درست الناس خافيةً وجهرا |
وزرت الأرض يابسةً وبحرا |
وذقت من الهوىٰ حلواً ومرا |
ولكني أحب الناس طرا |
ولا أطوي على الشحناء صدرا |
لعيني حلوتي أهوى` العيونا |
وإن يملأن آفاقي شجونا |
إذا جارت عليَّ فلن أخونا |
لها عهداً، وقلبي لن يكونا |
لغير خيالها الغالي مقرا |
أراها في الصباح وفي المساء |
وفي الصيف الضحوك وفي الشتاء |
بشاشتها على البلوى دوائي |
ومن قطراتها قوتي ومائي |
أيرجو عاشق أشهى وأغرى؟ |
ويا غلواء أدركني الغروب |
ولاح على أساريري الشحوب |
ولكني أموت ولا أتوب |
ذنوبي.. ليس للصابي ذنوب |
متى كان الهوى الروحي وزرا؟ |
يعيب عليَّ حبيك الصحاب |
ولو حبوا.. لما لاموا وعابوا |
هموم الحب في قلبي عذاب |
وأحلاها الَّذي فيه عذاب |
فلا تك للهوى يا قلب قبرا؟ |
رعاك الله يا متع التصابي |
وإن كانت شراباً في سراب |
ذوى من بعدها عود الشباب |
فكيف أعيده غض الإهاب |
وهل من صبوة في السوق تشرى؟ |
درجت بقريتي مرح الفؤاد |
وعشت بغربتي قلق الوساد |
أأجني بعد شق النفس زادي |
وأبني للخراب وللنفاد |
وأزعم أنني حققت نصرا |
عيوبي مثل غيري لا تعد |
وأوصافي المنيرة لا تحد |
حديثي بعضه هزل وجد |
وبعض آخر غي ورشد |
فخذ نزراً ودع للغير نزرا |
أنا كسواي من نار ونور |
ومن حمأ، ومن ماء طهور |
أطير إلى السماء مع النسور |
وأخبط في جحيم من شرور |
وأخطىء تارةً وأصيب أخرى |
مدحت بدون شكر أو جزاء |
وصنت وقار شعري عن هراء |
زكا زهري لجانيه ومائي |
فخذ واشرب ووزع من إنائي |
وهل غيري زكا ماء وزهرا؟ |
معاذ الله أن يخبو رجائي |
وأزعم أن دلفنا للفناء |
أرى بالأفق بارقتي ضياء |
وألمح فيهما جند الفداء |
يحرر أمتي قطراً فقطرا |
تغير كل شيء في الوجود |
وصار البخل منعوتاً بجود |
تسابقنا ولكن للجمود |
فلا تعجب لغطرسة اليهود |
تغافلنا فأضحى القطر بحرا |
أحب العرب أنهم عشيري |
وأقرأ في مصيرهم مصيري |
ولا أطوي على حقد ضميري |
ولكن كيف أسكت عن حقير |
على بيتي وأقداسي تجرا؟ |
رأيت الشعر في الدنيا يتيماً |
يعيب النقد مذهبه القويما |
فإن ترطن تكن فذاً عليما |
وإن تعرب تكن جلفاً قديما |
تشان وتزدرى شعراً ونثرا |
تعالى الله ما أغنى غناه |
وما أسخى إذا وهبت يداه |
فصف القلب واخشع في حماه |
فما خاب الَّذي يرجو نداه |
ولا عيب الَّذي يسديه شكرا |
ويا أهلي بلغت بكم مكانا |
يعز على النسور فلا يدانى |
إذا اشتد الزمان علي هانا |
لأن بسيفكم ألقى الزمانا |
فيطلق ساقه للريح ذعرا |
زكى من فضل حفلتكم طعامي |
وبل سحاب عطفكم إدامي |
كرام عشيرتي فوق الكرام |
فلا يتشامخن أحد أمامي |
فإني قد شأوت الناس فخرا |
ويا أهلي سأشكركم جزيلا |
وأحمل في الضمير لكم جميلا |
كئيباً كنت يا أهلي ضئيلا |
فصرت بظلكم طوداً جليلا |
تعمم بالسحائب واشمخرا |
غداً تأتي السنون على حياتي |
وتمشي الحادثات على رفاتي |
ولكن سوف تبقى ذكرياتي |
لتهتف باسمكم بعد الممات |
وتذكر فضلكم سطراً فسطرا |