شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الأستاذ الدكتور محمد بن سعد بن حسين (1)
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وأصلي وأسلم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين له باحسان إلى يوم الدين، وجعلنا منهم آمين.
في الواقع إن من حق هذه الاثنينية ومن حق رائدها علينا أن نُثني عليه وعليها وعلى الثمار التي أنجبتها، ولكن لأنه يلحُّ دائماً على ألا نُطْنب في الحديث عنه وألا أيضاً نُطْنب في الأحاديث الأخرى، فإننا نترك ذلك لفرص ربما تكون أوسع. وحين أسعدني حبيبنا أبو محمد بدعوتي لحضور هذا التكريم راجعت ما كنت كتبته عن دواوين صديقنا الحبيب الدكتور إبراهيم العواجي، ثم وجدت أن ما كتبته عن دواوينه منذ سنين غير كافٍ، فاستهديته مجموعة الدواوين ـ وكان قد أهداها إلي ـ وذكَّرني أيضاً عندما أهداها إلي مؤخراً أنه قد أهداها إلي وربما يريد نفي التقصير عنه وما هو من المقصِّرين، ولكن الاستعارات التي تقضي كثيراً على الكتب جَنَت على دواوينه عندي، لذلك استهديته فأهداني أثابه الله.
وحين نظرت ـ بالواسطة بالطبع ـ حين نظرت في هذه الدواوين وجدتني أمام بحر متنوع الأحياء، من غير الممكن أن أتحدث عنه في مقالة تحصرها دقائق معدودة مهما كانت من الطول، لأن الدكتور العواجي جمع أموراً كثيرة: رجل إداري، ورجل أدب، وكل ما يمكن أن ينسب إليه المثقف تجده عند الدكتور إبراهيم العواجي، فكيف أستخلص صورة هذه الأشياء أو أثر هذه الأشياء على إنتاجه الشعري، هذا شيء قد يبدو من المستحيل. من هنا عُدْت إلى فنه لأقبس منه ولأتشبه به بأرباب رياض الشعر، وقلت أبياتاً ما أحسبها كافية ولكنها تنجيني من التقصير الذي حال دونه ضيق الوقت، هذه الأبيات نتطفل بها على رياض الشعر الذي يكتنفني من اليمين والشمال ومن الأمام ومن كل جهة، ولعل فيها شيئاً مما يروق، فإن لم ترق فالذنب ذنب الشعر أو لا أدري على من ألقيها ونلقي الذنب عليه..
((تغريد شاعر))
غرِّد على فَنَنٍ أعلاه رائده
للفكر في ظنِّه تُستنهض الدُّررُ
وحيِّه إنه نعم الوفي لمَّا
قلَّ الوفاء له واستحكم الغَرَرُ
طوبوا قد سنها فينا وأرثها
شهماً لكل نبيل الفعل يبتدرُ
أسفارُها (2) مصدر نجني ذخائره
فكراً مضيئاً وآدابا هي الثمرُ
غَرِّدْ (3) فما زال لحن الحب مزدهراً
يفيضه وَفْرَة الإحساسِ والوَتَرُ
غَرِّدْ فما زال في هَمْس الصبا مَدَد
مُستعذَبٌ كلما خَفَّت له الفِكَر
غَرِّدْ على فَنَن الستين (4) في صبا
قَلْب إذا ما قَلَى أسلابه الشَعَرُ
غَرِّدْ ولا تبتئس من قول غانية
شابَ الغُراب ومَلَّت لمعها الدثرُ
غرِّد فديتُك مِنْ شادٍ على فَنَن
تغفو إليه الصبا تسعى بها البِكَرُ
إني وإيَّاك في عُمْر الزهور (5) وإنْ
خان المِلاح صحيح الرأي والنظرُ
ما زال في خافقينا للصبا صُور
رفَّافة ومليح اللحن مزدهرُ
والحب أكبر من أن تستبدَّ به
مليحةٌ فهوى الأوطان مدَّخَرُ
غَنَّيت للوطن السامي فأطربه
لحنٌ تموَّج في أعطافه الغَرَرُ (6)
أرخَى عليه أَصيلان الرياضُ رؤىً
مروطه وانتشى من هَمْسه السَّحَر
حتى إذا فُرّقتْ أقداحُه نُثِرتْ
لآلىء الطَّلِ مُعْتَلٌّ بها الزَهَرُ
كأنها أُعين لفَّت بأدمعها
عند الوداع ولحظات لها عِسَرُ
حتى إذا هبتِ الأنسام فتَّقها
بَرْدُ النَّدَى لا يستبيِنا أفقه العَطِرُ
فالنَّوْر في هامها كالثَّغْر مبتسماً
ثَغْر لربَّة خِدْرٍ زانها الخَفَرُ
ما شأننا وحِديث الغِيدِ يجذبنا
نَهْوى الخلاصَ وتطوينا به السُتُرُ
ذاكَ أنَّكَ غَّنيتَ الملاح هوى
طَوَتْ به العيْن وانقادت له العُصُر
وأتلعتْ مَنْ سباها الشعر هدأتها
تعطو إلى حيث يستهوي النُّهى القَمَرُ
خرافةُ الحبِّ لم تفتأ ترقِّصنا
فوق الحبال وفي ترقيصنا عبَر
نَهْوى ونَهْوى أحاديثاً ملَّفقة
لو يعقُل المرء لم تَعْبَثْ به الصَّورُ
ما الحبُ إلا خرافات نردِّدها
نُهذي بها وهي في أعماقنا هَذَرُ
فغنِّ للغيد أو جَوِّد مغانيها
فأنت في حالتيك اللَّحْن والوَترُ
وأنتَ وحدك مَنْ يُصغْي إلى نَغَمٍ
جمهوره أنتَ والقرطاسُ والسَّهَرُ
تخطُّه مثقلاً بالهم تنفثه
فوق القراطيس والأشجانُ تْستعرُ
ما ضرَّ لو نافستْ شمسُ الضحى قمراً
في الوَصْل أو أحدثتْ وعداً فينتظرُ
حتى وإن أخلفتْ يوماً فشيمتُها
خُلْفٌ وذنبُ المِلاح الغِيدُ يُغتفرُ
 
طباعة

تعليق

 القراءات :331  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 123 من 192
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ خالد حمـد البسّـام

الكاتب والصحافي والأديب، له أكثر من 20 مؤلفاً.