه وُدًّا
طاهرَ الذَّيل صَادقاً لم يَخُنَّا
أنتَ في ساحة جوادٌ أَصِيلٌ
وأنا عاشقٌ بشَعركِ مُضْنَى
أنتَ أسقيتني المروءةَ نهجاً
وجعلت الوفاءَ روضي الأغنَّا
كنتُ ألقاك في سهادي ونومي
كنتُ قلباً لما تقولُ وأذنا
إن سعى بي إلى رحابِكَ خَطْبٌ
عُدْتُ من روعة اللقا مطمئنَّا
يا أخي والزمانُ جَهْمٌ عبوسٌ
يسرق العمرَ والسعادةَ منَّا
غابةٌ هذه الحياةُ وفيها
لا يرى السائرون عدلاً وأَمْنا
والصروح التي أقيمت لتبقى
بين أحشائنا خداعاً ومَيْنا
صبغَتْ يومَنَا بدُهْنٍ مَشينٍ
وروى أمسُها الأكاذيبَ عَنَّا
* * *
أيُّها الشاعرُ الذي روَّضَ
الحرفَ وحلاَّهُ بالمحاسن وزنا
نحنُ كنَّا معاً نطوفُ ونَسْعى
في رياض زهت قطوفاً وطبْنَا
وعلينا من السكينةِ ثوبٌ
هو أغلى من الحرير وأسْنَى
بين أحضانِها نشأنا كِراماً
ورضَعْنا من الهُدَى ما رضَعْنا
ندوةٌ تصقلُ العقولَ سمواً
وبها الشعر يحضن النثر خِدْنا
كان عبدُ العزيز قُطبَ رَحاها
قَمراً مشرقاً إذا الليلُ جَنَّا (2)
رائداً يأسِرُ القلوبَ حياءً
كان يجلو بصمتِهِ ما جهلنا
كان أنشودةً بكل لسانٍ
كَمُلَتْ رقَّةً وسَبْكاً ولحنا
كان يومُ الخميسِ عُرسَ خَميسٍ
أدبيٍّ به المكارم تبنى
يا لأيَّامِنا التي كُنَّ يَقْظَى
لطموحاتِنا يَساراً ويُمْنا
كنَّ صدراً يضمُّنا في حنانٍ
رحم الله ذلك الصدرَ حِضْنا
يا صديقي إذا رأيتَ يَراعي
غاض فيه المِدادُ والبحرُ ضَنَّا
وإذا انسلت الدموعُ ولاذتْ
بجفوني وغام قلبي المعنَّى
فلأني أصون بالصمت نهجي
في حياتي ولم يكن ذاك جبنا
مزَّق الوصل بيننا فاغتربنا
زمنٌ ظالمٌ علينا تجنَّى
ساءه أننا نروحُ ونغدو
في نعيم ولم نَسَلْ كيفَ كنَّا
ما علمنا الفراقَ يوقظُ جُرحاً
غائراً في الخفاء حتى افترقنا
يا أبا صالحٍ لياليك غُرٌ
بَزَّت الأنجمَ الثواقِبَ حُسنا
لك بين الضلوع صرحٌ منيعٌ
وفؤاد بحبِّ شعرك مُضنى
كلُّ أفقٍ حللتَ فيهِ اتخذنا
منه روضاً لنا وريفاً وحِصْنا
لا تلمني إذا خَبَا وهجُ شعري
وانطوى الحظُّ يقرعُ السنَّ حُزْنا
أجدبَتْ بالرحيل خُضُر الأماني
أصبحتْ بعد غيبةِ القَطْرِ حَزْنا
لم يَعُدْ للقريض في القلب دفءٌ
لم يعد للقريضِ في الحبِّ معنى
 
طباعة

تعليق

 القراءات :315  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 46 من 192
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعد عبد العزيز مصلوح

أحد علماء الأسلوب الإحصائي اللغوي ، وأحد أعلام الدراسات اللسانية، وأحد أعمدة الترجمة في المنطقة العربية، وأحد الأكاديميين، الذين زاوجوا بين الشعر، والبحث، واللغة، له أكثر من 30 مؤلفا في اللسانيات والترجمة، والنقد الأدبي، واللغة، قادم خصيصا من الكويت الشقيق.