| من أينَ أقبلتِ، هذي روعةُ القَدَرِ |
| محوتِ سودَ سجلاتي من العمر |
| ما كنتُ أحسبُ مذ فارقتُ مبتدئي |
| أن تبحثي في حنايا الكونِ عن خبري |
| يا رحمةً أيقظتْ ذكرى طفولتنا |
| وحركت شجني لا ترحلي انتظري |
| مدي يديك فهذا عرسُنا وخذي |
| في ليلةِ الحب ما تبغينه وذري |
| لا تنكريني إذا أبصرتني هَرماً |
| جارتْ عليه صروفُ الوهنِ والكبر |
| لا تنكريني فما زالت على شفتي |
| بقيةٌ من بقايا عصرنا الحجري |
| أستغفر الله ما كانتْ سلافَ فم |
| ولَم تكنْ قبلةً عصريةَ الأُطُر |
| لكنها لوحةٌ تحكي براءَتنا |
| ولذةَ البوحِ بالأحلام في الصغر |
| لا تنكريني إذا زارَ الونَى جسدي |
| ضريبةُ الشيبِ ضعفُ السَّمعِ والبصر |
| لا تنكريني ففي عينيك ملحمةٌ |
| للحبِّ رائعةُ الألفاظِ والصور |
| أنا وأنتِ كتبناها سواسيةً |
| فضمَّخ الطهرُ من أطيابها سِيري |
| وأنت زوقت بالإلهام فتنتَها |
| فأشرقتْ مصدراً للحسن في الغرر |
| تُهدي إلى الشمس من لألائها قبساً |
| وتبعثُ النورَ طاقاتٍ إلى القمر |
| قال الَّذين تفشى الحقدُ في دمهم |
| لم يبقَ للحبِّ في الأعماق من أثر |
| بالأمس بعناه في حاناتِ صبوتنا |
| وفوقَ أرصفةِ الإدمان والبطر |
| ياليتهم قبل أن يعروا علانية |
| أصغوا لصوتٍ على الإبداع مقتدر |
| أصغوا إلى الحب رقراقاً ومنسكباً |
| من قلب هذا الفتى المكيِّ من مضر |
| أصغوا إلى قلب (عبد الله) ينبئهم |
| عن الهوى والنوى في البدو والحضر |
| عن القلوب التي غنَّى لها طرباً |
| ذابت وفاءً له في الحل والسفر |
| تطوي إليه مسافاتِ الهَوَى وَلَهاً |
| تغوص في لُجج الأحزان والسهر |
| مواكباً عَبَقَتْ حباً غدونَ له |
| من حدة الشوقِ كالهالات للقمر |
| تهديه بسمتها بالصدق ناديةً |
| رقيقة رقة الأنسام في السحر |
| لم تنسه حين أدمى الوجد أحرفه |
| حتى امتطى في هواها صهوة الخطر |
| يا جنة كرَّم الرحمنُ تربتَها |
| وزانَها بسنى الآياتِ والسور |
| تسعى إليك النُّهى عطشى معربدة |
| أشواقها لِشَذَا ريحانِك العطر |
| إن الذين أضاعوا صفو مشربهم |
| تجرعوا حمأ المستنقع القذر |
| وأدلجوا في صحارى ضل سالكها |
| وخاب فيها ذكاء النابه الحذر |
| تأبَّطوا كتباً، وأستأجروا صحفاً |
| سطورها رويت من أدمع البشر |
| غيض الحياءُ بها، واعتل رونقُها |
| فأغلقت دونها بوابةُ الظفر |
| يا ربة القمم الشم التي حملت |
| إرث الهدى عن أبي بكر وعن عمر |
| بالحب تعتنق الأيامُ طاعتَنا |
| تذود عنا عوادي الريح والمطر |
| وإن فرقنا الدجى في موكب لجب |
| كانت عيوناً لنا كالأنجم الزهر |
| الحب في عرفنا ما كان ثرثرةً |
| نروي بها ظمأ الأسماع في السمر |
| والحب ليس دعاياتٍ مزيفة |
| نشدو بها كذباً في كل مؤتمر |
| الحب دنيا بها تسمو شمائلُنا |
| وتنبت الشهب تجلو أوجه العصر |
| هو الخوافي لمن رام العُلى سكناً |
| فإن نزعتَ خوافي الصقر لم يطر |