| أَرِحْ ركابَك، قد أَمعنْتَ في السفرِ |
| فكلُّنا اليومَ قد جئنا على قَدَرِ |
| قم حدّث القومَ عن قومٍ لقيتَهم |
| في رحلة العمر قد هانوا على العُمُر |
| وحدث القومَ عن شَعْبٍ غدا شُعَباً |
| في كل ناحيةٍ صوتٌ بلا أَثَر |
| توقفتْ ساعةٌ كانت تُحرِّكُها |
| يدُ الرشيدِ فتاهوا في دُجى العُصُر |
| وأصبحت عند شارلمانَ مبصرةً |
| تسير كالبرق بين الشمس والقمر |
| وأدلجوا خلفها والأمسُ يسكنهم |
| غبارَ ذكرى من التاريخ والسِّيَر |
| نسوا الزمان سوى ذكرى تعاودهم |
| عن الرشيد وعن ساعاته الغُرَرِ |
| هارون قم، تر كيف الساعةُ انتكست |
| في معصمٍ كان بين السُّحب والمطر |
| عقاربُ الساعة اختارت مواقعَها |
| فلْيَحْلمِ القومُ في فجرٍ وفي سَحَرِ |
| هم أيقظونا وناموا عند يقظتها |
| فما رأوا عيشة أحلى من الذِّكر |
| * * * |
| قم سيّد الشعرِ حدثنا فما عجزت |
| يوماً يراعُك عن وِرْدٍ ولا صَدَر |
| حوربتَ، والدهر دوماً حرب مجتهدٍ |
| وغايةُ البَطَلِ المغوار في الظَّفَر |
| فما ابتذلتَ يراعَ الحقِّ من وَهَنٍ |
| ولا خفضتَ جناحَ الذلِّ من خور |
| ففيك من ميسلونٍ شيمةٌ بقيتْ |
| تأبى` القيودَ ولو كانت من الدُّرَر |
| ولم تَخُنْ صرخةً للحقِّ أَعْلنَها |
| شهيدُ حقٍّ أمام الظَّالم الأَشِرِ |
| ما زال يحضنُ ذاكَ القبُر عَظْمتَها |
| نوراً تلألأ في داج من الحُفَر |
| شَدَدْتَ رحلَك إذ حُوربتَ مغترباً |
| لعلَّ في الغربِ آمالاً لمفتَخِر |
| فما وجدتَ سوى الدولارِ منتظراً |
| وما رأيتَ سوى أنيابِ منتظِرِ |
| ولو أردتَ بريقَ المالِ عشتَ له |
| لكنَّ نفسَك تأبى عَيْشَ محتَقَر |
| واليومَ عدتَ نذيرَ الشرقِ مؤتلقاً |
| ومن لنا في سماءِ الشرق بالنُّذُر |
| حتى حللتَ من الآفاق أطهرَها |
| فارفعْ لواءَك، هذا منتهى الظَّفَر |
| * * * |
| أبا الكرامِ رعيتَ المالَ في شَرَفٍ |
| وزنتَه بجميلٍ غيرِ مندَثِر |
| رابيتَ في درجات الخير في زمنٍ |
| رابى به البعضُ في كأسٍ وفي وَتر |
| وأشرفُ المالِ ما ازدادت به شرفاً |
| أصحابُه بين سمع الناس والبصر |