(( كلمة الأستاذ إياد مدني ))
|
ثم أعطيت الكلمة للأستاذ إياد مدني - مدير عام مؤسسة عكاظ الصحفية فقال: |
- بسم الله الرحمن الرحيم.. والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين. |
- أساتذتي وزملائي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. |
- أود أن أشكر - بداية - الأخ الصديق عبد المقصود خوجه، أن أتاح لي فرصة التحدث في هذه الأمسية، ولو لم يطلب مني ذلك لكنت قد طلبت منه، لأنني - حقيقة - من أولئك الَّذين يشعرون بالمحبة والقرب من معالي الدكتور رضا عبيد الَّذي نحتفي به الليلة، من أولئك الَّذين أسرتهم بشاشته، وتلك الحميمة والألفة التي يحيط بها كل من تعامل معه. |
- لكن قبل الحديث عن الدكتور رضا، بودي أن أهنئ الأخ عبد المقصود على صياغاته اللغوية الجديدة، فقد سمعنا تعبير: (البرعاجية) والحقيقة: إن هذه أول مرة أسمع هذا التعبير - أي أولئك الَّذين يعيشون في أبراجهم العاجية - أحياناً أشعر في المجتمع إذا أردنا أن نستعمل تعبير الأستاذ عبد المقصود خوجه - برعاجي - دون أن نواجه الأسئلة كما تفرض نفسها علينا، وإن أردنا أن نستمر في هذه الاشتقاقات فلعل الأستاذ عبد المقصود يقبل بأن نسمي أمسياته باسم خوجية تسهيلاً للنطق، بدلا من الاثنينية. |
- عودة لمعالي الدكتور رضا عبيد، الحقيقة: أنا لا أدعي زمالته وإن كان معالي الدكتور محمد عبده يماني تتلمذ عليه، فما بالكم بمن هو مثلي؟ فقد كنا صبية نلعب في أزقة المدينة، ونتسامع عن ذلك الرجل الأسطوري الَّذي ذهب إلى لندن - ذلك العالم السحري الغامض في تلك السنوات - واستطاع أن يحصل على شهادتين في وقت واحد: "الماجستير، والدكتوراة" وكأننا سمعنا - وقتها - أنهم أجازوا رسالته للماجستير كرسالة للدكتوراة، على كل، أياً كانت دقة الخبر، فقد كان ذلك الَّذي كنا نتناقله كطلبة، نحلم بالذهاب إلى تلك الأماكن، وبالتعامل مع تلك الشهادات التي كانت تحوم في الآفاق البعيدة. |
- ولا أدعي أنني تزاملت معه في العمل، سوى بعض المكالمات التي كنت أتوسط فيها لبعض الإخوة، حين كان معاليه مديراً لجامعة الملك عبد العزيز، والحقيقة: أنني في كل مرة توسطت في موضوع لم أكن أوفق في النتيجة التي ابتغيتها، ولكن في كل مرة كنت أنهي المكالمة ويغمرني إحساس بأن الدكتور رضا قد أحاطني بكل العناية وكل الاهتمام، وأنه أقنعني بالفعل. إن ما أريد لا يمكن تحقيقه، وإن الأفضل هو أن تستمر الأمور كما يريدها هو؛ ورغم ذلك لم أشعر بأي إحباط، وأعتقد أن هذه تجربة الكثيرين معه، وهذه ميزة من ميزات الرجل: أن تتعامل معه ويقنعك بما يريد دون أن تشعر بمرارة أو غبن، أو أنه يتعامل معك من منطلق برعاجي كما قال الأخ عبد المقصود. |
- محبتي للدكتور رضا لعل جزءاً منها كونه من أبناء المدينة، ولو اكتفينا بهذه الصفة لكان فيها الثناء والإطراء الكافي على الدكتور رضا عبيد؛ فالمدينة التي عرفناها بأزقتها وحواريها وبساتينها، أو بلدانها وبركها.. التي تفوق البحر هنا بهجةً وجمالاً، والخوبان الَّذي يطفو على وجهها نزيحه كلما أردنا السباحة فيها، وحزم البرسيم والبقعة التي كانت تصطف في كل مساء في كل بستان..، تلك الأجواء لا بد وأن تنتج إنساناً فيه صبر على الحياة، وفيه سماحة في الخلق، وفيه تآلف مع الآخرين، وفيه رغبة في أن يحل المشاكل بالطرق الممكنة والمعقولة والمتاحة؛ فالمدينة الحقيقة أعطت الدكتور رضا بعضاً من تلك الصفات، للأسف لم تعطها لكل أبنائها وإن كان هو من أولئك الَّذين أثرت فيهم المدينة وأجواؤها تأثيراً إيجابياً. |
- أيضا كنت من أولئك الَّذين تابعوا مسيرة معاليه إبان رئاسته - أو توليه لمركز العلوم والتكنولوجيا - (مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتكنولوجيا) وكما تعلمون: فقد بدأ بها من نقطة البداية، وأفكاره التي حاول أن ينجزها عبر تلك المؤسسة تدل على رؤيا مستقبلية؛ كلنا يذكر أنه كان وراء إنشاء مركز للمعلومات متطور في تلك المدينة، وأنه كان وراء معظم أبحاث الطاقة الشمسية التي أنجزتها المدينة، والأهم من ذلك كله أنه كان يريد أن ينجز خطة للعلوم والتكنولوجيا، تقود العمل البحثي في المملكة العربية السعودية على المدى الطويل، وتفرض بعض نطاق المراجع لتعاملنا مع التقنية والتكنولوجيا التي تحيط بنا من كل جانب..، على حد ما أعرف: إن تلك الخطة ما زالت برنامجاً على الورق ولم تبعث فيها الحياة، ولعل الدكتور من موقعه الحالي في مجلس الشورى قادر على أن يثير القضية من جديد، لأننا - في الواقع - في حاجة إلى خطة طويلة المدى للعلوم والتكنولوجيا. |
- الجامعة.. وهي النقطة التي سبقت عضويته لمجلس الشورى، كلنا يعلم أنه أعاد الحياة إلى مشروع الحرم الجامعي بعد تعثر طويل، والمجمع الطبي الَّذي يعد حقاً مفخرةً تحتاج إليها مدينة مثل مدينة جدة.. وإن كانت هناك نقطة في رئاسته لجامعة الملك عبد العزيز، وتوجهه البحثي الَّذي اكتسبه بطبيعته العلمية وخلفيته الأكاديمية، ورئاسته لمركز العلوم والتكنلوجيا، إن ما أنفق على البحوث خلال رئاسة الدكتور رضا لجامعة الملك عبد العزيز لم يتجاوز المائة وخمسين مليون ريال كما علمت؛ وقد يحدثنا بعض الشيء عن هذه النقطة، لماذا يُواجه البحث العلمي في المملكة العربية السعودية وفي المحافل الأكاديمية، وفي هذا الزمن الَّذي نعيشه، والَّذي يرتكز كل تقدم فيه على البحث العلمي، لماذا يواجه العقبات والعثرات والإنفاق الضئيل، مقارنة بما ينفق في أي محفل جامعي لأي دولة أخرى؟ قد يبدو رقم مائة وخمسين مليون ريال كرقم ضخم، لكنه - حقيقة - إذا قورن لما يصرف في الدول الأخرى في شرق العالم وغربه لتضاءل، ولعل الدكتور يشرح لنا هذه النقطة. |
- بالرغم من هذه المسيرة الناجحة الموفقة - نحن الآن - ننتظر من الدكتور رضا الكثير في موقعه الحالي، ننتظر منه ومن زملائه أعضاء مجلس الشورى، فهذا أول مجلس للشورى في هذه السنوات الأخيرة، وكل ما يفعله هؤلاء - ومنهم الدكتور رضا عبيد - سيصبح سابقة لهذا المجلس، ترتكز عليها أعمال المجلس اللاحقة؛ ونحن نأمل أن يخلقوا هذه السوابق التي تجعل من أعمال الَّذين سيجيئون بعدهم أعمالاً مثمرة - إن شاء الله - ومفيدة، وتحقق تطلعات خادم الحرمين الشريفين الَّذي وضعهم هناك، وتحقق تطلعاتنا نحن كمواطنين ينظرون إليهم بكثير من الأمل والطموح، في أن يواجهوا بعض هذه المشاكل والمعضلات التي تواجه مجتمعنا الآن؛ ورجل يجمع ما بين الخلفية العلمية والتجربة الأكاديمية في صرح جامعي، لا بد أن يضيف شيئاً إلى مشاكل التعليم، ومشاكل التعامل مع التقنية، ومشاكل البحث العلمي التي تواجهنا، من موقعه كعضو في مجلس الشورى. |
- أتمنى أن يكون التوفيق حليفه في هذا الموقع كما كان في مواقعه السابقة؛ والسلام عليكم ورحمة الله. |
|