شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الشيخ عبد المقصود خوجه:
يجب أن تجد كل ألوان الطيف الثقافي والفكري مكانها في الساحة (1)
أجرى الحوار/فاضل غي
اثنينية الشيخ عبد المقصود خوجه في مدينة جدة تعتبر من أهم المنتديات الأدبية والثقافية في العالم العربي. حيث يقوم صاحبها الشيخ الوجيه باختيار شخصية أدبية أو إعلامية أو دعوية أو حتى فنية للاحتفاء بها ويدعو للمشاركة في الاحتفاء كوكبة من رجالات الفكر والأدب والإعلام في دارته العامرة، ولما تم هذا العام اختيار مكة عاصمة للثقافة الإسلامية اغتنمت الصحوة هذه المناسبة لإجراء الحديث التالي مع سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه:
ـ سعادة الشيخ تم اختيار مكة المكرمة عاصمة للثقافة الإسلامية هذا العام، ولقد كان لوالدكم الأستاذ محمد سعيد خوجه ـ رحمه الله ـ دور رائد في إثراء الساحة الثقافية في مكة المكرمة، سواء في موسم الحج حيث كان يقيم حفل تكريم كبار العلماء والأدباء والشعراء من حجاج في الليلة الثانية من ليالي عيد الأضحى المبارك، أو في لقاءات ليالي الاثنين في بيته مع كوكبة من رجالات الفكر والعلم والأدب، كيف استقبلتم خبر اختيار مكة المكرمة عاصمة للثقافة الإسلامية؟ وما هي ذكرياتكم لتلك الأجواء الثقافية المكية أيام الوالد؟
ـ اسمحو لي أن أبدأ من حيث انتهى سؤالكم، فأحمد الله أن هيأ لي النشأة في بيت علم وفضل، وإن كانت المنيَّة بادرت والدي ((يرحمه الله)) فرحل من دار الفناء إلى دار البقاء وأنا في طفولتي المبكرة، فلم أذكر عن أمسياته إلا رؤى متداخلة، وأفكار تناسب غضارة السن وأحلام الصغار.. غير أني سمعت لاحقاً، وعلمت من بعض ذوي الفضل الكثير عن تلك الأمسيات الباذخة التي كان يحييها مع رفاق الحرف، وضيوف الرحمن الذين يتوافدون من مختلف أصقاع العالم لأداء فريضة الحج لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ (الحج: 28) فكانت تلك الأمسية السنوية من صميم (المنافع) التي تبدأ باللقاءات والحوارات، ويتفرع عنها ما شاء الله من فوائد تعود على المسلمين بالخير بإذنه تعالى.
أما اختيار مكة المكرمة عاصمة للثقافة الإسلامية، فإنني لست ضد هذا التوجه، لكني فقط أقول من يجرؤ على اختيار مكة في الوقت الذي اختارها الله سبحانه وتعالى من فوق سبع سماوات لتكون موئلاً للنور، ومكان أول بيت وضع للناس من رب العباد، بيت بنته الملائكة، ثم آدم أبو البشر، ثم إبراهيم الخليل، أبو الأنبياء، عليه السلام، وشهدت ميلاد سيد الخلق صلى الله عليه وسلم.. فهي عاصمة الثقافة والفكر والأدب منذ الأزل، وستظل كذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.. وأحسب أن مناسبة اختيارها عاصمة للثقافة الإسلامية لهذا العام من قبل أصحاب المعالي وزراء الثقافة العرب من قبيل التذكرة التي تنفع المؤمنين.
ـ عبد المقصود خوجه من رجال الأعمال الناجحين، ولكن لم تنكل به الثروة فتجعله خصماً للحياة الثقافية، وللعطاء الأدبي، كيف تحللون هذا النجاح في التوفيق بين العالمين المختلفين؟
ـ شخصياً لا أرى تناقضاً بين مجال الأعمال وعالم الثقافة والفكر، فكم من طبيب وتاجر وعالم في الطبيعة أو الشريعة استهوتهم رياض الأدب فكانوا فيها من المبدعين.. إنها فقط مسألة ميول ذاتية وتنظيم للوقت يضمنان الخروج من عباءة العمل اليومي إلى موائد الفكر والثقافة.. ولا أتفق مع من ينظر إلى رجل الأعمال على أساس أنه وعاء للمادة لا غير.. أو منظومة من الأرقام ودفاتر الحسابات، فالحياة أرحب من ذلك بكثير، ومن أراد أن ينهل من معين الأدب والثقافة والفكر فإن السبل متاحة أمامه إذا كانت له رغبة حقيقية يود إشباعها بين تلك القطوف الدانية.
ـ الاثنينية دخلت التاريخ بكل المقاييس، بل ويمكن الآن أن نطلق عليها صفة (( العالمية )) هلا تذكرون لنا البدايات ثم التطلعات؟
ـ جل البدايات في كل أمر ذي بال تتسم بالبساطة والصعوبة في آن.. فقد كانت أولى الأمسيات في منزلي في جدة، بتاريخ 22/1/1403هـ الموافق 8/11/1982م، تكريماً للأديب الكبير الأستاذ عبد القدوس الأنصاري ((يرحمه الله)) صاحب مجلة المنهل الغرّاء.. ثم توالت الأمسيات وتبلورت فكرة (( الاثنينية )) كمنتدى ثقافي أدبي يقوم بتكريم الروّاد في مختلف مجالات العطاء الإنساني، كما أنه مناسبة لإزجاء كلمة شكر من المجتمع تجاه هؤلاء الأفاضل وهم على قيد الحياة، ومن أهدافه أيضاً توثيق مسيرتهم بألسنتهم وما يضيفه بعض عارفي فضلهم ممن جايلهم أو تواصل معهم وخبرهم، حتى تكوّنت بمضي الوقت ثروة من المعلومات التي ألهمني الله عزّ وجلّ بتسجيلها على أشرطة كاسيت، ثم أشرطة فيديو فيما بعد، وتطورت الفكرة لتفريغ هذه الأشرطة وطباعتها في سلسلة مجلدات يشمل كل مجلد فعاليات موسم من مواسم (( الاثنينية )).. يصدر مع بدء الموسم التالي مباشرة.
وفي هذا السياق أشير إلى إصدار آخر بعنوان (( كتاب الاثنينية )) عملت من خلاله على إصدار عدة عناوين لبعض كبار الأدباء والعلماء والمفكرين ممن لم ينشروها لأسباب مختلفة، فأخذت زمام المبادرة للاستفادة من تلك الأعمال القيّمة، وبذلك جهد المقل إسهاماً في نشر الكتاب، حيث يتم توزيعها مجاناً للمكتبات الكبرى في الجامعات والمعاهد العليا والكليات وكثير من المهتمين بالشأن الثقافي.. كما تم رصد هذه الإصدارات في موقع الاثنينية على الإنترنت: www.alithnainya.com .
بالإضافة إلى إصدارها في أسطوانة مدمجة CD تسهيلاً للتداول والنسخ والتوزيع.. وتجدون في الاحصائية التالية بياناً لحجم العمل الذي أشرت إليه:
عدد مجلدات (( سلسلة الاثنينية )) و (( كتاب الاثنينية )) 121 مجلداً.
عدد 53,248 صفحة، عدد الصور 1,923 صورة.
عدد أجزاء سلسلة الاثنينية 22 جزءاً في 24 مجلداً.
(الجزأين 17 و 22 صدر كل منهما في مجلدين) في 13,100 صفحة.
عدد عناوين (( كتاب الاثنينية )) 44 عنواناً في 97 مجلداً.
كما أصدرت 17 عنواناً في 56 مجلداً بمناسبة اختيار مكة المكرمة عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 1426هـ/2005م.
متطلعاً أن تواصل الاثنينية مسيرتها، بمؤازرة وتعضيد الأساتذة الأكارم روّادها الأفاضل وأن تخرج قريباً من عباءة الفرد إلى فضاءات العمل الجماعي.. لا سيما وأنها سوف تحتفي بعد عام وشهرين بإنهاء عامها الخامس والعشرين إن شاء الله.
ـ هل تفكرون سعادة الشيخ في إيجاد جائزة أدبية باسمكم الكريم على غرار الجوائز الأدبية المعروفة في العالم العربي بأسماء أصحابها مثل البابطين وسعاد الصباح مثلاً؟
ـ تقوم (( الاثنينية )) حتى الآن بدورها المرسوم وفق أهداف محددة أشرت إليها آنفاً وهي: الشكر الذي تزجيه لمن يكرمونا بلقائهم والاستفادة من عملهم وفضلهم، وتوثيق مسيرتهم، بالإضافة إلى الإسهام في نشر الكتاب.. ومما لا شك فيه أن الجوائز الأدبية قد أسهمت في إثراء الساحة الثقافية، ولها دور مميز في الحراك الثقافي، ويطيب لي أن أزجي الشكر لكل من كرسوا أوقاتهم وجهودهم وطاقاتهم لمثل هذه الأعمال الخيّرة، فهي واحات عطاء وإضافات قيّمة للمشهد الثقافي، وبالنسبة لجائزة الاثنينية فإن الموضوع قيد الدرس، وسوف تتحقق بمشيئة الله ما تهيأت لها أطر النجاح.
ـ أين وصل التفكير في تحويل (( الاثنينية )) إلى مؤسسة ثقافية ذات شخصية اعتبارية؟
ـ مما لا شك فيه أن العمل المؤسسي قد فرض نفسه على الساحة في كثير من المجالات، وتسعى (( الاثنينية )) منذ وقت لإيجاد الصيغة المناسبة التي تخدم أهدافها وفق توجه مؤسسي يتناغم مع طريقتها المعتادة في الأداء والإنجاز، وإنني على ثقة بأن القادم أحلى وأجمل إن شاء الله، كما أن ثقتي كبيرة في كثير من أصحاب الفضل الذين أسهموا بجهود تذكر فتشكر عبر سنوات مسيرة الاثنينية الأربعة والعشرين.. فهم العضد والسند اللذين سوف ترتكز عليهما محاور البناء المرتقب والذي سيشكل تدريجياً بمرور الوقت وصولاً إلى ما نتطلع إليه من عمل يؤدي في النهاية إلى تحقيق الأهداف واستمرار المسيرة وانفتاحها على آفاق العمل الجماعي وتلاقح الأفكار.
ـ قلتم ذات يوم في حوار صحفي معنا في بداية التسعينات: (( يبقى الكتاب المصدر الحقيقي للثقافة الراقية المستديمة والمتطورة والقابلة للنمو والازدهار )) وماذا تقولون اليوم بعد أن انصرف جلّ الناس عن الكتاب وأقبلوا على التكنولوجيا الحديثة (( الإنترنت )) ؟
ـ عندما ظهرت الصحافة اليومية قال الناس آنذاك إن الكتاب سوف يندثر، وعندما جاء التلفزيون أقام البعض سرادق العزاء على الكتاب، وبظهور الفيديو ناح كثيرون على الكتاب، ثم جاءت الفضائيات والأقراص المدمجة.. الخ.. وبقي الكتاب رغم كل ذلك موفور الكرامة عزيزاً بمحبيه وعارفي فضله، لأنه في النهاية يشكّل المظلة التي تنمو تحتها معظم قنوات المعرفة.. وفي تصوري أن الإنترنت امتداد للكتاب وترويج له على أكبر مستوى عرفه التاريخ.. فبدلاً من طباعة ملايين النسخ يمكن طباعة عدد محدود جداً ثم إدراجه على أي موقع حتى يتمكّن كل مهتم في أي زمان ومكان من الاطلاع عليه، ونسخ ما يحتاجه من صفحات، أو طباعة كامل الكتاب ووضعه في غلاف مناسب، وبهذا ينتقل الكتاب من الحالة الورقية إلى الحالة ((الإلكترونية)) ـ إذا صح التعبير ـ ثم يعود إلى الحالة الورقية.. وهذا تطور يصب في صالح الكتاب والهدف الأسمى ألا وهو نشر العلم والمعرفة بين الناس.
ـ كيف تقيمون حرية الصحافة في المملكة؟
ـ إن عجلة الصحافة التي أصبحت تتلقف الخبر والمقال والفكر والتحليل السياسي والاقتصادي والاجتماعي، في تنافس يشمل منظومة وسائل الإعلام المرئي، والمسموع، والمقروء، والتبادلي عبر ((الإنترنت))، أصبحت لا تكتفي بالقليل من النوافذ التي تطل بها على القارىء.. فالحرية مطلب لا غنى عنه لنجاح أي صحيفة، وبطبيعة الحال لا توجد صحافة ((المدينة الفاضلة)) في أي مكان على هذا الكوكب، غير أن الذكاء يكمن في الاستفادة من المتاح لتحقيق الأفضل ما أمكن ذلك.. وكما تعلمون ليست هناك حرية مطلقة في أي مكان، وهي مسألة نسبية حسب درجات الوعي الاجتماعي.. ويؤسفني أن البعض لا ينطلق وفق ما هو متاح له من باب ((عدم الكلفة)).. والقارئ يتطلع إلى عدم حجب المعلومة والصدق في تناول الحدث وتحليله وفق رؤى مختلفة، لأن الساحة ليست حكراً لأحد دون سواه، وينبغي أن تجد كل ألوان الطيف الثقافي والفكري مكاناً يليق بها تستطيع من خلاله أن تعبر عن أفكارها، والساحة تتسع للجميع إذا خلصت النوايا، بعيداً عن العرقية، والمذهبية، وتصفية الحسابات الشخصية.. ومن خلال ما سبق يمكن لكل مراقب أن يقيِّم بنفسه الصحافة في المملكة، وغيرها من الدول.
ـ رسائل إلى هؤلاء؟
ـ سمو الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز ـ معالي د. محمد عبده يماني ـ سماحة الشيخ محمد الحبيب ابن الخوجه ـ د. حسن الهويمل ـ د. عبد الله مناع.
ـ صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز: الأمير الإنسان، المثقف الكبير، زدتم تواضعاً فزادكم الله رفعة.. وأقمتم في نفوس المواطنين مقاماً تخفق له الأفئدة طرباً، فهنيئاً لنا بسموكم، وهنيئاً لكم الحب الذي نمحضه لكم سامقاً، خالصاً، معافى من كل غرض.
ـ معالي د. محمد عبده يماني: لحبكم مساحة كبيرة في نفوس أصدقائكم ومريديكم، وحبكم لآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم جعلكم تتبوأون مكاناً رفيعاً، سائلاً الله سبحانه وتعالى أن يستمر هذا الوهج الروحاني الجميل الذي غمرتمونا به.
ـ سماحة الشيخ محمد الحبيب ابن الخوجه: لسماحتكم يد سلفت ودين مستحق في الرقاب على بذلكم المتواصل من خلال دوركم الكبير كأمين عام لمجمع الفقه الإسلامي، أعانكم الله وسدد خطاكم ومتعكم بالصحة والعافية.
ـ د. حسن الهويمل: قامة أدبية شامخة، لم تستحوذ عليكم همومكم الأكاديمية فشاركتم بجهود مشكورة في الشأن الثقافي العام عبر الصحيفة والكتاب ومختلف وسائل الإعلام.. المرحلة ما زالت في حاجة إلى قلمكم.
ـ د. عبد الله مناع: صنو الروح والوجدان، قراءة كلماتك على الورق ترنّ في الأذن ويتردد صداها في ثنائية غريبة! فأنت الكاتب والمتحدث في آن واحد.. وهذا دليل قوة أسلوبك في مخاطبة الذهن والتوغل في نفس المتلقّي.. أحسن الله إليك.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :452  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 45 من 47
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور محمد خير البقاعي

رفد المكتبة العربية بخمسة عشر مؤلفاً في النقد والفكر والترجمة.