شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( تعقيب الأستاذ أمين عبد الله القرقوري ))
ثم أعطيت الكلمة للأستاذ أمين عبد الله القرقوري مدير عام مؤسسة البلاد الصحفية، ليعقب على حديث الدكتور عبد الله مناع فقال:
- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
- لن تكون كلمتي عن مؤسسة البلاد في حاضرها أو في الماضي القريب أو البعيد، إن الأمر أكبر من المؤسسة، إنه حديث عن الدكتور طه حسين وعن موقعه وموقفه في تاريخ الفكر العربي الحديث.. دون ريب فإن الآراء تختلف أشد الاختلاف حول طه حسين، ودون ريب فإن الَّذين تأثروا بهذا الكاتب الكبير، بأسلوبه، لا بأفكاره، ما زالوا يقفون مدافعين ومتأثرين بأفكار الرجل الَّذي ترك في تاريخ الفكر العربي الحديث آثاراً ستظل تعمل في تشكيل الفكر العربي أجيالاً وأجيالاً؛ ولن يختلف اثنان في أنَّ طه حسين الكاتب، وطه حسين المحدث، وطه حسين المثقف، هو في القمة التي لا تطاولها قمة أخرى.. ولكن الاختلاف يشتد أبلغ الشدة حين يتأمل المتأمل أفكار طه حسين، فلا ريب في أنَّ طه حسين كان رأس حربة للاستغراب في العالم العربي، ولا ريب في أنَّ طه حسين قد سار مسيرة لا تأبه بتاريخ الإسلام، ولا بعقيدة الإسلام، ولا بجذور هذه الأمة التي لم تتكون إلاَّ في ظلال الإسلام وبالإسلام.
- لقد أصدر طه حسين كتابه عن الشعر الجاهلي، وبعض الباحثين يذهبون إلى أَنَّه نقل أفكار هذا الكتاب عن أستاذه مارجليوت، وقد كتب الكثيرون ردًّا على طه حسين، ولكن العجيب والغريب أنَّ الناس يذكرون طه حسين، ويمجدون أفكار طه حسين، ويرددون أفكاره دون أن تجد مثقفاً واحداً ممن تأثروا بطه حسين يتوقف لحظة واحدة عند كاتب كبير رائع هو الدكتور محمد أحمد الغمراوي.. والدكتور محمد أحمد الغمراوي كان دكتوراً في الكيمياء، وقد كتب كتاباً علمياً هادئاً رصيناً يرد على طه حسين، وكتب الكثيرون يردون على طه حسين، ولكنك لن تجد من قرأ كتاباً من الكتب التي ألفت عن الدكتور طه حسين وناقش في هذه الكتب آراء طه حسين، تجد هناك التأثر والاندفاع خلف هذا الرجل دون الاهتمام بما كُتِبَ ضده.
- لا أدري كيف يصح أن نصف الدكتور طه حسين بأنه خدم الإسلام، أعتقد بأن آخر صفة يمكن أن يوصف بها الدكتور طه حسين هي هذه الصفة، وإذا كان طه حسين خدم الإسلام فماذا نقول عن شكيب أرسلان؟ وماذا نقول عن الرافعي؟ وماذا نقول عن حسن البنا؟ وماذا نقول عن الأفذاذ الَّذين خدموا الإسلام وضحوا بأرواحهم في سبيله؟ وكيف يكون طه حسين قد خدم الإسلام وهو الَّذي قال كما تفضل معالي الأستاذ الكبير حسين عرب، وكما يعرف الَّذين قرؤوا كتابه، يقول: "للقرآن بأن يحدثنا عن إبراهيم وإسماعيل ولكنها قضية تاريخية"، وهناك جملة في هذا الكتاب زعم فيها بأن العرب في الجاهلية كانوا يعرفون جانباً من القرآن ولذلك لم يعارضوه؛ لا أدري من أين أتى طه حسين بهذا الزعم، هل نقل أحد من الرواة حتى في عصر الزندقة أن المشركين كانوا يرددون قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم شيئاً يشبه القرآن، فضلاً عن أن يماثله.
- لقد كان لطه حسين أكثر من موقف، وقد دعا العالم الإسلامي لأن يكون جزءاً من الثقافة الغربية، ولأن ينهج منهج الغربيين في كتابه: "مستقبل الثقافة في مصر"، ومع أن شهيد الإسلام سيد قطب (رضي الله عنه) قد كتب يرد على هذا الكتاب فإنَّ أحداً لا يذكره، يذكرون طه حسين ولا يذكرون الكتب التي ألفت عنه؛ كيف يكون الدكتور طه حسين قد خدم الإسلام وهو الَّذي هاجمه وأثار في نفوس الشباب المسلم الشكوك والأوهام؟ كيف يكون قد خدم الإسلام؟ أما بعض الكتب التي يظن البعض أنَّ طه حسين قد خدم الإسلام بها، فأحسب أن الَّذين قرؤوا كتاب: "على هامش السيرة" يعرفون أن كتاب: "على هامش السيرة" يعتمد على بعض الأساطير اليونانية، وبعض الأساطير الجاهلية، وأنه ليس الكتاب التاريخي الَّذي يُعْتَدُّ به أو يُرْجَعُ إليه، وقد ألف كتاب: "الشيخان" وطعن في الشيخين العظيمين أبي بكر وعمر (رضي الله عنهما) مطاعن واضحة؛ فكيف يكون قد خدم الإسلام وهو الَّذي يطعن في رجلين رضي الله عنهما ورضوا عنه، وسيف الإسلام خالد بن الوليد.
- القصة في الحقيقة ليست عادية وليست بسيطة، إنها كبيرة جداً، ولكنني كما قلت: التيار الآن هو تيار تنويري كما يزعمون ولو كان الَّذين يتبنون التنوير في قطر عربي كبير، لو كانوا يبحثون عن الحقيقة لنشروا بجانب كتب طه حسين وغيره الكتب العظيمة التي ألفت في الرد عليه، ولكنهم لا يفعلون لأنهم يريدون لهذا الفكر الغربي أن يشكل الفكر في العالم العربي، يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلاَّ أن يتم نوره؛ لن ينطفىء نور الإسلام، إنها قضية كبيرة، وهي جديرة بأن يهتم بها المثقفون المتجردون للحقيقة، وما أكثر الأمثلة، إنَّنا نجد الآن النقاد يتحدثون عن بعض الشعراء، ونجدهم تناسوا شعراء آخرين، تجدهم يتحدثون عن الشعراء الَّذين كانت لهم اتجاهات منحرفة ويتناسون شعراء عمالقة في مصر بالذات؛ هناك الشاعر الكبير أحمد محرم صاحب الإلياذة الإسلامية، هل كتب عنه أحد؟ هل يذكره أحد؟ لا يذكره أحد، لأن الَّذين يتولون النقد في هذه الأيام في الأكثر إنما يسلطون الأضواء على المنحرفين وعلى العلمانيين.
- إننا يجب أن نعتني بهذه المواقف، وأن نمحص هذه المواقف، ولعلي أضيف كلمة ما كنت أود أن أقولها، لقد قرأت كتاب زوجة طه حسين الَّذي أصدرته بعد وفاته بعنوان: (معه) تدرون كيف وصفت اللحظات الأخيرة في حياة هذا الرجل قبل وفاته؟ لقد قالت: إنه قال: إنهم يريدون بي شراً، هكذا نطق طه حسين قبل وفاته، إنهم يريدون بي شراً.. من هم هؤلاء الَّذين يريدون به شراً، المسلم يعرف أن الميت في ساعة الاحتضار يرى الملائكة إن كانوا ملائكة رحمة أو كانوا ملائكة عذاب، إنها قضية كبيرة..
- أود أن أقول كلمة.. حين ترجم الغربيون تراثنا لم يترجموا حرفاً واحداً يمجِّد الإسلام، أو يمجد الشخصية العربية، أو يصور جانباً من التاريخ الإسلامي؛ لقد أخذوا من اللغة العربية التراث الفلسفي اليوناني الَّذي فُقِدَ بكل اللغات وبقي في اللغة العربية ولم يترجموا شيئاً عن الإسلام، وعندما انتشر الإسلام في أسبانيا بالذات تأثر الأسبان باللغة العربية وكان هناك الشعراء الَّذين يمجدون اللغة العربية، ولكننا لم نجد أسبانياً واحداً تأثر بالإسلام عدا الَّذين هداهم الله للإسلام كالعلامة ابن حزم، لماذا نتأثر نحن ولم يتأثروا هم؟ لأننا في لحظات ضعف، لأننا في موقف المغلوب الَّذي ينبهر بالغالب، ولكن حقائق الإسلام لن تمحوها الأساطير، ولن تمحوها الأخطاء، وستظل خالدة باقية ما بقي الإنسان.
- والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :648  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 10 من 171
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج