خذني لجدة أيُّها الركب |
فأنا وربك مدنف صبُ |
خذني لأهلٍ في شواطئها |
شروى الغمائم نُبلهم سكبُ |
صيد بَهالِيل، عباقرة |
غُرٌّ وخوجه فيهمُ القطبُ |
زهر الوجوه تكاد من شرف |
أقدامهم فوق السهى تربو |
أهل كرام لا تخالهم |
إلاّ الندى فأديمهم خصبُ |
سيان يافعهم وراشدهم |
رضعوا المكارم قبل أن يحبوا |
قاماتهم كالسنديان علا |
ومراحهم كصدورهم، رحبُ |
وجباههم يا طول ما ألفت |
ألق السنا فكأنها الشهبُ |
وأكفهم يا طول ما هطلت |
منها الهبات كأنها السحب |
في عالم نضبت روافده |
ومشى عليه الجدب فالجدب |
رحلت غوادي المزن نائية |
عن أفقه وتيبس العشب |
حتى الأمان خبت بشائره |
وذوت رؤاه فأوحش الدرب |
ونزا الذئاب على منائره |
اللَّه حين يكبر الذئب! |
حين الخوارج تستبيح دمي |
في النهروان ليفزع الغرب |
وتشب مكة والرياض لظىً |
حتى توحد ربها العرب |
وبكل ناحية يُطِل دم |
وبكل صقع معول ندب |
لولا الكواكب من هنا وهنا |
لُمَع يضيء بضوئها السهب |
لأغاب فينا اليأس خنجره |
مما نرى ولأطبق الجب |
* * * |
خذني لجدة غير متئد |
فأنا لأهلي مدلف صب |
خذني على أكتاف راحلة |
شهباء ترجف تحتها الهضب |
خذني إليها موجفاً عجلا |
فلها يدّق باضلعي قلب |
فإن اعتذرت فإن راحلتي |
شوقي القديم ورائدي الحب |
ما حاجتي للرحل يحملني |
لأحبتي لولا النوى الصعب |
أهلي وإن شطّت بأربعهم |
وبيَ الفدافد فالهوى قرب |
ما بين جدة والقطيف مدى |
أو لا فأين الهدب والهدب |
كلتاهما جفنان بينهما |
عين وقلب ضمه خلب |
* * * |