(( فتح باب الحوار ))
|
افتتح باب الحوار الأستاذ صالح محمد علي بسؤال قال فيه: |
- هل ترون أن نسل الأسباط اليهود الاثني عشر قد انقرض، وأن يهود اليوم هم من نسل أقوام قد تهودوا، أم أن هناك بقايا من نسل الأسباط؟ |
|
وأجاب الدكتور حسن قائلاً: |
- الأسباط الاثنا عشر - في رأيي - أنهم انقرضوا لأسباب كثيرة، أولاً: انقرضوا لأن الَّذين هاجروا مع سيدنا موسى عليه السلام لم يكونوا فقط الأسباط، الأسباط هاجروا إلى مصر في وقت يوسف ومع يعقوب الأحد عشر كوكباً المذكورين في القرآن، وذكروا في التوراة على أن عدد الَّذين هاجروا إلى مصر مع يعقوب - بزوجاتهم وأولادهم وأتباعهم - كانوا سبعين شخصاً فقط، وعندما خرجوا من مصر مع موسى - أي بعد 200 - 250 سنة من هذا - كان العدد ستمائة ألف شخص، وهذا يجعل من غير الممكن أن يكون عائلات مكونة من سبعين شخصاً ينمو عددها إلى ستمائة ألف في 200 - 250 سنة، على حسابات علوم السكان وعلوم النمو البشري؛ إذن الَّذين خرجوا مع موسى كانوا أقواماً آمنوا بموسى مع بني إسرائيل، ربما بقي هؤلاء على إيمانهم بينما ارتد الآخرون إلى عبادة العجل. |
|
- وعلى أية حال: فإن يوجين بيتار - وهذا باحث في علم الأجناس البشرية في جامعة جنيف في سويسرا - له كتاب اسمه: "الأجناس البشرية في التاريخ" يقول: إن انحدار اليهود المعاصرين لنا من الأسباط خرافة، وأنه يعني ليس هناك مقياس علمي يبين أن الدم اليهودي أو العظم اليهودي يختلف عن بقية البشر في شيء إطلاقاً، وليس من الممكن - أيضاً - أن يكون هؤلاء - جميعاً - من سلالة موسى وهارون والأسباط ويعقوب؛ إلخ.. لسبب بسيط جداً وهو أنهم عاشوا ألفي عام منذ إجلائهم عن فلسطين على يد الرومان، على عهد الامبراطور تيتوزسوفيزيان سنة 70م، وإلى عودة الصهاينة منهم إلى فلسطين بقوا ألفي عام عزلاً ضعفاء محاصرين من كل الجهات، وكانت نساؤهم مبذولة لكل منحرف ولكل من يريد أن يرتكب جرائم الزنا وغيرها.. لدرجة أنه حتى الدستور الموجود الآن في إسرائيل يقول: إن اليهودي هو من ثبت بالدليل القطعي أن أمه كانت يهودية دون ذكر لأبيه، مع أن بني إسرائيل - إسرائيل كان يعقوب - كان رجلاً، وكذلك موسى وكذلك الأسباط كلهم كانوا رجالاً، ولكن النسبة للنساء هذه لتقنين حالات جاءت من زنا، وبالتالي الجنس النقي غير ثابت علمياً، ولا يمكن أن يثبت على مدى كل هذا التاريخ. |
- مع ذلك، فاليهود إلى الآن يشترطون أن كل حاخام - حتى لو كان يقيم شعائر في معبد صغير في أي مكان في العالم - لا بد أن يثبت أنه سليل هارون أخ موسى، يعني إما من سبط اللاويين - وهو ما يسمى باللكنة العبرية الحالية ليفي - أو يكون له جد من الكهنة فيكون اسمه كوهين؛ فمن اسم عائلته ليفي أو كوهين يصلح للإمامة ويصلح للقضاء ويصلح لكل شيء، ولا يشك في أنه منحدر من هارون أخي موسى، وهذا طبعاً كلام لا يثبت؛ خصوصاً وأنا متشرف الآن بوجود كثير من السادة العلماء المتبحرين في الحديث النبوي وفي تحقيقه بالثبوت والتضعيف أو الجرح والتعديل، الحديث النبوي المروي عن رسول الله؛ ولهم في هذا مناهج دقيقة جداً لا يمكن أن يخضع لجزء منها، لواحد على ألف، منها ما يدعى به أن اليهودي يهودي أو أن الكاهن اليهودي من سلالة هارون؛ وبالتالي نحن نقبل هذا ولا ننازعهم فيه، لأن هذا إذا اعتقد أحدهم في شيء فله اعتقاده وعليه مسؤولية هذا الاعتقاد، ولكن عليه ألاَّ يلحق ضرراً بغيره بسبب هذه العقيدة، فهم أحرار.. يعتبرون اليهود من كانت أمه يهودية، ويعتبرون من اسمه ليفي أو كوهين من السلالة الشريفة؛ لكن ليس عليهم أن يلجؤوا في هذا إلى عقدة الاستعلاء وعقدة الضخامة التي لا يستحقونها على أي حال. |
- والسلام عليكم ورحمة الله. |
|
ثم وُجِّه سؤال من الأستاذ محمد منصور الشامي قال فيه: |
- الثائر اليهودي باركوزبا، هل كان رجل دين أم كان ثائراً؟ ولماذا اختلف مع عالم اليهود عكيفا؟ |
|
وأجاب المحتفى به على السؤال بقوله: |
- باركوزبا هو ابن الكوكب في لغتهم في هذا الوقت، لم يكن إلاَّ إرهابياً يهودياً أدار مذبحة في الحامية الرومية في يوم عيد من أعيادهم تشبه مذبحة الحرم الخليلي حالياً؛ انتهز فرصة أنهم في عيد من أعيادهم وهجم عليهم وقتلهم وادعى النبوة ولم يتبعه أحد، وبعد هذا سماه الَّذين انفضوا من حوله باركوزبا، يعني ابن الكاذب باللكنة العبرية المعاصرة، ابن الكذب يعني صاحب الكذب، الكذاب، فانقلب الأمر من ابن النجم إلى شيء أشبه بمسيلمة الكذاب عندنا فقط. |
|
وسأل الأستاذ محمود مرسي من جريدة السياسة الكويتية السؤال التالي: |
- هل تعتقدون أن تكوين الشخصية العربية وتكوين الشخصية اليهودية يمكن أن يتوافقا على تأسيس سلام شامل ودائم بين العرب وإسرائيل، أم أن السلام السياسي الَّذي يجري اصطناعه الآن هو مثل كل حقائق السياسة قابل للنقض والتحول إلى عكسه في أي ظرف؟ |
ورد الضيف على السؤال قائلاً: |
- يجب لحسم هذا الموضوع أن نقول: إنه من المستحيل الوصول إلى سلام مع الصهيونية أبداً، ومن الجائز الوصول إلى سلام مع اليهود، اليهود هم أهل كتاب - كما نعلم - ولم يأمر القرآن الكريم بإبادتهم عن ظهر الأرض، ولكن إذا رفعوا سيفاً أو خانوا عهداً حلت دماؤهم لأنهم أهل ذمة، وتحت حماية المسلمين، في ذمة المسلمين، يعني تحت الحماية؛ إذن فالمسألة الآن هي مجرد مناورات سياسية لا أكثر ولا أقل، ومستقبلها - في ما أرى - مظلم جداً، لدرجة أنه في وقت من الأوقات كان هناك نوع من التعاون بيني وبين الرئيس محمد أنور السادات ثم تركته - أو هو تركني - لأننا كنا على طرفي نقيض فيما يتصل باتفاقيات كامب ديفيد وأنها لن تؤدي إلى السلام؛ وقد تبين من مجريات الأحداث - بعد ذلك - أن شعوري المبهم - في هذا الوقت - بدأ يظهر بوضوح في ما يأتي من الأيام. |
|
وسأل معالي الشيخ إبراهيم بن علي الوزير قائلاً: |
- هل وجد أستاذنا حسن في الآثار الفرعونية ما يشير إلى المرحلة التي كان فيها يوسف (عليه السلام) في مصر؟ وكذلك وجود بني إسرائيل على أرضها؛ وكذلك قصة موسى عليه السلام والخروج من مصر؟ |
وكان رد المحتفى به على السؤال هو: |
- هذا غير موجود، لكن أغلب الظن أن هجرة بني إسرائيل إلى مصر كانت عند سيطرة أسر الهكسوس وهم الَّذين جاؤوا من منطقة الشرق الأوسط، وكانوا من بوادي الأردن وسيناء وبادية الشام والعراق وبادية شمال الجزيرة العربية؛ هاجروا تحت وطأة قحط أو ما يشبه هذا وأسسوا أسرة حاكمة في مصر، فربما جاء في عصر الهكسوس هؤلاء بنو إسرائيل وسكنوا في وادي النيل؛ أما أن نقول – بعد هذا - إن الَّذين خرجوا مع موسى متى خرجوا، فالآراء متضاربة تماماً وإن كنت أعتقد أن الَّذين خرجوا مع موسى خرجوا مهاجرين للفوضى التي سادت الإدارة المصرية بعد موت إخناتون وبعد موت كثير من ورثته، مثل: توت عنخ آمون وغيره من الفراعنة الصبيان الصغار، فساءت الأمور وهاجروا بزعامة رجل حكيم أوحي إليه وأخذهم حتى لا يعبدوا العجل، العجل أويس كان معبوداً في مصر، ومع ذلك ارتكب بعضهم هذا الكفر وهم بعد في سيناء عند جبل الطور كما هو مذكور في القرآن. |
- فليس عندنا أنباء يقينية، لا علمياً ولا تاريخياً ولا وثائقياً عن شيء من هذا، ويعني يمكن هذا ليس للإعلان عن نفسي، لكن أنا مررت - مروراً سريعاً - بهذا في المقال الَّذي يظهر هذا الأسبوع في مجلة الفيصل بعنوان: "لغات اليهود" فشككت - أولاً - في اللغة العبرية التي يتكلمونها الآن وعلاقتها باللغة العبرية القديمة، وشككت في أن من يعرفون العبرية كثرة من اليهود، فما يزال اليهود يتكلمون لهجات متعددة يتخفون وراءها حتى من شعوب الأرض عرضت منها في هذا المقال 16 لغة ولهجة، وذكرت الأماكن والأراضي التي تستعمل فيها في العالم، وذكرت في كلمة عبري أصل الكلمة ونشأتها وعلاقة اللغة العبرية؛ اللغة العبرية لم ترد في التوراة مرة واحدة مسماة بهذا الاسم. لم ترد إطلاقاً، وإنما هذه من مخترعات المتأخرين وهم كتاب التلمود من بعد موسى بألف وخمسمائة سنة ظهر هذا. |
- دائماً أقول أنا - بدون أي تعصب وبدون أي رغبة في الهدم ولا النقض - إننا نحترس جداً من الأساطير لدرجة أن القديس بولس الَّذي يتعبد المسيحيون برسائله الموجودة في العهد الجديد يقول لواحد من تلاميذه، وحذرهم من خرافات اليهود، حذر المعتنقين للدين المسيحي الجديد، حذرهم من خرافات اليهود وهذه كانت لتلميذه في رسالة له اسمها: رسالة بولس إلى تيماساوث والتحذير من خرافات اليهود، يأتي من القديس بولس الَّذي كان قبل أن يتبع المسيح كان ضد المسيح وكان يطالب بصلب المسيح، وبعد هذا آمن عاد وترك صناعته القديمة - وهو كان حاخام يهودي وأبوه حاخام يهودي أيضاً - فترك هذا واتبع المسيح؛ فكما نرى أن الأساطير التي تروي عن بني إسرائيل منتهى الحذر ليس بحقد العدو، فأنا لا أعادي إنساناً بسبب دينه أو بسبب جنسه، إنما أعاديه إذا بدأ هو بالاعتداء على ديني أو على قومي أو على أرضي؛ في هذه الحالة هو جدير برد فعل على نفس المستوى العدواني الَّذي لجأ إليه. |
|
|