يا ملتقى اثنينيةِ الأدابِ |
حيّتْكَ رحمةُ ربكَ الوهابِ |
وهمى عليكَ من العنايةِ صيِّبٌ |
بركاتُه موصولةُ التسكابِ |
أو لستَ من جدّدتَ فينا عبقراً |
وأعدتَ عهدَ عكاظَ بعد غيابِ! |
فرحابُكَ العطراتُ أمسى رحبُها |
للعلمِ والآدابِ خيرَ رحابِ |
أنِسَ البيانُ بها، وقرّت عينُه |
وبها استعاد الشعرُ عهدَ شبابِ |
اللَّهُ علّمنا البيان لحكمةٍ |
ولحكمة أعلى ذوي الألبابِ |
هم زينةُ الدنيا، وهم أقطابُها |
ما قيمةُ الدنيا بلا أقطابِ!! |
* * * |
يا ملتقى اثنينيةِ الآدابِ |
للَّه كم جمّعتَ من أحبابِ! |
ولكم أدرتَ كؤوس ودٍّ خالصٍ |
سَكِرَ النديُّ بها بغير شرابِ! |
تزهو رحابُك وابن خوجهَ زهوُها |
زهوَ الزهورِ مُلِئْنَ بالأطيابِ |
الجامعُ الأدباءَ صفوُ ودادِهِ |
والآسرُ السمّارَ بالترحابِ |
اللَّه أهداه لهذا الملتقى |
واختاره لرعاية الآدابِ |
سمحَ السريرةِ مطمئناً بالتقى |
لم يشكُ من بذلٍ، ومن أتعابِ |
ما همُّه إلا انبعاثُ تليدِنا |
بطريفِ مجدٍ مشرع الأبوابِ |
تزهو به لغةُ الإلهِ يَمدُّها |
بالوحي فيضُ عدالةِ (الخطّابِ) |
لغةُ الإله، ودون رتبة أهلها |
يوم التفاخر سائرُ الألقابِ |
أوَ ما بها الرحمنُ أنزل وحيَه |
وبها تولّى حفظَ خيرِ كتابِ! |
لولاه ما كنا، ولا أمسى لنا |
مجدٌ، ولا ذكرٌ على الأحقابِ |
فلكم أحال الذلَّ فينا عِزةً |
ولكم رفعنا رايةَ الغلاّبِ! |
في آيةٍ منه صلاحُ أمورنا |
وشفاءُ ما في الكونِ من أوصابِ |
ما غاب عنا ساعةً إرشادُه |
إلا وعدنا أذؤباً في غابِ |
أوَ ما غدا الإفناءُ لعبةَ ظالمٍ |
قاد الورى بالفتكِ والإرهابِ! |
من ذا الذي يثني القويَّ إذا اعتدى |
إن كان لم يأبهْ ليومِ حسابِ! |
خوفُ الدمارِ يشلُّ أنفسَ عالم |
فإذا بها كالشاة بين ذئابِ |
لوْ ظل دينُ اللَّه فينا قائماً |
لم يشكُ أدنى الخلقِ أيَّ عذابِ |
ولعاشَ أهلُ الكون جنّةَ عدلِهِ |
وأزيلَ ما للظلم من اسبابِ |
أوَ ما به نال الزمانُ حضارةً |
يبقى سناها الدهرَ دون غيابِ |
ما فرّقت يوماً عدالةُ شرعنا |
ما بين أهلِ الدار والأغرابِ |
وبسرّ ما قد أودع المولى به |
سيعود شملُ العرب جدَّ مُهابِ |
ويعود للأقصى الأمانُ وأهله |
أمنوا به في جيئةٍ وذهابِ |
فالدين ليس سواه ينقذ عالماً |
القائمون عليه أهلُ النابِ |
الكون كل الكون يشكو بطشَهم |
وعلى الضعيف يُصَبُّ ألف عِقابِ |
لا ضير من سُجُفِ الظلام فهدينا |
نورٌ سيخرقُ قلبَ كلِّ ضبابٍ |
كم بعد طول العري تورق غابة |
ولكم يفيض القفرُ بالإخصابِ! |
* * * |
يا ملتقى اثنينيةِ الآدابِ |
عذراً إليك إذا اختصرتُ خطابي |
إن كنتُ فيما كنتُ يوماً شمعةً |
فهنا هنا أنوارُ ألفِ شهابِ |
يُنمى الجميلُ إلى الجمالِ، وينتمي |
لشذى الأزاهرِ حسنُ كلِّ ملابِ |
روحي بروح المؤمنين توحدت |
في الدهر رغم تباعد الأصلابِ |
ما اخترت إلاّ نهج من قبسوا الهدى |
ولنشره لم يأبهوا بصعابِ |
نهج الهدى إرثُ العقولِ على المدى |
وسواه مهما كان محضُ سرابِ |
شقي الأنام غداة لم نعدلْ به |
واسترهبته طغمةُ الأوشابِ |
آن الأوانُ لكي نزيل شقاءه |
ونردَ كلَّ مضلّلٍ لصوابِ |
ستعود للدنيا خلافة أمتي |
وبها ينال الكون كلَّ رغابِ |
وعْدٌ من الرحمن نحن جنُودهُ |
ولدى المهيمن فصلُ كلِّ خطابِ |
* * * |
يا أيها الأحبابُ في مهدِ الهدى |
ما عشتُ أنتم صفوةُ الأحبابِ |
حسبي بأحمد مرسلاً من هاهنا |
للعالمين بشِرعة التوابِ |
والصحبُ كانوا من هنا، وبأننا |
نحيا لنقبِسَ سيرةَ الأصحابِ |
ما مثلُ سيرةِ أحمدٍ وصحابه |
حسبٌ لنا يسمو على الأحسابِ |
يبقى لقاءُ الودِّ هذا شافعاً |
نرجو به الغفران يومَ حسابِ |
وافيتُ محرابَ البلاغةِ ساعياً |
علّي أفوزُ بلمسةِ المحرابِ |
فلتعذروا عجزي نوابغَ أمتي |
إن كنتُ من خجلٍ طويتُ كتابي |
ستظل اثنينيةُ الآدابِ |
ما بيننا من أكرمِ الأنسابِ |
جمعَ ابنُ خوجهَ شملَنا لتظِلّنا |
آلاءُ نعمة ربّنا الوهابِ |
فلْيبقَ داعينا لها علماً بنا |
ويثابَ من مولاه خيرَ ثوابِ |