عَاجَ المُحبُّ عَلى رَسْمٍ بِذِي سَلَمِ |
فَأَسْبَلَ الدَّمْعَ بَيْنَ القَاعِ وَالعَلَمِ |
قَدْ شَفَّهُ ذِكْرُ مَنْ يَهْوَى وَزَوْرَتِهَا |
عِنْدَ العَشِيِّ وَرَشْفُ السَّلْسَلِ الشَّبِمِ |
يَا مَا أُمَيْلِحَ مَمْشَاهَا إِذَا خَرَجَتْ |
تَرْوِي الصَّوادِي وقلبُ الصَّبِّ جِدُّ ظَمِي |
فَيْنَانَةٌ بَضَّةُ الأطرافِ بَهْكَنَةٌ |
حَوْرَاءُ تَفْتِكُ بِالتَّامُورِ وَالنَّسَمِ |
البِشْرُ دَيْدَنُهَا وَالْخِدْرُ مَسْكَنُهَا |
والطهرُ مَعْدِنُهَا في الحِلِّ وَالحَرَمِ |
بانَ الخليطُ فَهَلْ فِي الدَّارِ مِنْ أَحَدٍ |
يَشْفِي جَوَايَ وَمَا أَلْقَاهُ مِنْ أَلَمِ |
أَمْسَى الفؤادُ بِسُعْدَى هَائِماً دَنِفاً |
أَنْضَاهُ سُهدٌ وعشقٌ غيرُ مُنْكَتِمِ |
يَا حَبَّذَا قَهْوَةٌ بِالهِيلِ قَدْ مُزِجَتْ |
تَضُوعُ أَنْفَاسُهَا مِنْ دّلَّةِ الكَرَمِ |
رَيَّا القَرَنْفُلِ أهْدَاهَا تَحِيَّتِهُ |
وَعَانَقَ الزَّعْفَرَانُ البُنَّ فِي شَمَمِ |
تَحْكِي ذُكاءً إِذَا مَا جَاءَ يَسْكُبُهَا |
ساقٍ يقدِّمها في الصبح والغَسُمِ |
قرعُ الفناجين يَسْبيني ويسحَرُني |
فأنثني طرباً من لذّةِ النَغَمِ |
قد قلتُ قافيةً تشدو بلابلُها |
يا ليلةَ الأنسِ لاح السعدُ فابتسمي |
تزري بسحبانَ معْ قسٍّ بَلاَغَتُها |
وحسنُ رونقِها الهطالُ كالدِّيَمِ |
بشراكمُ اليومَ أهلَ الفضلِ إنَّكُمُ |
حُزْتُمْ فَخَاراً عَرِيضاً غيرَ مُنْثَلِمِ |
وَزَادَنَا شَرَفاً دوماً على شرفٍ |
لِقَاؤُنَا بِكُمُ في المحفلِ العَمِمِ |
لقد غدا منتدى الإثنينِ مُؤْتلِقاً |
يؤمه الناسُ من عُرْبٍ ومنْ عَجَمِ |
تلاقحتْ فيه أفكارٌ يُطارحُهَا |
قومٌ عباقرةٌ كالجَحْفَلِ العَرِمِ |
واقطف ثماراً من العرفانِ يانعةً |
ما شئتَ من غُرَرِ الأقوالِ والحِكَمِ |
يا منتدى الأدبِ الراقي ظفرتَ بما |
يخلدُ الذِّكْرَ في الأقطارِ والأُمَمِ |
سَلِ المَجَلاَّتِ والصُّحْفَ العَرِيقَةَ قَدْ |
ألقتْ عليكَ مَدِيحاً غيرَ مُنْفَصِمِ |
يا صاحِ هذي حصونُ الفكرِ شامخةٌ |
في العِزِّ رَاسِخَةٌ خَفَّاقَةُ العَلَمِ |
اللَّه أكبرُ في الافاقِ ما سَجَعَتْ |
قمريةٌ برخيمِ اللحنِ والرَّنَمِ |
اللَّهُ أكبرُ ما رَفَّتْ وَمَا سَطَعَتْ |
زهرُ الكَوَاكِبِ في داجٍ مِنَ الظُّلَمِ |
بأرضِ جُدَّةَ إِثْنَيْنَيَّتي سَكَنَتْ |
فِي دارةٍ فُتِحَتْ لِلنَّاسِ كُلِّهِمِ |
تحكي حَدَائِقُها الغناءُ قرطبةً |
أو غوطةَ الشَّامِ تَشْفِي كلَّ ذِي سَقَمِ |
تَجْرِي جَدَاوِلُهَا فِي القَصْرِ تَحْسَبُهَا |
خَلاَخِلَ الخُوْدِ في رَجْرَاجَةِ القَدَمِ |
إن قلتَ من هذه؟ قلتُ: التي عُرِفَتْ |
عِنْدَ الأَدِيبِ الأرِيبِ البَارِعِ الفْهِمِ |
خُوجِيَّةَ الأَيْكَةِ الدَّافْوَاءِ يَقْصِدُهَا |
أُولُو الثّقافَةِ والألبابِ وَالقَلَمِ |
من أجلِ ذا قلتُ إِثْنَيْنيَّةٌ زَخَرَتْ |
بِأَضْرُبٍ من جميلِ الوصفِ مُنْتَظِمِ |
ولستُ أحصي مزاياها إذا ذُكِرَتْ |
وَكَيْفَ لِي عَدُّ مَا يَعْلُو مِنَ الأُطُمِ |
تُعْنَى بِطَبْعِ كِتَابٍ ثُمَّ سِلْسِلَةٍ |
تحوي فُصولاً من الإبداعِ إنْ تَرُمِ |
وللنساءِ حُضُورٌ فِي مَجَالِسِهَا |
مِنَ اللَواتِي بَلَغْنَ المَجْدَ بِآلْهِمَمِ |
وَكَمْ مُشَارَكَةٍ مِنْهُنَّ صَائِبَةٍ |
قَدْ أَسْمَعَتْ مِنْ بَعِيدٍ كُلُّ ذِي صَمَمِ |
هَا قَدْ مَضَى رُبْعُ قَرْنٍ غِبَّ نَشْأَتِهَا |
أكرمْ بِصَاحِبهَا والشكرُ مِلْءُ فَمِي |
قَدْ سَنَّهَا عَابِدُ المقصودِ خُوجَتُنَا
|
وهذهِ سنةٌ كالمُفْرَدِ العَلَمِ |
ما أنسَ لا أنسَ والأيامُ شاهدةٌ |
من كان رائِدَها الخِرِّيتَ فِي القِدَمِ |
نجمَ الصِّحَافَةِ والآدابِ وَالِدَهَ |
مُحَمَّداً وَسَعِيداً صَاحِبَ الشّيَمِ |
في كلِّ يَوْمٍ لهُ لُقْيَا بكوكَبَةٍ |
من الجَهَابِذَةِ الكُتَّابِ كَالقِمَمِ |
بمكةَ الخيرِ منْ أُمِّ القُرَى انْطَلَقَتْ |
أَسْفَارُهَا فَغَدَتْ مَوْصُولَةَ الرَّحِمِ |
وهذهِ عرصاتٌ مِنْ مِنًى حضَرَتَْ |
تكريمَ أهلِ الحِجَا والعِلْمِ والقِيَمِ |
صفوَ التحيةِ أُزْجِيهَا إليكَ أَيَا |
غربالَ كلِّ مَقَالٍ صَادِقِ الكلِمِ |
خمسٌ وعشرونَ بالإنجازِ حافلةٌ |
أضحتْ مآثرُهَا موفورَةَ النِّعَمِ |
إليكَ يا منتدَى الاثنينِ تهنئتي |
مُخْضَلَّةَ العُودِ فِي بَدْءٍ وَمُخْتَتَمِ |